هل بمقدور بعض الأطعمة والمشروبات التأثير على إيقاع القلب؟

تحذيرات من تداخل الغذاء والدواء

الغريبفروت يتداخل مع أدوية الستاتين لخفض الكولسترول
الغريبفروت يتداخل مع أدوية الستاتين لخفض الكولسترول
TT

هل بمقدور بعض الأطعمة والمشروبات التأثير على إيقاع القلب؟

الغريبفروت يتداخل مع أدوية الستاتين لخفض الكولسترول
الغريبفروت يتداخل مع أدوية الستاتين لخفض الكولسترول


الإجابة على السؤال الوارد بالأعلى تكون كما يلي... نعم، لكن فقط في ظل ظروف استثنائية للغاية، فطالما أنك لا تعاني حالة وراثية نادرة للغاية في القلب، فإن بإمكانك النظر إلى الأمثلة التالية باعتبارها مجرد حالات مثيرة، وليست مدعاة للقلق.

- تداخل الغذاء والدواء
إذا كنت تتعاطى أدوية الستاتين، فربما لاحظت الملصق الأصفر البراق على ظهر علبة الدواء الذي يحمل تحذيراً بضرورة تجنب تناول ثمرة الغريبفروت وعصيرها. جدير بالذكر أن هذه الفاكهة الحمضية المنعشة تحوي مركبات تتداخل مع الإنزيمات التي تكسر مجموعة متنوعة من العقاقير، بما في ذلك الستاتين. ويمكن لذلك أن يؤدي إلى زيادة مستويات العقار في الدم، الأمر الذي ربما يزيد مخاطرة التعرض لأعراض جانبية.
علاوة على ذلك، تحوي فاكهة الغريبفروت مادة يطلق عليها «نارينجين» naringenin يمكن أن تسبب تغييرات دقيقة في معدل نبضات القلب، ويحدث ذلك من خلال إطالة، بصورة طفيفة، ما يعرف باسم «فترة كيو تي» QT interval. وينبغي التنويه هنا بأن هذه الظاهرة حدثت فقط لدى بعض المتطوعين بعدما تناولوا نحو 4 أكواب من عصير الغريبفروت.
إلا أن هناك حفنة من المواد الأخرى التي بمقدورها إحداث تأثير مشابه، حسبما جرى توضيحه في مقال حول ما يطلق عليه الأطعمة المسببة لعدم انتظام ضربات القلب نشر في دورية «تريندز إن كارديوفاسكيولار ميديسين» في يوليو (تموز) 2020.

- خلل واضطراب
ما هي «متلازمة فترة كيو تي الطويلة»؟ يشير مصطلح «متلازمة «فترة كيو تي الطويلة» Long QT syndrome (LQTS) إلى خلل نادر الحدوث يؤثر على نحو واحد من كل 5000 شخص داخل الولايات المتحدة. واستوحي هذا الاسم من الحرفين المرتبطين بموجات تظهر في تخطيط القلب الكهربي، وهو اختبار يسجل «التوقيع الكهربائي للقلب» لكل شخص.
وتعتبر «فترة كيو تي» مقياساً للوقت الذي تستغرقه حجرتا القلب السفليتان (البطينان) في التهيؤ والإعداد لنبضة جديدة. وإذا أصبحت هذه الفترة طويلة للغاية، فإن هذا قد يتسبب في اضطراب في نبضات القلب.
في أغلب الوقت، ينجح القلب في تعويض هذا الأمر، ويستمر في النبض على نحو طبيعي. إلا أنه في بعض الأحيان يدفع هذا التأخير القلب نحو معدلات نبض سريعة وغير منتظمة ربما تسبب ضيقاً في التنفس وإغماء، بل ربما في بعض الأحيان الموت المفاجئ.
ويرث بعض الأشخاص جيناً غير طبيعي يسبب هذا الاضطراب، بينما يعاني آخرون مما يعرف باسم «متلازمة فترة كيو تي الطويلة»، التي تنتج في جميع الحالات تقريباً عن تناول عقاقير معينة (أو من الممكن أن تنتج عن مواد موجودة في أطعمة ومشروبات).
ويعتبر الأفراد الذين ورثوا الجين المسبب لـ«فترة كيو تي الطويلة» أكثر احتمالاً للتعرض لنمط من هذه المتلازمة تسببه عقاقير بعينها.
وعادة ما يختفي التأخير في فترة «كيو تي» بمجرد التوقف عن تناول العقار المسبب للمتلازمة، ويمكن لمئات من العقاقير التي يجري وصفها على نطاق واسع التسبب في هذه المشكلة.
وتتوفر قائمة محدثة باستمرار بأسماء العقاقير المسببة لهذه المشكلة على الموقع الإلكتروني لمنظمة «كريديبل ميدز» غير الهادفة للربح
(www.crediblemeds.org).
أما بالنسبة إلى الغالبية الكاسحة من الأفراد، فإن هذه المعلومات تنتمي إلى فئة المعلومات الغريبة، ولا تدعو للقلق على الإطلاق. وفي هذا الصدد، أوضح البروفسور بيتر زيميتبوم، مدير شؤون أمراض القلب السريرية في مركز بيث إسرائيل ديكونيس الطبي، أن «الأشخاص الوحيدين الذين يواجهون مخاطر مهمة من المنظور السريري هم أولئك الذين يعانون من متلازمة فترة كيو تي الطويلة». وأضاف أنه فيما يخص أي شخص آخر، فإنه لا توجد أدلة كافية تشير إلى ضرورة تقييد تناوله لأي من تلك الأطعمة أو المشروبات. ومع هذا، فإن البعض ربما من الأفضل تفحصه عن قرب.

- أغذية تؤثر على النبض
بجانب الغريبفروت، بعض الأطعمة الأخرى ربما تسبب عدم انتظام في ضربات القلب، وقد وردت في المقال المنشور بدورية «تريندز إن كارديوفاسكيولار ميديسين»...
> مشروبات الطاقة؛ تتميز مشروبات الطاقة، التي تتضمن «ريد بول» و«مونستر» و«فايف أور إنرجي»، بشعبية كبيرة في أوساط المراهقين على نحو الخصوص، لكن هذا لا ينفي أن البالغين يتناولون كذلك مثل هذه المنتجات التي تدعي أنها تعزز أداء الإنسان وقدراته الذهنية.
ومع هذا فإن بمقدورها أيضاً رفع ضغط الدم وزيادة فترة «كيو تي»، تبعاً لما خلص إليه كثير من الدراسات العشوائية.
يذكر أن مشروبات الطاقة غالباً ما تحوي الكافيين والسكر وجرعات عالية من فيتامينات بي، إضافة إلى جينسينغ وغوارانا والكارنتين والتورين وعدد من المكملات الغذائية الأخرى. إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان أحد أو بعض أو جميع هذه المركبات معاً مسؤولاً عن التأثير على القلب.
> العرقسوس: يحوي العرقسوس الأسود على غليسرهيزين الذي يمكنه خفض مستويات البوتاسيوم في الجسم، وقد يتسبب في ظهور «متلازمة فترة كيو تي الطويلة». إلا أن حدوث ذلك يتطلب منك تناول كميات ضخمة للغاية من العرقسوس، حسبما تؤكد إدارة الغذاء والدواء الأميركية.
> ماء التونيك Tonic water؛ يحوي ماء التونيك مادة الكينينن، وهو مركب مر المذاق يستخلص من لحاء شجرة الكينا. وتحد إدارة الغذاء والدواء الأميركية استخدام الكينين إلى ما لا يزيد على 83 جزءاً في المليون بسبب أعراضه الجانبية المحتملة. وتتضمن هذه الأعراض اضطراب نبضات القلب بسبب فترات «كيو تي» الطويلة، التي تحدث أحياناً للأشخاص الذين يتناولون أقراص كينين لعلاج الملاريا في مناطق استوائية. إلا أنه من أجل أن تقترب من المستويات الموجودة في قرص واحد من هذه المادة، يتعين عليك شرب 2 كوارت (2.26 لتر) من ماء التونيك.
- رسالة هارفارد للقلب، خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

صحتك مكملات «أوميغا 3» قد تبطئ سرطان البروستاتا (جامعة أكسفورد)

دراسة جديدة: «أوميغا 3» قد يكون مفتاح إبطاء سرطان البروستاتا

توصلت دراسة أجرتها جامعة كاليفورنيا إلى أن اتباع نظام غذائي منخفض في أحماض أوميغا 6 وغني بأحماض أوميغا 3 الدهنية، يمكن أن يبطئ سرطان البروستاتا.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
صحتك مرض ألزهايمر يؤدي ببطء إلى تآكل الذاكرة والمهارات الإدراكية (رويترز)

بينها الاكتئاب... 4 علامات تحذيرية تنذر بألزهايمر

يؤثر مرض ألزهايمر في المقام الأول على الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، ولكن ليس من المبكر أبداً أن تكون على دراية بالعلامات التحذيرية لهذا الاضطراب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك تناول وجبة إفطار متوازنة ودسمة يساعد على إدارة السعرات الحرارية اليومية (رويترز)

تخطي وجبة الإفطار في الخمسينات من العمر قد يسبب زيادة الوزن

أظهرت دراسة حديثة أن تخطي وجبة الإفطار في منتصف العمر قد يجعلك أكثر بدانةً، ويؤثر سلباً على صحتك، وفقاً لصحيفة «التليغراف».

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين
TT

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19» نُشرت أحدث وأطول دراسة طولية عن الأعراض الطويلة الأمد للمرض أجراها باحثون إنجليز في مستشفى غريت أورموند ستريت للأطفال Great Ormond Street Hospital for Children بالمملكة المتحدة بالتعاون مع عدة جامعات أخرى؛ مثل جامعة لندن ومانشستر وبريستول. وأكدت أن معظم الأطفال والمراهقين الذين تأكدت إصابتهم بأعراض كوفيد الطويل الأمد، تعافوا بشكل كامل في غضون 24 شهراً.

أعراض «كوفيد» المزمنة

بداية، فإن استخدام مصطلح (أعراض كوفيد الطويل الأمد) ظهر في فبراير (شباط) عام 2022. وتضمنت تلك الأعراض وجود أكثر من عرض واحد بشكل مزمن (مثل الإحساس بالتعب وصعوبة النوم وضيق التنفس أو الصداع)، إلى جانب مشاكل في الحركة مثل صعوبة تحريك طرف معين أو الإحساس بالألم في عضلات الساق ما يعيق ممارسة الأنشطة المعتادة، بجانب بعض الأعراض النفسية مثل الشعور المستمر بالقلق أو الحزن.

الدراسة التي نُشرت في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي في مجلة Nature Communications Medicine أُجريت على ما يزيد قليلاً على 12 ألف طفل من الذين تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً في الفترة من سبتمبر(أيلول) 2020 وحتى مارس (آذار) 2021، حيث طلب الباحثون من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم، تذكر أعراضهم وقت إجراء اختبار «تفاعل البوليمراز المتسلسل» PCR المُشخص للكوفيد، ثم تكرر الطلب (تذكر الأعراض) مرة أخرى بعد مرور ستة و12 و24 شهراً.

تم تقسيم الأطفال إلى أربع مجموعات على مدار فترة 24 شهراً. وتضمنت المجموعة الأولى الأطفال الذين لم تثبت إصابتهم بفيروس الكوفيد، والمجموعة الثانية هم الذين كانت نتيجة اختبارهم سلبية في البداية، ولكن بعد ذلك كان نتيجة اختبارهم إيجابية (مؤكدة)، فيما تضمنت المجموعة الثالثة الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية، ولكن لم يصابوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً، وأخيراً المجموعة الرابعة التي شملت الذين كانت نتيجة اختبارهم مؤكدة في البداية ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قام الباحثون باستخدام مصطلح كوفيد الطويل الأمد عند فحص بيانات ما يقرب من ألف طفل من الذين تأكدت إصابتهم بالمرض ووجدوا بعد مرور عامين أن نحو 25 - 30 في المائة فقط من إجمالي المراهقين هم الذين لا يزالون يحتفظون بالأعراض المزمنة، بينما تم شفاء ما يزيد على 70 في المائة بشكل كامل. وكان المراهقون الأكبر سناً والأكثر حرماناً من الخدمات الطبية هم الأقل احتمالية للتعافي.

25 - 30 % فقط من المراهقين يظلون محتفظين بالأعراض المزمنة للمرض

استمرار إصابة الإناث

كان اللافت للنظر أن الإناث كن أكثر احتمالية بنحو الضعف لاستمرار أعراض كوفيد الطويل الأمد بعد 24 شهراً مقارنة بالذكور. وقال الباحثون إن زيادة نسبة الإناث ربما تكون بسبب الدورة الشهرية، خاصة أن بعض الأعراض التي استمرت مع المراهقات المصابات (مثل الصداع والتعب وآلام العضلات والأعراض النفسية والتوتر) تتشابه مع الأعراض التي تسبق حدوث الدورة الشهرية أو ما يسمى متلازمة «ما قبل الحيض» pre-menstrual syndrome.

ولاحظ الباحثون أيضاً أن أعلى معدل انتشار للأعراض الطويلة الأمد كان من نصيب المرضى الذين كانت نتائج اختباراتهم إيجابية في البداية، ثم أصيبوا بالعدوى مرة أخرى لاحقاً.

قال الباحثون إن نتائج الدراسة تُعد في غاية الأهمية في الوقت الحالي؛ لأن الغموض ما زال مستمراً حول الآثار التي تتركها الإصابة بالفيروس، وهل سوف تكون لها مضاعفات على المدى الطويل تؤدي إلى خلل في وظائف الأعضاء من عدمه؟

وتكمن أهمية الدراسة أيضاً في ضرورة معرفة الأسباب التي أدت إلى استمرار الأعراض في الأطفال الذين لم يتماثلوا للشفاء بشكل كامل ونسبتهم تصل إلى 30 في المائة من المصابين.

لاحظ الباحثون أيضاً اختلافاً كبيراً في الأعراض الملازمة لـ«كوفيد»، وعلى سبيل المثال هناك نسبة بلغت 35 في المائة من الأطفال الذين ثبتت إصابتهم في البداية، ثم أصيبوا مرة أخرى بعد ذلك، لم تظهر عليهم أي أعراض على الرغم من إصابتهم المؤكدة تبعاً للتحليل. وفي المقابل هناك نسبة بلغت 14 في المائة من المجموعة التي لم تظهر عليها أي أعراض إيجابية عانت من خمسة أعراض أو أكثر للمرض، ما يشير إلى عدم وضوح أعراض كوفيد الطويل الأمد.

هناك نسبة بلغت 7.2 في المائة فقط من المشاركين عانوا بشدة من الأعراض الطويلة الأمد (5 أعراض على الأقل) في كل النقط الزمنية للدراسة (كل ثلاثة أشهر وستة وعام وعامين)، حيث أبلغ هؤلاء المشاركون عن متوسط خمسة أعراض في أول 3 أشهر ثم خمسة في 6 أشهر ثم ستة أعراض في 12 شهراً ثم خمسة في 24 شهراً بعد الإصابة، ما يؤكد ضرورة تقديم الدعم الطبي المستمر لهؤلاء المرضى.

بالنسبة للتطعيم، لم تجد الدراسة فرقاً واضحاً في عدد الأعراض المبلغ عنها أو حدتها أو الحالة الصحية بشكل عام ونوعية الحياة بين المشاركين الذين تلقوا التطعيمات المختلفة وغير المطعمين في 24 شهراً. وقال الباحثون إن العديد من الأعراض المُبلغ عنها شائعة بالفعل بين المراهقين بغض النظر عن إصابتهم بفيروس «كورونا» ما يشير إلى احتمالية أن تكون هذه الأعراض ليست نتيجة للفيروس.

في النهاية أكد العلماء ضرورة إجراء المزيد من الدراسات الطولية لمعرفة آثار المرض على المدى البعيد، وكذلك معرفة العواقب الطبية للتطعيمات المختلفة وجدوى الاستمرار في تناولها خاصة في الفئات الأكثر عرضة للإصابة؛ أصحاب المناعة الضعيفة.

* استشاري طب الأطفال