مساعٍ أميركية لـ«توحيد» الأكراد... وتفاهمات مع تركيا

مصادر في واشنطن تقول إن الأسد «عرقل الاتصالات العربية»

TT

مساعٍ أميركية لـ«توحيد» الأكراد... وتفاهمات مع تركيا

حملت زيارة الوفد الأميركي الأخيرة برئاسة القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية جوي هود، إلى كردستان العراق وشمال شرقي سوريا، عنوانين أساسيين تريد إدارة جو بايدن التأكيد على أولويتهما في المرحلة المقبلة: التوصل إلى توافق سياسي بين الأكراد، بما يضمن مستقبلاً آمناً للمناطق التي تسيطر عليها «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، على أن تؤدي إلى تفاهمات مقبولة من تركيا، وبحث تعزيز ممرات العبور الخاصة بإيصال المساعدات، خصوصاً في منطقة اليعربية، التي أعيد طرح فتح معبرها، وتشترط موسكو للموافقة عليه أن يكون تحت سيطرة قوات النظام، ولو بمشاركة خلفية من «قسد»، بالاتفاق أيضاً مع تركيا التي تريد دوراً أساسياً في هذا المجال.
تؤكد مصادر سياسية ودبلوماسية في واشنطن أن ما سمعته ولمسته من تأكيدات ونيات إدارة بايدن تجاه سوريا، يشير إلى مسلمة أساسية، تتلخص بالرغبة في الانسحاب من سوريا، شرط الحفاظ على ما تحقق من إنجازات في مواجهة «داعش». وتعتقد تلك الأوساط أن هذه الخلفية تفسر إلى حد بعيد أسباب تأخرها في تعيين مسؤول أميركي خاص، «وقد لا يتم تعيينه أبداً».
وتنقل أوساط أخرى عن مسؤولين أنه تم الاتفاق خلال زيارة الوفد الأميركي على الإفراج عن 50 مليون دولار كانت إدارة دونالد ترمب السابقة قد أوقفت تسليمها إلى «المنطقة». كما تم إبلاغ الأكراد بأنه لا انسحاب أميركي فورياً ومفاجئاً، إلّا بالاتفاق والتنسيق معهم ومع الدول الغربية الأخرى. لكنها تضيف أن الأميركيين فشلوا حتى الآن في إقناع «الأكراد السوريين المتحالفين مع تركيا، بالتفاهم مع «قسد» على إدارة شؤون المنطقة الشمالية من سوريا.
غير أن المصادر الدبلوماسية أعلاه تشير إلى أن المقاربة السياسية لمسؤولي هذا الملف في إدارة الرئيس السابق دونالد ترمب، تبنتها إدارة بايدن، بعدما غيّر بريت ماكغورك المبعوث الأميركي السابق لمحاربة «داعش»، الذي يتولى اليوم مسؤوليات أكبر، موقفه، وبات أقرب إلى مواقف المبعوث الخاص السابق إلى سوريا جيمس جيفري وفريق عمله. وتضيف أن وجهة النظر التي كان يحملها جيفري وتدعو للحفاظ على دور تركيا وموقعها في «الناتو»، هي السائدة معطوفة على التغييرات التي طرأت أيضاً على مواقف أنقرة ومقارباتها للعديد من ملفات المنطقة، واتجاهها إلى إعادة الانخراط في علاقات «طبيعية» مع دولها.
وبحسب تلك الأوساط، فإن واشنطن تعمل حثيثاً على التوصل إلى تفاهمات بين القوتين الكرديتين الأساسيتين، بتنسيق حثيث مع كردستان، لإعادة إطلاق المبادرة السابقة التي كانت تعمل عليها إدارة ترمب، لإقناع «قسد» بالابتعاد عن حزب العمال الكردستاني، والسماح بإعادة إدخال القوات التي دربتها «البيشمركة» إلى سوريا، على أن تتولى هي حماية المناطق الحدودية مع تركيا. وهي المبادرة التي تعطلت بسبب اعتراض ماكغورك وعدد من المسؤولين عن هذا الملف في تلك الفترة، فضلاً عن «قسد». ويؤكد الأميركيون أنهم لا يشترطون التوصل إلى تفاهمات كاملة بين الأكراد، ولكن على الأقل التوصل إلى حد أدنى مقبول يتقاطع مع ما حاولت فرنسا القيام به أيضاً في الفترة السابقة. فإدارة بايدن لا تريد التركيز سوى على نقطتين؛ المساعدات الإنسانية وتوفير المعابر لها، وإطلاق سراح المعتقلين سواء عند الأكراد وبينهم، أو مع النظام. وبعيداً عن المواقف «المبدئية» التي تطلقها إدارة بايدن من الرئيس السوري بشار الأسد ومن الانتخابات الرئاسية وشرعيتها، فإن الموقف الحقيقي تختصره دعوات في الكونغرس دعت أخيراً إدارة بايدن إلى أن تطالب الأسد بالكشف عن ثروته، لضمان «الشفافية» قبل الانتخابات!
وتضيف أن إدارة بايدن وخلافاً لموقف إدارة ترمب الذي كان قاطعا في معارضته الانفتاح على الأسد، لم تبلغ الدول المعنية التي أجرت أخيراً اتصالات معه اعتراضاً واضحاً، بل اشترطت أنه إذا كان بإمكانها أن تقنعه بتسهيل تطبيق القرار الدولي 2254، خصوصاً في ملف المساعدات الإنسانية وإطلاق المعتقلين، فهي لن تمانع. وتنقل عن مصادر دبلوماسية عربية في واشنطن أن عملية الانفتاح تلك عادت للتوقف بسبب اصطدامها بمواقف الأسد المتعنتة التي كرر فيها مواقفه السابقة، خصوصاً عندما طلب منه تحديد إطار مستقبلي لعلاقته بإيران.
وتؤكد تلك المصادر على أن إدارة بايدن كانت ولا تزال مستعدة للقيام بمبادرات تخفف من العقوبات المفروضة على سوريا بموجب «قانون قيصر»، وأن البعض اقترح رفع عدد منها، بما يسهل الحصول على المساعدات الخاصة بمواجهة وباء «كورونا». وتشير إلى أن أصواتاً ديمقراطية، خصوصاً من الجناح التقدمي، تدعو ليس فقط لتخفيف العقوبات، بل والتخلي عن هذا السلاح، لأنه لم يجرِ حتى الساعة «كشف ومعرفة أسماء المسؤولين الحقيقيين عن عمليات النظام، وبأن الأسماء التي تعرضت للعقوبات الأميركية ليست سوى واجهة»، في حين أن العبء الأكبر يقع على كاهل الشعب السوري الذي يعاني الأمرّين. كما اقترح البعض على إدارة بايدن أن يسمح لسوريا بالتصرف بفوائدها المالية المتأتية عن أموال «صندوق النقد الدولي»، بصفتها عضواً مساهماً فيه، التي تُقدّر بنحو 490 مليون دولار، لتسهيل تسييلها وإنفاقها على مكافحة الوباء، وأن البحث جار عن مخرج ملائم لها، لأن تحويل تلك الأموال إلى المصرف المركزي السوري يحتاج تدابير التفافية بسبب شموله بالعقوبات الأميركية.



​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
TT

​انخفاض صادرات العسل في اليمن بنسبة 50 %‎

نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)
نحّال يمني بمحافظة تعز حيث تسبب حصار الحوثيين في تراجع إنتاج العسل (أ.ف.ب)

انخفض إنتاج وتصدير العسل في اليمن خلال السنوات الخمس الأخيرة بنسبة تصل إلى 50 في المائة بسبب تغيرات المناخ، وارتفاع درجة الحرارة، إلى جانب آثار الحرب التي أشعلها الحوثيون، وذلك طبقاً لما جاء في دراسة دولية حديثة.

وأظهرت الدراسة التي نُفّذت لصالح اللجنة الدولية للصليب الأحمر أنه خلال السنوات الخمس الماضية، وفي المناطق ذات الطقس الحار، انخفض تعداد مستعمرات النحل بنسبة 10 - 15 في المائة في حين تسبب الصراع أيضاً في انخفاض إنتاج العسل وصادراته بأكثر من 50 في المائة، إذ تركت سنوات من الصراع المسلح والعنف والصعوبات الاقتصادية سكان البلاد يكافحون من أجل التكيف، مما دفع الخدمات الأساسية إلى حافة الانهيار.

100 ألف أسرة يمنية تعتمد في معيشتها على عائدات بيع العسل (إعلام محلي)

ومع تأكيد معدّي الدراسة أن تربية النحل ليست حيوية للأمن الغذائي في اليمن فحسب، بل إنها أيضاً مصدر دخل لنحو 100 ألف أسرة، أوضحوا أن تغير المناخ يؤثر بشدة على تربية النحل، مما يتسبب في زيادة الإجهاد الحراري، وتقليل إنتاج العسل.

وأشارت الدراسة إلى أن هطول الأمطار غير المنتظمة والحرارة الشديدة تؤثران سلباً على مستعمرات النحل، مما يؤدي إلى انخفاض البحث عن الرحيق وتعطيل دورات الإزهار، وأن هذه التغييرات أدت إلى انخفاض إنتاج العسل في المناطق الأكثر حرارة، وأدت إلى إجهاد سبل عيش مربي النحل.

تغيرات المناخ

في حين تتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن، ويعتمد 70 في المائة من السكان على المساعدات، ويعيش أكثر من 80 في المائة تحت خط الفقر، توقعت الدراسة أن يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجات الحرارة في هذا البلد بمقدار 1.2 - 3.3 درجة مئوية بحلول عام 2060، وأن تزداد درجات الحرارة القصوى، حيث ستصبح الأيام الأكثر سخونة بحلول نهاية هذا القرن بمقدار 3 - 7 درجات مئوية عما هي عليه اليوم.

شابة يمنية تروج لأحد أنواع العسل في مهرجان بصنعاء (إعلام محلي)

وإذ ينبه معدّو الدراسة إلى أن اليمن سيشهد أحداثاً جوية أكثر شدة، بما في ذلك الفيضانات الشديدة، والجفاف، وزيادة وتيرة العواصف؛ وفق ما ذكر مركز المناخ، ذكروا أنه بالنسبة لمربي النحل في اليمن، أصبحت حالات الجفاف وانخفاض مستويات هطول الأمطار شائعة بشكل زائد. وقد أدى هذا إلى زيادة ندرة المياه، التي يقول مربو النحل إنها التحدي المحلي الرئيس لأي إنتاج زراعي، بما في ذلك تربية النحل.

ووفق بيانات الدراسة، تبع ذلك الوضع اتجاه هبوطي مماثل فيما يتعلق بتوفر الغذاء للنحل، إذ يعتمد مربو النحل على النباتات البرية بصفتها مصدراً للغذاء، والتي أصبحت نادرة بشكل زائد في السنوات العشر الماضية، ولم يعد النحل يجد الكمية نفسها أو الجودة من الرحيق في الأزهار.

وبسبب تدهور مصادر المياه والغذاء المحلية، يساور القلق - بحسب الدراسة - من اضطرار النحل إلى إنفاق مزيد من الطاقة والوقت في البحث عن هذين المصدرين اللذين يدعمان الحياة.

وبحسب هذه النتائج، فإن قيام النحل بمفرده بالبحث عن الماء والطعام والطيران لفترات أطول من الزمن وإلى مسافات أبعد يؤدي إلى قلة الإنتاج.

وذكرت الدراسة أنه من ناحية أخرى، فإن زيادة حجم الأمطار بسبب تغير المناخ تؤدي إلى حدوث فيضانات عنيفة بشكل متكرر. وقد أدى هذا إلى تدمير مستعمرات النحل بأكملها، وترك النحّالين من دون مستعمرة واحدة في بعض المحافظات، مثل حضرموت وشبوة.

برنامج للدعم

لأن تأثيرات تغير المناخ على المجتمعات المتضررة من الصراع في اليمن تشكل تحدياً عاجلاً وحاسماً لعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر الإنساني، أفادت اللجنة بأنها اتخذت منذ عام 2021 خطوات لتوسيع نطاق سبل العيش القائمة على الزراعة للنازحين داخلياً المتضررين من النزاع، والعائدين والأسر المضيفة لمعالجة دعم الدخل، وتنويع سبل العيش، ومن بينها مشروع تربية النحل المتكامل.

الأمطار الغزيرة تؤدي إلى تدمير مستعمرات النحل في اليمن (إعلام محلي)

ويقدم البرنامج فرصة لدمج الأنشطة الخاصة بالمناخ التي تدعم المجتمعات لتكون أكثر قدرة على الصمود في مواجهة تغير المناخ، ومعالجة تأثير الصراع أيضاً. ومن ضمنها معلومات عن تغير المناخ وتأثيراته، وبعض الأمثلة على تدابير التكيف لتربية النحل، مثل استخدام الظل لحماية خلايا النحل من أشعة الشمس، وزيادة وعي النحالين بتغير المناخ مع المساعدة في تحديث مهاراتهم.

واستجابة لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ، وزيادة حالات الجفاف التي أسهمت في إزالة الغابات والتصحر، نفذت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضاً برنامجاً لتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على تحسين شبكة مشاتل أنشطة التشجير في خمس محافظات، لإنتاج وتوزيع أكثر من 600 ألف شتلة لتوفير العلف على مدار العام للنحل.