باسيل يبحث مع لافروف تعزيز الدور الروسي في لبنان

رئيس «التيار الوطني الحر» أعرب عن ارتياح لـ«تطابق المواقف» مع موسكو

وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)
وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)
TT
20

باسيل يبحث مع لافروف تعزيز الدور الروسي في لبنان

وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)
وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)

أجرى رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل، مباحثات موسعة، أمس، في وزارة الخارجية الروسية، تضمّنت جولة حوار مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، تبعتها، وفقاً لمصدر روسي، «مباحثات تفصيلية» مع نائبه ميخائيل بوغدانوف.
وركزت المباحثات على الوضع اللبناني الداخلي وملف تشكيل الحكومة، والصعوبات التي يواجهها لبنان حالياً على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي، وتطرقت بشكل مسهب إلى مجالات تعزيز التعاون بين موسكو وبيروت في المجالات المختلفة. كما تناول الطرفان الوضع الإقليمي، خصوصاً في سوريا وانعكاساته على لبنان والمنطقة.
وأعرب باسيل، في مؤتمر صحافي، عن ارتياحه لسير المحادثات التي وصفها بأنها كانت «مثمرة وبناءة». وقال إنه لمس «تطابقاً أو تقارباً واسعاً في المواقف مع موسكو حيال الوضع في لبنان والمنطقة».
وقال إن النقاشات مع المسؤولين في الخارجية الروسية تناولت ثلاثة ملفات رئيسية؛ أولها الوضع العام في المنطقة، وآليات «تعزيز التعاون مع موسكو لضمان استقرار المنطقة وتطوير ما وصفها بـ(السوق المشرقية) التي تضم عدداً من بلدان المنطقة، بما يساعد في المستقبل في إعادة إعمار سوريا والعراق ودعم استقرار وازدهار لبنان». وزاد أن الطرفين أكدا أن استقرار لبنان «ضرورة حيوية لاستقرار المنطقة، وحماية الأقليات فيها»، مشيراً إلى الأهمية الخاصة لدور المسيحيين من أجل تمكين لبنان من لعب دوره الإقليمي وتعزيز مكانته وحضوره.
وشكّل الوضع اللبناني الداخلي ثاني محاور المباحثات، وقال باسيل إن الطرفين أكدا أهمية الإسراع بتشكيل حكومة تكنوقراط تمثل القوى السياسية في لبنان، وتكون ضمانة لعدم احتكار السلطة من أي طرف. وربط هذا الموضوع بأهمية دفع الجهود لمحاربة الفساد وإطلاق عجلة الإصلاحات المطلوبة بشكل سريع. وأشاد بـ«الدعم الروسي» في هذا المجال، وقال إن موسكو «لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية، لكنها تعمل على إنجاح جهوده لتجاوز الأزمات الحالية».
وفي المحور الثالث، بحث الطرفان الملفات الإقليمية، وأشار باسيل إلى أن موسكو تعمل على إقامة «توازن دولي في المنطقة يقوم على تبادل المصالح وتحقيق العدالة وليس الهيمنة». وشدد على أنه سمع حديثاً روسياً واضحاً حول «دعم لبنان المتنوع وضمان أمن الأقليات، ومعارضة التدخل الخارجي، فضلاً عن المساعدة في ملف إعادة اللاجئين السوريين». وزاد أنه تم طرح فكرة عقد مؤتمر في لبنان لبحث ملف اللاجئين. وأشار إلى «أهمية الموقف الروسي في دعم التسوية في سوريا، والموقف البناء حيال الانتخابات الرئاسية في هذا البلد».
وتوقف عند الأهمية الخاصة لتعزيز الحضور الروسي عبر المشروعات الاقتصادية الكبرى، خصوصاً على صعيد إمدادات الكهرباء ومشروعات تدشين البنى التحتية لطرق نقل النفط والغاز، وسكك الحديد التي يمكن أن تربط لبنان مستقبلاً بسوريا والعراق. وأوضح أن الدعم الروسي «مطلوب بقوة لإعادة تأهيل الاقتصاد اللبناني والمساعدة في مشروعات البنية التحتية».
وأبلغ «الشرق الأوسط»، مستشار الرئيس ميشال عون لشؤون العلاقات مع روسيا أمل أبو زيد، الذي كان حاضراً مع باسيل، أن الوفد اللبناني شدد، خلال اللقاءات، على ضرورة الانطلاق من فكرة تشكيل الحكومة في أسرع وقت، مع إزالة العراقيل حول ذلك، والطلب من الرئيس المكلف سعد الحريري العمل مع رئيس الجمهورية لإنجاز هذا الاستحقاق. وقال إنه لمس «تفهماً كاملاً» من الجانب الروسي لوجهات نظر «التيار الوطني الحر» في هذا الملف، وزاد أن موسكو أكدت استعداداً لمواصلة بذل الجهود من أجل التوصل إلى تفاهم لبناني.
ورأى المستشار الرئاسي أن الزيارة «شكلت رداً مباشراً على جميع الشائعات التي تحدثت عن وجود نوع من اللوم الروسي للتيار الوطني الحر أو للوزير باسيل بشكل شخصي». وزاد أن موسكو أعربت عن استعدادها للانخراط في الملفات الاقتصادية في لبنان، والانفتاح على المشروعات الأساسية التي تصب في تعزيز فكرة السوق المشرقية، وتشكل استكمالاً لجهود روسيا في إقامة التوازن بين القوى الدولية في المنطقة.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.