4 أنواع مختلفة من ندبات حبوب الشباب

ندبة «ثقب الجلد»
ندبة «ثقب الجلد»
TT

4 أنواع مختلفة من ندبات حبوب الشباب

ندبة «ثقب الجلد»
ندبة «ثقب الجلد»

تؤكد مصادر طب الجلدية، أن الندبات الجلدية لحبّ الشباب Acne Scars في الوجه أو الظهر أو الرقبة، هي بالفعل حالة شائعة ويعاني منها كثير ممنْ أصيبوا بحبّ الشباب سابقاً.

- حب الشباب
ولكن - كما يقول الأطباء في معهد سانت جون للأمراض الجلدية في لندن - «تظل معالجتها صعبة ولا يوجد لها حل نهائي سهل وسريع». ويضيفون في الوقت نفسه، أن هذا المجال يشهد تطورات حثيثة ومتقدمة، وثمة خيارات علاجية عدة متوافرة وفعالة لدى أطباء الجلدية، إلا أنها تتطلب الكثير من الصبر وتكرار المعالجة، للحصول على نتائج جيدة في نهاية الأمر.
تقول الأكاديمية الأميركية للأمراض الجلدية AAD «ومع تقدمنا في العمر، غالباً ما تصبح ندبات حبّ الشباب أكثر وضوحاً؛ لأن بشرتنا تفقد الكولاجين. وتتوافر علاجات آمنة وفعالة لندبات حبّ الشباب إذا كانت مزعجة للشخص.
ومفتاح العلاج الفعال هو اختيار الأفضل لكل نوع ندبة». كما تذكر جانباً مهماً، وهو أن «قبل الخضوع لعلاج ندبات حبّ الشباب، من المهم إزالة حبّ الشباب؛ لأن ظهور حبّ الشباب الجديد يمكن أن يؤدي إلى ظهور ندبات جديدة. ووجود حبّ الشباب يعني أيضاً أن بشرتك ملتهبة، وهذا الالتهاب يقلل من فاعلية علاج ندبات حبّ الشباب. وللحصول على أفضل النتائج، يقوم طبيب الأمراض الجلدية بفحص بشرتك أولاً. وبعد الفحص، ربما يتفاجأ بعض المرضى عندما يعلمون أن الندبات لديهم هي في الواقع مشكلة جلدية مختلفة عن حبّ الشباب».
وتعتمد خيارات معالجة ندبات حبّ الشباب على نوع الندبات التي لدى الشخص. وتجدر ملاحظة أن معظم الأشخاص قد يكون لديهم أكثر من نوع واحد من الندبات على بشرتهم؛ ولذلك قد يحتاجون إلى بعض العلاجات المختلفة للحصول على أفضل النتائج.

- أنواع الندبات
وتنقسم ندبات حبّ الشباب إلى فئتين رئيسيتين: تلك الناتجة من فقدان الأنسجة (الندوب الضامرة)، وتلك الناتجة من زيادة الأنسجة (الندوب المتضخمة). وضمن هاتين الفئتين، هناك أربعة أنواع رئيسية من ندبات حبّ الشباب، لكل منها آلية نشوء مختلفة وشكل مختلف، وهي:
* ندبة ثُقب الجليد Ice Pick scar: هي ندبة عميقة وضيقة وذات فتحة صغيرة للغاية، ويمتد عمقها إلى طبقة الأدمة DERMIS من الجلد (التي تحت طبقة البشرة)، وتبدو كما لو كانت مثقوبة بمخرز الثلج (أداة منزلية لتكسير قطع الثلج). وقد يبدو البعض منها كأنها مسام كبيرة ومفتوحة. وتتكون هذه النوعية من الندبات عند حصول التهاب ميكروبي لكيس Cyst (خرّاج) عميق في الجلد، ثم يجد طريقة للفتح على سطح الجلد لتصريف ما بداخله. ونتيجة لذلك؛ يحصل تلف في أنسجة الجلد، مما يترك ندبة أنبوبية طويلة (تشبه العمود المغروس في الجلد) وصولاً إلى طبقة الأدمة. أي أنه عادة ما تحدث ندبات ثقب الجليد بسبب حب الشباب الشديد، مثل الخراجات التي تنشأ في عمق المسام الجلدية.
> ندبة صندوق العربة Boxcar scar: وهي عبارة عن منخفضات مستديرة أو بيضاوية ذات جوانب عمودية شديدة الانحدار إلى الداخل (بزاوية 90 درجة تقريباً). وندبة صندوق العربة أوسع من ندبة ثُقب الجليد؛ مما يعطي الجلد مظهر الحفرة وعدم الاستواء. وتنشأ هذه النوعية من الندبات عندما يحصل التهاب ميكروبي يدمر ألياف الكولاجين؛ ما يعني فقدان تماسك النسيج الجلدي، وبالتالي يُترك الجلد فوق هذه المنطقة من دون دعم. مما يؤدي إلى تكوين منطقة منخفضة بمستويات مختلفة، أي إما سطحية أو عميقة وفق كمية الكولاجين والأنسجة الجلدية التي تلفت.
> ندبة اللفائف Rolling scar: وتبدو الندبات في هذا النوع كانخفاضات جلدية تشبه الموجة. وتختلف ندبة اللفائف عن ندبة صندوق العربة من ناحية أن حوافها غير محددة بشكل حاد، والجلد نفسه يبدو متفاوتاً وخشناً. وتظهر ندبة اللفائف عندما تتكون أربطة (كالشرائط) ليفية بين الجلد وبين الأنسجة التي تحتها. وبالتالي تسحب وتشدّ هذه الشرائط طبقة البشرة لتربطها بالأجزاء الأعمق تحت الجلد. وهذا «الشدّ للبشرة» إلى الداخل هو الذي يصنع مظهر تموّج اللفائف على الجلد.
- الندبة المتضخمة/الجُدْرَة Hypertrophic/Keloid Scar: وهي ندبات قوية ومرتفعة تنمو فوق سطح الجلد. وغالباً ما تظهر على جلد الظهر والصدر والبطن. وقد تنمو بشكل «متضخّم» Hypertrophic أو تأخذ شكل «الجُدْرَة» Keloid الأكبر حجماً. أي أنها أشكال مختلفة الحجم من الندبات المرتفعة. وعلى عكس ندبات حبّ الشباب الأخرى، فإن هذه النوعية من الندبات لا تنتج من فقدان الأنسجة. بل بدلاً من ذلك، هي تنشأ بسبب الإفراط في إنتاج الكولاجين. أي أنه نتيجة لخلل ما (غير معلوم علمياً آليته) يستمر الجلد في إنتاج الكولاجين كي يُتمّ التئام الجروح الصغيرة (لالتهابات حبوب الشباب) دون أن يعلم الجسم أن الجرح قد التئم بالفعل.
وتجدر ملاحظة أن زيادة صبغة الجلد بعد الالتهاب والتئام البثورPost - Inflammatory Hyperpigmentation ليس ندبة حقيقية لحبّ الشباب، بل هي منطقة مسطحة (لا بارزة ولا محفورة) يراوح لونها بين الوردي والأحمر أو الأرجواني أو البني أو الأسود، حسب نوع ولون البشرة لدى الشخص. وتنشأ نتيجة الالتهاب الجلدي أياً كان سببه (جرحاً أو طفحاً جلدياً أو بثوراً أو حبّ شباب).

- خيارات علاجية مختلفة لأنواع ندبات حبّ الشباب
يقول الدكتور لورنس غيبسون من مايوكلينك «تتسم ندبات حب الشباب بأنها عنيدة، وليس لها علاج واحد يناسب الجميع. وذلك اعتماداً على نوع بشرتك ونوع الندوب وشدتها».
- بالنسبة لندبات «ثُقب الجليد»، يتوفر عدد قليل من الخيارات لعلاجها. والاستئصال الجراحي الدقيق تحت اسم «لكمة التطعيم» Punch Grafting هو علاج شائع لها. ويتكون هذا العلاج التقليدي من عملية جراحية دقيقة تتضمن إزالة الندبة واستبدالها بطُعم جلدي Skin Graft (عادة يُؤخذ من الجلد خلف الأذن)، ثم إجراء إعادة تشكيل سطح الجلد Resurfacing Procedures، لإزالة الطبقة العليا من الجلد. وذلك إما بفرشاة سريعة الدوران أو أي جهاز آخر أو بالليزر. وبالنسبة للتقشير الكيميائي Chemical Peeling، يتم وضع محلول كيميائي على النسيج الندبي لإزالة الطبقة العليا من الجلد وتقليل ظهور الندبات العميقة. ويمكن تكرار التقشير الخفيف والمتوسط للحفاظ على النتائج. أما التقشير العميق فيمكن إجراؤه مرة واحدة فقط. وتشمل الآثار الجانبية المحتملة تغيرات في لون البشرة، خاصة مع التقشير العميق المستخدم على البشرة الداكنة.
- كما يمكن علاج ندبة «صندوق العربة» بالاستئصال الجراحي مع رفع الجلد الموجود في الحفرة الداخلية للندبة، وذلك عبر حقن الحشوات الجلدية Dermal Fillers فيها (الكولاجين أو الدهون أو أي مواد أخرى)؛ مما يساعد على تسوية سطح جلد منطقة الندبة ويجعله أكثر تناسقاً مع سطح الجلد المحيط بها. والنتائج ليست دائمة تماماً؛ لأن هذه الحشوات الجلدية يمكن أن تستمر لمدة 18 شهراً إلى عامين. أي أنه ورغم أن هذه الطريقة تتسم بقلة خطر تعرض البشرة لتغير لونها، لكن نتائجها مؤقتة، وقد يلزم تكرار العلاج. وإعادة التسطيح بالليزر هو خيار آخر، ويساعد على تحفيز تكوين أنسجة الجلد الجديدة وتكوين الكولاجين وتحسين لون البشرة وملمسها.
وكذلك تعتمد الإجراءات الأخرى المعتمدة على الطاقة، مثل استخدام مصادر النبضات الضوئية وأجهزة الترددات الراديوية، قد تجعل الندبات أقل وضوحاً دون الإضرار بالطبقة الخارجية للجلد. وتتسم نتائج هذه الإجراءات بالدقة، وقد تحتاج إلى تكرار العلاج.
- ويمكن معالجة ندبة اللفائف المتموجة جراحياً عن طريق فصل أنسجة الجلد في المنطقة المصابة عن النسيج الندبي الأعمق Subcision، وهو إجراء جراحي بسيط يتم إجراؤه تحت التخدير الموضعي في العيادة الخارجية. وفيه يتم إدخال إبرة (موازية لسطح لجلد) لتقطع القاعدة الليفية للندبة (التي تسحب الجلد من الأسفل). وبمجرد قطع هذه الأربطة، سيبدو الجلد أكثر نعومة. مما يؤدي في النهاية إلى تسوية الندبة مع بقية منطقة الجلد، ثم يمكن استخدام علاجات مثل التقشير بالليزر لتنعيم كامل المنطقة الجلدية.
- وهناك العديد من الخيارات المختلفة لعلاج الندبة المتضخمة/الجُدْرَة. والطبيب يُقرر أفضلها ملائمة لكل حالة بشكل شخصي. وتشمل كريمات الستيرويد، وهلام السيليكون، والعلاج بالتبريد (تجميد الندبات بالنيتروجين السائل)، وعلاجات الليزر، للمساعدة في تقليص الندبة وتسطيحها.

- استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

صحتك تورم القدمين قد يشير لعدد من المشكلات الصحية (رويترز)

8 إشارات تنبهك بها قدماك إذا كنت تعاني من مشاكل صحية

قالت صحيفة «إندبندنت» البريطانية إن الأقدام يمكن أن تساعد على التنبيه بوجود مشاكل صحية إذ إن أمراضاً مثل القلب والسكتات الدماغية يمكن أن تؤثر على القدمين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الصين تقول إن فيروس «إتش إم بي في» عدوى تنفسية شائعة (إ.ب.أ)

الصين: الإنفلونزا تظهر علامات على الانحسار والعدوى التنفسية في ازدياد

قال المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، الخميس، إنه رغم ظهور علامات تباطؤ في معدل فيروس الإنفلونزا بالبلاد، فإن الحالات الإجمالية للأمراض التنفسية.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك 7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

7 حقائق قد تُدهشك عن «الخل البلسمي» وتأثيراته الصحية

خل البلسميك خل عطري مُعتّق ومركّز، داكن اللون وذو نكهة قوية، مصنوع من عصير كامل عناقيد العنب الأبيض الطازج المطحون، أي مع جميع القشور والبذور والسيقان.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

اختلاف تكوين المخّ قد يدفع إلى تعاطي المخدرات

كشفت دراسة عصبية حديثة، عن احتمالية أن يكون لشكل المخ وتكوينه الخارجي دور مهم في التوجه إلى تجربة المواد المضرة في سن مبكرة، ثم إدمانها لاحقاً في مرحلة الشباب.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك التمر كنز غذائي ودوائي يعزز الصحة

آفاق جديدة للابتكار في أبحاث الطب النبوي

تنطلق في مدينة بريدة بمنطقة القصيم، صباح يوم غدٍ السبت الحادي عشر من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي 2025 فعاليات «المؤتمر العالمي السادس للطب النبوي»

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (بريدة - منطقة القصيم)

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟
TT

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

هل تتسبب العدوى في بعض حالات ألزهايمر؟

ما سبب مرض ألزهايمر؟ أجاب عالم الأعصاب رودولف تانزي، مدير مركز ماكانس لصحة الدماغ بمستشفى ماساتشوستس العام، التابع لجامعة هارفارد، قائلاً: «قضيت معظم حياتي المهنية في محاولة الإجابة عن هذا السؤال».

وأكد تانزي أن السؤال مهم، ويتعين العمل على إيجاد إجابة له، خصوصاً أن مرض ألزهايمر يمثل الشكل الأكثر شيوعاً للخرف في كثير من البلدان. وعلى سبيل المثال، داخل الولايات المتحدة، يعاني ما لا يقل عن 10 في المائة من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاماً من ألزهايمر.

ومثلما الحال مع معظم الأمراض، ربما يرجع مرض ألزهايمر إلى مزيج من الضعف الوراثي، ومعاناة المريض من حالات طبية أخرى، بجانب عوامل اجتماعية وأخرى تتعلق بنمط الحياة. واليوم، يركز العلماء اهتمامهم على الدور الذي قد تلعبه العدوى، إن وُجد، في تطور مرض ألزهايمر.

كشف الأسباب البيولوجية

جاء وصف مرض ألزهايمر للمرة الأولى عام 1906. ومع ذلك، بدأ العلماء في سبر أغواره والتعرف على أسبابه قبل 40 عاماً فقط. واليوم، ثمة اتفاق واسع النطاق في أوساط الباحثين حول وجود جزيئين بمستويات عالية في أدمغة الأشخاص المصابين بمرض ألزهايمر: أميلويد - بيتا amyloid - beta أو «ببتيد بيتا النشواني»، الذي يشكل لويحات في الدماغ، وتاو tau، الذي يشكل تشابكات. ويساهم كلاهما في موت الخلايا العصبية الدماغية (العصبونات) المشاركة في عمليات التفكير؛ ما يؤدي إلى الخرف.

من بين الاثنين، ربما تكون الأهمية الأكبر من نصيب أميلويد - بيتا، خصوصاً أنه يظهر في وقت أبكر من تاو. وقد أظهر تانزي وآخرون أن الأشخاص الذين يرثون جيناً يؤدي إلى ارتفاع مستويات أميلويد بيتا يُصابون بمرض ألزهايمر في سن مبكرة نسبياً.

الملاحظ أن الأشخاص الذين يرثون نسختين من الجين APOE4. أكثر عرضة لخطر الإصابة بمرض ألزهايمر، لأنهم أقل قدرة على التخلص من أميلويد بيتا من الدماغ.

الالتهاب العصبي

هناك قبول متزايد في أوساط العلماء لفكرة أن الالتهاب في الدماغ (الالتهاب العصبي Neuroinflammation)، يشكل عاملاً مهماً في مرض ألزهايمر.

في حالات الالتهاب العصبي، تحارب خلايا الجهاز المناعي في الدماغ الميكروبات الغازية، أو تعمل على علاج الإصابات. إلا أنه للأسف الشديد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى الإصابة؛ ما يسفر بدوره عن المزيد من الالتهاب العصبي، لتظهر بذلك حلقة مفرغة، تتسبب نهاية المطاف في موت معظم الخلايا العصبية.

ويمكن أن تؤدي كل من لويحات أميلويد بيتا وتشابكات تاو إلى حدوث التهاب عصبي، وكذلك يمكن لكثير من الميكروبات (البكتيريا والفيروسات) أن تصيب الدماغ، وتبقى هناك، دون أن ينجح الجهاز المناعي بالدماغ في القضاء عليها تماماً؛ ما قد يؤدي إلى التهاب عصبي مزمن منخفض الحدة.

وحتى العدوى أو أسباب الالتهاب الأخرى خارج الدماغ، بأي مكان في الجسم، يمكن أن ترسل إشارات إلى الدماغ تؤدي إلى حدوث التهاب عصبي.

العدوى ومرض ألزهايمر

ويعتقد بعض العلماء أن العدوى قد تسبب أكثر من مجرد التهاب عصبي، فربما يكون لها دور كذلك في تكاثر رواسب أميلويد بيتا وتشابكات تاو. وفي هذا الصدد، قال تانزي: «اكتشفت أنا وزميلي الراحل روب موير أن أميلويد بيتا يترسب في المخ استجابة للعدوى، وهو بروتين يحارب العدوى؛ ويشكل شبكة تحبس الميكروبات الغازية. وبعبارة أخرى، يساعد أميلويد بيتا في حماية أدمغتنا من العدوى. وهذا هو الخبر السار. أما الخبر السيئ هنا أن أميلويد بيتا يُلحِق الضرر كذلك بالخلايا العصبية، الأمر الذي يبدأ في غضون 10 إلى 30 عاماً، في إحداث تأثيرات واضحة على الإدراك؛ ما يسبب الخرف، نهاية المطاف».

بالإضافة إلى ذلك، يؤدي الترسب المزمن منخفض الدرجة لأميلويد بيتا إلى تشابكات تاو، التي تقتل الخلايا العصبية هي الأخرى وتزيد من الالتهاب العصبي، ما يؤدي إلى موت المزيد من الخلايا العصبية. وقد تتطور دورات مفرغة يصعب للغاية إيقافها.

ويمكن للعوامل المذكورة هنا (بشكل مباشر أو غير مباشر) أن تلحق الضرر بخلايا المخ، وتسبب الخرف. ويمكن لعدة عوامل أن تزيد سوء بعضها البعض، ما يخلق دورات مفرغة.

ميكروبات مرتبطة بمرض ألزهايمر

الآن، ما الميكروبات التي قد تشجع على تطور مرض ألزهايمر؟ عبَّر الدكتور أنتوني كوماروف، رئيس تحرير «هارفارد هيلث ليتر» الأستاذ في كلية الطب بجامعة هارفارد، عن اعتقاده بأنه «من غير المرجَّح أن يكون نوع واحد من الميكروبات (جرثومة ألزهايمر) سبباً في الإصابة بمرض ألزهايمر، بل إن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن عدداً من الميكروبات المختلفة قد تؤدي جميعها إلى الإصابة بمرض ألزهايمر لدى بعض الناس».

ويتركز الدليل في نتائج دراسات أُجريت على أدمغة القوارض والحيوانات الأخرى التي أصيبت بالميكروبات، بجانب العثور على ميكروبات في مناطق الدماغ البشري الأكثر تأثراً بمرض ألزهايمر. وجاءت أدلة أخرى من دراسات ضخمة، أظهرت أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، أعلى كثيراً لدى الأشخاص الذين أُصيبوا قبل عقود بعدوى شديدة. وتشير دراسات حديثة إلى أن خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، قد يتفاقم جراء انكماش الدماغ واستمرار وجود العديد من البروتينات المرتبطة بالالتهابات، في دم الأشخاص الذين أُصيبوا بالعدوى في الماضي.

وفيما يلي بعض الميكروبات التي جرى تحديدها باعتبارها مسبِّبات محتملة للمرض:

فيروسات الهربس المتنوعة

خلصت بعض الدراسات إلى أن الحمض النووي من فيروس الهربس البسيط 1 و2 herpes simplex virus 1 and 2 (الفيروسات التي تسبب القروح الباردة والأخرى التناسلية)، يوجد بشكل أكثر تكراراً في أدمغة المصابين بمرض ألزهايمر، مقارنة بالأصحاء. ويبرز الحمض النووي الفيروسي، بشكل خاص، بجوار لويحات أميلويد بيتا. وخلصت الدراسات المنشورة إلى نتائج متناقضة. يُذكر أن مختبر تانزي يتولى زراعة «أدمغة صغيرة» (مجموعات من خلايا الدماغ البشرية) وعندما تُصاب هذه الأدمغة الصغيرة بفيروس «الهربس البسيط»، تبدأ في إنتاج أميلويد بيتا.

أما فيروس «الهربس» الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي varicella - zoster virus (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي)، قد يزيد مخاطر الإصابة بالخرف. وكشفت دراسة أُجريت على نحو 150000 شخص، نشرتها دورية «أبحاث وعلاج ألزهايمر» (Alzheimer’s Research and Therapy)، في 14 أغسطس (آب) 2024، أن الأشخاص الذين يعانون من الهربس الآخر الذي يمكن أن يصيب الدماغ، فيروس الحماق النطاقي (الذي يسبب جدري الماء والهربس النطاقي) قد يزيد كذلك من خطر الإصابة بالخرف. ووجدت الدراسة أن الأشخاص الذين أُصيبوا بالهربس النطاقي كانوا أكثر عرضة للإبلاغ لاحقاً عن صعوبات في تذكُّر الأشياء البسيطة. وتعكف أبحاث جارية على دراسة العلاقة بين لقاح الهربس النطاقي وانحسار خطر الإصابة بألزهايمر.

فيروسات وبكتيريا أخرى:

* فيروس «كوفيد - 19». وقد يجعل الفيروس المسبب لمرض «كوفيد - 19»، المعروف باسم «SARS - CoV - 2»، الدماغ عُرضةً للإصابة بمرض ألزهايمر. وقارنت دراسة ضخمة للغاية بين الأشخاص الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» (حتى الحالات الخفيفة) وأشخاص من نفس العمر والجنس لم يُصابوا بـ«كوفيد»، ووجدت أنه على مدار السنوات الثلاث التالية، كان أولئك الذين أُصيبوا بـ«كوفيد» أكثر عرضة للإصابة بمرض ألزهايمر بنحو الضعف.

كما جرى ربط العديد من الفيروسات (والبكتيريا) الأخرى، التي تصيب الرئة، بمرض ألزهايمر، رغم أن الأدلة لا تزال أولية.

* بكتيريا اللثة. قد تزيد العديد من أنواع البكتيريا التي تعيش عادة في أفواهنا وتسبب أمراض اللثة (التهاب دواعم السن)، من خطر الإصابة بمرض الزهايمر. وعبَّر تانزي عن اعتقاده بأن هذا أمر منطقي، لأن «أسناننا العلوية توفر مسارات عصبية مباشرة إلى الدماغ». وتتفق النتائج الأولية التي خلص إليها تانزي مع الدور الذي تلعبه بكتيريا اللثة. وقد توصلت الدراسات المنشورة حول هذا الموضوع إلى نتائج مختلفة.

* البكتيريا المعوية: عبر السنوات الـ25 الماضية، اكتشف العلماء أن البكتيريا التي تعيش في أمعائنا تُنتِج موادّ تؤثر على صحتنا، للأفضل أو للأسوأ. وعن ذلك قال الدكتور كوماروف: «هذا أحد أهم الاكتشافات الطبية الحيوية في حياتنا». هناك بعض الأدلة المبكرة على أن هذه البكتيريا يمكن أن تؤثر على خطر إصابة الشخص بمرض ألزهايمر بوقت لاحق. ولا يزال يتعين تحديد كيفية تغيير تكوين بكتيريا الأمعاء، لتقليل المخاطر.

ربما يكون لها دور في تكاثر رواسب أميلويد بيتا المسببة للمرض

عوامل نمط الحياة ومرض ألزهايمر

يرتبط كثير من عوامل نمط الحياة المختلفة بزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر. وتتضمن الأمثلة التدخين (خصوصاً في وقت لاحق من الحياة)، والإفراط في تعاطي الكحوليات، والخمول البدني، وقلة النوم العميق، والتعرض لتلوث الهواء، والنظام الغذائي الغني بالسكر والملح والأطعمة المصنَّعة.

كما تزيد العديد من عوامل نمط الحياة هذه من خطر الإصابة بأمراض مزمنة شائعة أخرى، مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة.

وبحسب الدكتور كوماروف، فإنه «نظراً لأن إجراء تغييرات في نمط الحياة قد يكون صعباً، يأمل كثيرون في أن تثمر دراسة الأسباب البيولوجية وراء مرض ألزهايمر ابتكار دواء (سحري) يمنع المرض، أو حتى يعكس مساره. ويرى الدكتور كوماروف أن «ذلك اليوم قد يأتي، لكن ربما ليس في المستقبل القريب».

في الوقت الحالي، يقترح تانزي إدخال تعديلات في نمط الحياة بهدف التقليل من خطر الإصابة بألزهايمر.

بوجه عام، فإن فكرة أن الميكروبات قد تؤدي إلى بعض حالات ألزهايمر لا تزال غير مثبتة، وغير مقبولة على نطاق واسع، لكن الأدلة تزداد قوة. ومع ذلك، تتفق هذه الفكرة مع أبحاث سابقة أظهرت أهمية أميلويد بيتا، وتاو، وapoe4 والالتهاب العصبي، بوصفها أسباب مرض ألزهايمر.

عن ذلك، قال الدكتور كوماروف: «الإشارة إلى دور للميكروبات في بعض حالات مرض ألزهايمر لا تحل محل الأفكار القديمة، وإنما تتفق مع الأفكار القديمة، وربما تكملها».

* رسالة هارفارد للقلب - خدمات «تريبيون ميديا».