مصر تُحدّث العالم عن حضارتها ومومياواتها

نقل 22 جثماناً ملكياً إلى «متحف الحضارة»... والسيسي يستقبل «الموكب الذهبي»

TT

مصر تُحدّث العالم عن حضارتها ومومياواتها

في موكب مهيب ونادر قالت مصر إنه «لم ولن يتكرر»، نُقلت 22 مومياءً ملكية فرعونية من موقعها بمتحف التحرير الأيقوني بوسط العاصمة القاهرة إلى «متحف الحضارة»، وذلك في فاعلية حملت اسم «الموكب الذهبي»، وحظيت باهتمام رسمي واسع وإجراءات تنظيمية غير مسبوقة، فضلاً عن احتفاء رسمي بلغ ذروته باستقبال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للموكب في «العنوان الملكي الجديد»، حيث تم تدشين المتحف قرب مدينة الفسطاط التاريخية والتي كانت عاصمة لمصر.
ووسط أجواء كرنفالية اتسمت بالطابع الفرعوني، وحضور لافت من وسائل إعلام دولية ومحلية، وما إن أحكم ليل القاهرة إرخاء ستائره، وعلى وقع طبول ضخمة، خرجت عربات ذهبية اللون مجهّزة خصيصاً للاحتفال، وعلى متنها المومياوات وحملت كل منها اسم مَن يستقلها، كما تناغمت إضاءات ميدان التحرير مع حركة الموكب، وكانت في القلب منه مسلة تحمل اسم رمسيس الثاني يبلغ طولها نحو 19 متراً وتزن قرابة 90 طناً، بينما كانت مومياء الملك رمسيس الثاني نفسه إحدى تلك المومياوات التي مرت إلى جوار المسلة ومن حولها 4 كباش أثرية نُقلت من الأقصر لتربض في الميدان ضمن خطة لتطويره.
وقبيل بدء المراسم كتب الرئيس المصري، عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»: «بكل الفخر والاعتزاز أتطلع لاستقبال ملوك وملكات مصر بعد رحلتهم من المتحف المصري بالتحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية»، مضيفاً أن «هذا المشهد المهيب لَدليل جديد على عظمة هذا الشعب الحارس على هذه الحضارة الفريدة الممتدة في أعماق التاريخ. إنني أدعو كل المصريات والمصريين والعالم أجمع لمتابعة هذا الحدث الفريد، مستلهمين روح الأجداد العظام، الذين صانوا الوطن وصنعوا حضارة تفخر بها كل البشرية، لنكمل طريقنا الذي بدأناه... طريق البناء والإنسانية».
وضم الموكب الملكي مومياوات من عصر الأسر 17 و18، 19 و20 من بينها 18 مومياء لملوك و4 مومياوات لملكات وهم «الملك رمسيس الثاني، ورمسيس الثالث، ورمسيس الرابع، ورمسيس الخامس، ورمسيس السادس، ورمسيس التاسع، وتحتمس الثاني، وتحتمس الأول، وتحتمس الثالث، وتحتمس الرابع، وسقنن رع، وحتشبسوت، وأمنحتب الأول، وأمنحتب الثاني، وأمنحتب الثالث، وأحمس نفرتاري، وميريت آمون، وسبتاح، ومرنبتاح، والملكة تي، وستي الأول، وسيتي الثاني».
وتعوّل مصر على خططها لتنشيط قطاع السياحة الذي تلقّى ضربات عدة خلال العقد المنصرم، وبدأ في استعادة نشاطه نسبياً، كما أن البلاد تستعد لافتتاح «المتحف المصري الكبير» القريب من منطقة الأهرامات، والذي تم تأجيل افتتاحه الجزئي بسبب جائحة «كورونا» على أن يكون افتتاحه بشكل كامل.
وسعت مصر إلى التمهيد الدعائي قبيل فاعلية «الموكب الذهبي» بفترة طويلة، وتحت شعار «حدث لم ولن يتكرر»، وأوضحت طبيعة وتاريخ المومياوات المنقولة، وأعدت أفلاماً دعائية وترجمت أحدها إلى نحو 14 لغة، كما شارك فنانون مصريون وعرب في برنامج الموكب الذي بدأ من ميدان التحرير، وتنقّل بموازاة النيل بمنطقة جاردن سيتي، ثم عرج إلى منطقة مصر القديمة، ومنها إلى منطقة الفسطاط التاريخية حيث أُقيم «متحف الحضارة».
وبدا لافتاً التفاعل الإلكتروني الكبير عبر هاشتاغ #الموكب_الذهبي والذي كتب من خلاله المتابعون تعليقات محتفية في معظمها بالفاعلية والمشهد المصاحب لافتتاح «متحف الحضارة» ونقل المومياوات.
وحشدت مصر حضوراً دولياً للفاعلية، إذا استقبلت أودري أزولاي رئيسة منظمة «اليونيسكو»، وزوراب بولوليكاشفيلي، الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية.
واستبق الرئيس المصري، تحرك الموكب بافتتاح «متحف الحضارة»، ليستقبل «الموكب الملكي»، وكان بصحبته رئيس مجلس الوزراء مصطفى مدبولي، ورئيسة منظمة «اليونيسكو»، والأمين العام لمنظمة السياحة العالمية، وتولى وزير الآثار خالد العناني تقديم الشرح بشأن محتويات المتحف وأقسامه وأبرز قطعه.
كما شاهد ضيوف الحفل فيلماً تناول الحضارة المصرية وأبرز معالمها في العصور المختلفة وشواهدها الدينية والتاريخية، وظهر في الفيلم الفنان خالد النبوي، الذي استعرض تفاصيل حياة المصريين القدماء، وتاريخ المقدسات الإسلامية والمسيحية واليهودية ورحلة العائلة المقدسة، فضلاً عن مراحل إنشاء المتاحف المصرية، كما أطلقت وزارة الآثار المصرية أغنية خاصة بهذه المناسبة، وأداها الفنان محمد منير، وحملت اسم «أنا مصر».
وعلى الصعيد التوثيق المحلي، أصدرت «الهيئة القومية للبريد» مجموعة طوابع بريد تذكارية بتقنية «كيو آر كود» والتي يتم تطبيقها لأول مرة بطوابع البريد المصري لتخليد المناسبة.
واعتبرت قرينة الرئيس المصري، انتصار السيسي، في تدوينة عبر حسابها الرسمي على «فيسبوك» أيضاً، أن نقل المومياوات «حدث استثنائي فريد من نوعه، ويعبّر عن عظمة تلك الحضارة العريقة التي قدَمت وما زالت للإنسانية إرثاً فريداً ومتنوعاً، يسهِم في تقدُّمها وازدهارها».
وتابعت: «أفتخر بانتمائي لتلك الحضارة العريقة، وبحجم العمل والجهدِ الذي قام به المصريون لإبهار العالم في تلك المناسبة المميزة».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.