«عشرين عشرين»... ما بعده ليس كما قبله

أول عمل درامي بوليسي لبناني يلفت الأنظار

تؤلف نادين نجيم مع قصي الخولي ثنائياً محبوباً
تؤلف نادين نجيم مع قصي الخولي ثنائياً محبوباً
TT

«عشرين عشرين»... ما بعده ليس كما قبله

تؤلف نادين نجيم مع قصي الخولي ثنائياً محبوباً
تؤلف نادين نجيم مع قصي الخولي ثنائياً محبوباً

يتابع اللبنانيون بحماس المسلسل الرمضاني «عشرين عشرين» لكاتبيه ندين جابر وبلال شحادات وإنتاج شركة «الصباح إخوان». فهو إضافة إلى تصدره الترندات على وسائل التواصل الاجتماعي، ولّد حالة درامية غير تقليدية. فقصته إضافة إلى فريق العمل فيه من ممثلين ومخرج جاءت متكاملة. وما بعد «عشرين عشرين» ليس كما قبله، فهو وضع حجر الأساس لصناعة أعمال بوليسية مشوقة على المستوى المطلوب. هذا النوع من الأعمال لم يلقَ الاستحسان من قبل النقاد في تجارب عديدة سابقة. فكانت تطغى عليها الركاكة والحبكة البوليسية الضعيفة. وبذلك ولّد «عشرين عشرين» حقبة درامية مختلفة عنوانها العريض «صنع في لبنان».
تتألق بطلة العمل نادين نسيب نجيم في العمل، وتبرهن من خلاله أنها صاحبة موهبة تمثيلية حقيقية. فهي تخلت عن أناقتها وجمالها، وعن شخصية البطلة التي تعيش الرفاهية والثراء، كما اعتدناها. خلعت كل ما يمكن أن يؤثر على موهبتها من إكسسوارات وأدوات، قد يتلهى بها متابعها. حلّقت في سماء الدراما كما كانت تتمنى دائماً، فرفع المشاهد لها القبعة تقديراً. فهي بحسب ما تردد أمام المقربين منها، كانت تبحث عن دور من هذا النوع، وإلا لما كانت قاربت موسم رمضان هذه السنة.
ونجحت نادين نسيب نجيم في تجسيد شخصيتين متناقضتين، تجسدهما في العمل هما «سما وحياة». الأولى، سما هي نقيب، وابنة عقيد في الشرطة، تخطط وتحقق وتتولى مهام صعبة بالتساوي مع زملائها الرجال. بنيتها القوية ومسؤولياتها الكبيرة يجعلان منها امرأة صلبة ليس من السهل مواجهتها. أما في شخصية حياة فتجسد دور الفتاة الشعبية الطيبة، التي تعيش في الأحياء الفقيرة في مهمة تجسسية، سرية، لتكتشف رأس عصابة لتهريب المخدرات، كانت السبب بمقتل شقيقها. وهذا الأخير جسد شخصيته الفنان رامي عياش وصقله بحضوره المتميز وتمثيله العفوي. وعندما غاب عن باقي حلقات المسلسل بسبب مقتله على يد العصابة، ترك فراغاً لدى المشاهد الذي تمنى لو حمل دوره مساحة أطول بسبب حضوره الممتع.
أما قصي الخولي فألّف مع نجيم ثنائياً أحبه المشاهد منذ مشاركتهما معاً في مسلسل «خمسة ونص». ومعاً يتبادلان كرة الأداء بثقة، كل من ملعبه على طريقة «هات وخذ». ومع عبارات يرددانها باستمرار كـ«يا عفو الله» من قبل صافي (قصي الخولي) و«منهنهة» لحياة (نادين نجيم) استحدثا قاموساً جديداً من المفردات بات يرددها اللبنانيون تيمناً بهما. حتى أن غالبية المقتطفات المصورة التي يتم تبادلها عبر وسائل التواصل الاجتماعي من «فيسبوك» و«إنستغرام» و«تويتر»، تقتنص هذه العبارات من أفواه أصحابها، لتبرز مدى تأثيرها الكبير على المشاهد. جميع الممثلين في «عشرين عشرين» من فادي إبراهيم وكارمن لبس ورندة كعدي وغيرهم، يكملون بحضورهم اللافت حبكة النص.
أما مخرج العمل فيليب أسمر، فهو المايسترو الذي يقود الممثلين بإتقان. لا يغفل عن أي شاردة أو واردة، لا يستخف بحركة وأداء غير مناسبين، ولا يسمح لكاميرته أن تخذل المشاهد. فصاحب اللاءات الكثيرة، يتصدر اليوم الساحة الإخراجية بنظرته المختلفة وعينه الثاقبة، ليصل بالدراما اللبنانية إلى الموقع الذي تستحقه.
أما عملية إنتاج العمل من قبل شركة «الصباح إخوان» فجاءت خيوطها محاكة بطريقة احترافية. هذه المرة اختارت الشركة الأحياء الفقيرة في لبنان لتتناول حياة أهلها البسيطة. وابتعدت مسافات ضوئية عن حبكة القصور والثراء والرفاهية، فقاربت الناس بهمومهم، ونقلت واقعهم من دون رتوش، سيما وأنها صورت العمل في أحياء موجودة على أرض لبنان. لم تبن استوديوهات أو تستأجر كومبارس، بل ارتكزت على قاعدة واقعية عناصرها غير مفبركة. وهذا الأمر استغرق منها تحضيراً ومجهوداً وتكلفة مالية كبيرة، ولكن «كله في حب الدراما يهون» كما يقول المنتج صادق الصباح. فللشركة تاريخها الطويل والمضيء في عالم الدراما العربية، وهذه المرة أرادت استثماره في صناعة لبنانية بامتياز. ويعبر صادق الصباح عن سعادته لنجاح هذا العمل ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المرة رغبنا في ملامسة واقع نعيشه في لبنان والنموذج هم أناس فقراء. سلطنا الضوء على حاجاتهم وهمومهم وأسلوب عيشهم. وأبرزنا النواقص التي تشوب حياتهم اليومية. ابتعدنا عن قصص تدور في القصور وفي أجواء الغنى الفاحش، ولامسنا الواقع عن قرب. وهو ما أحدث الفرق لدى المشاهد التواق لمتابعة عمل من هذا النوع». ولا يتوانى الصباح عن التصفيق لأفراد العمل في كل مرة نجحوا في نقل المتعة إلى المشاهد، فيغرد ويعلق، مفتخراً بكل واحد منهم، ممارساً مهمة الأب الذي يشجع أولاده ويبث في نفوسهم الثقة بالنفس.
تتسارع أحداث مسلسل «عشرين عشرين» بحيث تخطف أنفاس المشاهد وتبلغ ذروتها منذ حلقته العشرين. فمبدأ توالد العقد والورطات في حبكته التي اعتمدها الكاتبان، ستكمل مشوارها إلى نهاية العمل. حتى أن بعض المشاهدين باتوا لا يتحملون الضغوطات التي تتعرض لها النقيب سما، فتقترب مهمتها الخفية من الانكشاف. ويقول المشاهد أنطوان أبي منصور الذي يتابع «عشرين عشرين» بحماس: «أحياناً أشعر بأن قلبي سيتوقف من شدة خوفي على النقيب سما، من أن تفضحها رسمية (كارمن لبس) فتتعرض للأذى».
أما إيلين وهي أم لولدين فتقول: «تنهنهنا عالآخر» وخوفنا على حياة أو النقيب سما يكبر يوماً بعد يوم وحلقة وراء حلقة. وعدما نجتمع مساء لمتابعة العمل عبر «إم تي في» يسود منزلنا الصمت وتنقطع أنفاسنا إلى حين وقت الإعلانات».
من ناحيته، يرى الكاتب المخضرم شكري أنيس فاخوري أن كاتبي العمل لهما تاريخ طويل في عالم الدراما. وأنهما معاً يؤلفان ثنائياً نجح في جذب المشاهد ونقله إلى عالم الدراما الممتعة. ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن (عشرين عشرين) يحقق نجاحاً واسعاً فيحضره الكبار والصغار. وبحسب الأصداء التي تصلني من لبنان وخارجه فهو متابع بشكل جيد، ويحصد شعبية كبيرة. فركائزه من نص ومخرج وممثلين لا يمكن إلا أن تولّد الفرق». ويرى فاخوري أن اعتماد شركات الإنتاج اليوم على ورشات كتابة، بحيث يشارك في تأليف النص فريق متكامل، من شأنه أن يأخذ الدراما اللبنانية إلى انتشار أكبر. ويتابع: «المهم أن يكون فريق العمل الكتابي متجانساً، وعلى نفس المستوى. ورشات الكتابة تفتح أفاقاً درامية واسعة، وتقلل من الوقوع في الثغرات والمطبات».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
TT

الشماغ السعودي في ذروة مواسم بيعه

بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)
بائع يستعرض عشرات الأنواع من الشماغ الذي يبلغ أعلى مواسمه البيعية في آخر رمضان (الشرق الأوسط)

أفصح مختصون في نشاط صناعة واستيراد الشماغ السعودي عن بلوغ هذا الزي التقليدي الرسمي أعلى مواسم البيع السنوية، مسجلاً مبيعات تُقدَّر بنحو 900 مليون ريال سنوياً، كاشفين عن توجهات المستهلكين الذين يبرز غالبيتهم من جيل الشباب، وميلهم إلى التصاميم الحديثة والعالمية، التي بدأت في اختراق هذا اللباس التقليدي، عبر دخول عدد من العلامات التجارية العالمية على خط السباق للاستحواذ على النصيب الأكبر من حصة السوق، وكذلك ما تواجهه السوق من تحديات جيوسياسية ومحلية.
ومعلوم أن الشماغ عبارة عن قطعة قماش مربعة ذات لونين (الأحمر والأبيض)، تُطوى عادة على شكل مثلث، وتُلبس عن طريق وضعها على الرأس، وهي لباس تقليدي للرجال في منطقة الخليج العربي وبعض المناطق العربية في العراق والأردن وسوريا واليمن، حيث يُعد جزءاً من ثقافة اللبس الرجالي، ويلازم ملابسه؛ سواء في العمل أو المناسبات الاجتماعية وغيرها، ويضفي عليه أناقة ويجعله مميزاً عن غيره.
وقال لـ«الشرق الأوسط»، الرئيس التنفيذي لـ«شركة الامتياز المحدودة»، فهد بن عبد العزيز العجلان، إن حجم سوق الأشمغة والغتر بجميع أنواعها، يتراوح ما بين 700 و900 مليون ريال سنوياً، كما تتراوح كمية المبيعات ما بين 9 و11 مليون شماغ وغترة، مضيفاً أن نسبة المبيعات في المواسم والأعياد، خصوصاً موسم عيد الفطر، تمثل ما يقارب 50 في المائة من حجم المبيعات السنوية، وتكون خلالها النسبة العظمى من المبيعات لأصناف الأشمغة المتوسطة والرخيصة.
وأشار العجلان إلى أن الطلب على الملابس الجاهزة بصفة عامة، ومن ضمنها الأشمغة والغتر، قد تأثر بالتطورات العالمية خلال السنوات الماضية، ابتداءً من جائحة «كورونا»، ومروراً بالتوترات العالمية في أوروبا وغيرها، وانتهاء بالتضخم العالمي وزيادة أسعار الفائدة، إلا أنه في منطقة الخليج العربي والمملكة العربية السعودية، فإن العام الحالي (2023) سيكون عام الخروج من عنق الزجاجة، وسيشهد نمواً جيداً مقارنة بالأعوام السابقة لا يقل عن 20 في المائة.
وحول توجهات السوق والمستهلكين، بيَّن العجلان أن غالبية المستهلكين للشماغ والغترة هم من جيل الشباب المولود بين عامي 1997 و2012، ويميلون إلى اختيار التصاميم والموديلات القريبة من أشكال التصاميم العالمية، كما أن لديهم معرفة قوية بأسماء المصممين العالميين والماركات العالمية، لافتاً إلى أن دخول الماركات العالمية، مثل «بييركاردان» و«إس تي ديبون» و«شروني 1881» وغيرها إلى سوق الأشمغة والغتر، ساهم بشكل فعال وواضح في رفع الجودة وضبط المواصفات.
وأضاف العجلان أن سوق الملابس كغيرها من الأسواق الاستهلاكية تواجه نوعين من المشكلات؛ تتمثل في مشكلات جيوسياسية ناتجة عن جائحة «كورونا» والحرب الروسية الأوكرانية، ما تسبب في تأخر شحن البضائع وارتفاع تكاليف الشحن وارتفاع الأسعار بسبب التضخم وارتفاع أسعار الفائدة، بينما تتمثل المشكلات المحلية في انتشار التقليد للعلامات العالمية والإعلانات المضللة أحياناً عبر وسائل الاتصال الاجتماعي.
من جهته، أوضح ناصر الحميد (مدير محل بيع أشمغة في الرياض) أن الطلب يتزايد على الأشمغة في العشر الأخيرة من شهر رمضان من كل عام، ويبدأ الطلب في الارتفاع منذ بداية الشهر، ويبلغ ذروته في آخر ليلتين قبل عيد الفطر، مضيفاً أن الشركات تطرح التصاميم الجديدة في شهر شعبان، وتبدأ في توزيعها على منافذ البيع والمتاجر خلال تلك الفترة.
وأشار الحميد إلى أن سوق الأشمغة شهدت، في السنوات العشر الأخيرة، تنوعاً في التصاميم والموديلات والماركات المعروضة في السوق، وتنافساً كبيراً بين الشركات المنتجة في الجودة والسعر، وفي الحملات التسويقية، وفي إطلاق تصاميم وتطريزات جديدة، من أجل كسب اهتمام المستهلكين وذائقتهم، والاستحواذ على النصيب الأكبر من مبيعات السوق، واستغلال الإقبال الكبير على سوق الأشمغة في فترة العيد. وبين الحميد أن أكثر من نصف مبيعات المتجر من الأشمغة تكون خلال هذه الفترة، مضيفاً أن أسعارها تتراوح ما بين 50 و300 ريال، وتختلف بحسب جودة المنتج، والشركة المصنعة، وتاريخ الموديل، لافتاً إلى أن الشماغ عنصر رئيسي في الأزياء الرجالية الخليجية، ويتراوح متوسط استهلاك الفرد ما بين 3 و5 أشمغة في العام.