السكتات الدماغية الصغيرة تخلف مشكلات كبرى

تحذيرات من تجاهل أعراض نوبات انسداد الأوعية الدموية العابرة

السكتات الدماغية الصغيرة تخلف مشكلات كبرى
TT

السكتات الدماغية الصغيرة تخلف مشكلات كبرى

السكتات الدماغية الصغيرة تخلف مشكلات كبرى


تعتبر نوبات نقص التروية الدموية العابرة (السكتات الدماغية الصغيرة) بمثابة تحذير من إمكانية التعرض لسكتة دماغية كاملة. لذا، عليك ألا تتجاهلها.
كل عام، يصاب ما يقدر بـ795 ألف شخص بسكتة دماغية للمرة الأولى في حياتهم، وثمة احتمال كبير بأن يكون قد جرى تحذيرهم إزاء هذا الأمر سلفاً. إذ إن نوبات نقص التروية العابرة Transient ischemic attacks (TIAs)،، والمعروفة كذلك بـ«السكتات الدماغية الصغيرة»، تتشارك في الكثير من الأعراض الشائعة للسكتات الدماغية. ومع ذلك، غالباً ما تتسم هذه الأعراض خلال النوبات العابرة بكونها خفيفة وتدوم فترة وجيزة فحسب، الأمر الذي يفسر السبب وراء عدم التفات الغالبية إليها أو تجاهلهم إياها.
وتقول د. إريكا كامارغو فايي، طبيبة أعصاب متخصصة في السكتات الدماغية بمستشفى ماساتشوستس العام التابع لجماعة هارفارد: «تمثل نوبات نقص التروية العابرة جرس الإنذار الذي يطلقه الجسم للتنبيه إلى أنك تواجه مخاطر مرتفعة للإصابة بسكتة دماغية كاملة، وعليك الإنصات لهذا التحذير».

- أنماط مختلفة للانسداد
تحدث نوبات نقص التروية الدموية العابرة عندما لا يصل قدر كافٍ من الدم المحمل بالأكسجين لجزء من المخ. وغالباً ما يكون السبب الرئيسي وراء ذلك تراكم ترسبات من اللويحات الدهنية داخل شرايين الرقبة، مثل الشريان السباتي carotid artery، أو داخل المخ ذاته. وتؤدي هذه اللويحات إلى تضيق الشرايين وكذلك تكوين جلطة دموية فوق اللويحة، ما يجعل من الصعب تدفق الدم عبرها.
ويتمثل سبب آخر في وجود جلطة دموية داخل القلب أو الشريان السباتي تنفصل وتنتقل إلى المخ لتتسبب في انسداد الأوعية الدموية هناك مؤقتاً. وبالمثل، يمكن أن يؤدي انخفاض ضغط الدم إلى تباطؤ تدفق الدم عبر الجزء الضيق من شريان ما.
وتتسم نوبات النقص التروية العابرة بأعراض مشابهة لتلك الخاصة بالسكتات الدماغية المعتادة، وتتضمن واحدة أو أكثر مما يلي، تبعاً لما أوضحته مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها:
> خدر أو ضعف في الوجه أو الذراع أو الساق، خاصة في جانب واحد من الجسم.
> الارتباك وحدوث مشكلات في الحديث أو استيعاب الكلام وتشوش الكلام.
> حدوث مشكلات في الرؤية، بما في ذلك ازدواج الرؤية، أو فقدان الرؤية في إحدى العينين، أو فقدان الرؤية في جانب واحد من المجال البصري.
> المعاناة من صعوبة في المشي أو شعور بالدوار أو فقدان التوازن.
في العادة، تستمر نوبات نقص التروية العابرة ما بين حوالي 30 ثانية إلى 10 أو 20 دقيقة، وإن كان من الممكن استمرارها لما يصل إلى ساعة أو أكثر. وعن هذا، قالت د. كامارغو: «يمكن أن تحدث نوبات نقص التروية العابرة أثناء النوم، وقد لا يعلم المرء بحدوثها قط».
وغالباً ما تتكرر نوبات نقص التروية العابرة دون أن تتبع نمطاً بعينه، وأضافت د. كامارغو: «يمكن أن تظهر الأعراض ذاتها، أو تظهر أعراض أخرى جديدة. أما الأمر الأقل شيوعاً فهو أن تزداد النوبات سوءاً على نحو تدريجي».
وأضافت: «قد يكون من الصعب التعرف على النوبات لأن الأشخاص الذين يصابون بها غالباً ما يلقون باللوم على أعراض الشيخوخة الطبيعية عن ظهور أعراض مثل التعثر فجأة أثناء السير، أو صعوبة التفوه بالكلمات الصحيحة، أو الشعور بالدوار. ونظراً لأن نوبات نقص التروية العابرة لا تدوم طويلاً ولا تترك دوماً تأثيراً فورياً يستمر إلى الأبد، يسهل على الأفراد تجاهلها».

- رصد السكتة الدماغية
صاغت الجمعية الأميركية للسكتات الدماغية مصطلحاً مختصراً، «فاست» FAST، لمعاونة الناس على التعرف على أعراض السكتات الدماغية لدى أنفسهم والآخرين. ويرمز المصطلح الموجز «فاست» إلى تدلي الوجه Face drooping، وضعف الذراع Arm weakness، وحدوث صعوبة في الكلام Speech difficulties وضرورة الاتصال برقم الطوارئ Time to call 911. إلا أن بعض الأطباء يقترحون إضافة حرفين آخرين: «بي» balance في إشارة إلى التوازن، بمعنى حدوث فقدان مفاجئ للتوازن، و«إي» في إشارة للعينين eyes، بمعنى حدوث ضبابية في الرؤية أو فقدان الرؤية في واحدة من العينين أو كلتيهما، الأمر الذي يساعد على رصد المزيد من السكتات الدماغية المحتملة.
من جهتها، قالت د. كامارغو: «يتسم قرابة ثلثي السكتات الدماغية الكبرى بواحدة أو أكثر من هذه العلامات».

- انتبه للمخاطر
لا تعتبر نوبات نقص التروية العابرة مؤشراً مؤكداً على أنك ستصاب بسكتة دماغية في المستقبل، وإنما تنبهك فقط إلى أنك تواجه خطراً كبيراً. ووفقاً لجمعية القلب الأميركية، فإن قرابة ما بين 9 في المائة و17 في المائة ممن يتعرضون لنوبة نقص تروية عابرة يصابون بسكتة دماغية في غضون 90 يوماً.
في هذا الصدد، أوضحت د. كامارغو أنه «إذا لاحظت ظهور أي من هذه الأعراض، حتى وإن استمرت لثوانٍ فحسب، يجب أن تتعامل معها كما لو كانت سكتة دماغية كبيرة تتطلب رعاية صحية فورية».
واستطردت بأن «هذا القول ينطبق حتى لو كنت تعاني من أعراض تشبه أعراض نوبات نقص التروية العابرة، مثل الدوار جراء انخفاض ضغط الدم». وأضافت: «من الأفضل دوماً توخي الحذر، ومناقشة الأعراض على الأقل مع طبيبك».

- الوقاية من النوبات
تشترك نوبات نقص التروية العابرة والسكتات الدماغية العادية كذلك في العديد من عوامل الخطر، مثل التدخين وارتفاع ضغط الدم والإفراط في تناول الكحوليات ومرض السكري وارتفاع مستوى الكوليسترول في الدم والزيادة المفرطة في الوزن.
وهناك حالة طبية أخرى مرتبطة بنوبات نقص التروية العابرة هي الرجفان الأذيني أو عدم انتظام نبضات القلب. ويمكن أن تؤدي إلى غياب الاتساق عن حركة الأذينين (الغرفتين العلويين بالقلب) إلى تكون جلطة دموية يمكنها أن تنتقل بعد ذلك إلى الدماغ وتسبب نوبة نقص تروية عابرة.
وتشير بعض الأبحاث إلى أن الإفراط في كميات العلاج ببدائل تستوستيرون يمكن أن تزيد مخاطرة إصابة الرجال بأمراض القلب والأوعية الدموية، ما يزيد خطر التعرض لنوبة نقص تروية عابرة وسكتة دماغية.
وقالت د. كامارغو: «من الضروري أن يخضع الرجال لفحوصات منتظمة لرصد هذه المشكلات كي يتمكنوا من إجراء تغييرات مناسبة في النظام الغذائي ونمط الحياة».

- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

عالم الاعمال «فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

«فقيه» تختتم أعمال مؤتمرها الثالث باتفاقيات نوعية لمشروعات واعدة

اختتمت مجموعة «فقيه» للرعاية الصحية، الأربعاء، أعمال مؤتمرها السنوي الثالث، الذي عقد بمشاركة نخبة من الخبراء السعوديين والدوليين المتخصصين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك النوم خلال اليوم قد يشير إلى أنك معرّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف (أرشيفية - رويترز)

النوم خلال اليوم قد يشير إلى ارتفاع خطر إصابتك بالخرف

إذا وجدت نفسك تشعر بالنعاس خلال اليوم، أثناء أداء أنشطتك اليومية، فقد يشير ذلك إلى أنك معرَّض لخطر أكبر للإصابة بالخرف، وفقاً لدراسة جديدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جانب من «مؤتمر الطبّ التجميلي» الذي استضافته الرياض (الشرق الأوسط)

جراحات التجميل للرجال في السعودية... إقبالٌ لافت لغايات صحّية

احتلّت السعودية عام 2023 المركز الثاني عربياً في عدد اختصاصيي التجميل، والـ29 عالمياً، في حين بلغ حجم قطاع الطبّ التجميلي فيها أكثر من 5 مليارات دولار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
صحتك بعض الأطعمة يسهم في تسريع عملية الشيخوخة (رويترز)

أطعمة تسرع عملية الشيخوخة... تعرف عليها

أكدت دراسة جديدة أن هناك بعض الأطعمة التي تسهم في تسريع عملية الشيخوخة لدى الأشخاص بشكل ملحوظ، داعية إلى تجنبها تماماً.

«الشرق الأوسط» (روما)
الخليج النسخة السابقة من القمة شهدت توقيع 11 اتفاقية تعاون مع جهات عالمية (وزارة الحرس الوطني)

انطلاق «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» الثلاثاء

يرعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان النسخة الثالثة من «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» التي تنطلق أعمالها يوم الثلاثاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء
TT

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

عوامل مؤثرة في صحة ميكروبات الأمعاء

كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة البيئة العالمية Environment International في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام الحالي لباحثين من فنلندا، عن تأثير عوامل الحياة المختلفة في تكوين البكتيريا المعوية المفيدة gut microflora أثناء فترة الطفولة المبكرة. وشملت هذه العوامل طريقة الولادة، والبيئة التي ينشأ فيها الطفل، ووجود أشقاء من عدمه، والتطعيمات المختلفة والمضادات الحيوية، وطريقة التغذية، وأيضاً عدد المساحات الخضراء المحيطة بالسكن.

ميكروبات الأمعاء

حدَّد الباحثون ثلاثة أهداف رئيسية للبحث الأول: معرفة إلى أي مدى يبلغ نضج ميكروبات الأمعاء أثناء مرحلة الرضاعة. والثاني: معرفة تأثير البيئة على تغيير مجتمع البكتيريا في الأمعاء في الرضاعة المبكرة والمتأخرة. والثالث: معرفة إلى أي مدى يوجد ارتباط بين مقاييس المساحات الخضراء السكنية وصحة ميكروبات أمعاء الرضع؛ لكي تكون نتائج الدراسة ملمة بكل الجوانب.

راجع الباحثون بيانات من دراسات طولية أُجريت في فنلندا لرصد خطوات النمو الصحي للأطفال (STEPS) من جوانب عدة. وضمت هذه الدراسات أمهات فنلنديات وسويديات ولدن أطفالهن بين عامي 2008 و2010 في مستشفى فنلندي معين (مستشفى جنوب غرب فنلنداHospital District of Southwest Finland).

كما شملت الدراسات أيضاً مجموعة فرعية من الرضع مشتقة من المجموعة الأصلية تمت متابعتهم بشكل دقيق جداً. وتم تقسيم الرضع المشاركين إلى مجموعات فرعية حسب فترات الرضاعة. وشملت المجموعة الأولى الرضاعة المبكرة التي تتراوح بين (0.5 و5 أشهر) والرضاعة المتأخرة التي تتراوح بين (11 و17 شهراً).

تضمنت البيانات كل ما يخص الرضع وأسرهم مثل حالة الأسرة الاجتماعية والاقتصادية والتركيبة السكانية للمنطقة التي تعيش فيها الأسرة (وجود أعراق عدة) بجانب السجلات الطبية والتاريخ المرضي للآباء وبشكل خاص الأمهات. وأيضاً تم جمع 1823 عينة براز من الرضع لتوصيف ميكروبات الأمعاء حسب تسلسلها وتم استخدام طرق حديثة في تحليل البراز لاستخراج الحمض النووي (دي إن إيه) لعائلات البكتيريا النافعة.

كما كانت هناك أيضاً بيانات إضافية عن جميع الظروف المحيطة بولادة الطفل، بداية من فترة الحمل وحتى انتهاء فترة الرضاعة من خلال البيانات الرسمية بجانب إجابة الآباء عن أسئلة عدة، مثل: هل تمت ولادة الطفل في الموعد المحدد لولادته؟ وهل كانت هناك مشاكل معينة في الحمل؟ وما هي الطريقة التي تمت بها الولادة... طبيعية أم قيصرية؟ وهل تم حجز الطفل في الحضانة بعد ولادته؟ ما هو وزن الطفل عند الولادة؟ طريقة الرضاعة وهل كانت طبيعية؟ في حالة استخدام اللبن الصناعي، ما هو نوع اللبن وهل كانت هناك حساسية من نوع معين؟ هل تناول الرضيع أي أدوية في مرحلة الرضاعة المبكرة؟ هل تناول الرضيع مضاداً حيوياً في الرضاعة المبكرة أو المتأخرة؟

وتم استخدام بيانات مركز تسجيل السكان في فنلندا لمعرفة الظروف البيئية لمسكن كل أسرة، بالإضافة إلى البيانات الخاصة بالمعلومات الجغرافية للمكان. وتقيم هذه المعلومات نسبة الغطاء النباتي السكني لكل أسرة مقارنة بعدد السكان ومساحة الأرض الكلية، وأيضاً معلومات عن المساحات الخضراء في منطقة الجوار لأسرة كل رضيع والأماكن المفتوحة المحيطة بمكان السكن.

عوامل تشكيل الميكروبات

وأظهرت التحليلات التي تناولت العوامل المؤثرة على تكوين أمعاء الرضع أن العمر هو العامل الرئيسي في تشكيل الميكروبات المعوية. وفي مرحلة الرضاعة المبكرة من عمر الطفل هناك نوع معين من البكتيريا Actinobacteriota يكون هو السائد بنسبة (54 في المائة)، أما في مرحلة الرضاعة المتأخرة فيسود نوع آخر من البكتيريا؛ ما يسلط الضوء على أن عامل العمر فقط كان مسؤولاً عن نحو 9 في المائة من تنوع واختلاف أنواع البكتيريا.

وقال الباحثون إن الدراسات السابقة تعاملت مع الفئة العمرية من عمر يوم وحتى ثلاث سنوات على أنها فئة عمرية واحدة. لكن حسب الدراسة الحالية، هناك فرق واضح بين الرضاعة المبكرة حتى عمر 5 أشهر والرضاعة المتأخرة حتى عمر عام ونصف العام. ولذلك؛ تجب على الأبحاث المستقبلية مراعاة الفئات العمرية في نماذج الدراسة التي تركز على الرضع.

أظهرت النتائج أن تجمعات الميكروبات المعوية لدى الرضع ارتبطت بشكل كبير بطريقة الولادة ووجود أشقاء وعمر الأم. وفي المقابل، كانت العوامل الأقل ارتباطاً بتنوع ميكروبات الأمعاء هي: دخل الأسرة والرضاعة الطبيعية وتعرُّض الأم للمضادات الحيوية في فترة ما قبل الولادة مباشرة بجانب الوقت الذي يقضيه الطفل في الهواء الطلق.

في مرحلة الرضاعة المبكرة كانت طريقة الولادة (سواء قيصرية أو طبيعية) مسؤولة عن 0.5 في المائة من التنوع في مجتمع ميكروبات الأمعاء وانخفضت تدريجياً إلى 0.3 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المتأخرة. واللافت للنظر أن عامل وجود الأشقاء أصبح أكثر أهمية من أي عامل آخر مع الوقت، حيث تزايدت نسبة تنوع الميكروبات المعوية من 0.5 في المائة فقط في مرحلة الرضاعة المبكرة إلى 0.7 في المائة في الرضاعة المتأخرة. وبشكل عام ارتبط وجود الأشقاء بزيادة اختلاف ميكروبات الأمعاء (ظاهرة صحية) في كلتا الفئتين العمريتين.

ولعبت المساحات الخضراء دوراً مهماً في تباين الميكروبات المعوية في مرحلة الرضاعة المتأخرة، بينما لعبت دوراً أقل أهمية في الفئة العمرية الأصغر، وربما يكون ذلك بسبب بقاء الرضع في المنازل المغلقة معظم الوقت في المراحل الأولى من الحياة بسبب الخوف عليهم نظراً لضعف مناعتهم ما يوضح الأهمية الكبيرة للتواجد بجوار المساحات الخضراء ليس على الجهاز التنفسي فقط، لكن أيضاً على أجهزة الجسم الداخلية ومنها ميكروبات الأمعاء.

* استشاري طب الأطفال