رواتب الموظفين خارج اهتمامات حكومة الانقلاب الحوثية

صراع على الاختصاصات وغياب للاقتصاد

حكومة الانقلاب الحوثي الجديدة صدمت السكان بتجاهلها رواتب الموظفين (إعلام حوثي)
حكومة الانقلاب الحوثي الجديدة صدمت السكان بتجاهلها رواتب الموظفين (إعلام حوثي)
TT

رواتب الموظفين خارج اهتمامات حكومة الانقلاب الحوثية

حكومة الانقلاب الحوثي الجديدة صدمت السكان بتجاهلها رواتب الموظفين (إعلام حوثي)
حكومة الانقلاب الحوثي الجديدة صدمت السكان بتجاهلها رواتب الموظفين (إعلام حوثي)

وجَّهت الحكومة الانقلابية غير المعترف بها التي شكلها الحوثيون في اليمن صدمة للسكان في مناطق سيطرتها، بتجاهلها أي حديث عن رواتب مئات الآلاف من الموظفين المقطوعة منذ 8 أعوام، وكذا تأكيدها على استلهام النظام الإيراني في الحكم، وسط توقعات بأن تكون هذه التشكيلة نسخة مكررة من أداء الحكومة الانقلابية السابقة.

وإذا كانت الصدمة الأولى التي تلقاها السكان تمثلت في التشكيلة التي أتت بعد عام من الوعود التي قطعها عبد الملك الحوثي زعيم الجماعة بإحداث تغييرات جذرية، فقد جاء إعلان برنامج عملها خالياً من أي إشارة إلى رواتب مئات الآلاف من الموظفين العموميين.

ملايين اليمنيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي بينما يستأثر الحوثيون بالعائدات (إعلام محلي)

وتحدث إعلام الجماعة عن 5 محاور لعمل حكومة الانقلاب خلال المرحلة المقبلة، تبدأ بتعزيز ما يسمى الصمود، ومعالجة آثار الحرب، والتطوير الإداري، والإصلاح المؤسسي، والسياسات الاقتصادية والمالية والتنموية، والخدمات العامة والبنية التحتية، والسياسة الداخلية والخارجية.

وزعم قادة الجماعة أن هذا البرنامج جاء ترجمة لتوجيهات عبد الملك الحوثي الذي يطلقون عليه «قائد الثورة» ومهدي المشاط رئيس مجلس الحكم الانقلابي، في تأكيد على المضي في تطبيق النموذج الإيراني في الحكم.

وفي غياب أي حديث عن الموارد العامة أو مواجهة الفقر وصرف رواتب الموظفين أسوة برواتب المسؤولين الحوثيين ومقاتليهم، ذكر إعلام الجماعة أن هذه الحكومة ستعمل على تحقيق أولويات الأهداف المرسومة، باستخدام أفضل الممارسات والآليات القابلة للتنفيذ دون أي تداخل في الاختصاصات، في إشارة إلى الصراع المتوقع بين الوزراء على الصلاحيات والمهام، بعد الدمج العشوائي الذي شمل عدداً كبيراً من الوزارات.

الحوثيون يخصصون موارد المؤسسات المالية لعناصرهم وللتعبئة والحشد (إ.ب.أ)

وفي تأكيد على أن الحكومة الانقلابية الجديدة تسير على خطى سابقتها، فقد تجنبت الحديث عن تقديم موازنة عامة أو خطة إنفاق حتى لا يُعرف مقدار المبالغ التي يتم جمعها من الموارد العامة، ولا كيفية إنفاقها، مع استئثار قادة الجماعة ومسؤوليها بالامتيازات المالية، وحصول مجنديها على رواتب شهرية منتظمة، في مقابل حرمان مئات الآلاف من الموظفين مدنيين وعسكريين من رواتبهم منذ نهاية عام 2016.

وهروباً من مواجهة الاحتياجات الأساسية للسكان في مناطق سيطرة الجماعة، ذهبت للحديث عن أنها ستعمل على تسهيل وتسريع معاملاتهم، إلى جانب مواجهة التحديات والفساد المالي «والأخلاقي» كما افتتحت جلستها الأولى بمحاضرة دينية طائفية.

تضارب وتنازع

توقع مراقبون سياسيون في صنعاء أن تؤدي عملية دمج الوزارات التي أقدم عليها الحوثيون، وغياب وزير للشؤون القانونية، إلى تضارب وتنازع في الاختصاصات والصلاحيات؛ لأنه تم تغييب قطاعات، وتوزيع القطاع الواحد بين أكثر من وزارة، ونقل تبعية مؤسسات وهيئات من وزارة إلى أخرى، وهو ما سيجعل الحكومة الانقلابية تدور في حلقة من الخلافات وتنازع الاختصاصات.

ووفق المراقبين، فإن لكل وزارة قانوناً يحدد صلاحياتها ومهامها وأهدافها، ولهذا ستصل في نهاية المطاف إلى قناعة بضرورة إيجاد صيغ قانونية لفض المنازعات وتداخل الاختصاصات، وهو ما يحتاج لوقت طويل، ولكن كيف يمكن إيجاد تلك المخارج القانونية في ظل إلغاء وزارة الشؤون القانونية بكل إرثها القانوني وتنظيمها الإداري.

الحوثيون تجاهلوا مأساة السكان عقب السيول التي جرفت الطرقات والمساكن والمزارع (إعلام محلي)

وذكرت مصادر وثيقة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة -في سبيل احتواء أي صراع على الصلاحيات والمهام- أوعزت إلى ما تسمى وزارة الخدمة المدنية بإجراء تعديل شكلي على هيكل الوزارات الملغية، وتحويلها إلى قطاعات في الوزارات التي دُمجت معها، وتعيين وكيل على رأس كل قطاع.

لكن الجماعة لم تبين الكيفية التي سيتم بها التعامل مع الوزارات التي دُمجت وبها أكثر من قطاع، مثل وزارة التعليم العالي، ووزارة الحج، ووزارة الشؤون القانونية، ووزارة شؤون المغتربين.

ورأت المصادر أن إعادة هيكلة الوزارات القائمة مع تلك التي تم دمجها ستحتاج إلى جهد كبير على مستوى البنية القانونية، وتوزيع المهام، وتجنب التضارب في الاختصاصات، إلى جانب الكادر الوظيفي؛ خصوصاً أن هناك جهات يتسلم العاملون فيها رواتب ومكافآت شهرية، كما سيتطلب ذلك تكلفة مالية كبيرة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

جدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حضور فاعل لمركز الملك سلمان في كل الجوانب الإنسانية داخل اليمن (الأمم المتحدة)

185 ألف يمني يستفيدون من مشروع يموله مركز الملك سلمان

أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروعاً حيوياً بقيمة 2.25 مليون دولار لتحسين خدمات الصرف الصحي في مأرب.

محمد ناصر (تعز)

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.