«حزب الله السوري» استكمل لوجستيا وعمليا.. وخلاياه في منطقة الساحل

خبير مقرب من الحزب: تأسيسه بات محتملا

محقق طبي سوري يتأكد من هويات قتلى القوات الحكومية  في المعارك التي تدور في ريف حلب (أ.ف.ب)
محقق طبي سوري يتأكد من هويات قتلى القوات الحكومية في المعارك التي تدور في ريف حلب (أ.ف.ب)
TT
20

«حزب الله السوري» استكمل لوجستيا وعمليا.. وخلاياه في منطقة الساحل

محقق طبي سوري يتأكد من هويات قتلى القوات الحكومية  في المعارك التي تدور في ريف حلب (أ.ف.ب)
محقق طبي سوري يتأكد من هويات قتلى القوات الحكومية في المعارك التي تدور في ريف حلب (أ.ف.ب)

ألقت معركة الشمال الضوء مجددا على دور «حزب الله» في سوريا، وتحديدا على «نسخته السورية» المؤلفة من عناصر شيعة في عدد من المناطق. ورغم أن قائد إيراني كان قد كشف عن تأسيس إيران لـ«حزب الله السوري»، فإنه من المتوقع أن يعلن عنه رسميا قريبا وفي الوقت السياسي المناسب بعدما استكمل الإعداد له لوجيستيا وعمليا بنسبة 70 في المائة على مستوى الانتشار والترتيبات، وهو بانتظار الضوء الأخضر الإيراني، وفق ما يقول عضو الائتلاف الوطني أحمد رمضان.
وأوضح رمضان في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «حزب الله» اللبناني وبالتنسيق مع الحرس الثور الإيراني ينشئ خلايا له في منطقة الساحل، ويشكل «حزاما عسكريا» مؤلفا من آلاف المقاتلين الذين يسيطرون إلى جانب عناصر من «حزب الله اللبناني» على المناطق العلوية والشيعية في منطقة الفوعة بريف إدلب ونبل والزهراء في ريف حلب والسيدة زينب وبعض القرى في ريف حمص.
من جهته، وفي حين قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن إن «النظام لا يزال يمنع الإعلان رسميا عن (حزب الله السوري) لكونه حزبا دينياوخوفه أن يشكل خطرا عليه في المستقبل »، أشار إلى أنه ومنذ العملية الإسرائيلية في القنيطرة الشهر الماضي، بدأ العمل على تأسيس «المقاومة السورية» لتحرير الجولان، متوقعا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن يتم الإعلان عنها رسميا بعد تحرير مثلث القنيطرة – ريف دمشق – ريف درعا. وأوضح أن ما كان يعرف بـ«قوات الدفاع الوطني» المؤلفة من عناصر سوريين شيعة بعضهم تدرب في إيران والآخرون على يد قياديين من «حزب الله»، يشكلون النواة الأساسية لـ«حزب الله السوري» الذي لا يزال تحت قيادة «حزب الله» اللبناني بانتظار الإعلان عنه بشكل رسمي. وكشف عبد الرحمن، أن هناك ما بين 3 آلاف و3500 مقاتل شيعي مدربين من «حزب الله» ويتلقون رواتب منه مباشرة، فيما هناك فئة أخرى يتراوح عدد عناصرها بين 10 و12 ألف مقاتل يتلقون أوامر من الحزب ويحصلون على رواتبهم من النظام السوري.
وفيما يشير رمضان إلى أن نفوذ «حزب الله» وإيران بات على المستوى الأول في سوريا، لفت إلى أن «حزب الله السوري» هو أحد أجنحة الحزب اللبناني ويتبع لقيادته بشكل مباشر، وأوضح الهدف من إنشاء هذا الفرع هو تأسيس كيان عسكري له جناح سياسي شبيه بوضع «حزب الله» في لبنان للسيطرة على مساحات من الأراضي السورية وليلعب دورا في تهديد أي محاولة لعملية تغيير أو حل سياسي.
وقال رمضان إن «قيادة العمليات على الأرض حتى ضمن جناح الحزب السوري، تبقى للإيرانيين وعناصر (حزب الله) اللبناني، مذكرا بالمعلومات التي أشارت إلى وجود جسر جوي إيراني يتولى عملية نقل مقاتلين شيعة من العراق وأفغانستان، ولافتا إلى أنه في معركة ريف حلب عثر على جثتين لمقاتلين اثنين من الحوثيين في اليمن.
في المقابل، قال الخبير العسكري المقرب من «حزب الله»، أمين حطيط، «حتى اللحظة لا نستطيع القول إن (حزب الله السوري) بات حقيقة قائمة، وكل ما يقال عن هذا الموضوع هو نوع من الاستنتاجات»، وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «الكلام عن تأسيس الحزب السوري لا يعدو كونه محاولة لمحاكاة الحالة العراقية انطلاقا من أنه عندما تتشكل قوى شعبية ملتزمة بتيار فقهي، يعتقد البعض أنه سيتم تنظيمه في إطار حزبي على غرار (حزب الله) في العراق».
وحول تصريحات القائد السابق للحرس الثوري الإيراني حسين همداني التي أعلن خلالها عن تشكيل «حزب الله سوريا»، قال حطيط: «عندما تأتي التصريحات من جهات إيرانية فهذا يعني لها خلفية معينة، ويمكن القول إنه وانطلاقا من الحالة السورية بات الوضع القائم يحتمل وجود تنظيم يعتمد على هذه العقيدة». مضيفا «تأسيس (حزب الله سوري) بات محتملا لكن لا وجود لأي معطيات ملموسة في هذا الإطار».
يذكر أن وكالة فارس الإيرانية، نشرت على موقعها في شهر مايو (أيار) الماضي، لدقائق، تصريح على لسان القائد السابق للحرس الثوري الإيراني حسين همداني قبل أن تعود وتحذفه، قال فيه «مستعدون لإرسال 130 ألفا من عناصر الباسيج إلى سوريا، لتشكيل (حزب الله سوريا)»،
وخلال تصريحاته، أكد القائد الإيراني البارز تشكيل «حزب الله السوري» الذي وصفه بـ«حزب الله الثاني» بعد «حزب الله اللبناني»، قائلا: «بعون الله استطاع الإيرانيون تكوين (حزب الله) الثاني في سوريا».



واشنطن تكثّف الضربات على مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة

حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)
حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)
TT
20

واشنطن تكثّف الضربات على مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة

حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)
حفرة أحدثها صاروخ أميركي في ضربة استهدفت صنعاء (أ.ف.ب)

وسط قلق أممي ودعوات حكومية يمنية للسكان إلى سحب ذويهم من صفوف الحوثيين، كثفت الولايات المتحدة ضرباتها فجر الجمعة ومساء السبت على مواقع مفترضة للجماعة في صنعاء وضواحيها والحديدة، وصولاً إلى عمران ومأرب وجزيرة كمران في البحر الأحمر.

وتأتي هذه الضربات ضمن الحملة المستمرة التي أمر بها الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، منذ 15 مارس (آذار) الماضي؛ لإرغام الجماعة المدعومة من إيران على التوقف عن تهديد الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، والكف عن مهاجمة إسرائيل بذريعة مساندة الفلسطينيين في غزة.

وتحدث إعلام الجماعة الحوثية عن التعرض لنحو 50 غارة مساء السبت وفجر الأحد، تركزت غالبيتها على صنعاء وضواحيها وعلى الحديدة، مع الإشارة إلى مقتل وإصابة 13 شخصاً تدعي الجماعة أنهم من المدنيين، دون التطرق إلى الخسائر العسكرية على مستوى العتاد والعناصر.

ووفق مصادر محلية، فقد استهدفت الضربات في مدينة صنعاء موقعاً عسكرياً للحوثيين في حي النهضة شمالاً، وموقعَين في الأحياء الجنوبية قال الحوثيون إنهما مقبرتان، إلى جانب استهداف معسكر الحفا أسفل جبل نقم شرقاً، والمقر السابق لما كانت تُعرف باسم «الفرقة الأولى مدرع» في الشمال.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)
مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري ترومان» لضرب الحوثيين (أ.ب)

وفي الضواحي الشرقية والغربية والشمالية لصنعاء، ضربت الغارات مواقع للجماعة في مديرية بني حشيش (شرق)، وفي مديريات بني مطر والحصن والحيمة الخارجية (غرب)، وفي منطقة ضروان التابعة لمديرية همدان (شمال). كما امتدت الضربات إلى منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران؛ حيث أقرت الجماعة بالتعرض لـ4 غارات، وإلى مديرية صرواح غرب مأرب، حيث تعرضت لغارة واحدة، وفق إعلام الجماعة.

وأغلب المناطق المستهدفة سبق أن ضربتها الغارات الأميركية خلال الأسابيع الماضية. ويعتقد أن الحوثيين يخبئون عتادهم في الكهوف والأنفاق الجبلية، وأنهم إثر كل استهداف يحاولون الوصول إلى بقية العتاد.

وفي محافظة الحديدة الساحلية غرباً، أقرت الجماعة الحوثية بالتعرض لـ13 غارة قالت إنها ضربت مواقع في ميناء الحديدة ومطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ 10 سنوات، إلى جانب استهداف جزيرة كمران في البحر الأحمر بـ3 غارات، وهو الاستهداف الخامس للجزيرة التي تتخذ منها الجماعة قاعدة متقدمة لشن الهجمات البحرية.

ألف ضربة

وبهذه الغارات تكون الجماعة الحوثية قد تعرضت خلال 35 يوماً لنحو ألف غارة جوية وضربة بحرية، وفق ما أقر به زعيمها عبد الملك الحوثي؛ كان أشدها قسوة الضربات التي دمرت ليل الخميس الماضي ميناء رأس عيسى النفطي شمال الحديدة.

وتركزت الضربات على تحصينات الجماعة داخل المعسكرات والأنفاق الجبلية في صعدة وصنعاء وضواحيها وفي عمران، وطالت المئات منها خطوط التماس مع القوات الحكومية في مأرب والجوف وجنوب الحديدة.

مقاتلات أميركية دمرت ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (أ.ب)
مقاتلات أميركية دمرت ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (أ.ب)

كما استهدفت الغارات بدرجة أقل مواقع للاتصالات والقيادة والسيطرة ومخازن أسلحة في محافظات ذمار وإب والبيضاء وحجة، فضلاً عن ضربات استُخدمت فيها المسيّرات لضرب أهداف متحركة، وتجمعات للقادة والعناصر.

وخلال الأسابيع الستة الماضي، تحدث الحوثيون عن مقتل أكثر من 200 وإصابة نحو 350 آخرين من المدنيين، وزعم القطاع الصحي التابع لهم أن من بين القتلى نساء وأطفال، فيما لم يُتحقق من هذه المعلومات من مصادر مستقلة.

تحذيرات حكومية

في ظل المخاطر المحدقة بالسكان داخل مناطق سيطرة الحوثيين جراء استخدامهم دروعاً بشرية وتجنيدهم، حذرت الحكومة اليمنية من مغبة مساندة الجماعة، ودعت السكان إلى سحب ذويهم من صفوفها والابتعاد عن مواقع تمركزها.

وفي تصريح صحافي، خاطب وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، مواطنيه في مناطق سيطرة الجماعة بالقول: «أبناؤكم يُساقون إلى المحارق، يُستخدمون وقوداً لحروب عبثية لا نهاية لها، ويدفعون أرواحهم في معارك لا تعنيهم؛ خدمةً لمشروع تدميري تديره طهران، لا يعرف الوطن ولا يعترف بدموع الأمهات».

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)
معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

واتهم الإرياني الجماعة الحوثية بأنها مستمرة في استغلال المدنيين بمناطق سيطرتها، وقال إنها «تُحوّل المدارس، والمستشفيات، والمساجد، والمنشآت العامة والخاصة، إلى أوكار عسكرية، وتستخدم المدنيين دروعاً بشرية».

وناشد وزير الإعلام اليمني السكان سحب أبنائهم وإبعادهم عن مواقع تمركز الجماعة الحوثية وتجمعاتها؛ بما في ذلك المعسكرات، ومراكز التحشيد والتجنيد، وأي منشآت «مدنية» تُستغل لأغراض قتالية.

ووفق الإرياني، فإن الجماعة «تتلقى ضربات دقيقة وموجعة، وخسائرها تتصاعد بشكل مستمر، كان آخرها مصرع المئات في ضربة نوعية استهدفت أحد معسكراتها، ولم ينجُ منهم أحد».

وأكد الوزير اليمني أن الميليشيات الحوثية «تتكتم على خسائرها وتخفي الحقيقة، خوفاً من انهيار معنويات من تبقى معها؛ لأن قادتها يعرفون جيداً أن حربهم خاسرة وأن مشروعهم إلى زوال».

يذكر أن القوات اليمنية الشرعية بتشكيلاتها المختلفة لا تزال ملتزمة التهدئة القائمة مع الجماعة الحوثية، ويتطلع مجلس القيادة الرئاسي اليمني إلى تحالف دولي يدعم قواته على الأرض لإنهاء تهديد الحوثيين، بوصف ذلك هو الحل الأمثل وليست الضربات الأميركية التي يشكك مراقبون يمنيون في قدرتها على الحسم.

قلق أممي

وفي حين تجمدت مساعي السلام التي تقودها الأمم المتحدة في اليمن منذ انخراط الحوثيين في التصعيد البحري والإقليمي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين، عبر المبعوث، هانس غروندبرغ، في بيان، الأحد، عن شعوره بـ«القلق»، داعياً إلى خفض التصعيد.

وقال غروندبرغ: «أشعر بقلق بالغ إزاء تأثير الضربات الجوية الأميركية في ميناء رأس عيسى ومحيطه على المدنيين، لا سيما سائقي الشاحنات والعاملين في الميناء، وكذلك على البنية التحتية المدنية».

ورأى المبعوث أن سلسلة الهجمات التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر، والغارات الجوية الأميركية رداً عليها، «تقوّض جهود السلام، وتُنذر بجرّ اليمن إلى مزيد من الصراع الإقليمي».

وكرر غروندبرغ دعوته إلى «ضبط النفس، وخفض التصعيد، وحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية من قبل جميع الأطراف، وفقاً للقانون الدولي».

وشدد المبعوث على وجوب أن تتوقف الهجمات في البحر الأحمر بضمانات موثوقة تحميه من أن يصبح ساحة صراع طويلة الأمد. وقال: «هذه الضمانات ضرورية، ليس فقط للأمن العالمي؛ بل أيضاً لمنع اليمن من الانزلاق بعيداً عن مسار السلام»، متعهداً «مواصلة العمل مع جميع الأطراف لتحقيق هذا الهدف من أجل تحقيق سلام مستدام في اليمن».

حطام مسيّرة زعم الحوثيون أنها أميركية وأنهم أسقطوها قبل أشهر (إعلام حوثي)
حطام مسيّرة زعم الحوثيون أنها أميركية وأنهم أسقطوها قبل أشهر (إعلام حوثي)

في غضون ذلك، لم يعلن الحوثيون عن أي هجمات جديدة على القوات الأميركية أو باتجاه إسرائيل، حتى لحظة كتابة هذه الملف، باستثناء تبنيهم إسقاط مسيّرة أميركية من طراز «إم كيو9»، زاعمين أنها سادس طائرة من نوعها يسقطونها خلال الشهر الحالي، والـ21 منذ انخراطهم في التصعيد البحري والإقليمي خلال نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

ومنذ بدء حملة ترمب، تبنى الحوثيون إطلاق 13 صاروخاً وعدداً محدوداً من المسيّرات باتجاه إسرائيل، دون أي تأثير عسكري لهذه الهجمات، كما يزعمون أنهم يهاجمون بشكل يومي القوات الأميركية التي تتولى ضربهم.