{نكهة خاصة} للبهارات والتوابل في طقوس رمضان بالسودان

البهارات والتوابل السودانية (الشرق الأوسط)
البهارات والتوابل السودانية (الشرق الأوسط)
TT

{نكهة خاصة} للبهارات والتوابل في طقوس رمضان بالسودان

البهارات والتوابل السودانية (الشرق الأوسط)
البهارات والتوابل السودانية (الشرق الأوسط)

للبهارات والتوابل في السودان «نكهة خاصة» وجذور عميقة في الطقوس والتقاليد الرمضانية، فقبل حلول الشهر العظيم، تنتعش أسواق البهار، وتضوع روائحها في المنازل والطرقات، فهي تدخل في كل شيء متعلق بالصيام، ابتداء من مشروب «الآبري» المعروف بـ«الحلو مر» إلى «ملاح التقلية»، أشهر طعمين رمضانيين.
وتصنع السيدات مشروب «الحلو مر» الذي تدخل في تركيبته العديد من البهارات والمواد المنكهة والحريفة، تبدأ الطقوس بـ«الزريعة» وهي «إنبات بذور الذرة وتزريعها لمستوى محدد»، قبل تجفيفها وطحنها، لتضاف إليها بهارات حريفة مثل «الزنجبيل، القرفة، الغرنجال» وغيرها لإكسابه الطعم الذي تمتزج فيه الحلاوة بالحموضة، واللون البني الغامق، ليصنع منه المشروب الشهي الذي يروي العطش.
يقول العطار محمد عوض، «مع قدوم رمضان وطوال الشهر، تزدهر سوق البهار، وتحتل روائحها العطرية الحريفة هواء المنازل والمتاجر، لتعلن في كل مكان أن الناس صيام، والجائزة كوب من مشروب الآبري اللذيذ عند المغيب».
وبرغم ارتفاع أسعار البهارات، كما يقول العطار عثمان علي، إلا أن الإقبال عليها تزايد، لا سيما الحارة منها مثل «الفلفل الأسود، والفلفلة الحارة - الشطة الحمراء -، فبالبهارات الباردة (الكمون، الكزبرة)»، فيما يؤكد تاجر التوابل تاج السر، إن بيع التوابل في الأسواق الشعبية المتخصصة مهنة متوارثة لعائلات معروفة، تجلبها من الهند واليمن وغيرها، وتعد سوق مدينة أم درمان الشعبية، إحدى أكبر الأسواق لبيع البهارات والتوابل، والخيار الأفضل لتجار التوابل القادمين من الهند واليمن.
وللتوابل مكان خاص في سوق أم درمان الشعبية، وما إن يدخلها المتسوقون، تواجههم أكوام التوابل والمرصوصة في شكل أهرامات ملونة بألوان التوابل ومعطرة بروائحها الشهية.
ولا يكتفي السودانيون باستخدام البهارات لإكساب الوجبات الطعم المعروف، بل لها استخدامات طبية كذلك، فهي تستخدم كـ«تمائم» عند بعض المجموعات السكانية، ولـ«كف العين والحسد» يستخدم الفلفل الأسود، و«حبة البركة» تصنع منها تمائم تربط في أيدي المواليد الجدد، وتستخدمها بعض المجموعات السكانية جنوب وشرق دارفور والنيل الأزرق في أغراض «سحرية».
وترتبط سوق التوابل السودانية بسوق التوابل العالمية، وشهدت الخرطوم في 2018 أول معرض للتوابل السودانية، هدفه توطين زراعة أصناف محددة من البهارات في البلاد.
ويؤكد الطب الشعبي أن إضافة التوابل للنظام الغذائي مهمة، فهي تسرع الهضم وتقلل فترة بقاء الطعام داخل الجهاز الهضمي، لأنها تحفز المعدة على إفراز الأحماض الهضمية، وإفرازات الصفراء في الكبد التي تساعد في تكسير الدهون وتثبيط مفعول السموم والأكسدة داخل الجسم.
ويبلغ حجم سوق التوابل والبهار نحو 4 مليارات دولار، تحوز السوق السودانية منها ملايين الدولارات، وينتظر أن يتزايد الطلب عليها إلى 7 مليارات دولار، تبعاً لتقارير طبية أثبتت فائدتها.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.