اكتشاف وتوثيق 300 مقبرة محفورة بالصخر في صعيد مصر

المقابر المكتشفة من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المقابر المكتشفة من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

اكتشاف وتوثيق 300 مقبرة محفورة بالصخر في صعيد مصر

المقابر المكتشفة من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)
المقابر المكتشفة من الخارج (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية الكشف عن عدد من المقابر الأثرية المحفورة في الصخر بجبانة الحامدية، بمنطقة الجبل الشرقي بمحافظة سوهاج (صعيد مصر)، تمثل عصوراً تاريخية مختلفة تمتد من نهايات الدولة القديمة مروراً بعصر الانتقال الأول، حتى بدايات العصر البطلمي، نحو 4000 سنة.
وقال محمد عبد البديع، رئيس الإدارة المركزية لآثار المصر العليا، لـ«الشرق الأوسط»، إن «البعثة الأثرية المصرية العاملة في المنطقة نجحت في توثيق والكشف عما يقرب من 300 مقبرة أثرية صخرية محفورة في الجبل، بينها 20 مقبرة جديدة تم كشفها لأول مرة، تعود لعصور تاريخية مختلفة تمتد من نهاية الدولة القديمة وحتى نهاية العصر البطلمي، أبرمت نحو 4000 سنة».
بدوره، أوضح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي أمس (الثلاثاء)، أن «مقابر جبانة الحامدية متنوعة الطرز المعمارية، ومحفورة في الجبل على مستويات عدة، فمنها مقابر ذات بئر واحد أو آبار عدة للدفن، ومقابر تبدأ بممر منحدر ينتهي بغرفة للدفن».
ومن بين المقابر المكتشفة، مقبرة ترجع إلى نهاية الدولة القديمة، وأعيد استخدامها في العصور اللاحقة، مكونة من مدخل يؤدي إلى صالة عرضية وبئر للدفن بالجنوب الشرقي، عبر ممر منحدر يؤدي إلى غرفة صغيرة للدفن، ويوجد بحجرة الدفن باب وهمي عليه بقايا نقوش لكتابات هيروغليفية، وبقايا مناظر تصور صاحب المقبرة وهو يذبح القرابين، بجواره أشخاص تقدم القرابين الخاصة بالمتوفي.
وأوضح عبد البديع، أن «الجبانة تقع في قرية الحامدية بمركز ساقلتة شرق النيل في سوهاج، وهو أول مركز بعد البداري في أسيوط، وهي جزء من جبانة كبيرة تمتد شرق النيل حتى نجع المشايخ ونجع حمادي في الجنوب»، مشيراً إلى أن «المنطقة تضم إلى جانب الجبانة، المحاجر التي كانت تقطع منها الحجارة لبناء المعابد والمباني غرب النيل».
وعثرت البعثة خلال الحفائر على عدد من الأواني الفخارية كان بعضها يستخدم في الحياة اليومية والآخر عبارة عن أثاث جنائزي، كودائع رمزية مصغرة تعرف باسم »votive miniature «، وهي أوانٍ كروية صغيرة الحجم عليها بقايا طلاء مصفر من الخارج، كما عثرت البعثة على بقايا مرآة معدنية مستديرة الشكل، وبقايا عظام آدمية وحيوانية، وعدد من كسرات الفخار ترجع إلى العصر المتأخر، وبقايا قطع من الحجر الجيري عليها نقوش ربما كانت جزءاً من لوحات جنائزية لأصحاب هذه المقابر ترجع إلى نهاية الأسرة السادسة.
وقال عبد البديع، إن «البعثة عثرت على بعض الدفنات، لكنها ليست في حالة جيدة من الحفظ؛ لأن تلك الفترة لم تكن معروفة بالتحنيط»، مشيراً إلى أن «يجري حالياً دراسة بقايا هذه الدفنات للتعرف على سبب الوفاة ووقته ومعرفة الحالة الاجتماعية والاقتصادية لأصحاب المقابر وهو ما سيضيف قيمة تاريخية للمكان».
ورغم أن «جميع المقابر التي عثر عليها حتى الآن في الجبانة هي لأشخاص عاديين»، فإن عبد البديع يتوقع العثور على مقابر لحكام الأقاليم، ويقول، إن «مصر كانت في تلك الفترة دولة لامركزية، وكل حاكم إقليم كان صاحب السيادة في منطقته، خاصة في منطقة مصر العليا التي تضم المنيا وسوهاج وأسيوط، ومن الممكن العثور على مقابر لحكام الأقاليم في الجبانة، حيث سبق وعثرنا على مقابر مماثلة في مناطق أخرى من الجبانة الموجودة شرق النيل، خاصة قس نجع المشايخ».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».