هل ينجح غروندبرغ في توحيد العملة والبنك المركزي اليمني؟

الحكومة الشرعية تؤكد عدم تسلمها أي مقترحات أممية حتى الآن

المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)
المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)
TT

هل ينجح غروندبرغ في توحيد العملة والبنك المركزي اليمني؟

المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)
المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

في الوقت الذي أكد مصدر رفيع في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» عدم تلقيهم أي مقترحات أممية حتى الآن بشأن توحيد العملة والبنك المركزي اليمني، يعتقد مختصون أن جهود المبعوث الأممي في هذا الشأن قد تواجه تعقيدات كبيرة.

كان المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ، قد تحدث في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن حول أهمية توحيد العملة، وإنشاء بنك مركزي موحد وضمان استقلالية القطاع المصرفي عن التدخل السياسي. مشيراً إلى أن مكتبه أعد خيارات وقدم مقترحاً ومساراً واضحين لتحقيق هذه الأهداف، مستنداً إلى مدخلات الأطراف أنفسهم.

البنك المركزي اليمني في عدن يُتلف قبل أيام عدداً من الأوراق المالية القديمة (الشرق الأوسط)

وفي رده على سؤال «الشرق الأوسط» بشأن تسلم الحكومة اليمنية أي مقترحات أممية لتوحيد العملة والبنك المركزي اليمني، أكد مسؤول يمني رفيع عد تلقيهم أي شيء حتى الآن.

وقال المسؤول، الذي فضّل عدم الإفصاح عن هويته: «لم يسلَّم (مكتب المبعوث) شيء». فيما اعتذر المسؤول عن الخوض في أي تفاصيل إضافية في هذا الشأن في الوقت الراهن. وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، قد شدد بعد عودته إلى العاصمة المؤقتة عدن، أول من أمس، على ضرورة توحيد الصف لمواجهة التحديات التي تواجهها الشرعية، وفي مقدمها الاقتصاد والتنظيمات الإرهابية.

«الشرق الأوسط» أرسلت استفسارات لمكتب المبعوث الأممي لليمن بشأن الجهود لتوحيد العملية والبنك المركزي، إلا أننا لم نتلقَّ أي إجابات حتى كتابة هذا التقرير.

إلى ذلك، يعتقد مختصون أن الجهود التي يقودها المبعوث الأممي إلى اليمن في هذا الصدد لن تخلو من تعقيدات كثيرة، من أهمها أن توحيد البنك المركزي يعني الإشراف على كل الإيرادات الحكومية في اليمن، وهو ما لن تقبله جماعة الحوثي، حسب تعبيرهم.

كان البنك المركزي اليمني في عدن قد سحب تراخيص 6 مصارف في مناطق سيطرة الحوثيين في يونيو (حزيران) الماضي، بعد عجزها عن نقل عملياتها إلى عدن، وردَّت الجماعة الحوثية بتدابير مماثلة ضد البنوك في مناطق سيطرة الحكومة، واحتجزت 4 من طائرات «الخطوط الجوية اليمنية» في مطار صنعاء، نتيجة الخلاف على إيرادات الشركة.

وأوضح الخبير الاقتصادي اليمني رشيد الآنسي، أن «ما طرحه مبعوث الأمين العام بأن يجري توحيد البنك المركزي بصورة كاملة وتجنيب البنوك والقطاع المصرفي أي مهاترات سياسية أمر جميل من حيث الصياغة، لكنه يشمل تعقيدات كبيرة».

وزير المالية اليمني سالم بن بريك خلال افتتاح «بنك عدن الأول الإسلامي» السبت (سبأ)

ولفت الآنسي في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «توحيد البنك المركزي يعني الإشراف على كل الإيرادات الحكومية في كل اليمن وهذا لن يقبله الحوثي الذي يرفض إلى الآن تطبيق اتفاق استوكهولم الذي ألزم الحوثي بأن يورد إيرادات ميناء الحديدة إلى حساب خاص في فرع البنك المركزي بالحديدة يُستخدم في صرف المرتبات».

وتابع: «إذا كان الحوثي يرفض تنفيذ ما يخص إيرادات ميناء الحديدة، هل تراه يقبل ويتنازل عن السيطرة على بقية إيراداته؟ هذا ضرب من الخيال».

وحسب رشيد الآنسي فإن «الأطروحات والمقترحات لإنهاء الانقسام النقدي في اليمن سبق وقدمها صندوق النقد والبنك الدوليين، وكلها تدور حول إدارة موحدة للسياسة النقدية ولو اختلفت الوسائل، منها تشكيل لجنة مشتركة من (الشرعية) والحوثيين وخبراء دوليين، ويكون مقرها خارج اليمن، تشرف على السياسة النقدية وعلى عمل فروع البنك المركزي في كل مناطق اليمن، لكن كل هذه المقترحات كانت تقابل بصلف حوثي ورفض كامل لهذه المقترحات».

مع ذلك، يرى الآنسي أنه «في حال نجحت مقترحات المبعوث الأممي –جدلاً- فإن ذلك سيسهم إلى حد كبير في كبح تدهور سعر العملة وارتفاع الأسعار وحل مشكلة السيولة في مناطق الحوثي التي تعد معضلة كبيرة يواجهها المواطنون هناك خصوصاً العملة الأجنبية وبعد امتناع الصرافين والبنوك عن صرف التحويلات بالدولار بنفس العملة». وأضاف: «كما سيحل مشكلة العملة التالفة في مناطق الحوثي، وسيُسهم توحيد السياسة النقدية في كبح جماح تدهور العملة في مناطق سيطرة الشرعية وخفض نسبة التضخم وزيادة العرض النقدي من الريال اليمني الذي أغرق السوق بشكل كبير نتيجة سياسات خاطئة من البنك المركزي في الفترات الماضية وتمويله موازنة الحكومة من خلال طباعة نقدية جديدة».

وخَلص الخبير الاقتصادي رشد الآنسي إلى أن «توحيد السياسة النقدية وتوحيد البنك المركزي في قيادة مستقلة سيكون الحل الأفضل في ظل فشل كلا البنكين المركزيين في إدارة السياسة النقدية؛ فالبنك المركزي في عدن يملك القرار لكنه لا يمكنه تطبيقه على الأرض التي يسيطر عليها الحوثي».

وأبدى الآنسي عدم تفاؤله بنجاح المقترحات الأممية وأن ترى النور نظراً لغياب المساءلة والشفافية في كلتا السلطتين على حد تعبيره، وقال: «هذا سيحول دون تنفيذ القرار إلا إذا كان هناك بنك مركزي صوري –موحَّد– بينما كلا الطرفين يحوِّل إيراداته إلى أماكن أخرى، وبذلك نكون خلقنا بنكاً مركزياً ثالثاً».


مقالات ذات صلة

الحوثيون: 68 قتيلاً بقصف أميركي على مركز توقيف للمهاجرين في صعدة

العالم العربي لقطة من فيديو بثّه إعلام تابع لجماعة «الحوثي» تُظهر نقل أحد المصابين جراء قصف مركز إيواء اللاجئين الأفارقة بصعدة (إ.ب.أ)

الحوثيون: 68 قتيلاً بقصف أميركي على مركز توقيف للمهاجرين في صعدة

أعلن الدفاع المدني في اليمن مقتل 68 مهاجراً أفريقياً وإصابة 47، جراء قصف أميركي استهدف مركز إيواء للمهاجرين غير الشرعيين بمدينة صعدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الخليج وزير الاعلام اليمني معمر الإرياني (سبأ)

اليمن: تجارة النفط مع الحوثيين تُعد تعاملا مباشرا مع «منظمة إرهابية»

أكد وزير الاعلام اليمني معمر الإرياني، الأحد، أن أي تعامل لتجار المشتقات النفطية وملاك السفن والناقلات مع مليشيا الحوثي يُعد تعاملا مباشرا مع «منظمة إرهابية».

«الشرق الأوسط» (عدن)
دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين على أثر غارات أميركية (د.ب.أ)

الضربات الأميركية ضد الحوثيين توسّع أهدافها في 5 محافظات يمنية

صعّدت الجماعة الحوثية من هجماتها باتجاه إسرائيل، في حين وسع الجيش الأميركي بنك ضرباته على الجماعة مستهدفاً صنعاء و4 محافظات يمنية بعشرات الغارات

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي تصاعد دخان وألسنة لهب إثر غارات أميركية على ميناء رأس عيسى النفطي الخاضع للحوثيين في اليمن (رويترز)

الحوثيون يزعمون إصابة 3 بحارة روس جراء الضربات الأميركية

وسط تحذيرات يمنية لعمال ميناء رأس عيسى من العودة للعمل تحت إكراه الحوثيين، زعمت الجماعة المدعومة من إيران إصابة 3 بحارة روس جراء ضربات أميركية على الميناء.

علي ربيع (عدن)

تعزيزات ضخمة للجيش السوري نحو مناطق سيطرة «قسد» في ريف حلب

قافلة سيارات تتبع إدارة الأمن العام بسوريا (الداخلية السورية)
قافلة سيارات تتبع إدارة الأمن العام بسوريا (الداخلية السورية)
TT

تعزيزات ضخمة للجيش السوري نحو مناطق سيطرة «قسد» في ريف حلب

قافلة سيارات تتبع إدارة الأمن العام بسوريا (الداخلية السورية)
قافلة سيارات تتبع إدارة الأمن العام بسوريا (الداخلية السورية)

قال تلفزيون «سوريا»، الاثنين، إن الجيش السوري أرسل تعزيزات ضخمة نحو محاور القتال ضد قوات سوريا الديمقراطية «قسد» في سد تشرين بريف حلب الشرقي.

كانت الرئاسة السورية قد قالت، أمس الأحد، إن مواقف قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» بشأن «الفيدرالية» تتعارض مع مضمون الاتفاق الموقَّع معها وتهدد وحدة البلاد وسلامتها.

وأضافت الرئاسة، في بيان، أن الاتفاق مع «قسد» يمكن أن يكون خطوة بناءة «إذا نُفّذ بروح وطنية، بعيداً عن المشاريع الخاصة»، مشددة على رفض أي محاولات للتقسيم أو إنشاء كيانات منفصلة تحت مسميات الفيدرالية أو الإدارة الذاتية.

وحذرت الرئاسة السورية من تعطيل عمل مؤسسات الدولة في مناطق سيطرة «قسد»، واحتكار الموارد، وقالت إنه «لا يمكن لقيادة (قسد) الاستئثار بالقرار في شمال شرقي سوريا لأنه لا استقرار ولا مستقبل دون الشراكة الحقيقية».

كان مظلوم عبدي، قائد «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، قد قال، في تصريح نقله التلفزيون السوري، السبت، إن «سوريا الجديدة تحتاج إلى دستور لا مركزي، يضم جميع المكونات»، مشدداً على أن واجب «قسد» حماية المكتسبات الموجودة في شمال شرقي سوريا. وتابع أن مؤتمر «وحدة الصف والموقف الكردي»، الذي عُقد في مدينة قامشلو بروجافا، لا يهدف إلى التقسيم، بل هو من أجل وحدة سوريا.