مقتنيات متاحف مشاهير مصر تقارع «العمر الافتراضي»

مكوناتها العضوية وكثرة استخدامها تُعرضها للتلف سريعاً

TT

مقتنيات متاحف مشاهير مصر تقارع «العمر الافتراضي»

على الرّغم من احتفاظ الكثير من المقتنيات الأثرية العتيقة بكامل أشكالها وخصائصها الأصلية وعدم تأثرها بعوامل الزمن، فإنّ الحقائق العلمية تؤكد أنّه «لا شيء يعيش إلى الأبد» وأنّ كل المقتنيات الأثرية باختلاف أنواعها لديها عمر افتراضي، خصوصاً المقتنيات التي تعد حديثة نسبياً والمكونة من مواد عضوية وكثر استخدامها من قِبل شخصيات تاريخية وشهيرة قبل الاحتفاظ بها في متاحف خاصة.
وتواجه متاحف المشاهير المصريين على غرار متحف الأديب نجيب محفوظ، وأم كلثوم، ومتحف الرئيس المصري الراحل أنور السادات تحديات أكبر فيما يتعلق بإطالة العمر الافتراضي لمقتنياتها، لا سيما أن بينها متعلقات شخصية أكثر عرضة للتلف بسبب طبيعتها العضوية، وأيضاً لأنّ أصحابها استخدموها في حياتهم اليومية سنوات طويلة.
ويتحدد العمر الافتراضي لأي قطعة أثرية طبقاً لمجموعة من العوامل بعضها ثابت وأخرى متغيرة، وترتبط العوامل الثابتة بطبيعة الأثر والمادة المصنوع منها وحالته الأصلية، بينما يكون للعوامل المتغيرة دور كبير في إطالة عمر القطعة من خلال طرق التخزين الصحيحة وسيناريوهات العرض المتحفي التي تحافظ على صحة الأثر، والصيانة الدورية وفق رشا شاهين، مدير إدارة الترميم في متحف النسيج المصري، التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إنّ «كل القطع الأثرية لديها عُمر افتراضي، نحاول في أقسام الترميم إطالته من خلال الصيانة الوقائية لتحقيق الاستدامة، كما يؤثر التخزين وطريقة العرض على عمر المقتنيات، إذ تتأثر بعوامل الضوء والرطوبة والحرارة، وتعد الآثار العضوية مثل الملابس والمنسوجات والجلود والمخطوطات والصور الفوتوغرافية واللوحات الزيتية الأكثر عرضة للتلف والأقل عمراً بسبب تعرضها للإصابة البيولوجية، بينما الأحجار والمعادن هي الأطول عمراً».
وتشكل المُقتنيات الخاصة من ملابس وأدوات شخصية في متاحف المشاهير تحدياً خاصاً للحفاظ عليها وإطالة عمرها الافتراضي، حسب شاهين، إذ إنّ المتعلقات الشخصية غالباً ما تكون حالتها غير جيدة نتيجة استخدام أصحابها لها في حياتهم اليومية طوال سنوات قبل رحيلهم، فعلى الرغم من حداثة تدشين متحف الأديب الكبير نجيب محفوظ الذي افتُتح في 14 يوليو (تموز) 2019 في تكية أبو الدهب في حي الأزهر التاريخي فإنّ معطف «بالطو» أديب نوبل واجه مشكلة العمر الافتراضي، حيث التقط عدوى حشرة «العتّة» وتمكن خبراء الترميم في يونيو (حزيران) من عام 2020 من علاجها وإصلاح التلف، ويضم المتحف الكثير من المقتنيات والمتعلقات الشخصية للأديب الكبير، منها ملابسه وساعته ونظارات القراءة وأدوات حلاقة الذقن وقلمان «أحدهما حبر والآخر جاف» أهداهما إليه الأديب الكبير توفيق الحكيم. من جانبه يقول الأديب يوسف القعيد، مدير متحف نجيب محفوظ، لـ«الشرق الأوسط»، إنّ «كل مقتنيات الأديب الكبير نجيب محفوظ تحظى بعناية دائمة وصيانة دورية للحفاظ عليها لأنها تمثل قيمة ثقافية وفنية كبيرة يجب أن تظل موجودة للأجيال الجديدة».
ويُعد متحف «كوكب الشرق» أم كلثوم الذي افتُتح في ديسمبر (كانون الأول) 2001 بحي منيل الروضة من أبرز متاحف المشاهير في مصر، ويضم إلى جانب المقتنيات الفنية والآلات الموسيقية والصور الفوتوغرافية، العديد من المتعلقات الشخصية لسيدة الغناء العربي، منها ملابس وإكسسوارات وحقائب وأحذية. بينما يشكل متحف الرئيس الراحل أنور السادات في مسقط رأسه في قرية ميت أبو الكوم بمحافظة المنوفية (دلتا مصر) جزءاً من الذاكرة السياسية المصرية، إذ يضم المتعلقات الشخصية للسادات.
ولا تقتصر تحديات العمر الافتراض على المقتنيات الشخصية للمشاهير، إذ يفقد معظم المتاحف العديد من القطع الأثرية بسبب التلف، مثل متحف قصر المنيل الذي فقد العديد من مقتنياته القديمة خلال السنوات الأخيرة، منها ثروة المتحف من الفراشات المحنطة التي تعود لصاحب القصر الأمير محمد علي توفيق، أحد أمراء الأسرة العلوية، نظراً لهشاشة الفراشات ورقّة تكوينها حسب رحاب جمعة، مدير إدارة الترميم بالمتحف.
تقول جمعة لـ«الشرق الأوسط» إنّ «الفراشات المُحنطة هي أكثر المقتنيات التي يفقدها المتحف خلال السنوات الأخيرة بسبب طبيعتها الهشة ورقّة تكوينها، فمهما كانت درجة العناية بها تصل إلى نهاية عمرها الافتراضي وتتفتت تلقائياً، وهو ما أدى إلى فقدان عدد كبير من هذه الفراشات التي تُعد من بين ثروة المتحف، كما تُعد الحيوانات المُحنطة من أسود وغزلان وتماسيح وغيرها مما كان يصطادها الأمير محمد علي توفيق في رحلاته ويقوم بتحنيطها من أكثر المقتنيات عُرضة للتلف».
في السياق، يؤكد خبراء الترميم أن قِدم بعض المقتنيات الأثرية يؤثر على عمرها الافتراضي أيضاً خصوصاً اللوحات الزيتية التي تتعرض، حسب جمعة، لمشكلات كبيرة في الألوان، ما يؤدي إلى فقدان اللوحة الكثير من قيمتها الفنية، كما يتعرض بعض المقتنيات إلى تلف جزئي لا يمكن إصلاحه بسبب تعدد مكوناتها، فبعض المفارش يتحلل نسيجها تماماً بينما يبقى إطارها فقط لأنه مصنوع من خيوط الفضة أو النحاس.


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.