الأزهر يُطالب بقوانين دولية تُجرّم «الكراهية والتمييز»

خلال مؤتمر حضرته قيادات إسلامية ومسيحية

جانب من فعاليات مؤتمر الأزهر أمس (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)
جانب من فعاليات مؤتمر الأزهر أمس (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)
TT

الأزهر يُطالب بقوانين دولية تُجرّم «الكراهية والتمييز»

جانب من فعاليات مؤتمر الأزهر أمس (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)
جانب من فعاليات مؤتمر الأزهر أمس (المركز الإعلامي لمشيخة الأزهر)

طالب الأزهر بضرورة «العمل على إصدار قوانين دولية تُجرم الكراهية والتمييز العنصري، أو العداوة أو العنف». فيما عدّ وكيل الأزهر، الدكتور محمد الضويني، «جميع أشكال التمييز وكره الآخر جريمة خطيرة، يعاقب عليها بموجب القوانين الوطنية والدولية».
جاء ذلك خلال فعاليات مؤتمر «المبادئ الشرعية والقانونية في وثيقة الأخوة الإنسانية»، الذي عقد أمس في قاعة مؤتمرات الأزهر بالقاهرة، برعاية شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، وبحضور قيادات إسلامية ومسيحية.
ويهدف المؤتمر، الذي يُعقد على مدار يومين، إلى «نشر قيم التعايش والاحترام المتبادل، والتسامح والحوار وقبول الآخر... وبيان أثر تطبيق المبادئ الشرعية والقانونية في حفظ النفس البشرية، وصون الكرامة الإنسانية وحماية الحريات، وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات، واحترام حقوق المرأة والطفل والضعفاء».
وجدد الضويني في كلمته دعوة الأزهر الدائمة إلى «نبذ خطاب الكراهية والعنف، أياً كان شكله أو مصدره أو سببه، ووجوب احترام المقدسات والرموز الدينية، وتبني تشريع عالمي يُجرم الإساءة للأديان ورموزها المقدسة، والتحلي بأخلاق الأديان وتعاليمها، التي تؤكد احترام معتقدات الآخرين»، لافتاً إلى أن «وثيقة الأخوة الإنسانية ترجمت على أرض الواقع أسس المحبة والسلام بين جميع البشر، واستطاعت أن تجمع ما جاءت به الأديان من أخلاق ومبادئ؛ لتواجه به ما فرقته العنصرية والطبقية. كما وجهت رسالة إلى العالم بأسره من أجل وقف الحروب، وسيل الدماء غير المبرر، ونشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام».
من جانبه، قال مفتي مصر الدكتور شوقي علام، إن «جماعات التشدد والإرهاب حاولت أن تعزل الأمة الإسلامية عن العالم كله، وأن تعزل طائفة من الأمة ذاتها داخل الأمة، من أجل دعاوى ومبادئ ما أنزل الله بها من سلطان. فدعوتهم قائمة على التفريق والهدم... ودعوتنا قائمة على الاجتماع والبناء والتنمية والإعمار، ونشر الخير والتواصل والتعايش»، مشدداً على أن «هذا التعايش لا يمثل أبداً أي خطورة على عقيدة الإسلام، ولا يعني بأي حال من الأحوال أي تمييع لأمور الدين، أو أصول العقيدة، ولا يعني أبداً أي إهدار للخصوصية الدينية لعقيدة الإسلام؛ بل يعني أن نمد جميعاً يد التعاون من أجل تحقيق الأمن، والرخاء والسلام لأبناء المجتمع الواحد، وأن نبني حياتنا على أسس راسخة من السلام والمحبة، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما علم أصحابه الكرام».
ووقع شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بابا الفاتيكان وثيقة «الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك»، في أبوظبي عام 2019، وهي الوثيقة التي «تحث الشعوب على التسامي بالقيم البشرية ونبذ التعصب».
من جهته، أكد الأنبا أرميا، الأسقف العام للكنيسة القبطية الأرثوذكسية بمصر، أن «السلام أصبح الحلم الذي تبحث عنه البشرية، وتعمل على تحقيقه، في عصر كثر فيه القلق والتوترات والصراعات والحروب»، مضيفاً أن السلام «هو سر الحياة، واختفاؤه يعني الدمار والهلاك».
ولفت أرميا إلى أن «الأخوة الإنسانية هي أساس الحياة، خاصة في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها العالم. وينبغي علينا أكثر من أي وقت مضى الانتباه، وتكاتف جميع الجهود من أجل زيادة الوعي بالقيم المشتركة بين جميع البشر، وتحسين فهمها»، مضيفاً أن «هذا لن يتأتى إلا بالعمل الجاد على تعزيز قيم السلام والتسامح، التي تنادي بفهم قيم التنوع الديني والثقافي، والعمل على تحقيق العدل بين البشر، والتأكيد على أهمية الإنسان وقيمته، والاحترام المتبادل بين البشر جميعاً».


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أوروبا أعضاء فرع الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية يحضرون اجتماعاً في دير القديس بانتيليمون في كييف يوم 27 مايو 2022 (رويترز)

الأمم المتحدة قلقة من حظر أوكرانيا الكنيسة الأرثوذكسية الروسية

أعلن مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أنه يدرس حظر كييف للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المرتبطة بروسيا، قائلاً إنه يثير مخاوف جدية بشأن حرية المعتقد.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
آسيا البابا فرنسيس أثناء وصوله إلى مطار سوكارنو هاتا الدولي في جاكرتا (أ.ف.ب)

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في مستهل أطول رحلة خارجية خلال ولايته

البابا فرنسيس يصل إلى إندونيسيا في محطة أولى ضمن جولة له على 4 دول. وتتمحور الزيارة بشكل خاص حول الحوار الإسلامي المسيحي.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا)
أميركا اللاتينية الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
آسيا رجال الشرطة يقفون للحراسة مع وصول المسلمين لأداء صلاة الجمعة في مسجد جيانفابي في فاراناسي 20 مايو 2022 (أ.ف.ب)

الهند: قوانين مقترحة للأحوال الشخصية تثير مخاوف المسلمين

من المقرر أن تطرح ولاية هندية يحكمها حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قوانين الأحوال الشخصية العامة الجديدة المثيرة للجدل والتي ستطبَّق على جميع الأديان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال حفل الافتتاح (رويترز)

مودي يفتتح معبداً هندوسياً بُني على أنقاض مسجد تاريخي

افتتح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم معبداً هندوسياً، بني على أنقاض مسجد تاريخي، في خطوة تكتسي أهمية كبيرة في سياسته القومية المحابية للهندوسية.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.