الجيش العراقي يضبط عمليات تسلل من سوريا

رغم تشديد الإجراءات... الثغرات ما زالت موجودة

TT

الجيش العراقي يضبط عمليات تسلل من سوريا

أعلنت «قيادة العمليات المشتركة» في الجيش العراقي أنها تواصل عمليات ضبط الحدود بين العراق وسوريا التي ما زالت تعاني من استمرار عمليات التسلل لعناصر من تنظيم «داعش» من وإلى داخل الأراضي العراقية. وقال بيان من «قيادة العمليات المشتركة»، أمس الثلاثاء، إن «قوة من (الفوج الأول) في (اللواء 71) ضمن (الفرقة 20) تمكنت من إلقاء القبض على اثنين بعد اجتيازهما الساتر الحدودي السوري نحو الأراضي العراقية، وبعد التحقيق؛ تبين انتماؤهما إلى عصابات (داعش)، واتخذت بحقهما الإجراءات القانونية».
ورغم الإجراءات التي تتخذها الجهات العراقية المسؤولة عن أمن الحدود بين العراق وسوريا التي تمتد إلى نحو 610 كيلومترات؛ فإن عمليات التسلل مستمرة بين البلدين، لا سيما من الجانب السوري إلى داخل الأراضي العراقية في قاطعي نينوى والأنبار. وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي سبق أن وجه قبل نحو شهرين بالبدء في ضبط الحدود العراقية - السورية لمنع عمليات التسلل والتهريب. وطبقاً لما أعلنه الناطق باسم «العمليات المشتركة»، اللواء تحسين الخفاجي، فإن «الجانب الأكبر من الحدود بين البلدين جرى تأمينه، بينما تستمر عمليات تأمين الأماكن التي لا تزال بحاجة إلى عمليات تأمين عن طريق حفر الخنادق أو عمل سداد ترابية أو أسيجة أو سواها».
كما «ساهم التحالف الدولي من جانبه في تأمين الحدود من خلال الإمداد بكثير من المعدات التي ستوضع على الحدود، وتعمل (قيادة العمليات المشتركة») والتحالف على نصب أبراج ذات قيمة مادية وعملية كبرى جداً، فيها أجهزة ومعدات حديثة، تحتوي على إمكانات وقدرات من شأنها الحد من عمليات التسلل إلى حد كبير».
وطبقاً للخبراء المعنيين بأمن الحدود؛ فإن الحدود العراقية - السورية غرب نينوى «تعد من المناطق الشاسعة من حيث المساحة، كما أنها حتى وقت قريب كانت بمثابة نقطة انطلاق لتنظيم (داعش) بين البلدين».
وحول عمليات التسلل التي يقوم بها «داعش»، يقول الخبير الاستراتيجي الدكتور معتز محيي الدين لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم كل الجهود التي تقوم بها الأجهزة المعنية؛ سواء بالإمكانات الذاتية وبالتعاون مع التحالف الدولي، فإنه لا تزال عمليات التسلل مستمرة، خصوصاً أن تنظيم (داعش) ومنذ هزيمته عسكرياً في أواخر عام 2017 احتاج فترة لالتقاط الأنفاس، ومن ثم عاد ليتحول إلى مرحلة إعادة هيكليته من أجل معاودة الظهور، لا سيما من أماكن يعرفها جيداً». ويضيف محيي الدين أن «هناك طرق تواصل بين الإرهابيين تبدأ من مناطق مختلفة داخل العراق، مثل جبال مكحول وصلاح الدين، ومن ثم الشرقاط، إلى منطقة ربيعة غرب نينوى، وإلى الحدود، وهي لا تزال غير مؤمنة إلى حد كبير؛ الأمر الذي يسهل عمليات التسلل من سوريا أو بالعكس».
إلى ذلك، تواصل القوات العراقية عمليات الاستطلاع في مناطق مختلفة بين محافظتي نينوى والأنبار. وقالت «قيادة العمليات المشتركة»، في بيان لها أمس، إنها «تواصل الاستطلاع التفصيلي ضمن قاطع فرقة المشاة الرابعة عشرة ضمن عمليات نينوى - مخمور من أجل ضبط الحدود»، مبينة أن «نائب قائد (العمليات المشتركة) الفريق الركن عبد الأمير الشمري يشرف على تلك الإجراءات عند الحدود الفاصلة مع التشكيلات المجاورة بهدف منع التسلل، وكذلك التعاون بين الأجهزة الأمنية».
في سياق ذلك، أعلنت «خلية الإعلام الأمني» العثور على كدس عتاد وأسلحة متنوعة وصواريخ في عمليات أمنية بمناطق مختلفة في محافظة الأنبار. وقالت في بيان لها إن «كدس العتاد يحتوي على 11 عبوة ناسفة، و11 قذيفة دبابة، و3 صواعق تفجير» كما عثرت القوة، طبقاً للبيان، على 3 عبوات ناسفة مختلفة، وقذيفة «هاون»، وصاروخ دبابة، ضمن قاطع الفرقة العاشرة. في الوقت نفسه، شرعت قوة من «قيادة عمليات غرب نينوى»، من خلال «فرقة المشاة 20»، في واجب تفتيش ضمن قاطع مسؤوليتها؛ الأمر الذي نتج عنه العثور على أسلحة مختلفة، من بينها قذيفتا «هاون» 60 مليمتر، وصاروخ «كاتيوشا».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.