الحكومة اليمنية: إنهاء الانقلاب واجب... وجهود السلام اصطدمت بتعنت الميليشيات

TT

الحكومة اليمنية: إنهاء الانقلاب واجب... وجهود السلام اصطدمت بتعنت الميليشيات

بالتوازي مع استمرار انكسار الهجمات التي تشنها الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران غرب محافظة مأرب، أكدت الحكومة اليمنية سعيها نحو استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، بخاصة بعدما اصطدمت جهود السلام الدولية والإقليمية الأخيرة بتعنت الميليشيات.
تصريحات الحكومة اليمنية جاءت خلال اجتماع لمجلس الوزراء عبر تقنية الاتصال المرئي، قالت فيه إنها «ماضية في القيام بواجباتها ومسؤولياتها للحفاظ على الوفاق السياسي واستكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وتخفيف معاناة المواطنين واستكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي المدعوم إيرانيا».
وذكرت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة معين عبد الملك أحاط الوزراء بصورة شاملة عن مستجدات الأوضاع وعن نتائج مشاوراته مع رئيس الجمهورية، ولقاءاته بالمسؤولين السعوديين، لمناقشة دعم الحكومة، إضافة إلى زيارته لمأرب وحضرموت.
وأفادت وكالة «سبأ» بأن رئيس الحكومة أشاد «بدعوات التعبئة العامة وقوافل الدعم من كل المحافظات لمأرب باعتبارها بوابة الانتصار الكبير نحو تحرير صنعاء وبقية المحافظات التي ما زالت خاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي».
وأوضح عبد الملك أن الحراك الإقليمي والدولي لدعم الحل السياسي في اليمن، اصطدم بتعنت وصلف الميليشيات الحوثية، مشددا على أهمية استمرار وحدة الصف الوطني والالتفاف حول قيادة الشرعية والحفاظ على اتفاق الرياض واستكماله.
وفي الاجتماع قدم وزير الدفاع الفريق محمد المقدشي، تقريرا عن الأوضاع العسكرية والميدانية في جبهات القتال ضد ميليشيا الحوثي على أطراف مأرب وفي الجوف، وما تتكبده الميليشيا من خسائر بشرية ومادية كبيرة، في ظل إفشال هجماتها الانتحارية وتحول استراتيجية المعركة لصالح الجيش الوطني.
ونقلت المصادر الرسمية أن مجلس الوزراء اليمني جدد التأكيد على دعم الحكومة الكامل لكل الاحتياجات والمتطلبات العاجلة لدعم صمود مأرب والمعركة المصيرية حتى استكمال استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب، كما ثمن «الدور الأخوي الصادق لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية في دعم معركة اليمن والعرب المصيرية ضد مشروع إيران التخريبي في المنطقة».
وفي حين قدم وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك تقريرا عن الوضع السياسي على ضوء التحركات الأممية والدولية، وعن نتائج زياراته إلى عدد من الدول بخاصة الخليجية، وعما يبذله المبعوثان الأممي والأميركي من جهود، قال إن الجهود «ما زالت تصطدم بتعنت ورفض ميليشيات الحوثي».
وبحسب ما نقله الإعلام الرسمي طالب مجلس الوزراء اليمني «المجتمع الدولي بموقف حازم وواضح من الرفض الحوثي المتكرر لكل مبادرات ومقترحات السلام، وإصرار الجماعة على المضي في تنفيذ أجندة ومشروع إيران دون اعتبار لحياة ودماء ومعاناة اليمنيين».
إلى ذلك أكد المجلس «أن المواقف الضبابية لن تزيد هذه الميليشيات وداعميها في طهران إلا إصرارا على تعميق المعاناة والكارثة الإنسانية في اليمن والتي تسببت بها منذ انقلابها على السلطة الشرعية وإشعالها للحرب، وكذا ما تمثله من خطر متزايد على الجوار الإقليمي والملاحة الدولية في أحد أهم ممرات التجارة العالمية».
كما جدد الاجتماع تأكيده «أن تفاعل الحكومة مع مبادرات السلام وما تقدمه من تنازلات في سبيل ذلك ليس من منطق ضعف، بل إنه حرص على حقن الدماء ورفع المعاناة والكارثة الإنسانية التي تسببت بها ميليشيا الحوثي». وأن الحكومة «لن تقبل بسلام يؤسس لدولة هشة وعنصرية على نموذج إيران وميليشياتها في دول المنطقة».
وكان المبعوث الأممي مارتن غريفث عبر عن خيبة أمله من نتائج مساعيه الأخيرة في العاصمة العمانية مسقط، إذ رفض ممثلو الميليشيات الحوثية اللقاء به، بحسب ما أكده المبعوث الأميركي تيم لندركينغ.
ودفعت الهجمات الحوثية المستمرة للشهر الرابع غرب مأرب، السلطات المحلية في محافظات مأرب والجوف وصنعاء والبيضاء إلى إعلان النفير العام لإسناد الجيش اليمني لمواجهة هجمات الجماعة التي ترفض الحديث عن أي وقف للمعارك. وألمحت الجماعة على لسان متحدثها محمد عبد السلام فليتة عقب الزيارة الأخيرة للمبعوثين الأممي والأميركي إلى مسقط، أنها لن تقبل بوقف الهجمات على مأرب كما أنها لن ترضخ لأي قرارات دولية لا تمنحها أفضلية التحكم في مستقبل اليمن وفق الأجندة الإيرانية.
في السياق الميداني، أفاد الإعلام العسكري بأن عناصر الجيش اليمني والمقاومة كسروا هجوماً للميليشيا الحوثية وأجبروها على الفرار بعد سقوط العديد من عناصرها بين قتيل وجريح، وإعطاب عدد من الآليات والعربات.
ونقل المركز الإعلامي للقوات المسلحة عن مصادر عسكرية قولها إن «طيران التحالف دمّر أربع عربات تحمل تعزيزات في طريقها إلى جبهة المشجح حيث قتل كل من على متنها، كما استهدف بغارات أخرى تجمعات معادية في مواقع متفرقة غرب مأرب وألحق بالميليشيا خسائر بشرية ومادية كبيرة».
وطبقا لما أوردته المصادر نفسها، كبدت قوات الجيش الميليشيات الحوثية خسائر كبيرة يوم السبت في جبهة الجدافر جنوب شرق محافظة الجوف، إذ نصبت القوات كمينا لمجاميع من عناصر الميليشيا أسفر عنه سقوط العديد من عناصرها بين قتيل وجريح، إلى جانب تدمير مدرعتين وعربتين قتاليتين، كما دمّر طيران تحالف دعم الشرعية عربات كانت تحمل تعزيزات في طريقها إلى الميليشيا الانقلابية في مواقع متفرقة شرق مدينة حزم الجوف.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».