ليبيا تتمسك بأصول الفرعون «شيشنق الأول»

أكدت أن جذوره أمازيغية من قبيلة المشواش

TT

ليبيا تتمسك بأصول الفرعون «شيشنق الأول»

وسط حالة من الجدل المحتدم بين اختصاصيين في علم الآثار، ومدونين ورواد بمواقع التواصل الاجتماعي من أربع دول حول أصول الفرعون «شيشنق الأول»، دخلت الهيئة العامة للثقافة التابعة لحكومة «الوفاق» على خط الأزمة، وأعلنت أمس، أن الملك ليبي الأصل، ومن قبيلة المشواش، وذو جذر أمازيغية.
ورغم الملفات الساخنة التي تحيط بالمنطقة، فإن قصة «شيشنق الأول»، أو «شيشناق الأول» وجدت مكاناً لها بمساجلات ساخنة بين نشطاء من أربع دول هي الجزائر ومصر وتونس بالإضافة إلى ليبيا، وذلك عقب تنصيب تمثال للملك الفرعوني في مدخل مدينة تيزي وزو شرقي الجزائر، لتندلع حالة من الجدل لا تزال قائمة؛ بدأت مع الاحتفالات التي شهدتها منطقة شمال أفريقيا برأس السنة الأمازيغية الجديدة 2971 التي توافق عام 2021، وتقام أيام 11 و12 و13 من يناير (كانون الثاني) من كل عام.
ورأت الهيئة العامة للثقافة، أنه «من خلال العودة للمراجع كافة، ذات الدرجة العالية من الدقة والمصداقية، تبين لها أن (شيشنق الأول)، حكم مصر، وسمي حكمه بالأسرة الـ22، وعُرفت أسرته لدى المهتمين بالتاريخ المصري القديم، باسم الأسرة الليبية»، وتابعت «الملك شيشنق الأول استطاع أن يتولى حكم مصر، ويحمل لقب الفرعون، وأسس بذلك لحكم أسرته الثانية والعشرين في نحو العام 950 قبل الميلاد التي حكمت قرابة قرنين من الزمن، كما ذُكر في التوراة بعد سيطرته على أورشليم مدينة القدس حالياً».
ومن منطق إثبات أصول الملك الليبية، ذهبت الهيئة العامة إلى أنه «لا يوجد أي مصدر من المصادر الإنجليزية، ذكر أن أصوله جزائرية أو مصرية أو تونسية». وذلك على عكس ما ذهب إليه نشطاء من الجزائر وتونس ومصر، غير أن باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس، أوضح أن «شيشنق الأول» هو مؤسس الأسرة الـ22 في تاريخ مصر القديمة ويعدّ «أقوى وأهم ملوكها»، وفي حين أشار إلى أن أصوله بالفعل ليبية، قال إن «أسلافه كانوا ضمن الأسرى الليبيين الذين أحضرهم الملك رمسيس الثالث إلى مصر بعد انتصاره التاريخي الكبير على القبائل الليبية في معركتين وقعتا في العامين الخامس (1180 ق.م) والحادي عشر (1174 ق.م) من عهده على حدود مصر الغربية».
وأضاف عباس في تصريح لوكالة «أنباء الشرق الأوسط» الرسمية، عقب اندلاع حالة الجدل، أن «تفاصيل انتصار الملك رمسيس الثالث على القبائل الليبية سجلت بشكل مسهب من خلال نصوص ومناظر معبد مدينة هابو في البر الغربي بمدينة طيبة»، لافتاً إلى أن الملك رمسيس الثالث «جلب الآلاف من الأسرى الليبيين إلى مصر، كما تشير النصوص القديمة، للعمل في الخدمة العسكرية داخل الجيش المصري أو للعمل في المشروعات العمرانية للدولة المصرية، وبمرور الوقت تمصر هؤلاء الأسرى وأصبحوا ينتمون إلى مصر وثقافتها وحضارتها».
وتابع «خلال نهاية عهد الإمبراطورية المصرية زاد شأنهم وتولوا مناصب عسكرية رفيعة المستوى، واستطاعوا الوصول إلى عرش مصر في النهاية عن طريق الملك الليبي الأصل شيشنق الأول، ومن ثم فقد أطلق المؤرخون على هذه الأسرات الحاكمة في تاريخ مصر القديمة (الأسرات الليبية) لأن ملوكها كانوا من أصول ليبية».
وانتهى الباحث المصري إلى أن «شيشنق الأول تزوج من ابنة الملك بسوسينس آخر ملوك الأسرة الـ21»، مرجحاً أنه «لم يقم بثورة للاستيلاء على الحكم، بل انتظر حتى وفاة آخر ملوك الأسرة الـ21، واستولى على العرش في تانيس، ومن ثم فقد اتخذت الأسرة الـ22 شرق الدلتا عاصمة لها، أما مصر العليا فقد ترددت في التسليم لسلطان الحاكم الجديد، ولكن بعد فترة من الوقت سلمت بالأمر الواقع».
وذهب نشطاء من الجزائر وتونس لإثبات أن الملك كان ينتمي إلى دولتهما، وأنه انتقل من هناك ليحكم مصر، ومن ثم فهم الأحق بالاحتفاء به وبالعام الأمازيغي.
ولمواجهة حالة التشكيك، قالت الهيئة العامة للثقافة بغرب ليبيا، إنه «بعد إثارة جدل كبير بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في البلدين الشقيقين، مصر والجزائر حول أصول الملك شيشنق الأول، وخصوصاً بعد تنصيبه تمثالاً له بمدخل مدينة تيزي وزو، فقد كلفت بالاتفاق مع مركز المحفوظات والدراسات التاريخية، عدداً من الباحثين والمؤرخين الذين أصدروا كتباً ودراسات حول هذه الشخصية الليبية، «لإصدار تقرير سينشر خلال الأسبوع المقبل».


مقالات ذات صلة

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.