مرضى كورونا يتلقون علاجهم في مدخل أو كافيتريا أحد المستشفيات أو حتى موقفه المخصص للسيارات، صور طبعت المشهد الوبائي في لبنان خلال الأيام الماضية، وذلك بعدما تجاوز عدد الإصابات اليومي الـ5 آلاف في وقت ترزح فيه المستشفيات تحت ثقل الأزمة الاقتصادية، وتعاني من نقص بالأسرّة والمعدات والطواقم الطبية.
تعكس هذه الصور على قساوتها «جزءاً من الواقع وليس كلّه، فالمشهد الحقيقي أسوأ بعد» حسب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون، إذ إن «الأسرة كلها مشغولة في الأقسام المخصصة لمرضى كوفيد - 19»، فضلاً عن امتلاء أقسام الطوارئ، ولا يوجد في المستشفيات الخاصة سرير واحد لا لمريض كورونا ولا غيره، وهناك العشرات من المرضى يتنقلون من مستشفى إلى آخر بحثاً عن سرير، فالواقع أنّ مستشفيات لبنان تخطّت طاقتها الاستيعابيّة.
يشير هارون في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ المستشفيات الخاصة ضاعفت خلال الشهر الماضي عدد أسرّتها المخصصة لكورونا لتصل إلى 600 سرير عناية فائقة (هناك 220 سريراً في المستشفيات الحكومية) و1100 سرير عادي، وأنّ هذا أقصى ما يمكن أن تقوم به، إذ إنها لا تستطيع تحمّل تجهيز المزيد من الأسرة في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها بسبب فقدان العملة الوطنيّة قيمتها، فضلاً عن تخلف الدولة عن تسديد مستحقات المستشفيات المتراكمة. وكان لبنان سجل أمس 5872 إصابة و41 حالة وفاة، ما رفع العدد الإجمالي للإصابات إلى 249158 وعدد الوفيات إلى 1866.
ويوضح هارون أنّ توسعة أقسام كورونا جاءت على حساب الأقسام الأخرى، فالمستشفيات الخاصة أجّلت معظم العمليات والمراجعات غير الطارئة واكتفت بتسيير ما هو طارئ ولا يحتمل التأجيل.
ومن المشاكل التي تعاني منها المستشفيات الخاصة أيضاً النقص بالطواقم الطبية ولا سيما في عدد الممرضات والممرضين، الأمر الذي يعود إلى «سوء التقدير عند عدد من المستشفيات، إذ لم تعمل ومع بدء انتشار وباء كورونا على توظيف وتدريب المزيد من الممرضات والممرضين، بل على العكس عمد بعضها ومع الأزمة الاقتصادية إلى الاستغناء عن عدد كبير منهم»، حسب ما ترى نقيبة الممرضات والممرضين ميرنا ضومط. تشير ضومط في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّه وقبل نهاية عام 2019 كان عدد الممرضين والممرضات العاملين حوالي 9 آلاف ولكن منذ ذلك الوقت حتى اليوم أصبح أكثر من 40 في المائة منهم إما بلا عمل أو بنصف دوام، هذا فضلاً عن هجرة ما يقارب من 600 ممرضة وممرض إلى الخارج، حيث توافرت لهم فرص عمل برواتب وحوافز أفضل بكثير مما تقدّمه مستشفيات لبنان، ولا سيما أن قيمة رواتب العدد الأكبر منهم باتت لا تتجاوز الـ100 دولار شهرياً رغم أن حياتهم معرّضة للخطر بشكل يومي.
وتذكّر ضومط بأنّ هناك 1500 ممرض وممرضة أصيبوا بكورونا منذ بداية الوباء حتى اليوم، هذا فضلاً عن وفاة أربع. ودعت ضومط المستشفيات إلى فتح باب التوظيف ولو متأخراً أمام الممرضين والممرضات، ولا سيما أنّ هناك 1200 خريج جديد يمكن تدريبهم حتى يساهموا بمكافحة الوباء الذي بات يهدد الجميع في لبنان.
وفي السياق نفسه، كان نقيب الأطباء في بيروت شرف أبو شرف أعلن وفاة 11 طبيباً حتى الآن بكورونا، فضلاً عن وجود 25 طبيباً في العناية الفائقة، وما لا يقل عن 300 طبيب في الحجر، ما يزيد الضغوطات على الطاقم الطبي الذي خسر أصلاً 500 طبيب هاجروا إلى دول خليجية أو أوروبيّة والولايات المتحدة حيث وجدوا فرص عمل أفضل، مشددا على ضرورة إيجاد ضمانات للطبيب اللبناني حتى لا نصل إلى مرحلة لا نجد فيها طبيباً. هذا وكانت أزمة شح الدولار وارتفاع سعره في السوق السوداء (يتجاوز الـ8 آلاف حالياً)، وكذلك الإجراءات المصرفيّة أدّت إلى نقص في المعدات الطبية في المستشفيات بسبب عدم قدرتها على تأمين ثمن استيرادها بالدولار الجديد تماماً كما حال عدد من الأدوية.
مرضى «كورونا» في لبنان يتعالجون في مواقف السيارات
في أولى بوادر انهيار النظام الصحي جراء الوباء
مرضى «كورونا» في لبنان يتعالجون في مواقف السيارات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة