تساؤلات حول تحوّرات «كورونا»

معظم المتغيرات الجديدة ترتبط بسرعة انتقال الفيروس وليس حدة المرض

تساؤلات حول تحوّرات «كورونا»
TT

تساؤلات حول تحوّرات «كورونا»

تساؤلات حول تحوّرات «كورونا»

في عامه الثاني، لا يزال فيروس «كورونا المستجد» يؤثر على بلدان العالم صحيا واقتصاديا واجتماعيا، حيث ينتشر في 219 دولة ومنطقة، واقترب عدد المصابين به من المليون العاشر بعد المائة، واقتربت وفياته من المليونين ونصف. وتتصدر دول العالم من حيث أعلى الإصابات، عدداً، كل من أميركا، الهند، البرازيل، روسيا، المملكة المتحدة، فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، تركيا، وألمانيا. وفقاً لمخطط الأمم المتحدة الجغرافي (UN Geoscheme).

- حجم الخطر
ويتم تقييم حجم الخطر الذي يشكله هذا الفيروس التاجي الجديد من خلال استخدام ثلاثة معايير.
> المعيار الأول وهو معدل الانتقال (Ro) الذي يحدد عدد الأشخاص المصابين حديثًا من حالة مصابة واحدة، وقد قدرته منظمة الصحة العالمية (في 23 يناير/ كانون الثاني الماضي) ما بين (2.5 - 1.4)، وفي دراسات أخرى (4.0 - 3.6). وتختفي الجائحة تدريجياً عندما يصبح هذا الرقم أقل من 1.
> المعيار الثاني معدل وفيات الحالات (CFR) وهو النسبة المئوية للحالات التي تؤدي إلى الوفاة، وقد قدرت بنحو 2 في المائة بعد إن كانت عند 3 في المائة في تقدير سابق.
> والمعيار الثالث تحديد ما إذا كان الانتقال بدون أعراض ممكنًا.
وللمقارنة، يموت كل يوم ما يقدر ما بين 795 و1781 شخصا في العالم بسبب مضاعفات فيروسات الأنفلونزا الموسمية. وأسفر فيروس «سارس» (من نوفمبر/ تشرين الثاني 2002 إلى يوليو/ تموز 2003) عن إصابة 8096 شخصًا بـ774 حالة وفاة (بمعدل 9.6 في المائة) في 29 دولة، بينما تسببت متلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS (في عام 2012) في مقتل 858 شخصًا من أصل 2494 مصابًا (بمعدل 34.4 في المائة).

- تحور الفيروس
إن تحور الفيروسات، من الوجهة العلمية، أمر طبيعي وتساعد على زيادته فرص انتشار الفيروسات وانتقالها، وهذا ينطبق على فيروس الوباء العالمي الحالي (فيروس سارس - كوف - 2) الذي نتوقع ظهور تغيرات أكثر له كلما تمكن من الانتقال والانتشار في العالم. قد يبدو الفيروس المتحور، بالنسبة لنا غريزيا، أمراً مخيفاً، لكن التحور والتغير هو ما تفعله الفيروسات. وفي أغلب الأوقات، يكون الأمر إما تغييراً لا معنى له أو أن الفيروس يعدل نفسه بطريقة تجعله أضعف في إصابتنا بالعدوى، وتختفي النسخة بعد ذلك.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل أن هذه التغيرات والتحورات في الفيروس ترتبط بزيادة في حدة المرض الناجم عنها؟ وإن لوحظت هذه الزيادة في شدة وضراوة الإصابة، فهل تكون بسبب التحور نفسه أم لوجود ظروف وعوامل أخرى مساعدة؟

- مشاورات علمية
إن اكتشاف وفهم المتغيرات الناشئة عن الفيروس المتسبب في مرض كوفيد - 19 وتأثيراتها على التشخيص والعلاج والاستجابة للقاحات المتوفرة بات هاجسا يقلق الخبراء والمسؤولين في العالم ويجمع العلماء لمتابعة الأمر عن كثب، مما حدا بمنظمة الصحة العالمية لعقد منتدى افتراضي اجتمع فيه أكثر من 1750 عالما وخبيرا من 124 دولة لتوسيع نطاق التعاون العلمي ورصد متغيرات الفيروس الذي تسبب في جائحة كـوفيد - 19، ومناقشة الفجوات المعرفية الحرجة وأولويات البحث في المتغيرات الناشئة للفيروس. وقد كان هناك إجماع على أهمية دمج أبحاث المتغيرات الجديدة في جدول أعمال البحث والابتكار العالمي مع تعزيز التنسيق عبر التخصصات.
ومما أكده الخبراء أن معظم المتغيرات التي تم الإبلاغ عنها كانت مرتبطة بالارتفاع في الانتقال وليس في حدة المرض، ولهذا السبب أشاروا لاستمرار البحث لمعرفة ما إذا كانت هذه التغيرات سوف تؤثر على أدوات الصحة العامة والتدابير الموصى بها حاليا. وتعتبر السلسلة الجينومية (وهي عملية تحديد التسلسل الكامل للحمض النووي للجينوم) حاسمة في تحديد المتغيرات الجديدة والاستجابة لها.
ووفقاً للدكتورة ماريا فإن كيرخوف (Dr. Maria Van Kerkhove) رئيسة الفريق التقني المعني بكوفيد - 19 في منظمة الصحة العالمية، فإن هناك 350.000 تسلسل مذهل تمت مشاركته، لكن المعظم منه جاء من عدد قليل من البلدان. ويعد تحسين التغطية الجغرافية للتسلسل أمرا بالغ الأهمية للعالم ليكون وسيلة فعالة لرصد التغيرات التي تحدث للفيروس.
كان هدف الخبراء في المنتدى الحصول على آلية عالمية لتحديد المتغيرات المثيرة للقلق ودراستها بسرعة وفهم آثارها على جهود مكافحة المرض، فتم التركيز في المشاورات على ستة مجالات محورية تغطي علم الأوبئة، النماذج الرياضية، علم الأحياء التطوري، النماذج الحيوانية، التشخيص، والإدارة السريرية والعلاجات واللقاحات. كما تم تسليط العلماء الضوء على أهمية منصات البيانات الوطنية لتوثيق الحالات السريرية الحرجة والبيانات الوبائية والمتعلقة بالفيروس التي تسهل اكتشاف وتقييم المتغيرات الجديدة لـ«سارس - كوف - 2».

- بين السلالة والتحور
هل ظهرت سلالة جديدة أم أن تحورا طرأ على الفيروس؟ هل من الممكن أن تكون هناك سلالة جديدة من فيروس كوفيد أكثر فتكاً؟
من المؤكد أنه لا توجد سلالة جديدة new strain من فيروس كوفيد - 19، ولكنه فعلا هو تحور mutation جديد. والتحور هو حدوث طفرة variant وهو أمر مختلف عن حدوث سلالة، لأن السلالة الجديدة تعني بنية مختلفة ولها هيكل مختلف، أما النسخة المتحورة فتنطوي على تغييرات طفيفة للغاية تحمل بعض الاختلافات البسيطة أيضا. وتحور الفيروس لا يعني بالضرورة تغيرا في وظيفته، وليس هناك أي دليل على أن هذا التحور الجديد هو أخطر على الصحة وأكثر مراضة من الفيروس الأصلي. ومن الواضح أن فيروس كورونا مستقر وراثيًا، وهو يتحور ولكن بشكل أبطأ من فيروس الإنفلونزا.
ويبدو أن للطقس تأثيرا كما يعتبر عاملا مهما فيما تشهده بعض البلدان في الوقت الحالي من ارتفاع حاد في العدوى والذي يعزى لكوننا الآن في فصل الشتاء الأكثر برودة ويلاحظ فيه عادةً سيلان الأنف المترافق مع القليل من السعال والعطاس. وعندما يصاب الشخص بالعدوى فإن الرذاذ الناتج عن السعال والعطاس ينتقل بسهولة خصوصا في الأماكن المغلقة قليلة التهوية، مما يسمح للفيروس بالانتشار بسهولة. إضافة إلى أن بعض الأشخاص الذين يعانون من نقص في فيتامين دي (D)، والذي له دور وثيق وأهمية في الحفاظ على قوة جهاز المناعة، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالمرض. فضلا عن تراجع مستويات فيتامين دي في فصل الشتاء وهو من بين أكثر الفيتامينات أهمية ونقصه يجعل الجسم أكثر عرضة للإصابة بهذا الفيروس. ولا نغفل أن هناك فئات في المجتمع هم أكثر عرضة لخطر الإصابة بالعدوى من غيرهم ومنهم مرضى داء السكري، وأمراض القلب، وضغط الدم المرتفع، وأصحاب البدانة. نعم: إن فيروس كوفيد 19 يتحور ببطء شديد مقارنة بفيروس الإنفلونزا بمعدل مرة أو اثنتين شهريا وهو معدل بطيء جدا. إذن، هناك فارق كبير بين السلالة والنسخة المتحورة.

- النسخة الإنجليزية
بالنسبة للنسخة الجديدة لفيروس كورونا التي رصدت في مقاطعة «كينت» جنوب شرقي إنجلترا، فلا يوجد دليل واضح على أنها قادرة على الانتقال بسهولة أكبر أو التسبب في أعراض أكثر خطورة أو جعل اللقاح غير ذي فائدة. واللافت للنظر، هنا، أن مستويات انتشار هذه النسخة مرتفعة في الأماكن التي تشهد ارتفاعاً في عدد حالات الإصابة، ما يعتبره البعض من العلماء بمثابة إشارة تحذير ويفسرون ذلك بإمكانية أن يكون الفيروس قد تحور بحيث صار ينتشر بسهولة أكبر ويسبب المزيد من حالات العدوى.
وفي نفس الوقت، هناك من يفسر ما حصل بأنه مصادفة نجح فيها الفيروس المتحور من إصابة أشخاص من فئة ذوي الخطر الأعلى للإصابة في الوقت المناسب قياسا لما حصل مع النسخة الإسبانية التي فسرت زيادة انتشارها خلال فصل الصيف بأن الأشخاص قد أصيبوا بها خلال إجازاتهم ثم عادوا بها إلى البلاد. ويقتضي الأمر إجراء تجارب مختبرية للتحقق مما إذا كانت هذه النسخة أكثر قدرة على الانتشار من غيرها.
وبالنسبة للطريقة التي تحور بها الفيروس فقد أثارت دهشة العلماء، فوفقاً للبروفسور نك لومان، الخبير في مؤسسة كوفيد 19 جينومكس (Covid - 19 Genomics Foundation) بالمملكة المتحدة فإن الفيروس لديه عدد كبير من الطفرات بصورة مدهشة، أكثر مما كنا نتوقع، وبعضها يبدو مثيراً للاهتمام.
من ضمن الطفرات مجموعتان بارزتان من الطفرات موجودتان في بروتين النتوءات الشوكية، وهو المفتاح الذي يستخدمه الفيروس من أجل اختراق خلايا أجسامنا والسيطرة عليها. المجموعة الأولى من الطفرات تقوم بتغيير الجزء الأكثر أهمية من بروتين النتوءات الشوكية، والمعروف باسم «مجال ربط المستقبلات» وهو المكان الذي يتلامس فيه النتوء مع سطح خلايا أجسامنا لأول مرة. وأي تغييرات تسهل دخول الفيروس من المرجح أن تمنحه ميزة إضافية وتجعل منه «تحورا مهما» حسب وصف البروفسور لومان.
أما المجموعة الثانية المهمة من الطفرات فهى لفيروسات مرتبطة بإصابة حيوانات المنك، وقد ظهرت عدة مرات من قبل، وتم استخراج جثث ملايين من حيوانات المنك بغرض الدراسة.
ومما يقلق العلماء أن الأجسام المضادة المأخوذة من دماء المصابين الناجين كانت أقل فعالية في مهاجمة هذه النسخة من الفيروس. ويقتضي الأمر كذلك المزيد من التجارب المختبرية لفهم ما يجري حقا.إن هذه النسخة الجديدة من الفيروس لا تزال غامضة من الناحية البيولوجية، ومن السابق لأوانه استنتاج أي شيء بشأن أهمية هذا الأمر من عدمه.

- التحور وفعالية اللقاحات
وفقاً للبروفسور آلان ماك نالي مدير معهد الأحياء الدقيقة والعدوى في جامعة برمنغهام البريطانية، أدى ظهور الطفرات في بروتين النتوء الشوكي إلى توجيه أسئلة حول فعالية اللقاحات ضدها.
إن اللقاحات الرئيسية الثلاثة (فايزر، موديرنا، أكسفورد) تدرب جهاز المناعة على مهاجمة النتوء الشوكي في الفيروس. وحيث إن الجسم سيتعلم مهاجمة أجزاء عدة في النتوء الشوكي، فإن مسؤولي الصحة ما زالوا مقتنعين بأن اللقاح سينجح في مواجهة هذه النسخة.
وعودة لقبل نحو عام من الآن، فلقد تحور الفيروس داخل أجسام الحيوانات ومن ثم انتقل إلى إصابة البشر، ومنذ ذلك الحين ظل يتحور بنحو مرتين في الشهر الواحد. وبمقارنة عينة من الفيروس الحالي بذلك الذي ظهر أولاً في إقليم ووهان الصيني سيكون هناك نحو 25 طفرة تفصل بين الاثنين. وما زال فيروس كورونا يجرب توليفات مختلفة من الطفرات ليصيب البشر بشكل صحيح (لديمومة الفيروس).
إن عملية التطعيم الجماعي في العالم سرعان ما ستضع نوعاً جديداً من الضغط على الفيروس، لأنه سيضطر إلى التحور من أجل إصابة الأشخاص الذين حصلوا على اللقاح. وفي حال أدى ذلك إلى تطور الفيروس، فقد نضطر إلى تحديث اللقاحات بانتظام، كما نفعل مع لقاحات الإنفلونزا سنويا، حتى نستطيع المواكبة والتعايش.

- استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر
TT

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

أواني الطهي الحديدية

والواقع أن هناك سبباً وجيهاً لاستخدام البشر منذ آلاف السنين هذه النوعية من أواني الطهي، فهي متينة للغاية وغير قابلة للتلف وطويلة الأمد في دوام الاستخدام، وتتحسن جودتها وجودة طعم الأطعمة المطهية بها بمرور الوقت. ولكن حتى مع توفر أنواع كثيرة متطورة من أواني الطهي، سواء بدواعٍ ذات صلة بسهولة الطهي بها أو إعطاء نكهات زكية من خلال استخدامها في طهي الأطعمة أو حتى بدواعٍ صحية، تظل اليوم أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر هي أداة الطهي الكلاسيكية الشائعة كما كانت دائماً في السابق.

وهناك نوعان رئيسان من أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر: أوانٍ عارية مصنوعة من الحديد الزهر Bare Cast Iron، وهي التي يمكن استخدامها على مواقد المطابخ وعلى الحطب. والأخرى أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر المطلية بالمينا Enameled Finish، وتُسمى تجارياً الأفران الهولندية Dutch Ovens التي يجب استخدامها فقط على الموقد أو في الفرن، وليس على الحطب.

ويختلف عموم أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر تماماً، ومن جوانب عدة صحية وغير صحية، عن أواني الطهي المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ Stainless Steel.

حقائق عن أواني الحديد

ولكن قد يشعر البعض بالقلق بشأن المخاطر الصحية المحتملة لاستخدام أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر، وخاصة تراكم الحديد في الجسم أو احتمالات التسبب بالسرطان. ولهذا إليك المزيد من الحقائق التالية حول أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر وفوائدها الصحية وكيفية التعامل معها، بما يغطي لديك غالبية المعلومات التي تود معرفتها عنها، وهي:

1. أحد الأسباب الرئيسة وراء تفضيل البشر لأواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر هو أنها تتحمل طويلاً وغير قابلة للتلف، مقارنة بغيرها. ولكن إذا تم إهمالها لفترة طويلة فإنها تصدأ. ومقلاة الحديد الزهر مثلاً هي حرفياً قطعة من الحديد الزهر المصبوب على شكل أواني الطهي.

والحديد الزهر بمفرده رمادي اللون وشديد التفاعل، وقادر على الصدأ في غضون دقائق في الهواء الرطب وحده، ما يؤدي تلقائياً إلى التصاق الأطعمة عند الطهي به.

وعملية «التتبيل» Seasoning تقوم بتشكيل طبقة صلبة واقية على سطح أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر، عن طريق تسخين طبقات رقيقة للغاية من الدهون (مثل الزيت) على الحديد الزهر، وإعادة تكوين طبقة من «الزيت المتفحم» عملية تسمى البلمرة Polymerization، ما يشكل طبقة واقية فوق سطح الطهي. وكلما طهينا بمقلاة الحديد الزهر، أصبحت هذه الطبقة من الزيت أكثر سمكاً، ما يحول المقلاة إلى «قطعة أثرية» ذات سطح طهي أكثر نعومة وداكنة.

ومن دون هذه الطبقة من الزيت المتفحم، تتآكل أواني الطهي المصنوعة من الحديد وتصدأ بسبب الأكسجين والرطوبة في الهواء، وتلتصق عليها الأطعمة. ولذا فإنه مع القليل من التنظيف والعناية، يمكن استعادتها إلى حالة شبه جديدة وملائمة للطهي بطريقة صحية. وخاصة عند كثرة طهي الأطعمة الحمضية مثل الطماطم وعصير الليمون والخل، التي قد تزيل بعض الطبقة الطبيعية غير اللاصقة لمقلاة حديد الزهر.

2. عملية «التتبيل» يتم إجراؤها لأول مرة في مصانع أواني الطهي المصنوعة من حديد الزهر، قبل تقديمها للمستهلك. حيث يتم رش طبقة رقيقة من الزيت النباتي على السطح، ثم خبزها في درجة حرارة عالية في فرن كبير. ولكن يجدر التأكد من إجراء المصنع لهذه العملية عند شراء تلك الأواني للطهي وقبل استخدامها في المطبخ المنزلي.

هناك طريقتان للحفاظ على تتبيل أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر. الطريقة الأفضل والأسهل هي الطهي فيها بانتظام، حيث إنه في كل مرة يُطبخ فيها بالزيت أو الدهن، تُضاف طبقة أخرى من التتبيل إلى المقلاة. وبمرور الوقت، تتراكم هذه الطبقات لتشكل سطح طهي قوي غير لاصق. والطريقة الأخرى يُلجأ إليها إذا تمت ملاحظة أن المقلاة أو القدر أصبحا باهتي اللون أو رماديي اللون. ويتم أولاً غسل مقلاة الحديد الزهر بالماء الدافئ والصابون. ثم تجفيفها تماماً بمنشفة ورقية أو قطعة قماش خالية من النسالة. ويمكن وضعها على الموقد على نار خفيفة لبضع دقائق للتأكد من أنها جافة تماماً. بعد ذلك تُضاف طبقة رقيقة جداً من زيت الطهي (القليل من الزيت) على سطح الحديد الزهر (من الداخل والخارج) بقطعة قماش أو منشفة ورقية خالية من النسالة. ثم سخن الفرن إلى 350 - 450 درجة فهرنهايت (177 - 232 درجة مئوية). ثم ضع أواني الطهي مقلوبة على الرف الأوسط. يساعد هذا في منع الزيت من التجمع على سطح الطهي. اخبز لمدة ساعة. بعد ذلك أطفئ النار واترك المقلاة المصنوعة من الحديد الزهر تبرد في الفرن، ليسمح ذلك للدهون بالتصلب والالتصاق بالحديد.

فوائد ومخاوف صحية

3.هل الطهي باستخدام الحديد الزهر له فوائد صحية؟ هذا سؤال يتم طرحه كثيراً. وهناك جانبان للأمر، هما: موضوع الحديد وموضوع سلامة نضج الطهي. ونظراً لأن أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر موصل ممتاز للحرارة، فيمكنها الحفاظ على درجات حرارة عالية لفترات طويلة من الزمن، ما يعزز الطهي «المتساوي» لأجزاء اللحم أو الدواجن أو الأسماك، سواء كانت قطعاً، أو مفرومة. كما أن الخبز في مقلاة من الحديد الزهر يصنع قشرة مقرمشة على القطع المخبوزة. ومعلوم أن الطبقة المقرمشة من الخبز أغنى بالمواد المضادة للأكسدة من اللب الأبيض داخلها، ما يعزز الفوائد الصحية.

ويقول بعض خبراء التغذية الصحية إن أواني الحديد الزهر تتناسب مع طرق الطهي الصحية منخفضة السعرات الحرارية التي تحافظ على الطعام خالياً من الدهون ولا تتطلب الكثير من الزيت، مثل الطرق القائمة على الغلي في الماء، بما في ذلك السلق والطهي على نار هادئة، بالإضافة إلى الشواء والشواء السريع.

4. أحد أكبر المخاوف المتعلقة بالطهي باستخدام المقالي المصنوعة من الحديد الزهر هو أنه نظراً لقدرتها على نقل كمية معينة من الحديد إلى طعامك، فقد يكون ذلك ضاراً بصحتك. والحديد هو معدن رئيس في مكونات بروتين يسمى الهيموغلوبين، الذي يحمل الأكسجين إلى خلايا الدم الحمراء في جميع أنحاء الجسم.

ولكن كمية الحديد التي تنتقل إلى الطعام من المقالي المصنوعة من الحديد الزهر ضئيلة للغاية لأنها «متبلة» بطبقة عازلة، كما تقدم توضيحه، والذي لا يتسرب منه كمية كبيرة من الحديد إلى الأطعمة. وبالتالي لا يشكل هذا الأمر مصدر قلق صحي كبير. كما لا ينبغي اعتبار الطهي باستخدام الحديد الزهر مكملاً للحديد (أي لتزويد الجسم بالحديد) أو بديلاً عن تناول الأطعمة الغنية بالحديد. ومع ذلك، فإن استخدام مقلاة من الحديد الزهر غير متبلة، أو متبلة بشكل سيئ، يمكن أن يساهم في زيادة الحديد الذي يدخل الجسم. بالإضافة إلى ذلك، فإن طهي الأطعمة الحمضية، مثل الطماطم والحمضيات، قد يؤدي إلى تسرب المزيد من الحديد من المقلاة، لأنها يمكن أن تجرد طبقة التتبيل الدهنية، ووفقاً لما يشير إليه أطباء مايو كلينيك، فإن الطهي باستخدام الحديد الزهر قد يشكل خطراً في بعض الحالات النادرة مثل «مرض ترسب الأصبغة الدموية» Hemochromatosis الذي يتسبب في امتصاص الجسم للكثير من حديد الأطعمة التي يتناولها الشخص. وبالتالي تخزين الجسم لكميات زائدة من الحديد في أعضائه، وخاصة في الكبد والقلب والبنكرياس، ما يعرضه لخطر الإصابة بمشكلات صحية تهدد الحياة، مثل أمراض الكبد ومشكلات القلب والسكري.

و«مرض ترسب الأصبغة الدموية» هو حالة وراثية، ومعظم الأشخاص لا يعانون من علامات وأعراض حتى منتصف العمر، أي بعد سن الأربعين للذكور وبعد سن الستين للإناث. وإذا كان لدى شخص ما أقارب مصابون بالمرض، فيمكنهم إجراء الاختبار لمعرفة ما إذا كانوا مصابين به.

من مخاطرها تراكم الحديد في الجسم أو احتمالات التسبب بالسرطان

مواد مسرطنة محتملة

5. تتمثل إحدى الفوائد الرئيسة الأخرى في أنه عند اختيارك أواني الحديد الزهر بدلاً من أواني الطهي الحديثة غير اللاصقة، فإنك ستتجنب حمض البيرفلورو الأوكتانويك PFOA، وهو مادة مسرطنة محتملة. ولكن هناك بعض المخاوف من أن المقالي المصنوعة من الحديد الزهر قد تنتج مواد كيميائية تعرف باسم الأمينات الحلقية غير المتجانسة HCAs والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات PAHs، والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان؛ وذلك لأن هذه المواد الكيميائية تتشكل عندما يتم طهي اللحوم، بما في ذلك لحم البقر ولحم الضأن والأسماك والدجاج، باستخدام تقنيات الطهي عالية الحرارة، مثل القلي في المقلاة والشواء على لهب مكشوف، وفقاً لما يقوله المعهد الوطني الأميركي للسرطان National Cancer Institute. ولكن تفيد المصادر الطبية بأن مخاطر الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات تشكل مصدر قلق صحي في المقام الأول فقط عند شواء الأطعمة الحيوانية مباشرة على اللهب. حيث تتشكل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات عندما تتساقط الدهون والعصائر من اللحوم على نار مفتوحة أو سطح ساخن، ما يتسبب في حدوث ألسنة اللهب والدخان. وتتواجد الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات في الدخان ثم تلتصق بسطح اللحم، وفقاً للمعهد الوطني الأميركي للسرطان. وصحيح أن أواني الحديد الزهر تتحمل درجات الحرارة العالية، لكن هذا لا يعني أنك تطبخ على الموقد أو في الفرن بدرجة حرارة عالية بما يكفي للقلق بشأن المواد المسرطنة. وعادة ما تكون هذه مشكلة فقط عند الشواء، ولا ينبغي أن يؤدي الطهي في الداخل باستخدام مقلاة من الحديد الزهر إلى حدوث أي من هذه المشكلات المسببة للسرطان.

6. مزايا أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشمل ما يلي:

-تحتفظ بالحرارة جيداً. حيث إنه بمجرد تسخين الحديد الزهر، يظل دافئاً مما يساعد في الحفاظ على سخونة الطعام. ولكن يجب أن تعلم أيضاً أن هذا يعني أن الحديد الزهر يستغرق بعض الوقت حتى يسخن تماماً ويبرد تماماً.

- تعمل جيداً مع العديد من مصادر الحرارة. إذ يمكن استخدام الحديد الزهر على أي نوع من مواقد الطهي (الغاز أو الكهرباء). ويمكن استخدامه أيضاً على لهب مكشوف مثل نار الحطب والفحم، أو وضعه مباشرة في الفرن مثل طبق الخبز.

- سهلة التنظيف. بمجرد أن تعرف أساسيات تنظيف الحديد الزهر، فلن يكون تنظيفه أكثر صعوبة من أنواع أخرى من أواني الطهي. بالإضافة إلى ذلك، فإن سطحه الطبيعي غير اللاصق قد يجعل تنظيفه أسهل من الزجاج أو الألمنيوم.

- توفر أواني حديد الزهر بأسعار معقولة. غالباً ما تُباع أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر بأسعار معقولة ونظراً لأنها تدوم إلى الأبد تقريباً، يمكنك اعتبارها استثماراً لمرة واحدة. من السهل عادةً العثور على الحديد الزهر في متاجر التوفير والمتاجر المستعملة أيضاً.

- تأتي بأشكال وأحجام عديدة. ربما تكون مقالي الحديد الزهر هي الشكل الأكثر شيوعاً لهذه الأواني، ولكن يستخدم الحديد الزهر أيضاً لصنع الأواني والمقالي وأطباق الكيك وأطباق البيتزا والمزيد.

- يمكن استخدامها للطهي والتقديم. يجد العديد من الأشخاص أن أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر جميلة من الناحية الجمالية ويمكن أن تشكل إضافة رائعة لأي طاولة طعام. في الواقع، تستخدم العديد من المطاعم الراقية مقالي صغيرة مصنوعة من الحديد الزهر كأطباق تقديم.

* استشارية في الباطنية