كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)
TT

كيف تحول تأييد الرئيس الأرجنتيني لإسرائيل واهتمامه المتزايد باليهودية مصدر قلق لبلاده؟

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)
الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارته إلى القدس 6 فبراير 2024 (أ.ب)

لقد أظهر الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي، وهو كاثوليكي بالميلاد، اهتماماً عاماً متزايداً باليهودية، بل وأعرب حتى عن نيته في التحوّل إلى اليهودية. وخلال زيارة إلى الحائط الغربي في القدس، عاش ميلي لحظة عاطفية مع الحاخام شمعون أكسل واهنيش، الذي قدمه إلى اليهودية قبل ثلاث سنوات، حسب تقرير لوكالة «أسوشييتد برس».

إن دعم ميلي الحماسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين نتنياهو وموقفه بشأن العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة يتناقضان مع مواقف كثير من دول أميركا اللاتينية، وفق التقرير. فعلى سبيل المثال، قطعت بوليفيا وكولومبيا علاقاتهما مع إسرائيل، وسحبت عدة دول أخرى، بما في ذلك البرازيل، سفراءها. وقد انتقد ميلي في خطابه في مناسبة لإحياء ذكرى انتفاضة غيتو وارسو، الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لموقفها المنتقد للسلوك العسكري الإسرائيلي، ما أثار تصفيق الحضور.

الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي خلال زيارة إلى ياد فاشيم مركز إحياء ذكرى الهولوكوست العالمي في القدس 7 فبراير 2024 (رويترز)

وقد أثار دعم ميلي لإسرائيل مخاوف وقلقاً داخل المجتمع اليهودي في الأرجنتين وتوتر العلاقات مع الدول المجاورة. لا يزال المجتمع اليهودي الأرجنتيني، إحدى أكبر الجاليات اليهودية في العالم، متأثراً بتفجيرات عامي 1992 و1994 المنسوبة إلى إيران و«حزب الله». يحذر المنتقدون مثل ديانا مالامود، التي توفي زوجها في إحدى تلك الهجمات، من أن التركيز الشديد لميلي على اليهودية يمكن أن يحرض على الصراعات الدولية ومعاداة السامية المحلية.

بدأ اهتمام ميلي باليهودية في عام 2021 كمحاولة لمواجهة اتهامات التعاطف مع النازية. قام الحاخام وانيش، سفير الأرجنتين الحالي لدى إسرائيل، بتوجيه ميلي من خلال التعاليم اليهودية، وتطور اهتمام ميلي العرضي إلى ممارسة دينية منتظمة. في حملته الانتخابية، غالباً ما كان ميلي يشير إلى التعاليم اليهودية، وزار المواقع اليهودية المهمة، واستخدم الرموز الدينية، ما أدى إلى انتقادات من كثير من اليهود الأرجنتينيين الذين اعتبروا هذا استراتيجية سياسية تلاعبية.

مع تصاعد الصراع في غزة، قام الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي بأول زيارة خارجية له إلى إسرائيل، حيث أشاد علناً برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وتعهد بنقل سفارة الأرجنتين إلى القدس، في تقليد لتصرفات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب. كما غيرت حكومة ميلي السياسة الخارجية الأرجنتينية بشكل أكبر من خلال معارضة عضوية فلسطين في الأمم المتحدة، والتحالف مع الولايات المتحدة وإسرائيل، الأمر الذي أثار حماسة قادة المجتمع اليهودي في الأرجنتين وأثار قلقهم أيضاً.

شعر المجتمع اليهودي في الأرجنتين بالتهديد بشكل متزايد، متذكراً الهجمات السابقة التي تعرّض لها مثل تفجير عام 1994. اشتد قلق المجتمع في أعقاب هجوم «حماس» في 7 أكتوبر، ما دفع إلى تشديد التدابير الأمنية. نصحت المدارس اليهودية الطلاب بعدم ارتداء الزي الرسمي، وزادت المعابد اليهودية من بروتوكولاتها الأمنية. كما زادت المخاوف من وجود قنابل من قلق المجتمع.

واتهم مسؤولون حكوميون، بمن فيهم وزيرة الأمن باتريشيا بولريتش، بوليفيا وتشيلي بكونهما بؤرتين للتشدد المتطرّف، زاعمين دون دليل أن هذين البلدين يؤويان عملاء لإيران و«حزب الله». ودفعت هذه الاتهامات بوليفيا وتشيلي إلى سحب سفيريهما من بوينس آيرس. وأدانت «منظمة التعاون الإسلامي» خطاب ميلي ووصفته بأنه معاد للإسلام.

لقد راقبت أجهزة الاستخبارات الأميركية والأرجنتينية منذ فترة طويلة منطقة الحدود الثلاثية بين الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي بحثاً عن أنشطة متطرّفين، مع مزاعم بأن «حزب الله» يمول عملياته من خلال الاتجار بالمخدرات محلياً.


مقالات ذات صلة

إسرائيل تلغي تأشيرات نواب فرنسيين قبل زيارتهم لها وللأراضي الفلسطينية

شؤون إقليمية متظاهرون يحملون أوامر اعتقال مؤقتة بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلال مظاهرة دعماً للصحافيين الفلسطينيين أمام ساحة الباستيل في باريس (أ.ف.ب)

إسرائيل تلغي تأشيرات نواب فرنسيين قبل زيارتهم لها وللأراضي الفلسطينية

ألغت إسرائيل تأشيرات دخول 27 نائباً ومسؤولاً يسارياً فرنسياً قبل يومين من زيارتهم المقررة إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية.

«الشرق الأوسط» (باريس - تل أبيب)
المشرق العربي أشرف الأعور وزير شؤون القدس في السلطة الفلسطينية (وزارة شؤون القدس عبر «فيسبوك»)

قرار إسرائيلي بإبعاد وزير شؤون القدس عن الضفة الغربية

قالت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، الاثنين، إن إسرائيل استدعت أشرف الأعور، وزير شؤون القدس؛ للتحقيق وسلّمته قراراً بالإبعاد عن الضفة.

المشرق العربي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث مع وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وتقارير حول خطط إسرائيلية لشن حرب برية واحتلال غزة لعدة أشهر (رويترز)

سموتريتش: إعادة الرهائن من غزة ليست «الهدف الأهم»

قال وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش إن إعادة الرهائن من غزة ليست «الهدف الأهم» للحكومة.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
تحليل إخباري متظاهرون في شمال إسبانيا يحرقون دمية على شكل نتنياهو يوم الأحد احتجاجاً على حرب غزة (إ.ب.أ) play-circle 00:14

تحليل إخباري نتنياهو خطط لخطاب درامي مزلزل... فداهمته المفاجآت

كان بنيامين نتنياهو يخطط لخطاب له أثر زلزال، لكن أحداثاً داخل وخارج إسرائيل خربت مساعيه... فكيف حدث ذلك؟

نظير مجلي (تل أبيب)
المشرق العربي مخيم مؤقت لنازحين فلسطينيين في مدينة غزة بعد الضربات الجوية والهجمات البرية الإسرائيلية على القطاع (أ.ب) play-circle

44 قتيلاً في غارات إسرائيلية على قطاع غزة خلال 24 ساعة

ذكرت وسائل إعلام فلسطينية، الأحد، أن عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية على قطاع غزة منذ فجر اليوم وصل إلى 19.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

رئيس السلفادور يقترح تبادل سجناء مع فنزويلا

صورة تجمع بين رئيس السلفادور نجيب بوكيلة ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
صورة تجمع بين رئيس السلفادور نجيب بوكيلة ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
TT

رئيس السلفادور يقترح تبادل سجناء مع فنزويلا

صورة تجمع بين رئيس السلفادور نجيب بوكيلة ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)
صورة تجمع بين رئيس السلفادور نجيب بوكيلة ونظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو (أ.ف.ب)

عرض رئيس السلفادور نجيب بوكيلة أمس الأحد على كراكاس تبادل 252 فنزويليّاً مسجونين في بلاده بعد طردهم من الولايات المتحدة، مقابل «سجناء سياسيين» فنزويليين، وسط مواجهة بشأن الهجرة بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والقضاء.

وكتب بوكيلة على «تويتر»: «أود أن أقترح اتفاقاً إنسانياً ينص على إعادة 100في المائة من الفنزويليين الـ252 الذين تم طردهم، مقابل إطلاق سراح وتسليم عدد مماثل (252) من السجناء السياسيين من بين الآلاف الذين تحتجزونهم».

وأضاف بوكيلة متوجهاً إلى الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو: «على عكسكم (...) ليس لدينا سجناء سياسيون».

وبوكيلة الذي استُقبل في البيت الأبيض الأسبوع الماضي، هو حليف رئيسي لترمب في سياسته المناهضة للهجرة.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يلتقي رئيس السلفادور نجيب بوكيلة في المكتب البيضاوي بالبيت الأبيض في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة 14 أبريل الحالي (رويترز)

وفي غضون شهر واحد فقط، استقبل بوكيلة واحتجز 288 مهاجراً تم ترحيلهم من الولايات المتحدة، وأودِعوا في سجن ضخم شديد الحراسة في السلفادور، وبينهم 252 فنزويليّاً معظمهم متهمون بالانتماء إلى عصابة ترين دي أراغوا التي أعلنتها واشنطن منظمة «إرهابية».

ووصف النائب العام الفنزويلي طارق ويليام صعب، اقتراح بوكيلة بـ«الساخر» الأحد، مندداً بـ«الاعتقالات التعسفية» لمواطنيه الذين قال إنهم في حالة «اختفاء قسري في معسكر اعتقال» سلفادوري.

وقال صعب في بيان: «أطلب على الفور اللائحة الكاملة مع تحديد هوية جميع المحتجزين ووضعهم القضائي، بالإضافة إلى إثبات على أنهم أحياء وتقرير طبي عن كلّ من هؤلاء الرهائن». كما طالب بمعرفة «ما هي الجرائم التي ارتكبها هؤلاء المواطنون الفنزويليون في السلفادور» وما إذا كانوا قد مثلوا أمام قاضٍ وإذا كان لديهم محامون.

والسبت، دعا الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو نظيره السلفادوري إلى تسليمه الكولومبيين المطرودين من الولايات المتحدة والمسجونين في مركز الاحتجاز نفسه.

ومن أجل ترحيل هؤلاء المهاجرين إلى السلفادور، لجأ ترمب إلى قانون حول «الأعداء الأجانب» يعود لعام 1798، لم يُستخدم إلا في أوقات الحرب.

وانتقد ترمب الأحد القضاة الذين عارضوا هذه السياسة، وذلك عقب قرار أصدرته المحكمة العليا أوقف مؤقتاً عمليات ترحيل مهاجرين فنزويليين دون محاكمة استناداً إلى «قانون الأعداء الأجانب».

والأحد وجَّه ترمب عبر منصته «تروث سوشيال» انتقادات للمحكمة العليا من دون أن يسميها، في منشور ندَّد فيه بـ«القضاة ومسؤولي إنفاذ القانون الضعفاء وغير الفاعلين الذين يسمحون بأن يستمر هذا الهجوم الشرير على أمّتنا، هجوم عنيف إلى درجة أنه لن يُنسى أبداً».