مفاجآت عديدة وسوابق كثيرة في ترشيحات الأوسكار

31 يوماً قبل حفلته الثالثة والتسعين

المخرجة كلوي زاو صاحبة «نومادلاند}
المخرجة كلوي زاو صاحبة «نومادلاند}
TT

مفاجآت عديدة وسوابق كثيرة في ترشيحات الأوسكار

المخرجة كلوي زاو صاحبة «نومادلاند}
المخرجة كلوي زاو صاحبة «نومادلاند}

ما بين الإعلان عن الترشيحات الرسمية للأوسكار الثالث والتسعين قبل يومين، وبين الحفل المنتظر له في الخامس والعشرين من الشهر المقبل، 31 يوماً حافلاً بالتوقّعات. مسافة زمنية لم نشهدها من قبل، مليئة بالمناسبات التي تحف بالأوسكار وتسبقه من جوائز الممثلين (4 أبريل «نيسان») إلى «البافتا» البريطاني (11 أبريل) ومن جوائز جمعية المخرجين (10 أبريل) إلى جوائز جمعية مديري التصوير (18 أبريل).
ليست المرّة الأولى التي تحتشد فيها كل هذه الجوائز في موسم واحد، لكنّها، على الأرجح، المرّة الأولى التي تمتد فيها لخارج شهر فبراير (شباط) بأشواط.
‫ألم يكن تقديم ترشيحات الأوسكار وبالتالي حفله السنوي في الأعوام الماضية من أجل التقليل من تأثير الجوائز الأخرى عليه؟ ما الذي ‬حصل بحيث خلقت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية هذا التباعد بين مناسبتي الترشيحات الرسمية والحفل الفعلي لأربعة أسابيع طويلة؟
الجواب هنا يكمن في ‫الاضطراب الشامل الذي أصاب جميع المناسبات بسبب الوباء المعروف. تغيّرت التواريخ واختلفت الجداول وأول ما أعلنت الأكاديمية تأجيل حفلها للخامس والعشرين من الشهر المقبل، حتى أجّلت الجمعيات الرئيسية (في التمثيل والكتابة والإخراج والتصوير الخ...) حفلاتها، التي كانت سابقاً ما تُقام في الشهر الثاني.‬

سوابق أولى

التأثير المنتظر على نتائج الأوسكار من جراء إطلاق جوائز أخرى مسبقة سيكون ملحوظاً ليس لأنّ أعضاء الأكاديمية (أكثر من 9000 عضو) يتخذون قراراتهم بناءً على قرارات سواهم، بل لأنّهم - في الغالب - أعضاء في الجمعيات الأخرى. فمن يربح التمثيل في نتائج جمعية الممثلين آيل، على الغالب، للفوز ثانية بالأوسكار في هذا المجال، وهكذا دواليك.
الترشيحات بحد ذاتها، وكما أعلنت صباح يوم الأحد، موحية بالكثير من الإثارة. كرات متعددة رُميت على الملعب في آن واحد وبألوان جديدة. مثلاً لأول مرّة في تاريخ الأوسكار هناك امرأتان من بين المرشّحين الخمسة لأوسكار أفضل مخرج (هما إميرالد فَنل وكلووي زاو). لأول مرّة، في تاريخ الأوسكار، هناك 10 ترشيحات من نصيب شركة بث مباشر على النت (نتفليكس). لأول مرة، في تاريخ الأوسكار، هناك مخرجة لديها أربعة ترشيحات معاً، ولأول مرّة هذه المخرجة ليست بيضاء البشرة (زاو).
لأول مرّة أيضاً هناك فيلم بكامله من إنتاج وشغل وتنفيذ أفرو - أميركيين يدخل سباق أفضل فيلم، هو «جوناس والمسيح الأسود». ولأول مرّة 9 ممثلين من أعراق غير أنغلو - ساكسونية تتنافس في القوائم الأربعة للممثلين والممثلات (أفضل ممثل وأفضل ممثلة وأفضل ممثل مساند وأفضل ممثلة مساندة).
وهناك سابقة أخرى ربما هي الأغرب: لأول مرّة مجموع الأفلام المتنافسة على أوسكار أفضل فيلم (ثمانية أفلام) لا يرتفع لأكثر من 20 مليون دولار. سابقاً ما كانت معظم الأفلام المرشّحة تحلّق بإنجازات تجارية تفوق الـ400 مليون دولار عالمياً. الفيلم المستقل بينها كان يسجّل من 20 إلى 50 مليون دولار وأحياناً ضعف ذلك.
ضم إلى ما ذُكر من سوابق حقيقة أنّها المرّة الأولى يدخل فيها فيلم من إنتاج تونسي سباق أفضل فيلم عالمي (أجنبي سابقاً). فيلم كوثر بن هنية ومنتجاه المنفّذان نديم شيخروحا وحبيب عطيا يدخل محفوفاً باحتمالات عالية للفوز إذا ما استمر ذلك الزخم من حوله.
إنه فصل جديد من تاريخ الأوسكار يواكب فصلاً جديداً من الحياة حولنا. هناك دواعي كورونا في دفع هذا الاحتفال وسواه إلى الشهر المقبل (لعل نسبة المتابعين له ترتفع عما كانت عليه في السنوات السابقة ناهينا عن احتمال وجود حشد معقول من السينمائيين الحاضرين فعلاً) لكن هناك دواعي أخرى أهم تقف وراء هذا التنوّع في العناصر البشرية أمام الكاميرا وخلفها.
لا ننسى هنا أنّ آخر مرّة حدث أن خلت الترشيحات من أفرو - أميركيين (أو من أي عنصر بشري آخر) كان سنة 2016، عندما تنافس ليوناردو ديكابريو وبرايان كرانستون ومات دامون وإيدي ردماين ومايكل فاسبندر على جائزة أفضل ممثل في دور رئيسي (فاز بها ديكابريو عن «المنبعث»). نسائياً في مجال الدور الأول ذاته تنافست كايت بلانشت وجنيفر لورنس وبري لارسون وساويرس رونان وشارلوت رامبلينغ (وفازت بري لارسون عن «غرفة»). الحال ذاته بالنسبة للممثلين في أدوار مساندة (سيلفستر ستالون، وكريستيان بايل، ومارك ريلانس، ومارك روفالو، وتوم هاردي) وبالنسبة للممثلات في أدوار مساندة (جينيفر جيسون لي، رايتشل مكأدامز، أليسيا فيكاندير، كيت وينسلِت وروني مارا).
لكن إذا ما كان كورونا مسؤولاً عن عدم استقرار جداول الاحتفالات المذكور، فإنه مسؤول أيضاً عن طغيان شركات العروض المنزلية (يشبه التعبير «الأدوات المنزلية» لكنه تعبير جائز) على نصيب المؤسسات السينمائية التقليدية مثل وورنر ويونيفرسال وباراماونت وصوني الخ... فيلم ديفيد فينشر البيوغرافي «مانك» (من إنتاج نتفليكس) على سبيل المثال اكتسح الأفلام المتنافسة بعشرة ترشيحات في مجالات مختلفة فهو في سباق أفضل فيلم، وأفضل إخراج، وأفضل ممثل أول (غاري أولدمان)، وأفضل ممثلة مساندة (أماندا سيفرايد)، وأفضل تصوير (إريك مسرشميت) وأفضل موسيقى (ترنت رزنور وإتيكوس روس)، وأفضل صوت (كن كلايس وأربعة آخرون) وأفضل تصميم ملابس (تريش سمرڤيل) وأفضل تصميم شعر وتجميل (كمبرلي سبيتيري وجيجي ويليامز).

أوسكار أفضل فيلم

مفتاح كل شيء يكمن في سباق أفضل فيلم وهذا شمل ثمانية أفلام هذه السنة هي:
* الأب The Father
* جوداس والمسيح الأسود Judas and the Black Messiah
* مانك Mank
* ميناري Minari
* نومادلاند Nomadland
* امرأة شابة واعدة Promising Young Woman
* صوت المعدن Sound of Metal
* محاكمة شيكاغو 7 The Trial of the Chicago 7
اثنان من هذه الأفلام هما من نوع السيرة وهما «مانك» عن جزء من حياة كاتب السيناريو الأميركي هرمان مانكفيتز و«جوداس والمسيح الأسود» عن العميل بل أونيل الذي دسّته الـ«إف بي آي» في السبعينات للتجسس على فرع «الفهود السود» في شيكاغو.
شيكاغو هي مكان أحداث هذا الفيلم وفيلم «محاكمة شيكاغو 7».
فيلمان من بين المذكورة من إخراج نساء هما «نومادلاند» لكلووي زاو و«امرأة شابّة واعدة» لإميرالد فَنل.
فيلمان دراميان من النوع الاجتماعي المحض هما «الأب» و«ميناري».

‫أفضل إخراج‬

عند الانتقال إلى قائمة المخرجين نجد الأسماء التالية:
* توماس فنتربيرغ عن «جولة أخرى» (Another Round)
* ديفيد فينشر عن «مانك»
* لي أيزاك تشونغ عن «ميناري»
* كلووي زاو عن «نومادلاند»
* إميرالد فَنل عن «امرأة شابة واعدة».
المثير للملاحظة هنا غياب سبايك لي عن هذه الرزمة من الأسماء. أحد أفضل أفلامه في السنوات العشرة الأخيرة على الأقل هو «دا فايف بلودز»، تمّ تجاهله من سباق أفضل فيلم ومن سباق أفضل مخرج. في المقام السابق لا بد أن «جوناس والمسيح الأسود» لشاكا كينغ غطّى على جهد سبايك لي في فيلمه. كلاهما يعود إلى الأمس: «جوناس...» إلى السبعينات و«دا فايف بلودز» ينتقل (في داخل الدراما) إلى صلب اشتراك الأفرو - أميركيين في الحرب الفيتنامية.
كلاهما غاضب لكن «جوناس...» أكثر غضباً. هذا لم يشفع له دخول سباق المخرجين كحال سبايك لي الذي وجد نفسه خارجها أيضاً.
وجود توماس فنتربيرغ في قائمة المخرجين ينتمي إلى تقليد حديث بدأ بضم الألماني ميشيل هانيكه سنة 2013، عن فيلمه «حب» (والفيلم بدوره نافس على أوسكار أفضل فيلم ولو أن «أرغو» الأميركي هو الذي ربح) والبولندي بافل بوليكوفسكي عن فيلم «حرب باردة» والمكسيكي ألفونسو كوارون سنة 2019 (الأول عن فيلمه «حرب باردة» والثاني عن فيلمه «روما») وفي العام الماضي شهدنا دخول الكوري بونغ دجون هونغ المحراب بفيلمه «طفيلي».

‫ممثل في دور أول‬

المرشّحون الخمسة هنا هم:
* ريز أحمد عن «صوت المعدن»
* شادويك بوزمن عن «مؤخرة ما رايني السوداء» Ma Rainey‪’‬s Black Bottom
* أنطوني هوبكنز عن «الأب»
* غاري أولدمن عن «مانك»
* ستيفن يون عن «ميناري».
‫بوزمن، الذي فاز بجائزة غولدن غلوب كأفضل ممثل هذا العام، هو الممثل السابع الذي رُشّح لهذه الجائزة وهو ميّت (كان رحل قبل نحو 7 أشهر نتيجة السرطان). أول هؤلاء جيمس دين الذي رُشّح مرّتين بعد وفاته سنة 1955، بحادث سيارة. الأولى سنة 1956 عن «شرق عدن» والثانية سنة 1956 عن «عملاق».‬
إذا ما فاز بوزمن بالأوسكار (هذا ما يتوقعه عديدون) فإنّه سيكون الممثل الثاني في التاريخ الذي يفوز بأوسكار «أفضل ممثل في دور أول» بعد بيتر فينش الذي توفي في الشهر الأول من سنة 1977، أي قبل أسابيع من إعلانه فائزاً بالجائزة.
المسلم ريز أحمد (بريطاني من أصول باكستانية) والكوري ستيفن يون يصلان إلى الترشيحات الرسمية لأول مرّة. بينما يدخل البريطانيان غاري أولدمن وأنطوني هوبكنز مجدداً. أولدمن للمرّة الثالثة وكان فاز قبل ثلاث سنوات عن Darkest Hours وهوبكنز نافس ست مرّات ونالها مرّة واحدة عن Silence of the Lambs سنة 1992.
وكما غاب سبايك لي عن ترشيحات الإخراج (وفيلمه عن ترشيحات الأفلام) غاب ممثله دلروي ليندو عن هذه القائمة.
‫ممثلة في دور أوّل ‬
المرشّحات الخمس هنا هنّ:
* فيولا ديفيس عن «مؤخرة ما رايني السوداء».
* أندرا داي عن The United States v‪.‬ Billie Holiday
* فينسيا كيربي عن Pieces of a Woman
* فرنسيس ماكدورمناد عن «نومادلاند»
* كاري موليغن عن «امرأة شابّة واعدة».
الممثلة الأفرو - أميركية ديفيز هي الأولى من بين الممثلات السود اللواتي رُشّحن 4 مرّات. هي وأندرا داي عن «الولايات المتحدة ضد بيلي هوليداي» الوحيدتان من أصول أفريقية وكل الممثلات المذكورات قدّمن هنا أداءات رائعة في مستوياتها، ولو أنّ على المرء أن يقول أن فرنسيس ماكدورمناد قدّمت حضوراً وليس تمثيلاً في «نومادلاند».
‫ممثلة في دور مساند ‬
هناك بلغارية وكورية وبريطانيتان وأميركية واحدة!
* ماريا باكالوفا عن «بورات 2».
* غلن كلوز عن Hillbilly Elegy
* أوليفيا كولمن عن «الأب».
* أماندا سيفرايد عن «مانك».
* يوه - جونغ يون عن «ميناري».
‫مفارقة غريبة هنا تكمن في أنّ الممثلة غلن كلوز (واحدة من أهم ممثلات السينما الأميركية والمرشّحة الأكبر سناً هنا، 73 سنة) رُشحت حتى الآن 8 مرّات ونالت صفر أوسكار. الأغرب أنّها تنافست مع أوليفيا كولمن قبل عامين، هي عن «الزوجة» وكولمن عن «المفضّلة» (The Favourite). حينها فازت كولمن بأوسكار أفضل ممثلة أولى عن دورها في ذلك الفيلم وخرجت غلن خالية الوفاض.‬
تغيب جودي فوستر عن هذه القائمة وهي الممثلة التي نالت غولدن غلوبز كأفضل ممثلة في دور مساند عن فيلم «الموريتاني». وليست وحدها في هذا الشأن، فبطل هذا الفيلم طاهر رحيم لم يدخل نطاق الترشيحات الرجالية الأولى، كما نلاحظ، أسوة بزملائه الأربعة الذين شاركوه المنافسة على الغولدن غلوبز وهم ريز أحمد وأنطوني هوبكنز وغاري أولدمن وشادويك بوزمن الذي فاز بها.
ممثل في دور مساند
* ساشا بارون عن «محاكمة شيكاغو 7»
* دانيال كالويا عن «جوداس والمسيح الأسود».
* لسلي أودوم جونيور عن «ليلة في ميامي»
* بول راسي عن «صوت المعدن»
* لاكيث ستانفيلد عن «جوداس والمسيح الأسود».
في هذا النطاق، لا بد أنّ المسألة المحيّرة للعديد من المُصوّتين هي من هو بطل فيلم «جوداس والمسيح الأسود» فعلاً؟ دانيال كالويا الذي لعب دور رئيس فرع «الفهود السود» في شيكاغو أو لاكيث ستانفيلد الذي لعب دور المندس. لا ندري بعد ذلك كيف حدث أن تم اعتبار الممثلين مساندين في الفيلم (ما أتاح بالطبع لممثلين آخرين من أفلام أخرى احتلال ترشيحات أفضل ممثل أوّل).
هناك ممثل أفرو - أميركي ثالث في هذا السباق هو ليزلي أودوم جونيور الذي لعب في فيلم متعدد البطولات كذلك هو «ليلة في ميامي».
الأفلام الأخرى
* أفضل فيلم عالمي:
لا يجوز هنا التوقف عند كلمة «عالمي» عوض «أجنبي» لتفسيرها من جديد، لكنّ الاسم السابق كان أكثر وضوحاً ولو من باب أنّ السينما الأميركية هي أكثر سينمات العالم... عالمية.
لديها خمسة أفلام على كل منها أن يشق طريقاً صعباً للوصول.
«الرجل الذي باع جلده» (تونس) و«كيوفاديس، عايدة» (بوسنيا وهرزغوفينا) و«جماعي» (رومانيا) و«أيام أفضل» (هونغ كونغ) و«جولة أخرى» (دنمارك).
مثل تونس فإنّ الاشتراك الآتي من رومانيا هو الترشيح الأول لفيلم من هناك. بينما الدنمارك سبق ووصلت إلى مرتبة الترشيحات 12 مرّة سابقة وتقف الآن في سدّة هذه الترشيحات رغم منافسة شديدة من الفيلم التونسي لكوثر بن هنية.
* أفضل فيلم تسجيلي أو وثائقي:
«جماعي» Collective هو الفيلم الثاني في تاريخ الأوسكار الذي يرشّح لأوسكارين فهو في عداد المتنافسين على جائزة أفضل فيلم عالمي والمتنافسين في جائزة أفضل فيلم تسجيلي. الأفلام الأخرى هي:
«كريب كامب» و«مول آجنت» و«أستاذي الأخطبوط» (My Cotopus Teacher) و«زمن» (Time).
في «كريب كامب» يوفر المخرجان جيمس لبرشت ونيكول نيونهام نظرة على معسكر شيّد للمعاقين. أما «أستاذي الأخطبوط» فمن أغرب ما يمكن مشاهدته على شريط تسجيلي (أو روائي): صداقة بين رجل (كريغ فوستر) وأخطبوط يعيش على شاطئ جنوب أفريقيا.
من جنوب أفريقيا إلى تشيلي في «العميل الجاسوس» لميتي ألبردي حيث يتعقّب تحر خاص وضع بيت للعجزة يسيئ معاملة مرضاه. في الولايات المتحدة تكافح زوجة رجل مسجون لـ60 سنة لإطلاق سراحه وذلك في فيلم غارت برادلي «زمن». أما «جماعي» للروماني ألكسندر ناناو فيدور عن فضيحة في شركة التأمين الصحي الحكومية أبطالها محررون في صحيفة «غازيتا سبورتوريلور».
يجب القول هنا إنّ هذا الفيلم ليس تسجيلياً صافياً ولا روائياً صافياً بل جمع بين الاثنين.
* أفضل فيلم أنيميشن:
فيلمان من شركة بيكسار هما «قُدماً» (Onward) و«صول» (Soul) وكلاهما يتقدّمان، حسب الاستطلاعات الأفلام المشاركة في هذا القسم. الأفلام الأخرى «على القمر» وA Shaun the Sheep Movie وكلاهما من شركة نتفليكس (أفضلهما الثاني). والفيلم الخامس هو «وولفووكرز» من إنتاج «آبل تي في».
سينمائيون
نحن هنا في أرض الإبداعات الخلفية، وفي حدود ثلاثة منها: الكتابة للسينما والتصوير والمونتاج.
* أفضل سيناريو عن نص آخر:
السيناريوهات الخمسة تنقسم هنا إلى عملين مأخوذين عن مسرحيات هما «ليلة في ميامي» (من تأليف كمب باورز) و«الأب» عن مسرحية بالاسم نفسه كان المخرج فلوريان زَلر قدّمها على الخشبة.
سيناريو عن كتاب غير روائي هو «نوماندلاند» الذي ألّفته جيسيكا برودر كأدب رحلات. أما سيناريو «النمر الأبيض» فهو عن رواية وضعها الهندي أرافند أديغا ونقلها الأميركي (من أصل إيراني) رامين بحراني.
السيناريو الخامس يبدو دخيلاً فهو مبني على شخصية أداها الممثل ساشا بارون كوهن في فيلمه السابق «بارات» وهو هنا بمناسبة فيلمه الثاني «بارات 2» أو «ملحق فيلم بورات» كما عنوانه المعتمد.
* أفضل سيناريو أصلي:
المنافسة صعبة ومثيرة هنا بين نص آرون سوركِن «محاكمة شيكاغو 7» (وهو كاتب متمرّس سبق وأن نال الأوسكار عن «ذا سوشال نتيوورك» سنة 2011 وأربعة أفلام أفضلها «جوداس والمسيح الأسود» الذي شارك في كتابته المخرج نفسه شاكا كينغ. السيناريوهات الثلاث الأخرى هي لأفلام «ميناري» و«امرأة شابّة واعدة» و«صوت المعدن».
* أفضل تصوير سينمائي:
الأفلام الخمسة التي تم ترشيحها للأوسكار في هذا السياق هي:
«مانك» و«جوداس والمسيح الأسود» و«أخبار العالم» و«نوماند» و«محاكمة شيكاغو 7».
«مانك» هو وحيدها بالأبيض والأسود صوّره إريك ميسرشميت بنجاح معتدل لا يتساوى مطلقاً مع نجاح «المواطن كين» الذي هدف هذا الفيلم لسرد بعض جوانب صنعه.
تصوير داريوش فولسكي لـ«أخبار العالم» جيد وعادي في الوقت ذاته. يلتقط الغرب الأميركي المفتوح كما لا بد أن يفعل، لكن بكاميرا محمولة أكثر مما يجب. في السياق ذاته تصوير جوشوا جيمس ريتشاردز لفيلم «نومادلاند» لكن التصوير بكاميرا محمولة مناسب هنا وضروري أكثر من تصوير فولسكي في «أخبار العالم».
التصوير الذي قام به شون بوبِت لفيلم «جوناس...» يحتمل البحث في تفاصيله كما الحال في «نومادلاند» أما فيلم «محاكمة شيكاغو سبعة» (من تصوير فيدون بابامايكل) فلم يُشاهد الفيلم بعد للحكم له أو عليه.
* أفضل توليف:
كل الأفلام التي وردت في هذا الفيلم ترد في هذه المسابقة وهي «الأب» (من توليف يورغوس لامبرنوس بفاعلية)، و«نومادلاند» (من توليف مخرجة الفيلم كلووي زاو محافظة على نبرته وسياقه)، و«امرأة شابة واعدة» (من توليف فردريك ثورافل) و«صوت المعدن» (توليف ميكل نيلسن)، و«محاكمة شيكاغو 7» (توليف ألان بومغارتن).


مقالات ذات صلة

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

شؤون إقليمية الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

الوثائقي «ملفات بيبي» في مهرجان تورونتو يثير غضب نتنياهو

يتناول الفيلم تأثير فساد نتنياهو على قراراته السياسية والاستراتيجية، بما في ذلك من تخريب عملية السلام، والمساس بحقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
يوميات الشرق المخرج الإيراني أصغر فرهادي الحائز جائزتَي أوسكار عامَي 2012 و2017 (إدارة مهرجان عمّان السينمائي الدولي)

أصغر فرهادي... عن أسرار المهنة ومجد الأوسكار من تحت سماء عمّان

المخرج الإيراني الحائز جائزتَي أوسكار، أصغر فرهادي، يحلّ ضيفاً على مهرجان عمّان السينمائي، ويبوح بتفاصيل كثيرة عن رحلته السينمائية الحافلة.

كريستين حبيب (عمّان)
يوميات الشرق تمثال «الأوسكار» يظهر خارج مسرح في لوس أنجليس (أرشيفية - أ.ب)

«الأوسكار» تهدف لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار

أطلقت أكاديمية فنون السينما وعلومها الجمعة حملة واسعة لجمع تبرعات بقيمة 500 مليون دولار.

«الشرق الأوسط» (لوس انجليس)
يوميات الشرق الممثل الشهير ويل سميث وزوجته جادا (رويترز)

«صفعة الأوسكار» تلاحقهما... مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية تُغلق أبوابها

من المقرر إغلاق مؤسسة «ويل وجادا سميث» الخيرية بعدما شهدت انخفاضاً في التبرعات فيما يظهر أنه أحدث تداعيات «صفعة الأوسكار» الشهيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق أبطال المنصات (مارتن سكورسيزي وبرادلي كوبر) يغادران «أوسكار» 2024 بوفاضٍ خالٍ

هل تخلّت «الأوسكار» عن أفلام «نتفليكس» وأخواتها؟

مع أنها حظيت بـ32 ترشيحاً إلى «أوسكار» 2024 فإن أفلام منصات البث العالمية مثل «نتفليكس» و«أبل» عادت أدراجها من دون جوائز... فما هي الأسباب؟

كريستين حبيب (بيروت)

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)