بايدن وإردوغان يشددان على {علاقات بناءة}

أنقرة حذرت من أن خطوة بايدن ستوتر العلاقات الثنائية

TT

بايدن وإردوغان يشددان على {علاقات بناءة}

نجحت أنقرة في تحقيق أول اتصال هاتفي بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان ونظيره الأميركي جو بايدن، الذي جاء قبل ساعات من بيان مرتقب للأخير بشأن الأحداث التي وقعت في شرق الأناضول عام 1915 إبان الحرب العالمية الأولى وراح ضحيتها 1.5 مليون من الأرمن. وخلال الاتصال، أكد بايدن حرصه على علاقة ثنائية «بناءة» مع تركيا والإدارة الفعالة لحل الخلافات. واتفق مع إردوغان على عقد اجتماع على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) التي ستعقد ببروكسل في يونيو (حزيران) المقبل. وبحسب بيان للبيت الأبيض، «تحدث الرئيس بايدن مع إردوغان ناقلاً إليه حرصه على علاقة ثنائية بناءة مع مجالات أوسع للتعاون والإدارة الفعالة لحل الخلافات». وذكر بيان الرئاسة التركية أن إردوغان أكد لبايدن أهمية حل قضايا مثل وجود ما تسميه تركيا «تنظيم غولن الإرهابي»، في الولايات المتحدة والدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) في سوريا التي تعتبرها تركيا امتداداً لحزب العمال الكردستاني الذي تصنفه كمنظمة إرهابية، بينما تنظر إليها الولايات المتحدة كحليف وثيق لعب دوراً أساسياً في الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي. وجاء الاتصال بين بايدن وإردوغان قبل أقل من 24 ساعة من إعلان بايدن المرتقب بشأن الاعتراف بمذابح الأرمن على أنها «إبادة جماعية» على يد العثمانيين في زمن الحرب العالمية الأولى. وكانت تأمل أنقرة في ألا يقدم بايدن على هذه الخطوة التي ستلحق، حتماً، مزيداً من الضرر بالعلاقات.
ولم يتضمن بيانا البيت الأبيض والرئاسة التركية أي إشارة إلى هذا الموضوع أو تناوله خلال الاتصال الهاتفي، لكن مصادر مطلعة أكدت لـ«رويترز» أن بايدن أبلغ إردوغان أنه يعتزم الاعتراف بأن المذابح التي تعرض لها الأرمن في 1915 هي «إبادة جماعية». وسبق أن تعهد بايدن خلال حملته الانتخابية بهذا الاعتراف الذي لم يسبقه إليه أي رئيس أميركي على الرغم من ضغوط الجالية الأرمنية تجنباً لتدهور العلاقات مع تركيا الحليفة في إطار الناتو. وتؤكد تركيا أن عمليات قتل وطرد الأرمن في شرق الأناضول لم تكن إبادة جماعية، ولكنها كانت نتيجة لصراع أوسع خلال الحرب العالمية الأولى أدى أيضاً إلى سقوط آلاف الأتراك العثمانيين. لكن الضغط التركي لم يمنع بعض الدول الكبرى، مثل فرنسا وألمانيا، من الاعتراف بإبادة جماعية فيما امتنع كثير من الدول عن الاعتراف الرسمي الكامل. وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان أمس (السبت)، إنها لن تنسى إطلاقاً دبلوماسييها الذين قتلوا جراء هجمات التتظيمات الإرهابية الأرمنية. ونشرت أسماء 31 دبلوماسياً راحوا ضحية هجمات «العصابات الإرهابية» الأرمنية.
وقالت إن الأكاذيب لا تحرف التاريخ فحسب، إنما تودي بحياة الأبرياء أيضاً، لم ولن ننسى إطلاقاً زملاءنا الدبلوماسيين الذي قضوا في الهجمات الإرهابية الأرمنية. ولن نرضخ لأي أكاذيب وضغوط. من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين عبر «تويتر»: «نعلم جيداً من دعم هذه الجرائم المروعة من خلال الاختباء وراء أكاذيب الإبادة الجماعية، لم ولن ننسى إطلاقاً. سنواصل استخدام لغة الحقيقة في مواجهة من يشوهون الحقائق التاريخية». كانت منظمات أرمنية مصنفة «إرهابية»، على رأسها «أسالا» و«جي سي إيه جي» نفذت هجمات في سبعينات القرن الماضي، أسفرت عن مقتل 77 مواطناً تركياً، بينهم 31 دبلوماسياً وعائلاتهم، فضلاً عن عدد كبير من الإصابات. وكان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو حذر، الأربعاء، من أن خطوة بايدن لو تحققت ستوتر العلاقات الثنائية. وأضاف: «إذا أرادت الولايات المتحدة التسبب في تدهور العلاقات، فالقرار قرارها».
وعقب الاتصال الهاتفي بين بايدن وإردوغان، أجرى جاويش أوغلو اتصالاً هاتفياً مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، قالت مصادر دبلوماسية تركية إنه لمتابعة القضايا التي ناقشها الرئيسان خلال اتصالهما. وتشهد العلاقات التركية - الأميركية توتراً بشأن مسائل عدة عالقة، أبرزها اقتناء أنقرة منظومة الدفاع الجوي الروسية «إس 400»، ودعم الولايات المتحدة لأكراد في سوريا الذين تربطهم أنقرة بحزب العمال الكردستاني وتدرجهم في قوائم «الإرهاب»، وملف تسليم الداعية فتح الله غولن الذي يقيم في بنسلفانيا منذ عام 1999 كمنفى اختياري والذي كان الحليف الأوثق لإردوغان وحزبه (العدالة والتنمية الحاكم)، قبل أن تتهمه تركيا، وأتباعه، بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016.
وجددت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) موقف الولايات المتحدة تجاه شراء تركيا منظومة «إس 400»، قائلة إن الموقف «لم يتغيّر»، وإن واشنطن ستمضي قدماً لإزالة أنقرة من الجهود المشتركة لتطوير مقاتلة «إف 35» الأميركية.
وفرضت واشنطن في ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، عقوبات على رئيس مستشارية الصناعات الدفاعية التركية إسماعيل دمير و3 من نوابه، ومنعت إصدار أي ترخيص تصدير أسلحة إليها بموجب قانون مكافحة خصوم الولايات المتحدة بالعقوبات (كاتسا) الصادر عام 2017.
وقبل فرض هذه العقوبات، كانت الولايات المتحدة علقت مشاركة تركيا في برنامج إنتاج الطائرة الحربية الأميركية المتطوّرة «إف 35» في عام 2019، معتبرة أن صواريخ «إس 400»، التي تسلمتها تركيا في يوليو (تموز) من ذلك العام، قد تسهم في خرق أسرارها التكنولوجية وكذلك أسرار المنظومة الدفاعية لحلف الناتو.


مقالات ذات صلة

«إبادة الآشوريين الكلدان»... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

شؤون إقليمية رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)

«إبادة الآشوريين الكلدان»... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

برزت أزمة جديدة إلى سجل الأزمات المتراكمة في العلاقات بين تركيا وفرنسا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
آسيا جنديان أذربيجانيان يحرسان نقطة تفتيش عند ممر لاتشين في أذربيجان (أ.ب)

أرمينيا تعلن توقيع اتفاق سلام مع أذربيجان الشهر المقبل

أعلن رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان أن يريفان ستوقّع اتفاق سلام مع أذربيجان الشهر المقبل.

«الشرق الأوسط» (تبليسي)
آسيا سكان يستقلون سيارة وسط ستيباناكيرت قبل مغادرة كاراباخ (رويترز)

الكرملين: ليس هناك سبب يدعو الأرمن للفرار من كاراباخ

قالت موسكو، اليوم (الخميس)، إنها لا ترى سبباً يدعو الأرمن إلى الفرار من كاراباخ، نافيةً فعلياً الاتهامات بالتطهير العرقي التي وجهتها يريفان لباكو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا رئيس جمهورية ناغورنو كاراباخ المعلنة من جانب واحد سامفيل شهرامانيان (أ.ف.ب)

جمهورية ناغورنو كاراباخ تعلن حل مؤسساتها اعتباراً من بداية العام

أعلن رئيس جمهورية ناغورنو كاراباخ من جانب واحد سامفيل شهرامانيان حل جميع مؤسسات الدولة اعتباراً من 1 يناير (كانون الثاني) 2024.

«الشرق الأوسط» (بريفن)
آسيا أشخاص يتجهون إلى المطار، حيث يتمركز بعض قوات حفظ السلام الروسية، خارج بلدة ستيباناكيرت، في منطقة ناغورنو كارباخ التي تسيطر عليها أذربيجان (أ.ف.ب) play-circle 00:32

رئيس وزراء أرمينيا: مستعدون لقبول سكان ناغورنو كارباخ من الأرمن

قال نيكول باشينيان رئيس وزراء أرمينيا في كلمة إلى مواطنيه اليوم (الأحد)، إن أرمينيا مستعدة لقبول جميع سكان ناغورنو كارباخ من الأرمن.

«الشرق الأوسط» (موسكو - يريفان)

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
TT

فريق ترمب يريد الوصول إلى «ترتيب» بين روسيا وأوكرانيا من الآن

عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)
عناصر من خدمة الطوارئ الأوكرانية تخمد حريقاً شب في مبنى نتيجة قصف روسي على دنبيرو (خدمة الطوارئ الأوكرانية - أ.ب)

أعلن مايك والتز، المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي الأميركي، في مقابلة تلفزيونية، الأحد، أن فريق الرئيس المنتخب دونالد ترمب يريد العمل منذ الآن مع إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن، للتوصل إلى «ترتيب» بين أوكرانيا وروسيا، مبدياً قلقه بشأن «التصعيد» الراهن.

ومنذ فوز الملياردير الجمهوري في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني)، يخشى الأوروبيون أن تقلّص الولايات المتّحدة دعمها لأوكرانيا في هذا النزاع، أو حتى أن تضغط عليها لتقبل باتفاق مع روسيا يكون على حسابها.

واختار الرئيس المنتخب الذي سيتولّى مهامه في 20 يناير (كانون الثاني)، كل أعضاء حكومته المقبلة الذين لا يزال يتعيّن عليهم الحصول على موافقة مجلس الشيوخ.

وفي مقابلة أجرتها معه، الأحد، شبكة «فوكس نيوز»، قال والتز إنّ «الرئيس ترمب كان واضحاً جداً بشأن ضرورة إنهاء هذا النزاع. ما نحتاج إلى مناقشته هو مَن سيجلس إلى الطاولة، وما إذا كان ما سيتمّ التوصل إليه هو اتفاق أم هدنة، وكيفية إحضار الطرفين إلى الطاولة، وما الذي سيكون عليه الإطار للتوصل إلى ترتيب».

وأضاف، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» أنّ «هذا ما سنعمل عليه مع هذه الإدارة حتى يناير، وما سنواصل العمل عليه بعد ذلك».

وأوضح والتز أنّه «بالنسبة إلى خصومنا الذين يعتقدون أنّ هذه فرصة لتأليب إدارة ضد أخرى، فهم مخطئون»، مؤكّداً في الوقت نفسه أن فريق الإدارة المقبلة «قلق» بشأن «التصعيد» الراهن للنزاع بين روسيا وأوكرانيا.

وفي الأيام الأخيرة، صدر عن مقرّبين من الرئيس المنتخب تنديد شديد بقرار بايدن السماح لأوكرانيا بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ بعيدة المدى أميركية الصنع.

وخلال حملته الانتخابية، طرح ترمب أسئلة كثيرة حول جدوى المبالغ الهائلة التي أنفقتها إدارة بايدن على دعم أوكرانيا منذ بداية الغزو الروسي لهذا البلد في 2022.

ووعد الملياردير الجمهوري مراراً بإنهاء هذه الحرب بسرعة، لكن من دون أن يوضح كيف سيفعل ذلك.

وبشأن ما يتعلق بالشرق الأوسط، دعا المستشار المقبل لشؤون الأمن القومي للتوصّل أيضاً إلى «ترتيب يجلب الاستقرار».

وسيشكّل والتز مع ماركو روبيو، الذي عيّنه ترمب وزيراً للخارجية، ثنائياً من الصقور في الإدارة المقبلة، بحسب ما يقول مراقبون.

وكان ترمب وصف والتز، النائب عن ولاية فلوريدا والعسكري السابق في قوات النخبة، بأنه «خبير في التهديدات التي تشكلها الصين وروسيا وإيران والإرهاب العالمي».