تتابع عائلات الرعايا الغربيين المحتجزين في إيران الاتصالات الدبلوماسية المكثفة الأخيرة، وما يرافقها من شائعات، بكثير من الأمل الممزوج بالخشية من التعرض لمزيد من الخيبات بحثاً عن إشارات حول إطلاق سراح أحبائهم، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وتحتجز إيران أكثر من 10 مواطنين غربيين، معظمهم يحملون جوازات سفر إيرانية، سواء أكانوا في السجون أم قيد الإقامة الجبرية بتهم تعدها عائلاتهم عبثية، ويعدها ناشطون فعلاً وقحاً لاتخاذ رهائن بهدف المساومة.
وتنامى الإحباط بين عائلات المحتجزين بسبب فشل الحكومات الغربية في إعادة هؤلاء المحتجزين إلى بلادهم، خاصة أن بعضاً منهم قضى سنوات عدة خلف القضبان، وكانوا عرضة للإصابة بـ«كوفيد - 19» داخل زنازينهم.
وتبدي إيران استعدادها إجراء صفقة تبادل سجناء سعياً لاسترداد إيرانيين محتجزين أيضاً في دول غربية. ودفع استئناف المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بنشطاء للحض على ربط القضيتين.
وقالت إليكا ابنة أنوج عاشوري البالغ 67 عاماً، المسجون في إيران منذ عام 2017: «تعلمنا التعامل مع كل يوم كما هو. لا يمكننا النظر بعيداً إلى الأمام. أشياء مثل الشائعات تعطينا بعض الأمل، لكننا تعلمنا ألا نتأمل كثيراً». وأضافت أن الأحاديث غير المؤكدة عن صفقات ومبادلات يجري الإعداد لها تعد مصدر قلق، ليس فقط للأسرة ولكن أيضاً لوالدها القادر على متابعة تطورات الأخبار داخل سجن إيوين في طهران.
ووصفت إليكا الأمر بأنه «لعبة ذهنية غير ممتعة بالنسبة إلينا، وإليه على وجه الخصوص». وكشفت أن والدها اشتكى من أعراض «كوفيد - 19»، خلال مكالمة هاتفية مع العائلة مؤخراً. وقالت: «تستيقظ كل يوم مع هذا القلق حول ما سنراه (في الأخبار) اليوم».
وهناك 3 بريطانيين وألمانيان وسويديان ونمساويان وفرنسيان بين لائحة المحتجزين في مواقف مشابهة، وفق عائلات تحدثت إلى وكالة الصحافة الفرنسية.
ومن بين البريطانيين نازنين زاغري راتكليف التي ربطت أسرتها قضيتها بديون بريطانية قديمة مجمدة بقيمة 400 مليون جنيه (550 مليون دولار) دفعتها إيران في عهد الشاه، مقابل صفقة دبابات لم تتم في السبعينيات.
أما الألمانية ناهد تقوي، البالغة 66 عاماً، فتقبع في السجن في إيران منذ 200 يوم، وهي في «حالة سيئة للغاية»، بعد نقلها مجدداً إلى سجن انفرادي الشهر الماضي، وفق ابنتها مريم كلارين التي قالت إن «الانتظار صعب للغاية، عليها وعلينا»، مشيرة إلى أنه بالإضافة إلى كونها وحيدة، يتم تعريضها لضوء النهار مدة نصف ساعة فقط في اليوم، ولم تعطَ حتى وسادة لتنام عليها. وتابعت: «شعبنا يعاني تحت التعذيب. أحاول ألا أفكر كثيراً حول فيينا، وأحاول حماية نفسي»، معربة عن خشيتها من أن تصبح المحادثات بشأن السجناء «لعبة» بين الطرفين.
وألمانيا وفرنسا وبريطانيا من القوى الأوروبية التي تفاوض بشأن الاتفاق النووي مع إيران الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، لكن خليفته جو بايدن يحرص على العودة إليه، في حال استوفت طهران شروطاً معينة.
وقال شخص مطلع على المفاوضات لوكالة الصحافة الفرنسية، طلب عدم ذكر اسمه: «هناك مفاوضات نشطة جارية حالياً في فيينا من خلال الأوروبيين، حول إبرام صفقة بشأن تبادل السجناء في الاتجاهين»، مؤكداً «عدم التوصل إلى صفقة».
يذكر أن الولايات المتحدة لا تقيم علاقات دبلوماسية مع طهران منذ احتجاز موظفي السفارة الأميركية رهائن في أعقاب الثورة الإسلامية عام 1979. وتجري المفاوضات في فيينا من خلال الوسطاء الأوروبيين. وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن: «ليس لديّ أولوية أقصى من إعادة الأميركيين المحتجزين تعسفياً -الرهائن الأميركيين- إلى الوطن في الولايات المتحدة».
ونفت الولايات المتحدة تقريراً بثه التلفزيون الإيراني نهاية الأسبوع، مفاده أن واشنطن وافقت على الإفراج عن 7 مليارات دولار من الأموال الإيرانية المجمدة، وإطلاق سراح 4 إيرانيين، مقابل إطلاق سراح 4 أميركيين. كما تصاعدت التكهنات بشأن صفقة تبادل مع ورود أنباء من بلجيكا عن تثبيت حكم بالسجن 20 عاماً على الدبلوماسي أسد الله أسدي، بتهمة التآمر لتفجير تجمع للمعارضة الإيرانية خارج باريس، بعد تخليه عن استئناف الحكم.
وقال هادي قائمي، المدير التنفيذي لمركز حقوق الإنسان في إيران، ومقره نيويورك، إن على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إقامة «جبهة موحدة»، وإعطاء الأولوية لإطلاق سراح المعتقلين، بالتوازي مع المحادثات النووية. وأضاف أن «الفشل في التصدي بشكل فعال لاحتجاز الرهائن في إيران يعطي الضوء الأخضر لهذه الممارسات، ويترك مزدوجي الجنسية الآخرين في خطر التعرض للاعتقال لاستخدامهم بيادق سياسية».
وبالنسبة لإليكا عاشوري التي حُكم على والدها المهندس المتقاعد بالسجن مدة 10 سنوات بتهمة التجسس، وهو حكم تعده الأسرة سخيفاً، فإن الخيار الوحيد هو الاستمرار في الحملات للمطالبة بإطلاق سراحه، إذ قالت: «هذه هي الطريقة التي تمنعنا من فقدان عقولنا، وتساعدنا على إفراغ إحباطنا. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمنحنا الأمل»، مضيفة: «إذا كان هناك من صفقة، فإن دوري هو التأكد من أنها تشمل والدي».
وأضافت مريم كلارين، ابنة ناهد تقوي: «منذ اعتقال أمي، قررت عدم الاعتماد على المعجزات. سأقوم بواجبي، وأستمر في حملتنا».
عائلات غربية تنتظر بقلق انتهاء أزمة «الرهائن» في إيران
عائلات غربية تنتظر بقلق انتهاء أزمة «الرهائن» في إيران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة