المتحف المصري في التحرير إلى القائمة التمهيدية لـ«التراث العالمي»

TT

المتحف المصري في التحرير إلى القائمة التمهيدية لـ«التراث العالمي»

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية ضم المتحف المصري بالتحرير للقائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي، التي تضعها لجنة التراث العالمي بمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونيسكو)، مشيرة إلى أن «الوزارة قدمت الملف التمهيدي الخاص بالمتحف للجنة التراث العالمي في فبراير (شباط) الماضي»، وبذلك ينضم المتحف إلى 33 موقعاً مصرياً آخر مسجلاً بالقائمة التمهيدية للتراث العالمي.
وقال المستشار عبد المحسن شافعي، المشرف العام على الإدارة المركزية للعلاقات العامة والدولية بوزارة السياحة والآثار المصرية، في بيان صحافي أمس، إن «الملف الذي قدمته مصر لليونيسكو حرص على إبراز المكانة الخاصة التي يتمتع بها المتحف المصري بالتحرير كمنارة ثقافية شاهدة على الحضارة المصرية بقلب القاهرة»، مشيراً إلى أن «المتحف هو أول متحف قومي بمنطقة الشرق الأوسط، ويضم أكبر وأهم الكنوز الأثرية للحضارة المصرية القديمة، ولعب دوراً مهماً في تثقيف ونشر الوعي الأثري لمختلف فئات المجتمع المصري، حيث يضم مكتبة ووثائق وكتباً نادرة في مجال علم المصريات، مما يجعله مصدراً مهماً للتراث».
ويحمل ملف ترشيح المتحف المصري بالتحرير على موقع لجنة التراث العالمي تاريخ الأول من فبراير من العام الحالي، وفيه يستعرض تاريخ المتحف المبني على مساحة تزيد عن 13 ألف متر مربع، ويضم أكثر من 100 قاعة عرض متحفي، وتم إنشاؤه بعد مسابقة دولية أعلنتها الحكومة المصرية عام 1895. لعرض مجموعة من أقدم المجموعات الأثرية الفرعونية، التي كانت تعرض في القرن التاسع عشر في مبنى بحي بولاق، قبل أن تنقل لقصر إسماعيل باشا في الجيزة، حتى تم الانتهاء من بناء المتحف، والذي يعد أول متحف قومي في منطقة الشرق الأوسط.
وبحسب موقع لجنة التراث العالمي باليونيسكو، فإنه تقدم لمسابقة إنشاء مبنى المتحف مجموعة من المشاريع وفاز مشروع قدمه المهندس الفرنسي مارسيل دورنون، بعد اجتيازه مسابقة عالمية شارك فيها 87 تصميماً ووضع حجر الأساس في الأول من أبريل (نيسان) عام 1897. وتم افتتاحه في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1902 في عهد الخديو عباس حلمي الثاني، وبذلك يعتبر المتحف المصري أول مبنى ينشأ خصيصاً لعرض الآثار في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وأول متحف في العالم، مخصص للحضارة المصرية القديمة.
وتضم القائمة التمهيدية للتراث العالمي 34 موقعاً من مصر، من بينها محمية رأس محمد بجنوب سيناء، ومقياس النيل بالروضة، وأديرة الصحراء الغربية، وقلاع سيناء الأثرية، في حين تضم قائمة التراث العالمي ثمانية مواقع مصرية، وهي منطقة منف وجبانتها، وطيبة وجبانتها، والنوبة، والقاهرة التاريخية، وسانت كاترين، ودير أبو مينا، ومحمية وادي الحيتان.
وأوضح شافعي لـ«الشرق الأوسط» أنه «بموجب اتفاقية اليونيسكو لحماية التراث الثقافي والطبيعي فإنه لا بد من تسجيل أي موقع على القائمة التمهيدية قبل نقله لقائمة التراث العالمي»، مشيراً إلى أن «قرار تسجيل أي موقع على قائمة التراث العالمي هو قرار دولة، ولم يحدد بعد متى ستقدم مصر الملف الرسمي لنقل المتحف المصري من القائمة التمهيدية إلى قائمة التراث العالمي».
وقال شافعي إن «وضع أي موقع ثقافي أو طبيعي على قوائم التراث العالمي يعد اعترافاً بالقيمة الاستثنائية للموقع»، مشيراً إلى أنه «في ظل افتتاح مصر لعدد من المتاحف الجديدة من بينها متحف الحضارة الذي افتتح مؤخراً، والمتحف الكبير الذي يعتزم افتتاحه قريباً، كان لا بد من التأكيد على المكانة الخاصة للمتحف المصري بالتحرير، كمنارة ثقافية ومركز علمي».
ويشهد المتحف حالياً تنفيذ مشروع لتطوير سيناريو العرض المتحفي، بالتحالف مع خمسة متاحف عالمية تضم متاحف برلين وتورينو، وليدن واللوفر، المتحف البريطاني، حيث سيتم تغيير سيناريو العرض المتحفي ليركز على القطع الأثرية التي تحكي تاريخ الفن المصري القديم، بعد نقل مجموعة من أهم مقتنياته، وهي المومياوات الملكية التي تم نقلها أخيراً إلى متحف الحضارة بالفسطاط، في موكب وصف بأنه «مبهر وتاريخي»، بجانب آثار توت عنخ آمون المقرر عرضها في المتحف المصري الكبير.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
TT

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)
أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

تُعد دراما السيرة الذاتية للمشاهير والشخصيات العامة من أهم أنواع الدراما التي يُقبل عليها المشاهد عالمياً، لكن الأزمة الأساسية التي تواجه هذا النوع الدرامي تتعلق بالصراع مع الورثة حول أحقية تقديم العمل من عدمه، وفق متابعين ونقاد.

وفي الآونة الأخيرة، طالعتنا وسائل إعلام بتصريحات على لسان الممثل كريم نجل النجم الراحل محمود عبد العزيز أنه «يرفض تحويل حياة والده إلى عمل درامي».

في حين أن محمود عبد العزيز قدم أحد أشهر مسلسلات السيرة الذاتية وهو «رأفت الهجان» عن قصة عميل المخابرات المصرية الذي عاش في إسرائيل رفعت الجمال، وحقّق العمل الذي بُث الجزء الأول منه لأول مرة عام 1988 نجاحاً ساحقاً في أجزائه الثلاثة.

مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

وعلى الرغم من أن الفنان الراحل أحمد زكي قدم 3 أفلام سيرة ذاتية عن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «ناصر 56» عام 1996، والرئيس الراحل أنور السادات «أيام السادات» عام 2001، والمطرب الراحل عبد الحليم حافظ «حليم» عام 2006، بيد أن شقيقته إيمان زكي رفضت رفضاً قاطعاً تقديم قصة حياته في مسلسل.

حق عام بضوابط

قال حسن حافظ الباحث في تاريخ مصر لـ«الشرق الأوسط»: إن «سيرة أي شخصية مشهورة هي ملكية عامة، ومن حق أي مبدع تقديمها في عمل فني». وتابع: «بيد أن هناك بعض المعايير، أهمها الاحتفاظ بالسياق التاريخي للأحداث دون تزييف، مع حق المبدع أن يتعمّق في دوافع الشخصية لفهم القرارات التي اتخذتها، وهنا يكون الورثة أحد مكونات عملية البحث، مع التدقيق في ما يقولونه».

أمر آخر لا بد من أخذه في عين الاعتبار حسب حافظ، وهو أن العمل الدرامي لا يحكي قصة الشخصية العامة كما جرت بالضبط، بل هو مبني في جزء منه على الخيال، بعكس العمل الوثائقي.

ويتفق معه الناقد الفني أمجد مصطفى، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يحق للورثة حتى طلب أموال مقابل السماح بتناول القصة، ولكن من حقهم الاطمئنان لخروج العمل الدرامي دون تشويه للشخصية، فهناك بعض كتاب الأعمال الدرامية الذين يتعمدون إضافة أشياء قد تكون غير حقيقية وربما جارحة من أجل التشويق والإثارة».

ولفت إلى أن ذلك لا يعني أن العمل الدرامي يجب أن يُركّز فقط على الجوانب الإيجابية في حياة الشخصية، فهناك أمور قد لا تفيد في رصد حياة الشخصية، وفق مصطفى.

تخليد للشخصية وشركائها

من أهم السير التي قّدّمت وخلقت حالة في مصر، مسلسل «أم كلثوم» (إنتاج 1999)، وحقق نجاحاً كبيراً، وفق نقاد، ومع ذلك يقول حسن حافظ إن «هذا المسلسل قدم سيرة بيضاء لأم كلثوم، ولم ينخرط مثلاً في صراعاتها مع نجوم عصرها».

في حين يرى أمجد مصطفى أن «مسلسل (أم كلثوم) إلى جانب أنه يخلّد سيرتها، فإنه كذلك يرصد حياة جميع من شاركوا في قصة نجاحها من ملحنين وشعراء، ولكن هذا المسلسل مثلاً تجاهل دور الموسيقار محمد الموجي في حياة أم كلثوم، ومن هنا يجب على كاتب دراما السيرة الذاتية أن يكون أميناً في الرصد».

سيرة أم كلثوم في مسلسل من بطولة صابرين (يوتيوب)

الجدية شرط النجاح

على المستوى العالمي هناك انفتاح لتقديم دراما السيرة الذاتية سواء في أميركا أو أوروبا، مثل مسلسل «كليوباترا» الذي عرضته منصة «نتفليكس» الأميركية في مايو (أيار) 2023 وأثار الجدل لأنه قدم الملكة المصرية الفرعونية ذات بشرة سمراء، وهو ما عدّته السلطات المصرية «تزييفاً للتاريخ»؛ لأن المصادر تؤكد أن كليوباترا كانت بشرتها فاتحة اللون.

في حين أن مسلسل «التاج» (The Crown)، الذي يتناول سيرة الملكة إليزابيث الثانية، حقق نجاحاً كبيراً.

ويُرجع حافظ سبب نجاحه إلى «ما لمسه المشاهد من جدية القائمين عليه لتقديمه في أحسن صورة وأدق تفاصيل».

وشدّد على أن «غياب الجدّية والدقة تسبب في فشل مسلسلات عن سير المشاهير في مصر خلال السنوات الأخيرة، مثل مسلسلات (العندليب) عن سيرة عبد الحليم حافظ، و(السندريلا) عن سيرة سعاد حسني، و(الضاحك الباكي) عن سيرة نجيب الريحاني».

ويرى أمجد مصطفى كذلك أن «فيلم حليم لأنه كان في آخر أيام أحمد زكي وقت مرضه أُنجز بسرعة ولم يكن متّقناً بالقدر اللازم لنجاحه».

تصبح المهمة أسهل حينما تكون للشخصية المشهورة مذكرات كتبتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت، الذي يقول نجله الشاعر محمد بهجت لـ«الشرق الأوسط»: «لم يواجه والدي مشكلات مع الورثة عند كتابة الفيلم لأنه اعتمد على كتاب البحث عن الذات للرئيس السادات، وكذلك بعض كتب الكاتب الراحل محمد حسنين هيكل، وأيضاً مذكرات جيهان السادات التي كانت على قيد الحياة وقتها وأثنت على سيناريو الفيلم قبل تصويره حينما عرضه عليها والدي والفنان أحمد زكي».

أحمد زكي في فيلم «أيام السادات» (فيسبوك)

موقف القانون

وعن موقف القانون من دراما السيرة الذاتية يقول المحامي بالنقض محمد إصلاح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «وفق المبادئ القانونية المستقرة في القانون المدني المصري فإن مجرد التجسيد لا يرتب حقاً قانونياً للورثة في الاعتراض، ولكن لهم رفع دعوى تعويض إذا أثبتوا أن النشر والتجسيد قد أضرّ بسمعة المتوفى، ولا يستطيعون رفع دعوى منع ما لم يتمكنوا من إثبات تحقّق هذا الضرر للمحكمة من واقع العمل الفني».