استمرار الانقلاب الحوثي يفسد بهجة اليمنيين بحلول الشهر الفضيل

يمنية تشتري حلياً تقليدية في صنعاء أمس عشية شهر رمضان (رويترز)
يمنية تشتري حلياً تقليدية في صنعاء أمس عشية شهر رمضان (رويترز)
TT

استمرار الانقلاب الحوثي يفسد بهجة اليمنيين بحلول الشهر الفضيل

يمنية تشتري حلياً تقليدية في صنعاء أمس عشية شهر رمضان (رويترز)
يمنية تشتري حلياً تقليدية في صنعاء أمس عشية شهر رمضان (رويترز)

يستقبل اليمنيون في العاصمة صنعاء والمناطق الأخرى الخاضعة لسيطرة الميليشيات الحوثية رمضان هذا العام على منوال المواسم الستة السابقة في ظل غياب أي مظاهر تدل على الفرحة أو الحفاوة بروحانية الشهر المبارك، خصوصاً في ظل توقف الرواتب وغلاء الأسعار وغياب الخدمات وتصاعد الأزمات التموينية المفتعلة، إلى جانب تفشي الأوبئة، واشتداد القبضة القمعية للجماعة.
وشكا سكان في صنعاء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» من موجة غلاء غير مسبوقة لا تزال منذ أسابيع تضرب أسواق بيع المواد الغذائية والخضراوات وغيرها من متطلبات رمضان، في ظل ما قالوا إنه استمرار غياب الرقابة من قبل السلطات الانقلابية. وأشاروا إلى أن أسعار المواد الضرورية ارتفعت في رمضان هذا العام بشكل وصفوه بـ«الجنوني»، وصولاً إلى أضعاف ما كانت عليه الأسعار في الأعوام الماضية، وسط اتهامات للجماعة بأنها هي التي أوعزت لكبار التجار الموالين لها بافتعال تلك الأزمة غير المبررة.
وأفاد السكان؛ الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، بأنهم جابوا على مدى الأيام الأربعة الماضية أسواقاً ومحال تجارية عدة لشراء ما يحتاجونه في رمضان، لكنهم صدموا بذلك الارتفاع المخيف لأسعار المواد الاستهلاكية الضرورية كالقمح والسمن والزيت والسكر والأرز وغيرها، بكل المحال التي زاروها. ولفتوا إلى أن موجة الغلاء، التي قالوا إنها مفتعلة من قبل الجماعة وأثقلت كاهلهم وفاقت قدرتهم الشرائية، تزامنت مع تدني نسبة الإقبال من قبل الأسر في العاصمة على شراء مستلزماتهم في رمضان.
وبرر السكان تدني الإقبال بأنه ناتج أولاً عن الارتفاع الجنوني للأسعار، واستمرار نهب الميليشيات المرتبات للعام الخامس على التوالي، إلى جانب ما تشنه الجماعة بين الفينة والأخرى من حملات نهب وابتزاز وجباية بحق المواطنين في العاصمة وبقية مدن سيطرتها.
ويعبر «أحمد.م»، وهو موظف في القطاع التربوي بصنعاء، عن استغرابه الشديد من «الارتفاع الجنوني والمفاجئ قبيل رمضان لأسعار المواد الغذائية الضرورية؛ ليس في حي أو منطقة بحد ذاتها، ولكن في عموم مناطق العاصمة صنعاء». وكشف أحمد في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، عن ذهوله أثناء تجوله منتصف الأسبوع الماضي في الأسواق لاقتناء حاجيات أسرته؛ «جراء الارتفاع الكبير لأسعار المواد الغذائية كافة». وأوضح أن سعر كيس القمح بعبوة 50 كيلوغراماً (كلغم) وصل إلى 13000 ريال، وسعر كيس الدقيق الأبيض 50 كلغم وصل إلى مبلغ 17500 ريال، بينما وصل سعر غالون زيت الطبخ عبوة 20 لتراً إلى 20 ألف ريال، ووصل سعر السكر عبوة 10 كلغم إلى 4500 ريال، والأرز من نوع «البسمتي» عبوة 10 كلغم إلى 8500، وعلبة السمن 6 كلغم إلى 9000، وكيلو الحليب إلى 2200، وعبوة التمر الصغيرة إلى 1200 ريال، وطبق البيض إلى 1800، وعلبة العصير المجفف إلى 5000 ريال (الدولار نحو 600 ريال).
وعبر الموظف عن استنكاره لازدياد الأسعار وتفاوتها من محل لآخر، مرجعاً ذلك إلى غياب التفتيش والرقابة، وأن بعض التجار، وبإيعاز من قبل الجماعة، يعدّون هذه الأيام موسماً للتربح على حساب المواطنين، خصوصاً ذوي الدخل المحدود.
كذلك، أرجع تجار في صنعاء، التقتهم «الشرق الأوسط»، رفعهم الأسعار إلى أسباب عدة؛ «منها أن الموردين زادوا في أسعار السلع المختلفة، جراء ما قالوا إنها الإجراءات الأخيرة وانعدام الوقود»، إلى جانب دفعهم «بشكل مستمر مبالغ مالية للجماعة؛ إما إتاوات وجبايات تفرض عليهم وعلى متاجرهم، وإما من خلال استحداث مسلحيها نقاطاً جمركية بعدد من المحافظات وفرض رسوم ومبالغ غير قانونية».
وأشار التجار إلى أن «ارتفاع الأسعار وانقطاع الرواتب، وغيرها من الأسباب الأخرى التي لا حصر لها، ساهمت بدرجة كبيرة في إحداث موجة ركود ملحوظة لا تزال حتى اللحظة تضرب الأسواق التموينية في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الحوثيين».
وأوضحوا أن كثيراً من الأسر في صنعاء ومدن أخرى عجزت عن توفير احتياجاتها الغذائية لرمضان، مؤكدين أن ذلك أثر بشكل كبير عليهم لأنهم بصفتهم تجاراً اعتادوا في كل عام الإقبال النسبي من قبل المواطنين على التسوق وشراء حاجياتهم من متاجرهم. ولفتوا إلى أن «ضعف الإقبال على التسوق والشراء أدى إلى ركود حاد في الأسواق التموينية والمحال التجارية؛ الأمر الذي يؤدي إلى تدهور ما تبقى من الاقتصاد بمناطق الجماعة».
وكانت تقارير محلية وأخرى دولية أكدت في وقت سابق أن انقطاع الرواتب عن أزيد من مليون موظف بمناطق سيطرة الجماعة؛ بينهم 135 ألف معلم، أدى إلى تفشي ظاهرة البطالة وارتفاع معدلات الفقر إلى نحو 80 في المائة في أوساط اليمنيين. وبحسب بعض تلك التقارير، «بات أغلب اليمنيين؛ في مناطق سيطرة الحوثيين على وجه التحديد، نتيجة لسوء الأوضاع واستمرار تدهور أحوالهم المعيشية، مجبرين مع قدوم شهر رمضان المبارك، وكما هي عادتهم طيلة الأعوام الماضية التي أعقبت الانقلاب والحرب، على التقشف والتخلي عن عادات الاستهلاك التي اعتادوها طيلة أعوام ماضية».


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

واحد من كل 3 أطفال في السودان يواجه سوء التغذية الحاد

سودانيون يتسلمون الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين جراء الحرب في مدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)
سودانيون يتسلمون الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين جراء الحرب في مدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)
TT

واحد من كل 3 أطفال في السودان يواجه سوء التغذية الحاد

سودانيون يتسلمون الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين جراء الحرب في مدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)
سودانيون يتسلمون الطعام في موقع أنشأته منظمة إنسانية محلية للتبرع بالوجبات والأدوية للنازحين جراء الحرب في مدينة مروي السودانية (أ.ف.ب)

قال «برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة»، اليوم (الأحد)، إن طفلاً واحداً من كل 3 يواجه سوء التغذية الحاد في السودان، وهو ما يجعل البلاد على شفا مجاعة.

وشدَّد «برنامج الأغذية العالمي» على أن الحاجة لدعم الأفراد في السودان باتت اليوم أكثر أهمية من أي وقت مضى.

واندلعت الحرب في السودان بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، في أبريل (نيسان) 2023، بعد خلاف حول خطط لدمج «الدعم السريع» في القوات المسلحة، أثناء عملية سياسية للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في الخرطوم وامتد سريعاً إلى مناطق أخرى.

وتسببت الحرب في أكبر أزمة لجوء في العالم، ووضعت مناطق عديدة بالسودان على شفا المجاعة.

وانتشرت المجاعة في 5 مناطق في السودان، وفقاً لوكالات أممية استندت إلى التقرير المرحلي المتكامل للأمن الغذائي الذي صدر حديثاً، وتدعمه الأمم المتحدة.

اقرأ أيضاً