الشتاء وضغط الدم... آليات محتملة لارتفاعه

حلول عملية لضبطه

الشتاء وضغط الدم... آليات محتملة لارتفاعه
TT

الشتاء وضغط الدم... آليات محتملة لارتفاعه

الشتاء وضغط الدم... آليات محتملة لارتفاعه

يشهد ضغط الدم تغيرات «الاختلاف الموسمي» Seasonal Variation، والتي تتمثل في الارتفاع خلال فصل الشتاء والانخفاض خلال أشهر فصل الصيف. ودل على هذه الملاحظة الطبية العديد من الدراسات الإكلينيكية التي تم إجراؤها في مناطق مختلفة من العالم. وهذا التأثير الموسمي يظهر في مقدار قياس ضغط الدم الانقباضي Systolic والانبساطي Diastolic، ويطال البالغين وكبار السن والأطفال، وكذلك يحصل لدى الأشخاص الأصحاء، والذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، وفي البلدان الواقعة شمال وجنوب خط الاستواء.

اختلافات موسمية

وتفيد مصادر طب القلب أن هذا الاختلاف الموسمي من المحتمل أن يؤثر على مدى انتشار الإصابة بارتفاع ضغط الدم فيما بين الفصول المختلفة، بسبب حقيقة أن زيادة ضغط الدم في الشتاء ستحول بعض الأشخاص من فئة ذوي ضغط الدم العادي إلى فئة ذوي ارتفاع ضغط الدم. كما أن هذه الاختلافات الموسمية قد تسبب صعوبات في ضبط ارتفاع ضغط الدم لدى الأشخاص الذين بالأصل لم يحصل ذلك الانضباط لديهم رغم تناول أدوية خفضه كما أن لهذا الاختلاف كذلك تأثيرات مرضية سلبية محتملة، خاصةً لدى من لديهم أمراض في القلب أو الشرايين تتطلب الضبط الدقيق لأي اضطرابات في مقدار ضغط الدم، كمرضى شرايين القلب غير المستقرة Unstable CAD، ومرضى التضيقات الشديدة في الصمامات، ومرضى الضعف الشديد في قوة عضلة القلب، ومرضى السكتة الدماغية الحديثة، ومرضى توسع الشرايين Aneurysm.
ووفق ما تشير إليه المراجعات الطبية، يرتبط هذا الاختلاف الموسمي في ضغط الدم بعدد من العوامل المثيرة للتسبب فيه، مثل مقدار درجة البرودة في الأجواء الخارجية والمنزلية، ومستوى ممارسة النشاط البدني، ونسبة تلوث الهواء، ومستويات التعرض للأشعة فوق البنفسجية القادمة مع أشعة الشمس، وعدد ساعات فترة النهار، ومقدار البعد عن خط الاستواء. كما أن هناك عوامل أخرى تميل إلى الارتفاع الموسمي في الشتاء، ويشار إليها بأنها من المحتمل أن تكون ذات صلة بالأمر، مثل اختلاف مستوى الكولسترول الخفيف الضار LDL، وارتفاع نسبة مستويات عدد من الهرمونات التي ترفع ضغط الدم مثل النورادرينالين Noradrenalin والكاتيكولامين Catecholamine والفازوبريسين Vasopressin، وأيضاً انخفاض مستويات فيتامين دي.

درجة البرودة

ومن مجمل نتائج مجموعات متعددة من الدراسات الطبية في مناطق مختلفة من العالم، ومع اختلافات طفيفة فيما بين نتائجها، يقدر أن كل انخفاض بمقدار 1 درجة مئوية في درجة الحرارة الداخلية للمنزل، يرتبط بارتفاع 0.5 ملم زئبقي في ضغط الدم الانقباضي وفي ضغط الدم الانبساطي. ولذا يقترح أن تكون درجة الحرارة المنزلية الملائمة لضغط الدم حوالي ما بين 12 و22 درجة مئوية في فصل الشتاء.
وينطبق بشكل مقارب حصول نفس التغيرات لحرارة الأجواء خارج المنزل، مع مراعاة ما يعرف بـ«درجة الحرارة الظاهرية» Apparent Temperature للأجواء الخارجية، وهي التي يشعر بها الجسم وتؤثر عليه. وهناك أملان يتحكمان فيها، الأول: هو «مؤشر الحرارة» Heat Index الذي يتضمن تأثير «انخفاض درجة الرطوبة» في الأجواء على زيادة شعور الجسم ببرودة درجة الحرارة للأجواء. والثاني: هو «تبريد الرياح» Windchill الذي يأخذ في الاعتبار تأثير زيادة «سرعة الرياح» في زيادة الشعور ببرودة درجة معينة من حرارة الأجواء.
وتظل الآليات التي يمكن أن تفسر الارتباط بين ضغط الدم ودرجة الحرارة غير محددة على وجه الدقة. ولكن تتم ملاحظة حصول زيادة في نشاط الجهاز العصبي اللاإرادي وزيادة إفراز هرمونات الكاتيكولامين للتوتر، استجابة لانخفاض درجات الحرارة الباردة. وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة في ضغط الدم من خلال زيادة معدل ضربات القلب وزيادة شدة مقاومة الأوعية الدموية الطرفية.
وتشارك أيضًا آليات تعتمد على عمل البطانة الداخلية للأوعية الدموية في العلاقة بين درجة الحرارة ومدى ضيق أو توسع تلك الأوعية.
وتحديداً مدى التوافر البيولوجي لأكسيد النيتريك Nitric Oxide الذي يعمل على توسيع الأوعية الدموية والذي تفرزه خلايا بطانة الأوعية الدموية.
ويعلق البروفسور شيلدون شيبس، الطبيب المتخصص في ضغط الدم بمايوكلينك، بالقول: «عادةً ما يرتفع ضغط الدم في الشتاء وينخفض في الصيف. وسبب ذلك أن انخفاض درجات الحرارة يؤدي إلى تضيق الأوعية الدموية، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، حيث يحتاج الجسم لضغط إضافي لدفع الدم عبر الأوعية والشرايين المتضيقة.
وبالإضافة إلى برودة الجو، ربما يتأثر ضغط الدم أيضًا بالتغير المفاجئ في أنماط الطقس، مثل الرياح أو العواصف. وربما يتجاوب جسمك وأوعيتك الدموية مع التغيرات المفاجئة في الرطوبة، أو الضغط الجوي، أو التغييم، أو الرياح بدرجة تتشابه كثيرًا مع تجاوبه مع البرودة. وتشيع تلك التغيرات في ضغط الدم والمرتبطة بالطقس بدرجة أكبر لدى الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عامًا أو أكثر».

فيتامين دي

وفق نتائج العديد من الدراسات الطبية، لوحظت اختلافات موسمية كبيرة في مستوى فيتامين دي في العديد من المجتمعات، تزيد خلال فصلي الصيف والربيع، وتتناقص في فصلي الخريف والشتاء. كما أظهر العديد من الدراسات الإكلينيكية والوبائية الإحصائية، أن هناك ارتباطًا بين ارتفاع ضغط الدم وانخفاض مستوى فيتامين دي. ودلت على أن توفر فيتامين دي بشكل طبيعي في الجسم هو عامل وقائي لارتفاع ضغط الدم.
وثمة بعض الآليات البيولوجية الممكنة، لأن تعرض الجلد للأشعة فوق البنفسجية من نوع بي UV - B هو المصدر الرئيسي لتكوين فيتامين دي في الجسم. ومع ارتفاع نسبة فيتامين دي في الدم نتيجة تعريض مرضى ارتفاع ضغط الدم لهذه النوعية من الأشعة ثلاث مرات أسبوعياً لمدة ستة أسابيع، يحصل خفض في ضغط الدم الانقباضي والانبساطي. ولكن المراجعات العلمية لم تجد نفس التأثير لتلقي الأصحاء أدوية فيتامين دي، على عكس استفادة مرضى ارتفاع ضغط الدم عندما يكون لديهم نقص في فيتامين دي.
وفي دراسة واسعة تم نشرها في فبراير (شباط) من العام الماضي بمجلة رابطة القلب الأميركية JAHA، قال الباحثون في ملخص نتائجها: «في مرضى غسيل الكلى، وبالإضافة إلى درجة حرارة البيئة، يرتبط التعرض لأشعة الشمس بانخفاض ضغط الدم الانقباضي. وهذا يثير احتمال أن يكون عدم التعرض لضوء الشمس بشكل كاف عامل خطر جديدا لارتفاع ضغط الدم».
وعلق البروفسور ريتشارد ويلر، الباحث الرئيس في الدراسة من جامعة أدنبرة في أسكوتلندا، بقوله: «نصف الاختلاف الموسمي في ضغط الدم هو لأسباب مستقلة تماماً عن مقدار درجة الحرارة. إنه بسبب الأشعة فوق البنفسجية وحدها.
وهذا مثير حقًا». وأضاف قائلاً: «من الناحية العملية، تشير النتائج إلى أن الشخص إذا ما حافظ على الدفء بالملابس وبمنزل دافئ، وتعرض في فصل الشتاء لمستويات أشعة الشمس كما في الصيف، أعتقد أن ذلك من شأنه أن يخفض ضغط الدم بمقدار 3 مليمترات من الزئبق. وهذا وإن كان ليس كثيرًا، ولكن انخفاض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 مليمترات يقلل من أمراض القلب والأوعية الدموية بنحو 10 في المائة. وهذا تأثير كبير».



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».