بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب
TT

بين الخطأ والصواب

بين الخطأ والصواب

* مظروف مضاد للجراثيم
* من أكثر ما يخيف المريض عند تحضيره لأي إجراء جراحي أن يحدث له تلوث أو التهاب في مكان جرح العملية، وأيضا أكثر ما يخشى حدوثه الجراحون «عدوى ما بعد العمليات الجراحية» وعلى وجه الخصوص عمليات زراعة الأجهزة الدقيقة تحت الجلد. وقد كان التعقيم واستعمال المضادات الحيوية هما الوسيلة المتبعة لمكافحة عدوى ما بعد الجراحة، إلى أن توصل الباحثون في الشركات الطبية، المتخصصة في تصنيع الأجهزة الطبية، إلى تصنيع مظاريف تحتوي على مضادات حيوية تغلف بها الأجهزة المراد زرعها.
ومن أهم المستجدات في هذا المجال ما تم اعتماده أخيرا من قبل إدارة الغذاء والدواء السعودية SFDA، للمظروف المضاد للجراثيم القابل للامتصاص «تيركس»TYRX™ Absorbable Antibacterial Envelope، الذي ابتكرته شركة «مدترونيك» بالتعاون مع أطباء ممارسين وباحثين وعلماء حول العالم، وبدأ استخدامه في الولايات المتحدة الأميركية وتم أيضا الترخيص له في كندا منذ يناير (كانون الثاني) 2014.
يُغلف هذا المظروف الأجهزة الإلكترونية القلبية القابلة للزرع مثل جهاز تنظيم ضربات القلب - جهاز بديل لمزيل خفقان القلب (ICD) أو علاج إعادة تنظيم ضربات القلب (CRT) – حيث يفرز المظروف مادتي ريفامبين rifampin ومينوسيكلين minocyclin في موقع الجراحة للمساعدة في الوقاية من الالتهابات، ثم يذوب ويتم امتصاصه في الجسم بعد نحو 9 أسابيع من تاريخ إجراء عملية الزرع.
وبالفعل فقد تم إجراء أولى عمليات زراعة هذا المظروف بالمملكة في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث في الرياض. ووفقا لاستشاري علم كهرباء القلب في مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، الدكتور أعظم شفقات، فقد كانت النتائج إيجابية تماما، حيث كان استخدام المظروف سهلا ورقيقا بما يكفي لعدم الاضطرار لإحداث جيب أكبر خلال عملية الزرع. كما أن مظروف «تيركس» يقدم للجراحين حلا مُثبتا لإجراء عمليات زرع أجهزة قابلة للزرع بشكل أكثر أمانا للمرضى ويوفر طبقة حماية إضافية، وفقا للدكتور جون ليديكوت، رئيس قسم انتظام ضربات القلب وقصور القلب ونائب الرئيس الأول لدى «مدترونيك».
ومما يزيد من أمان وسلامة استخدام هذا المظروف النتائج الإيجابية للدراسة «سيتاديل/ سنتوريون» التي قدمت في مؤتمر «كارديو ستيم» العالمي 2014، وهي دراسة متعددة المراكز شملت 55 مستشفى في الولايات المتحدة - عالجت أكثر من 1000 مريض خضعوا لعملية زراعة جهاز مزيل خفقان القلب (ICD) أو علاج إعادة تنظيم ضربات القلب (CRT) بواسطة مظروف «تيركس» المضاد للجراثيم، بهدف قياس نسبة حدوث التهابات حادة، فكانت معدلات حدوث الالتهاب أقل من أولئك المرضى الذين تمت زراعة الجهاز لهم من دون المظروف.

* تبعات الطفولة المتوترة

* من الأخطاء الشائعة في كثير من المجتمعات في العالم عدم الاهتمام بما يتعرض له الطفل من ظروف وضغوط اجتماعية وفردية خلال سني حياته الأولى، وعدم توقع ما قد تتركه تلك الظروف خلفها من آثار نفسية وجسمية على المدى البعيد. لقد وجد من نتائج دراسات حديثة أن المستويات العالية من التوتر والظروف المعاكسة التي تواجه الطفل في مرحلة الطفولة يمكن أن تؤثر عليه صحيا في مرحلة البلوغ. وقد أوضحت ذلك دراسة فرنسية نشرت نتائجها في أوائل الشهر الحالي في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم «Proceedings of the National Academy of Sciences، PNAS».
درس الباحثون من المعهد الوطني للصحة والبحوث الطبية (INSERM) في تولوز العلاقة بين تجارب الطفولة السلبية والتحمل المفرط لما ينجم عنها من توتر دائم ومزمن في حياة الطفل. ولتحليل ذلك، استخدم فريق البحث بيانات من الدراسة البريطانية الوطنية لتنمية الطفل، التي شملت 7.353 شخصا ولدوا في المملكة المتحدة في عام 1958.
ركزت الدراسة على المشاركين الذين عانوا من أحداث سلبية في بيئتهم الأسرية عندما كانت أعمارهم تتراوح بين 7 سنوات و16 سنة، من حيث الإهمال البدني، ووجود مشكلات عند الوالدين أو أحدهما كأن يكون من متعاطي الكحول، أو كان مسجونا، أو أن يكون الوالدان منفصلين، أو كان أحد الوالدين مصابا بمرض عقلي. أظهرت مجموعة المتضررين من المشاركين في الدراسة آثار ما عانوا وهم صغار عند سن 44.
وكشفت تحليلات السلوك الصحي والوضع الاجتماعي والاقتصادي للمشاركين في سن 23 و33 عاما أن أكثر من نصف الذكور (59 في المائة) ظهرت عليهم آثار بسبب السلوك غير الصحي، وقلة التعليم والدخل المنخفض. وارتبطت الآثار عند ثلاثة أرباع النساء (76 في المائة) مع التدخين، وزيادة الوزن، ووجود انخفاض في المستوى التعليمي، والدخل المنخفض.
وخلصت الدراسة إلى أن الأحداث النفسية والاجتماعية السلبية الخطيرة والتجارب القاسية التي يمر بها الشخص خلال مرحلة طفولته سوف تؤثر على صحته وسلوكه بطرق مختلفة ويكون لها تأثير دائم على المدى البعيد. هذه النتائج تشير إلى ضرورة التدخل على المستوى المجتمعي والفردي لمعالجة الآثار التي تظهر على الشخص نتيجة ما تعرض له في طفولته من ظروف سلبية مختلفة.
استشاري في طب المجتمع
مدير مركز المساعدية التخصصي ـ مستشفى الملك فهد بجدة
[email protected]



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».