اللبنانيون يتوجهون إلى المنتجعات الجبلية هرباً من إجراءات الإقفال

شاليهات في منطقة فاريا
شاليهات في منطقة فاريا
TT

اللبنانيون يتوجهون إلى المنتجعات الجبلية هرباً من إجراءات الإقفال

شاليهات في منطقة فاريا
شاليهات في منطقة فاريا

بينما يسود الشلل معظم القطاعات السياحية في لبنان بسبب أزمة كورونا وما فرضته من إجراءات وصولا إلى الإقفالات المتكررة، نشطت مؤخراً الحركة في عدد من المنتجعات السياحية الجبلية التي يشهد بعضها إقبالا لا يقل عن المواسم الماضية ولا سيما أن الإقفال الأخير تزامن مع موسم الثلوج.
لكن ورغم ذلك يعتبر أصحاب المنتجعات أن الحركة والتي تنشط تحديدا على خط استئجار الشاليهات والغرف المنفردة أو الفلل الصغيرة تبقى «بلا بركة» ولا تعوض شيئا من خسارتهم ولكنها مفيدة على قاعدة «الكحل أفضل من العمى».
ويؤكد صاحب أحد المنتجعات السياحية في منطقة اللقلوق (منطقة في جبل لبنان تشتهر بالسياحة الشتوية) أن نسبة الإشغال عنده حاليا 100 في المائة وأن الإقبال هذا الموسم لا يقل عن الإقبال في المواسم الماضية ولكن المردود المالي لهذه الحركة فقد 80 في المائة من قيمته ولا سيما أن بدل الإيجار يدفع على أساس السعر الرسمي للدولار، موضحا في حديث مع «الشرق الأوسط» أن مردوده الشهري كان خلال المواسم الماضية 20 مليون ليرة وأنه يجني حاليا المردود نفسه لكن هذا المبلغ كان يساوي 16 ألف دولار بينما بات يساوي حاليا 2500 دولار، مع الإشارة إلى أن كل التكاليف المتعلقة بالصيانة والتجهيزات باتت على أساس سعر الدولار بالسوق السوداء (يتجاوز الـ8500 حاليا) يضاف إليها تكاليف التعقيم الخاصة بوباء كورونا.
ويرى نقيب أصحاب الفنادق في لبنان بيار الأشقر أنه لا يمكن التعويل على هذه الحركة ولا سيما في ظل إقفال مراكز التزلج والمطاعم وحظر التجول موضحا في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الإقبال على هذا النوع من الأماكن بدأ مع فصل الصيف الماضي، بعدما تعذر السفر على فئة كبيرة من اللبنانيين اعتادت أن تمضي بعضا من إجازتها في تركيا مثلا، لجأت هذه الفئة إلى استئجار الشاليهات أو الفلل كتعويض، فضلا عن تفضيل الكثير من الناس حجر أنفسهم بعيدا من منازلهم.
الإقبال على استئجار الشاليهات يقابله جمود في الفنادق كان يمكن أن يتحرك قليلا لو أن الحكومة اللبنانية أبقت على قرار إلزامية الحجز الفندقي لجميع الركاب القادمين إلى لبنان مع ترك الحرية للوافد اختيار الفندق الذي يريده، ولكن الحكومة ألغت هذا القرار والذي كان محط انتقاد من القطاع الفندقي نفسه لجهة تحديد فنادق دون غيرها.
وكانت المديرية العامة للطيران المدني أعلنت إلغاء الحجز الفندقي الإلزامي لجميع الركاب القادمين عبر مطار رفيق الحريري الدولي بعدما فرضته لمدة أسبوعين تقريبا، على أن يستعاض عنه بالحجر المنزلي الذي ستتم مراقبته من قبل البلديات والتنسيق مع وزارة الصحة ومتابعة من قبل لجنة الكوارث.
ويرى الأشقر أن النقابة طرحت أكثر من فكرة تساعد في دعم القطاع الفندقي منها مثلا ما لجأت إليه الدول التي شهدت أزمات مماثلة للأزمة التي يعيشها لبنان، أي أن يلزم الأجنبي بالدفع في الفنادق بالعملة الأجنبية.
ويشير الأشقر إلى أن الفنادق في لبنان مقفلة بغض النظر عن قرارات الإقفال العام من عدمها، إذ إن معظمها لا يشغل أكثر من 20 في المائة من قدرته التشغيلية وكذلك بالنسبة إلى مطاعم الفنادق التي غيرت حتى في نوع الطعام المقدم واستغنت عن بعض الأطباق ذات الكلفة المرتفعة.
ويشدد الأشقر على أن كورونا قضى على ما تبقى من قطاع الفنادق الذي بدأ يعاني منذ العام 2012 حتى فقد 40 في المائة من مداخيله بسبب الأزمات السياسية المتكررة وتراجع عدد الوافدين الأجانب إلى لبنان ولا سيما من الدول الخليجية لأسباب أمنية وسياسية، ومن ثم أتت التحركات في الشارع وانتفاضة السابع عشر من أكتوبر (تشرين الأول) 2019 وانفجار المرفأ وكورونا وقضت على ما تبقى من القطاع.
ويشار إلى أن هناك 560 فندقا في لبنان يعمل فيها حوالي 35 ألف موظف ثابت فضلا عن ما بين 10 إلى 15 ألف مياوم يستعان بهم في المواسم، ولكنه تم مؤخراً الاستغناء عن عدد كبير منهم فيما بات عدد آخر يتقاضى نصف راتب بحسب ما يؤكد الأشقر.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.