وزير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: نتواصل مباشرة مع الحوثيين ونحثّهم على نبذ العنف

كليفرلي اعتبر إيران أمام «فرصة»... ووصف احتجازها مواطني بلاده بـ«التعسفي»

جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)
جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)
TT

وزير بريطاني لـ«الشرق الأوسط»: نتواصل مباشرة مع الحوثيين ونحثّهم على نبذ العنف

جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)
جيمس كليفرلي (الشرق الأوسط)

كشف وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن بلاده تتواصل مباشرة مع الحوثيين، وتحثّهم على الانخراط في العملية السياسية ونبذ العنف والصراع.
وقال جيمس كليفرلي، في حوار عبر الفيديو مع «الشرق الأوسط»، إنه عقد محادثات مع ممثلين عن الحوثيين، شدّد خلالها على ثلاث قضايا رئيسية، تتعلق بالحل السياسي ورفض العنف، وناقلة صافر، والإفراج عن بريطاني محتجز في اليمن. كما أكّد أن بلاده تعارض بشدة أعمال الحوثيين العدوانية، وذلك بعد شنّهم هجمات استهدفت السعودية ومطار عدن.
إلى ذلك، اعتبر كليفرلي أن أمام إيران «فرصة» لعودة الانخراط في المجتمع الدولي، شريطة امتثالها لبنود الاتفاق النووي. كما اعتبر احتجاز طهران لمواطنين بريطانيين مزدوجي الجنسية «تعسفياً» وغير مشروع.
وعلى صعيد مستقبل العلاقات التجارية والاقتصادية بين بريطانيا ودول الخليج بعد «بريكست»، قال الوزير إن هناك اهتماماً واسعاً من جانب القطاعين الخاص والعام بالإصلاحات الهادفة إلى تنويع اقتصادات الخليج، مشيداً بالتزام السعودية خلال رئاستها مجموعة العشرين بالطاقات النظيفة والمستدامة.
وعن رئاسة بريطانيا لمجموعة السبع هذا العام، قال كليفرلي إن بلاده ستعتمد «إعادة البناء بشكل أفضل» بعد جائحة «كوفيد - 19» هدفاً لجهودها.
وفيما يلي أبرز ما ورد بالحوار.
- تصنيف وتصعيد
رحّب الوزير البريطاني برفع الإدارة الأميركية الجديدة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية لأسباب إنسانية، معبّراً في الوقت نفسه عن معارضته الشديدة لأعمال الجماعة العدوانية.
وأوضح كليفرلي: «كنا قلقين عندما صنفت الإدارة الأميركية السابقة الحوثيين منظمة إرهابية. كنا قلقين للغاية من أن يؤدي ذلك إلى زيادة صعوبة وصول الدعم الإنساني إلى اليمن. وقد نقلنا مخاوفنا إلى إدارتي ترمب وبايدن، ونحن نتمتع بعلاقات جيدة للغاية مع كليهما». وتابع: «يسعدني أنه تم رفع التصنيف لأسباب إنسانية. لكننا ما زلنا نعارض بشدة أعمال الحوثيين العدوانية، فقد رأينا هجمات على مطار عدن، وهجمات تستهدف السعودية».
وأدانت بريطانيا بشدة الأربعاء، في بيان مشترك مع فرنسا وألمانيا، الاعتداء على مطار أبها الدولي، واعتبرت الهجمات من هذا النوع انتهاكاً للقانون الدولي، كما جدّدت تأكيد التزامها «الراسخ بأمن وسلامة أراضي السعودية».
وقال كليفرلي إن «رسالتنا للحوثيين واضحة للغاية، وهي أنهم بحاجة إلى الابتعاد عن العنف. إنهم بحاجة إلى الانخراط في العملية السياسية، وعليهم العمل مع (المبعوث الأممي) مارتن غريفيث والأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي مستدام»، مشدداً: «عليهم الابتعاد عن الصراع والعنف». وتابع: «لقد استمر هذا الصراع لسنوات عديدة، وجميعنا يشهد معاناة الناس في اليمن، ولا أعتقد أن أي شخص يريد أن يرى تصعيداً للصراع. وبالتالي، يجب أن يكون الحل السياسي هو ما نسعى إليه».
واستنكر كليفرلي الهجمات الحوثية، التي قال إنها «تأتي بنتائج عكسية وهي محبطة بشكل كبير. وقد أدان المجتمع الدولي بحقّ الحوثيين بعد الهجمات التي قاموا بشنّها».
- تواصل مباشر
في سياق جهود بريطانيا للوصول إلى حل سياسي في اليمن، قال الوزير: «نتعامل مع جميع الأطراف المهتمة باليمن، بما يشمل بالطبع المملكة العربية السعودية، والحكومة اليمنية، والحوثيين بشكل مباشر». وأوضح: «لطالما كنا واضحين أن الحل السياسي المتفاوض عليه هو الطريق الصحيحة للمضي قُدماً. لا يمكن أن تكون هناك نهاية عسكرية لهذا الصراع. يجب أن يتم ذلك من خلال التفاوض. ونحن ندفع الحوثيين بشدة للانخراط في مفاوضات هادفة».
وكشف الوزير أنه أجرى بنفسه «محادثات مباشرة مع ممثلين عن الحوثيين»، مؤكداً أنه تم التشديد خلال هذه المحادثات «على أهمية نبذ العنف والانخراط في عملية السلام السياسي، وتأمين الوصول إلى ناقلة النفط صافر، وإطلاق سراح مواطن بريطاني محتجز في اليمن». كما وصف كليفرلي المحادثات المباشرة مع الحوثيين بـ«الصريحة»، وقال: «نتحدث معهم بصراحة وصدق. وقد أوضحنا أن بريطانيا تتوقع أن ينخرطوا في العملية السياسية وأن ينبذوا العنف، لأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري لهذا الصراع الذي استمر لسنوات طويلة».
- «فرصة طهران»
«ترحّب المملكة المتحدة برغبة الرئيس بايدن ومحاولاته لإعادة الانخراط في نسخة محدّثة من خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)»، طبقاً لما أجاب به الوزير لدى سؤاله عن ملف الاتفاق النووي مع إيران. وقال كليفرلي: «لقد أوضحنا لإيران أننا نريد أن نرى عودة طهران إلى الساحة الدولية». وأكد أن موقف بلاده «واضح وثابت»، وهو أن «إيران يجب أن تعود إلى الامتثال فيما يتعلق بتخصيب اليورانيوم».
ويعتبر الوزير أن طهران «أمام فرصة حقيقية الآن لاختيار مسار مختلف وأفضل، وعودة الانخراط مع الدول الأوروبية مثلنا، والولايات المتحدة»، مستدركاً: «لكن يجب على إيران أن تفهم حقاً أنه يتعين عليها العودة إلى الامتثال، حتى تستطيع اغتنام هذه الفرصة الإيجابية».
وتتزامن هذه التصريحات مع إعلان الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران بدأت في إنتاج معدن اليورانيوم لتغذية مفاعل للأبحاث النووية في طهران، وذلك في انتهاك جديد لالتزاماتها في إطار الاتفاق حول النووي.
- احتجاز تعسفي
تترقب أسرة نازانين زاغري - راتكليف انتهاء احتجازها في إيران الشهر المقبل، بعد أن قضت عقوبة من 5 سنوات بين سجن إيفين بطهران والإقامة الجبرية. إلا أن السلطات الإيرانية لوّحت في السابق بتوجيه تهم جديدة للبريطانية مزدوجة الجنسية المتهمة بـ«محاولة قلب النظام»، ما أحيا مخاوف من تمديد اعتقالها بعد 7 مارس (آذار).
يقول كليفرلي: «أوضحنا لإيران أن احتجاز كل من نازانين زاغري - راتكليف والبريطانيين الآخرين مزدوجي الجنسية، تعسفي تماماً، وأننا لا نتفق على وجود أي مبرر لاحتجازهم. إن هذا الاحتجاز تعسفي، وعلى إيران إطلاق سراحهم جميعاً الآن»، متابعاً: «لا يوجد أي تفسير مشروع (لاحتجازهم). وآمل بصدق أن تدرك إيران أنه ينبغي عليها القيام بالشيء الصحيح، وإطلاق سراح هؤلاء المواطنين البريطانيين». كما أكّد أن بلاده «تعمل بلا هوادة في هذا الشأن»، لافتاً إلى أنه يتحدث مع وزير الخارجية بانتظام حول هذه المسألة، «كما نطرح هذا الموضوع في كل مناسبة نتحدث فيها مع نظرائنا الإيرانيين، عليهم أن يفهموا أن هذه الاعتقالات غير مشروعة وتعسفية».
- الشراكة مع الخليج
تسعى المملكة المتحدة إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية مع دول مجلس التعاون الخليجي، خصوصاً بعد انسحابها من الاتحاد الأوروبي (بريكست). وكشف كليفرلي عن إطلاق «مراجعة مشتركة للعلاقات التجارية والاستثمارية، وهي إحدى الآليات التي ستتيح إيجاد طرق لزيادة التجارة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي». وقال: «لطالما تمتّعنا بعلاقات جيدة جداً مع دول الخليج. وقد سُررنا للغاية بالإعلانات الصادرة عن أحدث قمة لدول مجلس التعاون الخليجي، وبعمل أعضاء المجلس بشكل وثيق». وتابع أن بلاده «حريصة جداً على تعزيز علاقة تجارية قوية جداً بالفعل، وتوسيع هذه الشراكة إلى مجالات تحظى باهتمام في الخليج، بما في ذلك الطاقة الخضراء والتعليم والرعاية الصحية، فضلاً عن مجالات التعاون الاقتصادي التقليدية».
ويؤكد الوزير بالقول إن «علاقتنا طويلة الأمد (مع دول الخليج) خدمتنا بشكل جيد». ولكن الآن بعد مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي، «نتطلع إلى بناء علاقة أقوى ومستدامة، والبحث عن فرص أعمال تخدم في كل من بريطانيا ودول الخليج لسنوات وعقود مقبلة».
- السعودية والطاقة المستدامة
عند سؤال الوزير عن اهتمام القطاع الخاص في بريطانيا بالمشاريع العملاقة التي أطلقتها السعودية خلال الأشهر الماضية، أجاب قائلاً: «تُقارب شركات القطاع الخاص علاقتها مع السعودية، ودول الخليج الأخرى، بكثير من الطموح والريادة، وهذا نهج سيستمر ويُسعدنا». وأضاف: «لكننا في الوقت نفسه حريصون على تعزيز العمل المشترك على مستوى الحكومات، بشكل وثيق أكثر في المستقبل. هناك بعض المشاريع المثيرة في الخليج، خصوصاً في ضوء الإصلاحات الهادفة إلى تنويع الاقتصاد، والانتقال التدريجي بعيداً عن الهيدروكربونات والنفط والغاز إلى الطاقة الخضراء».
وفي هذا السياق، رحّب كليفرلي بالتزام الرياض بالطاقات المستدامة، وقال: «كنا سعداء للغاية عندما رأينا البيان الختامي الذي توّج رئاسة السعودية لمجموعة العشرين، حول التزامها بإنتاج الطاقة الخضراء».
وقال: «أعتقد أن مستقبلاً إيجابياً للغاية ينتظر دول الخليج، وبريطانيا - وشركاتها - حريصة على أن تكون جزءاً من هذا المستقبل، وأن تسهم في تطور، وإحداث ثورة في اقتصادنا واقتصادات دول الخليج».
وكانت مجموعة العشرين برئاسة السعودية قد تبنّت نهج الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يعمل على السيطرة على الانبعاثات من أجل إيجاد منظومات طاقة أنظف واستدامة أطول.
- نموذج التطعيم البريطاني
تأكيداً على أهمية العلاقات البريطانية - الخليجية، قال كليفرلي إنه «في الأسابيع الأولى من جائحة (كورونا)، كانت دول الخليج شركاء وأصدقاء جيدين للغاية تجاه بريطانيا، من حيث مساعدتنا في إعادة المواطنين البريطانيين إلى بلادهم، وتوفير معدات الوقاية الشخصية، ونحن ممتنون جداً لقوة هذه العلاقات». وتابع: «اليوم، وبعد أن حققت بريطانيا أداء جيداً في مجال التطعيمات، فإننا مصممون على مشاركة تكنولوجيا اللقاحات الخاصة بنا والنتائج العلمية التي نحصل عليها من خلال أبحاثنا في الجينوم، مع العالم. نحن فخورون جداً بنجاح قمة اللقاحات العالمية التي استضفناها في تأمين 8.8 مليار دولار لشراء اللقاحات للبلدان النامية. سنواصل العمل عن كثب مع أصدقائنا وشركائنا في الخليج للتأكد من توفير اللقاحات في جميع أنحاء العالم، حتى نعود إلى الحياة الطبيعية، ونتمكن من تحفيز اقتصاداتنا». واعتبر أن بريطانيا تعتقد «أننا لسنا بأمان حتى يكون الجميع آمنين»، وأن «معركتنا ضد فيروس كورونا معركة عالمية».
- رئاسة «السبع»
قال الوزير البريطاني إن رئاسة بلاده لمجموعة السبع هذا العام ستركز على التعافي و«إعادة البناء بشكل أفضل» بعد الجائحة. وقال: «أجبر فيروس كورونا العالم بأسره على التكيّف وتغيير عاداته. وبريطانيا ليست استثناء، لكننا مصممون على إعادة البناء بشكل أفضل. وللقيام بذلك، نحتاج إلى التعامل مع الوباء وتداعياته الآنية، وأن نفكر في الوقت نفسه في فترة ما بعد هزيمته».
واعتبر كليفرلي أنه «لهذا السبب، قررنا تكريس رئاستنا لمجموعة الدول السبع لمساعدة الاقتصادات العالمية في التعافي، وتعزيز الخدمات العامة التي خدمتنا خلال هذه الجائحة. أما هدفنا على المدى الطويل، فيتعلّق بإنقاذ الكوكب، ومن هنا أهمية (كوب - 26)، التي ستنظمها بريطانيا في غلاسكو في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل». وتابع: «تفتخر المملكة المتحدة بابتعادها عن استخدام الفحم مصدراً لتوليد الطاقة للاستخدام المنزلي، وقد حقّقنا في عام 2020 أعلى نسبة توليد طاقي من مصادر متجددة».
وأكد أن «المحادثات التي أجريناها مع شركائنا الدوليين، بما في ذلك دول الخليج التي تُعد تقليدياً دولاً منتجة للنفط والغاز، أظهرت أن هناك شهية عالمية للانتقال إلى مصادر طاقة متجددة، وأكثر مراعاة للبيئة».
- قوة لندن الناعمة
كان التأثير الاقتصادي للوباء كبيراً في بريطانيا، ما دفعها إلى تخفيض حصة المساعدات الخارجية من 0.7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي إلى 0.5 في المائة.
وقال كليفرلي إن التداعيات الاقتصادية للوباء «دفعتنا للأسف إلى اتّخاذ بعض القرارات الصعبة، كان بينها تخفيض مؤقت للميزانية المخصصة للمساعدات الإنسانية. وقد أوضح كل من رئيس الوزراء ووزير الخزانة أن هذا تغيير مؤقت. وسننظر في العودة إلى التزامنا بنسبة 0.7 في المائة (من الناتج المحلي)، بمجرد أن تسمح الظروف الاقتصادية».
في غضون ذلك، أكد الوزير أن بلاده «مصممة على استخدام آليات القوة الناعمة الأخرى، وجهودنا الدبلوماسية، حتى لا يُقاس تأثير المملكة المتحدة في العالم بالجنيه الإسترليني فحسب، بل بالجهود السياسية والدبلوماسية التي نبذلها. وقد لجأنا إلى ذلك في تنظيم قمة (غافي) للقاحات على سبيل المثال». وتابع: «هذا عام صعب بالنسبة لنا في المملكة المتحدة، كما الحال في جميع أنحاء العالم. لكننا مصممون على الحفاظ على مكانتنا كقوة من أجل الخير في العالم، وكلاعب عالمي منخرط حقاً. وسنستمر في العمل مع أصدقائنا وشركائنا لإنفاق أموال المساعدات بأكبر قدر من الفاعلية».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.