«إبادة الآشوريين الكلدان»... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

بدء مفاوضات الدستور الجديد بالبرلمان

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
TT

«إبادة الآشوريين الكلدان»... أزمة جديدة بين تركيا وفرنسا

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)
رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)

أضيفت أزمة جديدة إلى سجل الأزمات المتراكمة في العلاقات بين تركيا وفرنسا، على خلفية قرار للجمعية الوطنية الفرنسية يطالب الحكومة بجعْل ما وصفه بـ«المذابح التي ارتكبتها السلطات العثمانية بين عامي 1915و1918 ضد طائفة الآشوريين الكلدان» إبادة جماعية.

وأثار القرار الذي أقرته الجمعية الوطنية الفرنسية (البرلمان) بشأن مزاعم إبادة الآشوريين والكلدان في زمن الدولة العثمانية إبان الحرب العالمية الأولى، غضب تركيا.

وقالت وزارة الخارجية التركية، في بيان: «الاتهامات بشأن الآشوريين الكلدان في الحقبة العثمانية، الواردة في القرار، تفتقر إلى أي سند قانوني وتاريخي ونعدّه باطلاً وملغىً».

ولفت البيان إلى أن الحكومة الفرنسية لم تؤيد قراراً مماثلاً اعتمده مجلس الشيوخ الفرنسي عام 2023، مضيفاً أن «حقيقة إدراج الاتهامات ذاتها، التي لا أساس لها من الصحة، على جدول أعمال الجمعية الوطنية من قبل نواب الحزب الحاكم هذه المرة هو مثال على مساعي تشويه الأحداث التاريخية من أجل مصالح سياسية».

وأكد البيان أن البرلمانات لا تملك سلطة تفسير التاريخ والحكم عليه، وأن «هذا القرار يتعارض أيضاً مع اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، والتي تنص على أنه لا يمكن توجيه الاتهام بجريمة الإبادة الجماعية إلا من قبل محكمة مختصة».

وافقت الجمعية الوطنية الفرنسية، الاثنين، على اقتراح قرار قدمه رئيس كتلة النهضة (حزب الأغلبية الرئاسية)، سيلفان مايار، يطالب الحكومة بجعل «المذابح التي ارتكبتها السلطات العثمانية بين عامي 1915و1918 ضد الآشوريين الكلدان» إبادة جماعية. وصوّت جميع النواب لصالح القرار باستثناء أعضاء حزب «فرنسا الأبية» اليساري الذين امتنعوا عن التصويت.

ويلبي القرار طلباً متكرراً لطائفة الآشوريين الكلدان بهذا الاعتراف. وورد في نصه أن «الإبادة الجماعية للأرمن معترف بها من جانب كثير من الدول والمنظمات الدولية، وتعدّ واحدة من عمليات الإبادة الجماعية الأربع المقبولة رسمياً في الأمم المتحدة، ويتم إحياء ذكراها في 24 أبريل (نيسان) من كل عام من قبل فرنسا، ومذبحة الآشوريين تعاني عدم الاعتراف بها على أنها إبادة جماعية».

وجاء في نص القرار أنه «بين عامي 1915 و1918 تعرض الآشوريون في شمال بلاد ما بين النهرين (المناطق الجنوبية الشرقية من تركيا الحالية والمنطقة الشمالية الغربية من إيران) للذبح والتهجير القسري على أيدي القوات العثمانية والأكراد والأسلمة القسرية التي مارسها النظام العثماني».

رئيس البرلمان التركي نعمان كورتولموش خلال لقائه رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل بمقر البرلمان الثلاثاء (موقع حزب الشعب الجمهوري)

ودعا الحكومة «إلى الاعتراف بأن الترحيل وقمع التراث الثقافي لأكثر من 250 ألف آشوري كلداني كان إبادة جماعية»، وطالبها بإدانة هذه الأعمال.

وتنطوي العلاقات التركية - الفرنسية على العديد من الملفات الخلافية التي تفجر التوتر بين الحين والآخر، من بينها اعتراف فرنسا بأحداث وقعت للأرمن في شرق الأناضول عام 1918 بأنها «إبادة جماعية للأرمن» على يعد العثمانيين، ورفض انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي، ودعم اليونان في موقفها ضدها في شرق البحر المتوسط، ودعم أرمينيا في نزاعها مع أذربيجان في ناغورني قره باغ، وكذلك دعم «وحدات حماية الشعب الكردية»، أكبر مكونات قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تعدّها أنقرة تنظيماً إرهابياً وتقاتلها في شمال سوريا.

مفاوضات الدستور الجديد

على صعيد آخر، انطلقت رسمياً، الثلاثاء، المفاوضات حول الدستور الجديد داخل البرلمان التركي، وبدأ رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، جولة على قادة الأحزاب السياسية الممثلة بالبرلمان، التقى في بدايتها زعيم المعارضة رئيس «حزب الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، بمقر مجموعة الحزب بالبرلمان.

وقال كورتولموش، في تصريحات مشتركة مع أوزيل، إن اللقاء إنه كان بناء. وأضاف: «تحدثت عن وجود بيئة تفاوض مفتوحة فيما يتعلق بالدستور الجديد، وهذا أمر ضروري. الأحزاب لديها مقترحات، ونريد دستوراً بتوافق اجتماعي، نود أن نتلقى آراء بشأن الإجراء حتى نهاية شهر مايو (أيار)، ربما في الصيف تنضج الأطراف مقترحاتها وتبدأ بيئة التفاوض عندما يعود البرلمان من عطلته الصيفية».

بدوره قال أوزيل: «إذا كنا سنلتزم بالدستور فلنغيره، في المرات السابقة التي جرى فيها تعديل الدستور لم يتم اتباعه، وقد أعربنا عن حساسيتنا بشأن هذه المسألة، سنناقش الأمر في حزبنا».

وقال رئيس حزب «الجيد» مساوات درويش أوغلو: «إذا تضمن التعديل الدستوري الجديد مواد تعزز نظام الرجل الواحد فسنقف ضده، جنباً إلى جنب مع أصدقائنا البرلمانيين، أما إذا ظهرت علامات التحول إلى نظام ديمقراطي برلماني، فسوف نجلس ونتحدث».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

المشرق العربي هاربون من الحرب بلبنان يعبرون منطقة المصنع التي استهدفتها إسرائيل (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات على تدمر هي «على الأرجح» الأسوأ في سوريا

قالت نجاة رشدي، نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، أمام مجلس الأمن: «ازدادت الغارات الإسرائيلية في سوريا بشكل كبير، سواء من حيث الوتيرة أو النطاق».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي أشخاص فارّون من القصف الإسرائيلي في لبنان يعبرون حفرة ناجمة عن غارة إسرائيلية في منطقة المصنع على الجانب اللبناني من معبر الحدود مع سوريا 20 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: الغارات الإسرائيلية على تدمر هي «على الأرجح» الأكثر فتكاً في سوريا

اعتبرت مسؤولة بالأمم المتحدة، اليوم (الخميس)، أن الغارات الإسرائيلية التي أودت الأربعاء بالعشرات في مدينة تدمر هي «على الأرجح الأكثر فتكاً» في سوريا حتى الآن.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن (أرشيفية/ رويترز)

واشنطن ترفض قرار «الجنائية الدولية» بحق نتنياهو وغالانت

أعرب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي عن رفض الولايات المتحدة، بشكل قاطع، قرار المحكمة إصدار مذكرات اعتقال بحق مسؤولين إسرائيليين كبار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي المندوب الأميركي البديل لدى الأمم المتحدة روبرت وود يرفع يده لنقض مشروع قرار يدعو إلى وقف إطلاق النار في غزة خلال اجتماع لمجلس الأمن (أ.ف.ب)

أميركا تحبط الإجماع الدولي على المطالبة بوقف إطلاق النار فوراً في غزة

خرجت الولايات المتحدة عن إجماع بقية أعضاء مجلس الأمن لتعطيل مشروع قرار للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين.

علي بردى (واشنطن)

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
TT

جرائم غزة تكرّس نتنياهو «مطلوباً دولياً»

فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)
فلسطيني داخل «مستشفى كمال عدوان» يحمل طفلاً من ضحايا غارة إسرائيلية استهدفت بيت لاهيا شمال قطاع غزة أمس (أ.ف.ب)

في سابقة تاريخية، كرست مذكرة اعتقال أصدرتها «المحكمة الجنائية الدولية»، أمس، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو «مطلوباً دولياً» جراء اتهامه مع آخرين بارتكاب «جرائم حرب» في غزة التي تجاوز عدد ضحاياها، أمس، 44 ألف قتيل.

وجاء أمر المحكمة ليشمل كلاً من نتنياهو ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت، وقائد «كتائب القسام» محمد الضيف. وقالت المحكمة إنها وجدت أسباباً وجيهة لاتهامهم بارتكاب «جرائم ضد الإنسانية، وجرائم حرب».

وبعدما أعلن نتنياهو رفضه القرار، اتهم «الجنائية الدولية» بـ«معاداة السامية» على حد زعمه. أما المدّعي العام للمحكمة، كريم خان، فقد طالب الدول الأعضاء في المحكمة والبالغ عددها 124 دولة بالتحرك لتنفيذ مذكرات التوقيف.

وأعرب متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي عن رفض واشنطن بشكل قاطع للقرار بحق المسؤولين الإسرائيليين.

لكن دولاً أوروبية، أكدت التزامها القانون الدولي بشكل عام، مع تحفظ البعض عن تأكيد أو نفى تنفيذ أمر الاعتقال. وشدد مسؤول السياسة الخارجية لدى الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، على أن «جميع الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية، ومنها دول أعضاء في الاتحاد، ملزَمة تنفيذ قرارات المحكمة».

ورحبت السلطة الوطنية الفلسطينية بالقرار، ورأت أنه «يُعيد الأمل والثقة في القانون الدولي ومؤسساته»، وكذلك أيدته حركة «حماس» وعدّته «سابقة تاريخيّة مهمة»، من دون الإشارة إلى المذكرة بحق الضيف.