التخثرات الدموية.. حالة مرضية قاتلة

أدوية جديدة تقلل حدوثها ومضاعفاتها

التخثرات الدموية.. حالة مرضية قاتلة
TT

التخثرات الدموية.. حالة مرضية قاتلة

التخثرات الدموية.. حالة مرضية قاتلة

اجتمع وعلى مدار يومي 29 و30 يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 600 من اختصاصيي أمراض القلب والجهاز التنفسي وأمراض الدم وأطباء الأعصاب والطب الباطني وجراحي المخ والأعصاب والصيادلة من مختلف بلدان الشرق الأوسط، بمدينة أبوظبي لحضور مؤتمر «باير» الثاني لتوسيع الممارسة وتحسين الأبحاث المتعلقة بالتخثرات الدموية. وكان الهدف الرئيسي من هذا المؤتمر التركيز على أهمية المعرفة بسبل ووسائل تخفيف الإصابات بأمراض القلب، ومنها التخثرات الدموية.

* خثرة دموية

* الخثار Thrombosis هو تشكل خثرة دموية داخل الأوعية الدموية، لتعيق شريانا أو وعاء دمويا وتؤدي لانسداده، أو عند تحرك الخثرات في مجرى الدم لتقف في شرايين صغيرة مما يسبب تلفا في العضو الذي يصل إليه هذا الشريان بسبب انقطاع الغذاء والأكسجين عن أنسجة هذا العضو وبالتالي تلف الخلايا فيه. وقد كان لملحق «صحتك» حضور في هذه المناسبة العلمية ومناقشة بعض المتحدثين البارزين فيها كما يلي:
* ما هي التخثرات الدموية؟ وما هي أهميتها؟ أجاب الأستاذ الدكتور وائل عبد الرحمن المحاميد، رئيس المؤتمر، استشاري الأمراض القلبية ورئيس قسم الأمراض القلبية في معهد العلوم القلبية في مدينة الشيخ خليفة الطبية في أبوظبي والأستاذ المساعد في جامعة الإمارات وعضو مساعد في كليفلاند كلينيك في أوهايو، مؤكدا على أن التخثرات الدموية هي أحد الأسباب الرئيسية لأمراض القلب. يمكن أن تصيب التخثرات الدموية أي شخص في العالم في أي وقت من حياته. وتعتبر التخثرات الدموية السبب الأكثر شيوعا بين الأسباب الثلاثة الرئيسية المسببة للوفاة الناتج عن الأمراض القلبية.
وأضاف د. وائل المحاميد إلى أنه تجدر الإشارة إلى أن التخثرات الدموية هي مصطلح جامع لمرض الخثار الوريدي العميق Deep Vein Thrombosis (DVT) والانسداد الرئوي Pulmonary Embolus (PE). ويحدث الخثار الوريدي العميق مع تشكل خثرة دموية في الأوردة العميقة في الأرجل، بينما يعتبر الانسداد الرئوي حالة خطيرة تحدث عند تحرك أحد التخثرات الدموية أو جزء منها باتجاه الرئتين عن طريق القلب حيث تقوم بإحداث انسداد في أحد الشرايين، وإذا تحركت عدة تخثرات دموية أو كانت الخثرة كبيرة الحجم، أو في حالة وجود مرض قلبي أو مشكلة في الجهاز التنفسي سابقة لدى المريض، فإن الحالة سوف تقوده لفقدان حياته.
* ما مدى انتشار هذه الحالة؟
أفاد الأستاذ الدكتور موريس خوري استشاري أمراض القلب والأوعية الدموية، أستاذ مشارك في الطب السريري ويعمل في مجال كهرباء القلب وجهاز ضغط القلب الكهربائي وعلاج عدم انتظام ضربات القلب - بأن الإحصاءات العالمية تشير إلى وفاة شخص كل 37 ثانية في العالم بسبب الجلطات الوريدية Venous Thromboembolism (VTE.) مما يعني أن ما يقارب 834.000 شخص في العالم يفقدون حياتهم نتيجة أمراض القلب والأوعية الدموية.

* علاجات جديدة

* وقد أعلنت «باير» للرعاية الصحية عن منتجها ريفاروكسبان Rivaroxaban وهو مضاد تخثر يستخدم فمويا يمنح الوقاية ويمنع التخثر وهو علاج فعال ضد أمراض التخثرات الدموية. ويتميز بالمقارنة مع الأدوية السابقة بفاعلية عالية وسرعة التأثير ولا يسبب تداخلات غذائية ودوائية.
* كيف تم التحول من العلاج بالإبر المؤلم إلى العلاج الفموي؟ أشار الدكتور مجدي إدريس استشاري أمراض الرئة في مستشفى الرياض العسكري، أحد المتحدثين في المؤتمر، عضو الكلية الأميركية للأطباء والجمعية الأميركية لأمراض الصدر ورئيس الجمعية السعودية لارتفاع ضغط الدم الرئوي والرئيس السابق لقسم أمراض الرئة في مدينة الأمير سلطان الطبية العسكرية، إلى أنه بعد أن أقرت المؤسسات الرئيسية مثل المعهد الوطني للصحة والرعاية المميزة الإنجليزي والجمعية الأوروبية لأمراض القلب بأن ريفاروكسبان (الذي يعطى عن طريق الفم) يمكن أن يتغلب على القيود التي فرضت على العلاجات القديمة مثل مضادات فيتامين ك Vitamin K Antagonists، VKAs فقد أظهرت الممارسة السريرية ردود فعل إيجابية لدى المرضى الذين يستخدمون مضادات التخثر عبر الفم، ممن يعانون من الرجفان الأذيني AF والتخثرات الدموية حيث سمح لهم هذا الدواء بالتحول من الحقن المؤلمة إلى العلاج الفموي الذي لا يتطلب مراقبة دورية لتخثر الدم أو تعديلا منتظما للجرعة، وأكد على أن تناول حبة واحدة يوميا يمكن أن يحقق الحماية الأمثل.
* هل هناك دراسات وأبحاث أكدت مدى فعالية هذا العلاج؟ أكد البروفسور عادل محمد كمال الأتربي الحاصل على الدكتوراه في أمراض القلب زميل الجمعية الأوروبية والجمعية الأميركية لأمراض القلب وعضو مؤسس في الجمعية المصرية لارتفاع ضغط الدم ورئيس الجمعية المصرية لأمراض القلب وله تخصيص دقيق في مجالات علاجات القلب التداخلية وقصور الشرايين التاجية الحاد والتجلطات الدموية (وأحد المتحدثين في المؤتمر)، أكد على أن التقييم الواسع النطاق الذي تم علي تأثير ريفاروكسبان في حماية المرضى من التخثرات الوريدية والشريانية يجعله الدواء «مضاد التخثرات» الأكثر دراسة وبحثا في العالم حيث تضمنت الدراسات التي أجريت حول فعاليته وكفاءته أكثر من 275.000 مريض وفقا للمعايير السريرية العالمية، شملت البالغين الذين خضعوا لجراحات استبدال مفصل الركبة، بالإضافة لفاعليته في الوقاية من السكتة الدماغية عند الأشخاص المصابين بالرجفان الأذيني، وعلاج الخثار الوريدي والوقاية من الخثار الوعائي العميق والانسداد الرئوي، ويعد وسيلة وقائية ثانوية لمتلازمة الشريان التاجي الحادة.
هذا وسوف تستمر دراسات المرحلة الثالثة التي سوف تركز على 3 دواعٍ طبية ما زالت تحظى باهتمام فائق وهي: السكتة الدماغية الصمية Embolic stroke غير محددة المصدر
ومرض الشرايين الطرفية Peripheral artery disease، ومتلازمة الشرايين التاجية الحادة Acute Coronary Syndrome.



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».