باسيل يبحث مع لافروف تعزيز الدور الروسي في لبنان

رئيس «التيار الوطني الحر» أعرب عن ارتياح لـ«تطابق المواقف» مع موسكو

وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)
وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)
TT

باسيل يبحث مع لافروف تعزيز الدور الروسي في لبنان

وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)
وزير الخارجية الروسي لافروف والنائب جبران باسيل خلال لقائهما أمس (موقع التيار)

أجرى رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير السابق جبران باسيل، مباحثات موسعة، أمس، في وزارة الخارجية الروسية، تضمّنت جولة حوار مع وزير الخارجية سيرغي لافروف، تبعتها، وفقاً لمصدر روسي، «مباحثات تفصيلية» مع نائبه ميخائيل بوغدانوف.
وركزت المباحثات على الوضع اللبناني الداخلي وملف تشكيل الحكومة، والصعوبات التي يواجهها لبنان حالياً على الصعيدين الاقتصادي والمعيشي، وتطرقت بشكل مسهب إلى مجالات تعزيز التعاون بين موسكو وبيروت في المجالات المختلفة. كما تناول الطرفان الوضع الإقليمي، خصوصاً في سوريا وانعكاساته على لبنان والمنطقة.
وأعرب باسيل، في مؤتمر صحافي، عن ارتياحه لسير المحادثات التي وصفها بأنها كانت «مثمرة وبناءة». وقال إنه لمس «تطابقاً أو تقارباً واسعاً في المواقف مع موسكو حيال الوضع في لبنان والمنطقة».
وقال إن النقاشات مع المسؤولين في الخارجية الروسية تناولت ثلاثة ملفات رئيسية؛ أولها الوضع العام في المنطقة، وآليات «تعزيز التعاون مع موسكو لضمان استقرار المنطقة وتطوير ما وصفها بـ(السوق المشرقية) التي تضم عدداً من بلدان المنطقة، بما يساعد في المستقبل في إعادة إعمار سوريا والعراق ودعم استقرار وازدهار لبنان». وزاد أن الطرفين أكدا أن استقرار لبنان «ضرورة حيوية لاستقرار المنطقة، وحماية الأقليات فيها»، مشيراً إلى الأهمية الخاصة لدور المسيحيين من أجل تمكين لبنان من لعب دوره الإقليمي وتعزيز مكانته وحضوره.
وشكّل الوضع اللبناني الداخلي ثاني محاور المباحثات، وقال باسيل إن الطرفين أكدا أهمية الإسراع بتشكيل حكومة تكنوقراط تمثل القوى السياسية في لبنان، وتكون ضمانة لعدم احتكار السلطة من أي طرف. وربط هذا الموضوع بأهمية دفع الجهود لمحاربة الفساد وإطلاق عجلة الإصلاحات المطلوبة بشكل سريع. وأشاد بـ«الدعم الروسي» في هذا المجال، وقال إن موسكو «لا تتدخل في شؤون لبنان الداخلية، لكنها تعمل على إنجاح جهوده لتجاوز الأزمات الحالية».
وفي المحور الثالث، بحث الطرفان الملفات الإقليمية، وأشار باسيل إلى أن موسكو تعمل على إقامة «توازن دولي في المنطقة يقوم على تبادل المصالح وتحقيق العدالة وليس الهيمنة». وشدد على أنه سمع حديثاً روسياً واضحاً حول «دعم لبنان المتنوع وضمان أمن الأقليات، ومعارضة التدخل الخارجي، فضلاً عن المساعدة في ملف إعادة اللاجئين السوريين». وزاد أنه تم طرح فكرة عقد مؤتمر في لبنان لبحث ملف اللاجئين. وأشار إلى «أهمية الموقف الروسي في دعم التسوية في سوريا، والموقف البناء حيال الانتخابات الرئاسية في هذا البلد».
وتوقف عند الأهمية الخاصة لتعزيز الحضور الروسي عبر المشروعات الاقتصادية الكبرى، خصوصاً على صعيد إمدادات الكهرباء ومشروعات تدشين البنى التحتية لطرق نقل النفط والغاز، وسكك الحديد التي يمكن أن تربط لبنان مستقبلاً بسوريا والعراق. وأوضح أن الدعم الروسي «مطلوب بقوة لإعادة تأهيل الاقتصاد اللبناني والمساعدة في مشروعات البنية التحتية».
وأبلغ «الشرق الأوسط»، مستشار الرئيس ميشال عون لشؤون العلاقات مع روسيا أمل أبو زيد، الذي كان حاضراً مع باسيل، أن الوفد اللبناني شدد، خلال اللقاءات، على ضرورة الانطلاق من فكرة تشكيل الحكومة في أسرع وقت، مع إزالة العراقيل حول ذلك، والطلب من الرئيس المكلف سعد الحريري العمل مع رئيس الجمهورية لإنجاز هذا الاستحقاق. وقال إنه لمس «تفهماً كاملاً» من الجانب الروسي لوجهات نظر «التيار الوطني الحر» في هذا الملف، وزاد أن موسكو أكدت استعداداً لمواصلة بذل الجهود من أجل التوصل إلى تفاهم لبناني.
ورأى المستشار الرئاسي أن الزيارة «شكلت رداً مباشراً على جميع الشائعات التي تحدثت عن وجود نوع من اللوم الروسي للتيار الوطني الحر أو للوزير باسيل بشكل شخصي». وزاد أن موسكو أعربت عن استعدادها للانخراط في الملفات الاقتصادية في لبنان، والانفتاح على المشروعات الأساسية التي تصب في تعزيز فكرة السوق المشرقية، وتشكل استكمالاً لجهود روسيا في إقامة التوازن بين القوى الدولية في المنطقة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».