أطول التجارب عمراً في العالم تؤتي نتائجها

11 بذرة تنبت في حرم جامعة ميشيغان بعد تخزينها 142 عاماً داخل زجاجة

أحد العلماء يعرض الزجاجة التي خزنت فيها البذور (نيويورك تايمز - جامعة ميشيغان)
أحد العلماء يعرض الزجاجة التي خزنت فيها البذور (نيويورك تايمز - جامعة ميشيغان)
TT

أطول التجارب عمراً في العالم تؤتي نتائجها

أحد العلماء يعرض الزجاجة التي خزنت فيها البذور (نيويورك تايمز - جامعة ميشيغان)
أحد العلماء يعرض الزجاجة التي خزنت فيها البذور (نيويورك تايمز - جامعة ميشيغان)

دخل الدكتور ديفيد لوري، البروفسور المساعد في علوم النباتات لدى جامعة ولاية ميشيغان الأميركية، في قلق واضح إلى غرفة الطابق السفلي (القبو) من مبنى الكلية، وذلك لإلقاء نظرة خاطفة على غرفة نمو النباتات، ولم ير سوى تربة طينية سوداء ساكنة، إذ كان صبره قد قارب على النفاد وازداد شغفه الشديد بإنبات البذور القديمة للغاية. لكن، وفي 23 أبريل (نيسان) من العام الجاري، نزل إلى قبو الكلية لإلقاء نظرة فاحصة أخرى، وهناك عثر على نبتة صغيرة وجديدة، تمتد ورقاتها في تطلع إلى الأعلى، فما كان منه إلا أن قال: «لقد كانت لحظة مفعمة بكل روعة ممكنة».
لم تكن هذه قصة إنبات اعتيادية من المعهودة في فصل الربيع. بالرجوع إلى عام 1879 كان الدكتور ويليام جيمس بيل، عالم النباتات الأميركي، يعكف على جمع تلك البذور، جنبا إلى جنب مع الآلاف من النباتات العشبية المختلفة الأخرى من مختلف مناطق مقاطعة إيست لانسينغ بولاية ميشيغان في تلك الأثناء. ثم وضعها داخل زجاجات تعمد دفنها لإخفائها في مكان سري داخل حرم جامعة ولاية ميشيغان التي كان يعمل بها، وكان هدفه يكمن في الوقوف على إمكانية نمو تلك البذور والنباتات من عدمه بعد مرور عدة سنوات، أو عقود، أو ربما قرون من الخمول المستمر. وفي منتصف شهر أبريل من العام الجاري، تسلل الدكتور لوري رفقة أربعة من زملائه، تحت جنح الظلام، من أجل الحفر واستعادة زجاجات الدكتور بيل، ومحاولة زراعة محتوياتها، ومن ثم الاستمرار في واحدة من أطول التجارب الزراعية عمرا على مستوى العالم.
وخلال الفترة بين أواخر أبريل وأوائل مايو (أيار) من العام الجاري، أطلت العديد من الشتلات الصغيرة الوليدة بازغة من قلب التربة الطينية السوداء - وصلت إلى 11 بذرة جديدة نابتة بحلول يوم الثلاثاء الماضي. وتشكل إحداها حالة غموض في حد ذاتها، في نبات كانت أوراقه أكثر أهدابا وحوافه حادة للغاية عن براعم النباتات المزروعة الأخرى.
كانت البقية على الأرجح عبارة عن نبتة «فيرباسكوم بلاتاريا»، وهو عشب طويل، مزخرف بالزهور الجملية، ذلك الذي برز كبطل تجربة الزراعة الأخيرة بلا منازع. وهو عشب معروف باسمه الشائع نبتة «البوصير القاتم» من الفصيلة الغدبية، نظرا لأعضاء التلقيح المذكرة في الزهرة والتي تشبه الهوائي الممتد، وكانت تلك الفصيلة العشبية قد وصلت إلى أميركا الشمالية في القرن التاسع عشر، وهي تعيش حياة جدا متواضعة في الحقول الواسعة.
كان النجاح المحرز في تجربة الإنبات هذه من قبيل المصادفة المحضة، إذ إنه لم يكن من المفترض أن يكون جزءا من التجربة بالأساس. يبدو أن الدكتور بيل كان يقصد المحافظة عن نوع مختلف من الفصائل النباتية المعروفة باسم «فيرباسكوم ثابسوس»، والذي كان موجودا داخل الزجاجات الثماني الأولى من البذور المحفوظة، وكانت فرصه أقل كثيرا في الإنبات، مع نمو القليل للغاية من بذوره بعد مرور 20 عاما فقط من الخمول.
ظهرت نبتة «فيرباسكوم بلاتاريا» للمرة الأولى في الزجاجة التاسعة، ربما كانت متسللة عن غير قصد ضمن المجموعة التي عكف الدكتور بيل على جمعها من قبل. ومنذ ذلك الحين، كانت أنجح البذور إنباتا حتى الآن، من بين 50 بذرة لنفس الفصيلة الغدبية التي كانت موضوعة بالأساس داخل كل زجاجة، ولقد نبتت 31 بذرة منها بعد مرور 50 عاما، تليها 34 بذرة بعد مرور 60 عاما، وهكذا دواليك. وفي عام 2000 عندما جرى إخراج الزجاجة المذكورة واختبار محتواها، نمت ما يقرب من نصف بذور نبتة «فيرباسكوم بلاتاريا» بنجاح كبير.
من شأن فريق الباحثين أن يستغرقوا وقتهم في الوقوف بشكل قاطع على ما نبت وما لم ينبت من بذور الزجاجات الخاملة، والخلوص إلى أن نمو البذور الأخرى أمر غير قابل للنجاح بعد ذلك. وعلى مدار الأسابيع القادمة، سوف يمنحون بذور الزجاجات محفزات إضافية لحثها على الإنبات كزميلاتها: من المعالجة الباردة، وحمامات الدخان، والرش برذاذ هرمونات النمو النباتية. أسفر التحفيز بالمعالجة الباردة في عام 2000 عن إنبات بذرة واحدة فقط من بذور «مالفا بوسيللا» أو «الخبيزة الضئيلة»، وهي البذرة الوحيدة من خارج عائلة «فيرباسكوم بلاتاريا» التي أنبتت في ذلك العام.
وربما يلجأ فريق الباحثين أيضا إلى قطع أجزاء صغيرة من البذور الكبيرة، تماما كما تقول الدكتورة مارجوري ويبر، عضوة فريق الباحثين والأستاذة المساعدة في علوم الأحياء النباتية بجامعة ميشيغان، التي أضافت: «لا بد من تخشين الأسطح الخارجية للبذور، نظرا لأن ذلك يؤدي إلى إنبات بعض منها». وقال الدكتور لوري معلقا: «في حين أنه من الصعب استخلاص العديد من النتائج المهمة في هذه المرحلة المبكرة، فإن مجرد الإقرار بحقيقة تمكن أي نبات من الإزهار بعد مرور هذه الفترة الطويلة للغاية من الخمول لهو أمر مذهل للجميع». وقالت الدكتورة مارغريت فليمنغ، باحثة ما بعد درجة الدكتوراه وأحد أعضاء فريق البحث: إن «حرص البذور على الاستجابة للمحفزات ثم الإنبات يدل على صحتها وسلامتها. إذ إن بعض البذور تستجيب وكأنها لم تمر عليها فترة طويلة من الزمن».
كذلك، إن حالة الثبات الظاهرية في نبتة «فيرباسكوم بلاتاريا» – الفصيلة العشبية غير الأصلية، تعكس آثارا واضحة للحفاظ عليها. فإن كانت تلك الفصائل النباتية قادرة بالفعل على الصمود والبقاء مدفونة وخاملة تحت سطح الأرض على مر العقود أو ربما القرون، فقد تظهر في بيئة يحاول سكانها من البشر تحويلها إلى موطن نباتي أصلي لتلك الفصيلة، الأمر الذي يعكس مفاجآت كبيرة، وربما يثير نوعا من التحديات المهمة أمام مشاريع الاستعادة النباتية إثر فترات طويلة من الخمول في مستقبل البشرية، تماما كما أفاد الدكتور لارس برودفيغ، العضو في فريق الباحثين والأستاذ المشارك في علوم بيئات النباتات في جامعة ولاية ميشيغان.
أما الآن، وبعد نجاح فريق الباحثين في الجامعة من حصاد بذور آخر زجاجة من زجاجات دكتور بيل العتيقة، يطارد فريق الباحثين شغف آخر بزراعة البذور الجديدة. ورغم أن تلك التجربة من المقرر لها أن تبلغ خط النهاية بحلول عام 2100، فإن البروفسور فرنك تيليوسكي، أستاذ البيولوجيا النباتية في الجامعة وأقدم الأعضاء عمرا في تجربة الدكتور جيمس بيل، قد علق على ذلك قائلا: «لقد حان الوقت يا سادة للاستعداد والمتابعة».
بيد أن جوهر التجربة الأولى لن يناله أي تغيير يُذكر، من البذور، والزجاجات المدفونة، والفترة الزمنية الطويلة، غير أن هناك جملة من الأمور التي تهدف مجموعة البحث المشار إليها في الاضطلاع بها وإنما بصورة مختلفة، بهدف واضح يتمثل في حماية الباحثين من أبناء الأجيال القادمة من الوقوع في براثن الحيرة والارتباك، وربما المغريات العلمية، كمثل التي يواجهونها حالياً.
سوف يتحقق فريق الباحثين من عدد البذور المزمع إنباتها من كل فصيلة ونوع عند القيام بزراعتها على الفور - وهي الخطوة التي لم ينتبه إليها الدكتور جيمس بيل أول الأمر عندما شرع في دفن زجاجاته العزيزات في عام 1879، الأمر الذي ترك فريق الباحثين الحالي من دون خط العمل الأساسي واللازم لعقد المقارنة بين الاختبارات ذات المدى الطويل.
* خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.