الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء

أسوأ أعراض المرض لا يزال أكثرها غموضاً

الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء
TT

الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء

الضباب الدماغي لـ«كوفيد الطويل الأمد» يحير العلماء

«الضباب الدماغي» لا يشبه الصداع الكحولي أو الاكتئاب. إنه اضطراب في الوظيفة التنفيذية يجعل المهام الإدراكية الأساسية صعبة بصورة مزعجة.

ضباب مدمر
في 25 مارس (آذار) 2020، كانت هانا دافيس تراسل صديقتين عندما أدركت أنها لا تستطيع فهم إحدى رسائلهما. بعد الإدراك المتأخر، كانت هذه أول علامة على إصابتها بكوفيد - 19. كما كانت أيضاً تجربتها الأولى مع الظاهرة المعروفة باسم «الضباب الدماغي» «brain fog»، واللحظة التي انكمشت فيها حياتها القديمة بفعل الظاهرة الحالية. لقد كانت تعمل ذات يوم في مجال الذكاء الصناعي، وتحلل الأنظمة المعقدة من دون أي تردد، ولكنها الآن «تجد نفسها تصطدم بجدار عقلي» عندما تواجه مهام بسيطة مثل ملء النماذج. وذاكرتها، التي كانت حية ومتقدة ذات مرة، تشعر بأنها مهترئة وعابرة. أما الأمور المعتادة سابقا -من شراء الطعام، وصنع الوجبات، والتنظيف- فيمكن أن تكون صعبة على نحو مؤلم. وعالمها الداخلي -ما تدعوه «إضافات التفكير، كالاسترسال في أحلام اليقظة، ووضع الخطط، والتخيل»- قد ولى زمانها. وقالت لي: «الضباب شامل للغاية، ويؤثر في كل ناحية من حياتي». لأكثر من 900 يوم، مع أن أعراضا طويلة أخرى من كورونا قد تضاءلت وتلاشت، فإن ضبابها الدماغي لم يغادرها أبدا.
أخبرتني إيما لادز، اختصاصية الرعاية الأولية في جامعة أكسفورد قائلة: «من بين الأعراض الكثيرة المحتملة لفيروس كورونا، يعتبر الضباب الدماغي إلى حد بعيد أحد أكثر الأعراض المسببة للإعاقة والتدمير». كما أنه من بين أكثر الأعراض التي يساء فهمها. إذ أنها لم تكن حتى مدرجة في قائمة الأعراض المحتملة للفيروس مع بداية الوباء للمرة الأولى. لكن 20 إلى 30 في المائة من المرضى يبلغون عن وجود حالات من الضباب الدماغي بعد ثلاثة أشهر من إصابتهم بالعدوى، وكذلك 65 إلى 85 في المائة من الناقلين للعدوى المصابين لفترة طويلة. ويمكن أن يصيب الناس الذين لم يصابوا بدرجة كافية تستدعي الاستعانة بجهاز التنفس الصناعي -أو تلقي أي عناية في المستشفى. ويمكن أن يؤثر على الشباب في ريعان حياتهم العقلية.
يقول المصابون لفترة طويلة ممن يعانون من الضباب الدماغي إنه لا يشبه أيا من الأمور التي يقارنها الناس باستهزاء -بما في ذلك العديد من العاملين في المجال الطبي. إنه أعمق من التفكير الغائم الذي يصاحب الصداع الكحولي، أو الإجهاد، أو التعب.
بالنسبة للسيدة دافيس، كان الأمر مختلفا وأسوأ من تجربتها مع اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. وهو ليس مرضا نفسيا - جسديا psychosomatic، بل إنه يتضمن تغييرات حقيقية في بنية وكيميائية الدماغ. وهو ليس اضطرابا مزاجياً: كما قالت لي جوانا هيلموت، طبيبة الأعصاب بجامعة كاليفورنيا فرع سان فرانسيسكو: «إذا قال أي شخص إن هذا يرجع إلى الاكتئاب والقلق، فإنهم لا يمتلكون أي أساس لذلك، والبيانات تشير إلى أنه قد يكون من أساس آخر».

اضطراب الوظيفة التنفيذية
رغم اسمه الغامض، فإن الضباب الدماغي ليس مصطلحا شاملا لكل مشكلة عقلية ممكنة. تقول هيلموت إنه في جوهره دائما يعد اضطراب «الوظيفة التنفيذية» -أي مجموعة القدرات العقلية التي تشمل تركيز الانتباه، وحفظ المعلومات، والحيلولة دون الإلهاء. وهذه المهارات أساسية للغاية لدرجة أنه مع انهيارها، ينهار الكثير من البنيان الإدراكي للفرد. فأي شيء يتضمن التركيز، وتعدد المهام، والتخطيط -أي كل شيء مهم تقريبا- يصير شاقا على نحو غير معقول. «إنها ترفع العمليات اللاواعية لدى الأصحاء إلى مستوى صنع القرار الواعي»، كما قالت لي فيونا روبرتسون، الكاتبة من أبردين في أسكوتلندا.
تعاني الذاكرة أيضاً، وإنما بطريقة مختلفة عن الحالات التنكسية مثل الزهايمر. الذكريات موجودة هناك، ولكن مع سوء أداء الوظيفة التنفيذية، لا يختار الدماغ الأشياء المهمة لتخزين أو استرجاع تلك المعلومات بكفاءة.
معظم الناس الذين لديهم ضباب دماغي غير متأثرين بشدة، ويتحسنون تدريجياً مع الوقت. لكن حتى مع تعافي الناس بالقدر الكافي للعمل، فإنهم يأخذون في التعايش مع عقول أقل ذكاء من ذي قبل. قال فاسكيز: «كنا قد اعتدنا قيادة سيارة رياضية، والآن صرنا لا نتعامل إلا مع سيارة عتيقة الطراز». في بعض المهن، السيارة العتيقة لن تعين أحدا. وقالت لي مونيكا فيردوزكو - غوتيريز، اختصاصية إعادة التأهيل لدى (يو تي هيلث سان أنتونيو): «لدي جراحون لا يمكنهم العودة إلى الجراحة لأنهم يحتاجون إلى وظيفتهم التنفيذية».
توقعت روبرتسون أن يتسبب الوباء بموجة من الضعف الإدراكي في مارس (آذار) 2020 بدأ ضبابها الدماغي قبل عقدين من الزمن، على الأرجح بسبب مرض فيروسي مختلف، لكنها عانت من نفس الإعاقة الوظيفية التي عاناها المصابون لفترات طويلة، والتي تفاقمت عندما أصيبت بكوفيد العام الماضي.
هذه المجموعة من المشاكل تحديدا تصيب أيضاً الكثير من الناس الذين يعانون من فيروس نقص المناعة البشرية، والصرع بعد النوبات، ومرضى السرطان الذين يعانون مما يسمى بالدماغ الكيميائي، وكذلك الأشخاص الذين لديهم عدة أمراض مزمنة معقدة مثل الألم العضلي الليفي المتفشي أو «فيبرومالغيا». إنه جزء من المعايير التشخيصية لمتلازمة التعب المزمن، وتسمى أيضاً التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات، وهي الحالة التي تعاني منها السيدة دافيس، والعديد من الأشخاص المصابين لفترات طويلة. كان الضباب الدماغي موجودا قبل تفشي فيروس كورونا بكثير، مما أثر على العديد من الأشخاص الذين وصمت حالتهم أو صرفت أو أهملت. قالت لي روبرتسون: طوال تلك السنوات، تعامل الناس مع الأمر وكأنه غير مستحق للبحث. وقيل للكثيرين منا: إنها مجرد حالة اكتئاب بسيطة».

إعاقة إدراكية
زعم العديد من الأطباء الإكلينيكيين الذين تحدثت معهم أن مصطلح «الضباب الدماغي» يجعل الحالة تبدو وكأنها إزعاج مؤقت، ويحرم المرضى من الشرعية التي قد تمنحها اللغة الطبية مثل الإعاقة الإدراكية. لكن أبارنا ناير، مؤرخة الإعاقة بجامعة أوكلاهوما، أشارت إلى أن مجتمعات الإعاقة استخدمت هذا المصطلح لعقود، وهناك العديد من الأسباب الأخرى وراء استبعاد الضباب الدماغي خارج المصطلحات. (وفرة المقاطع اللفظية لم تمنع الإقلال من أهمية «فيبرومالغيا» ومتلازمة التعب المزمن).
على سبيل المثال، لاحظت هيلموت أنه في مجال علم الأعصاب الإدراكي «كل البنى التحتية والتعليم تقريبا» يتركز على الأمراض التنكسية مثل الزهايمر، حيث البروتينات المارقة تصيب الأدمغة المسنة. وقليلون هم الباحثون الذين يعرفون أن الفيروسات يمكنها التسبب في الاضطرابات الإدراكية لدى الأشخاص الأصغر سنا، ومن ثم قليلون هم الذين يدرسون تأثيراتها. وأضافت تقول: «نتيجة لذلك، لا يتعلم بشأنها أحد في كلية الطب. ولأنه لا يوجد الكثير من التواضع في الطب، ينتهي الأمر بالناس إلى لوم المرضى بدلا من البحث عن إجابات».
كما أن الأشخاص الذين يعانون من الضباب الدماغي بارعون في إخفائه، كما قال لي ديفيد بوترينو، المشرف على عيادة إعادة تأهيل المصابين بفيروس كورونا لفترة طويلة في مستشفى ماونت سيناي: «سوف ينفذون المطلوب منهم عند اختبارهم، وسوف تقول نتائجك أنهم كانوا طبيعيين. وسوف تتأكد من أنك قد تسببت في تحطيمهم لمدة أسبوع عندما تعاود التحقق من نفس النتائج بعد يومين».
قال بوترينو: «ليس لدينا أيضاً الأدوات المناسبة لقياس الضباب الدماغي». ويستعمل الأطباء غالبا «تقييم مونتريال الإدراكي» Montreal Cognitive Assessment، الذي صمم للكشف عن المشاكل العقلية الشديدة لدى كبار السن المصابين بالخرف، وهو إجراء غير صالح لأي شخص دون سن الخامسة والخمسين، كما قالت لي هيلموت. حتى الشخص الذي لديه ضباب دماغي شديد يمكنه أن يتجاوزه. وهناك اختبارات أكثر تعقيدا وتطورا، لكنها لا تزال تقارن الناس بمتوسط عدد السكان وليس بالخط الأساسي السابق لديهم. تقول هيلموت: «الشخص الذي يؤدي وظيفة عالية مع تراجع في قدراته، والذي يقع ضمن النطاق الطبيعي، يقال له بأنه ليست لديه مشكلة».
في وقت سابق من هذا العام، تناول فريق من الباحثين البريطانيين الطبيعة الخفية للضباب الدماغي في صور واضحة بالأبيض والأسود للتصوير بالرنين المغناطيسي. وحللت جونايل داود من جامعة أكسفورد، وزملاؤها، البيانات المستقاة من دراسة البنك الحيوي في المملكة المتحدة، والتي كانت تفحص أدمغة مئات المتطوعين بصفة منتظمة لسنوات قبل الوباء. عندما أصيب بعض هؤلاء المتطوعين بكوفيد، تمكن الفريق من مقارنة فحوصاتهم اللاحقة بتلك السابقة. ووجدوا أنه حتى حالات العدوى الخفيفة يمكنها تقليص الدماغ قليلا، وتقلل سمك المادة الرمادية الغنية بالعصبونات (الخلايا العصبية). وفي أسوأ حالاتها، كانت هذه التغيرات مماثلة لعشر سنوات من الشيخوخة. وكانت واضحة بصفة خاصةً في مناطق من الدماغ مثل التلفيف المجاور للحصين، الذي يعد مهما لترميز واسترجاع الذكريات، وكذلك القشرة الجبهية الحجاجية، المهمة في الوظيفة التنفيذية. كانت لا تزال واضحة لدى الناس الذين لم ينقلوا إلى المستشفى. وكانت تصاحبهم مشاكل إدراكية.
ورغم أن (سارس - كوف - 2)، الفيروس المسبب لكوفيد، يمكنه الدخول وإصابة الجهاز العصبي المركزي، إلا أنه لا يفعل ذلك بكفاءة، أو بثبات، أو بصفة متكررة، كما أخبرتني الدكتورة ميشيل مونجي، اختصاصية الأورام العصبية بجامعة ستانفورد. بدلا من ذلك، تعتقد أن الفيروس في معظم الحالات يؤذي الدماغ من دون إصابته مباشرة. وقد أظهرت رفقة زملائها مؤخراً أنه عندما تعاني الفئران نوبات خفيفة من فيروس كورونا، يمكن للمواد الكيميائية الالتهابية الانتقال من الرئتين إلى الدماغ، حيث تعطل «ميكروغليا: الخلايا الدبقية الصغيرة». في العادة، تعمل «ميكروغليا» كمثل البستاني، إذ تدعم الخلايا العصبية عن طريق تشذيب الوصلات غير الضرورية، وتنظيف الحطام غير المرغوب فيه. وعندما تشتد جهودها، تصبح شديدة المقاومة ومدمرة. وفي وجودها، ينتج الحصين - المنطقة المهمة للغاية بالذاكرة - عدداً أقل من العصبونات الجديدة، في حين أن الكثير من العصبونات الموجودة تفقد طبقاتها العازلة، لذلك تسير الإشارات الكهربائية الآن على طول هذه الخلايا ببطء أكثر. هذه هي نفس التغييرات التي تراها الدكتورة مونجي في مرضى السرطان الذين يعانون من «الضباب الكيميائي». وبرغم أنها وفريقها أجروا تجارب كوفيد - 19 على الفئران، إلا أنهم وجدوا مستويات عالية لنفس المواد الكيميائية الالتهابية لدى المصابين لفترات طويلة ممن يعانون من الضباب الدماغي.

تفسيرات الضباب
تظن الدكتورة مونجي أن الالتهاب العصبي هو «الطريقة الأكثر شيوعا» التي يؤدي بها كوفيد إلى الضباب الدماغي، لكن هناك على الأرجح العديد من مثل هذه الطرق. قد يتسبب فيروس كورونا بمشاكل في المناعة الذاتية حيث يهاجم الجهاز المناعي الجهاز العصبي بطريق الخطأ، أو يعيد تنشيط فيروسات ساكنة مثل فيروس إبشتاين - بار، الذي تم ربطه بحالات تشمل متلازمة التعب المزمن أو التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات، والتصلب المتعدد. كما أنه من خلال إتلاف الأوعية الدموية وملئها بالجلطات الصغيرة، يخنق كوفيد إمدادات الدم في المخ، مما يحرم هذه الأعضاء الأكثر طلبا للأكسجين والطاقة. وقال لي بوترينو إن نقص الأكسجين ليس قويا بما يكفي لقتل الخلايا العصبية أو إدخال الناس إلى العناية المركزة، لكن «الدماغ لا يحصل على كامل احتياجاته لمواصلة العمل بكامل طاقته». (يتسبب النقص الحاد في الأكسجين، الذي يجبر بعض المصابين بكوفيد على تلقي رعاية حرجة، في مشاكل إدراكية مختلفة عن تلك التي يعاني منها معظم المصابين بكوفيد - 19).
ولكن أي من هذه التفسيرات ليس ثابتا على الدوام، لكنها يمكن أن تعكس معنى جماعياً لسمات الضباب الدماغي. قال بوترينو إن نقص الأكسجين من شأنه التأثير أولا على المهام الإدراكية المعقدة المعتمدة على الطاقة، وهو ما يفسر لماذا تعد الوظيفة التنفيذية واللغة «أول من يتأثر». وبدون الطبقات العازلة، تعمل العصبونات ببطء أكبر، وهو ما يفسر شعور العديد من المصابين لفترات طويلة بأن سرعة المعالجة قد تباطأت، كما تقول الدكتورة مونجي: «إنك تفقد الشيء الذي يسهل الاتصال العصبي السريع بين مناطق الدماغ». ويمكن لهذه المشاكل أن تتفاقم أو تخفف منها عوامل كالنوم والراحة، مما يفسر لماذا يمر الأشخاص المصابون بالضباب الدماغي بأيام جيدة وأخرى سيئة. وبرغم أن فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى يمكنها التسبب في دمار التهابي في الدماغ، إلا أن فيروس (سارس - كوف - 2) يسبب ذلك بصورة أقوى من الإنفلونزا، على سبيل المثال، مما يفسر السبب في أن أشخاصاً مثل السيدة روبرتسون قد عانوا من الضباب الدماغي قبل فترة طويلة من الوباء الحالي، ولماذا تظهر الأعراض بشكل خاص بين المصابين لفترات طويلة بفيروس كوفيد.
قد يستغرق تحقيق التقدم في الطب الحيوي سنوات عديدة، لكن المرضى المصابين لفترات طويلة يحتاجون إلى المساعدة في علاج الضباب الدماغي الآن. وفي غياب العلاجات، فإن أغلب أساليب العلاج تتمحور حول مساعدة الناس في التعامل مع أعراضهم.
النوم السليم، والأكل الصحي، والتغييرات الأخرى في نمط الحياة يمكن أن تجعل الحالة أكثر تحملا. كما أن تقنيات التنفس والاسترخاء تساعد الأشخاص خلال فترات النوبات السيئة، وعلاج النطق يمكنه مساعدة الذين يعانون من مشاكل في العثور على الكلمات. ويمكن لبعض الأدوية التي لا تتطلب الوصفات الطبية، مثل مضادات الهستامين، التخفيف من أعراض الالتهاب، في حين أن المنبهات (المحفزات) يمكنها زيادة التركيز المتأخر.

• «ذي أتلانتيك»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟
TT

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

هل يمكن لنظم الذكاء الاصطناعي التكيف مع ثقافات متعددة؟

في سباق محتدم لنشر نماذج اللغات الكبيرة والذكاء الاصطناعي التوليدي في الأسواق العالمية، تفترض العديد من الشركات أن «النموذج الإنجليزي ← المترجم» كافٍ لذلك.

اللغة- ثقافة وأعراف

ولكن إذا كنتَ مسؤولاً تنفيذياً أميركياً تستعد للتوسع في آسيا أو أوروبا أو الشرق الأوسط أو أفريقيا، فقد يكون هذا الافتراض أكبر نقطة ضعف لديك. ففي تلك المناطق، ليست اللغة مجرد تفصيل في التغليف: إنها الثقافة والأعراف والقيم ومنطق العمل، كلها مُدمجة في شيء واحد.

وإذا لم يُبدّل نظام الذكاء الاصطناعي الخاص بك تسلسل رموزه الكمبيوترية فلن يكون أداؤه ضعيفاً فحسب؛ بل قد يُسيء التفسير أو يُسيء المواءمة مع الوضع الجديد أو يُسيء خدمة سوقك الجديدة.

الفجوة بين التعدد اللغوي والثقافي في برامج الدردشة الذكية

لا تزال معظم النماذج الرئيسية مُدربة بشكل أساسي على مجموعات النصوص باللغة الإنجليزية، وهذا يُسبب عيباً مزدوجاً عند نشرها بلغات أخرى. وعلى سبيل المثال، وجدت دراسة أن اللغات غير الإنجليزية والمعقدة لغويا غالباً ما تتطلب رموزاً أكثر (وبالتالي تكلفةً وحساباً) لكل وحدة نصية بمقدار 3-5 أضعاف مقارنةً باللغة الإنجليزية.

ووجدت ورقة بحثية أخرى أن نحو 1.5 مليار شخص يتحدثون لغات منخفضة الموارد يواجهون تكلفة أعلى وأداءً أسوأ عند استخدام نماذج اللغة الإنجليزية السائدة.

والنتيجة: قد يتعثر نموذج يعمل جيداً للمستخدمين الأميركيين، عند عمله في الهند أو الخليج العربي أو جنوب شرق آسيا، ليس لأن مشكلة العمل أصعب، ولكن لأن النظام يفتقر إلى البنية التحتية الثقافية واللغوية اللازمة للتعامل معها.

«ميسترال سابا» نظام الذكاء الاصطناعي الفرنسي مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا

مثال «ميسترال سابا» الإقليمي جدير بالذكر

لنأخذ نموذج «ميسترال سابا» (Mistral Saba)، الذي أطلقته شركة ميسترال للذكاء الاصطناعي الفرنسية كنموذج مصمم خصيصاً للغات العربية وجنوب آسيا (التاميلية والمالايالامية... إلخ). تشيد «ميسترال» بأن «(سابا) يوفر استجابات أكثر دقة وملاءمة من النماذج التي يبلغ حجمها 5 أضعاف» عند استخدامه في تلك المناطق. لكن أداءه أيضاً أقل من المتوقع في معايير اللغة الإنجليزية.

وهذه هي النقطة المهمة: السياق أهم من الحجم. قد يكون النموذج أصغر حجماً ولكنه أذكى بكثير بالنسبة لمكانه.

بالنسبة لشركة أميركية تدخل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أو سوق جنوب آسيا، هذا يعني أن استراتيجيتك «العالمية» للذكاء الاصطناعي ليست عالمية ما لم تحترم اللغات والمصطلحات واللوائح والسياق المحلي.

تكاليف الرموز والتحيز اللغوي

من منظور الأعمال، تُعدّ التفاصيل التقنية للترميز أمراً بالغ الأهمية. تشير مقالة حديثة إلى أن تكاليف الاستدلال في اللغة الصينية قد تكون ضعف تكلفة اللغة الإنجليزية، بينما بالنسبة للغات مثل الشان أو البورمية، يمكن أن يصل تضخم عدد الرموز إلى 15 ضعفاً.

هذا يعني أنه إذا استخدم نموذجك ترميزاً قائماً على اللغة الإنجليزية ونشرتَه في أسواق غير إنجليزية، فإن تكلفة الاستخدام سترتفع بشكل كبير، أو تنخفض الجودة بسبب تقليل الرموز. ولأن مجموعة التدريب الخاصة بك كانت تركز بشكل كبير على اللغة الإنجليزية، فقد يفتقر «نموذجك الأساسي» إلى العمق الدلالي في لغات أخرى.

أضف إلى هذا المزيج اختلافات الثقافة والمعايير: النبرة، والمراجع، وممارسات العمل، والافتراضات الثقافية، وما إلى ذلك، وستصل إلى مجموعة تنافسية مختلفة تماماً: ليس «هل كنا دقيقين» بل «هل كنا ملائمين».

التوسع في الخارج

لماذا يهم هذا الأمر المديرين التنفيذيين الذين يتوسعون في الخارج؟

إذا كنت تقود شركة أميركية أو توسّع نطاق شركة ناشئة في الأسواق الدولية، فإليك ثلاثة آثار:

-اختيار النموذج ليس حلاً واحداً يناسب الجميع: قد تحتاج إلى نموذج إقليمي أو طبقة ضبط دقيقة متخصصة، وليس فقط أكبر نموذج إنجليزي يمكنك ترخيصه.

-يختلف هيكل التكلفة باختلاف اللغة والمنطقة: فتضخم الرموز وعدم كفاءة الترميز يعنيان أن تكلفة الوحدة في الأسواق غير الإنجليزية ستكون أعلى على الأرجح، ما لم تخطط لذلك.

-مخاطر العلامة التجارية وتجربة المستخدم ثقافية: فبرنامج الدردشة الآلي الذي يسيء فهم السياق المحلي الأساسي (مثل التقويم الديني، والمصطلحات المحلية، والمعايير التنظيمية) سيُضعف الثقة بشكل أسرع من الاستجابة البطيئة.

بناء استراتيجية ذكاء اصطناعي متعددة اللغات واعية ثقافياً

للمديرين التنفيذيين الجاهزين للبيع والخدمة والعمل في الأسواق العالمية، إليكم خطوات عملية:

• حدّد اللغات والأسواق كميزات من الدرجة الأولى. قبل اختيار نموذجك الأكبر، اذكر أسواقك ولغاتك ومعاييرك المحلية وأولويات عملك. إذا كانت اللغات العربية أو الهندية أو الملايوية أو التايلاندية مهمة، فلا تتعامل معها كـ«ترجمات» بل كحالات استخدام من الدرجة الأولى.

• فكّر في النماذج الإقليمية أو النشر المشترك. قد يتعامل نموذج مثل «Mistral Saba» مع المحتوى العربي بتكلفة أقل ودقة أكبر وبأسلوب أصلي أكثر من نموذج إنجليزي عام مُعدّل بدقة.

• خطط لتضخم تكلفة الرموز. استخدم أدوات مقارنة الأسعار. قد تبلغ تكلفة النموذج في الولايات المتحدة «س» دولاراً أميركياً لكل مليون رمز، ولكن إذا كان النشر تركياً أو تايلاندياً، فقد تكون التكلفة الفعلية ضعف ذلك أو أكثر.

• لا تحسّن اللغة فقط، بل الثقافة ومنطق العمل أيضاً. لا ينبغي أن تقتصر مجموعات البيانات المحلية على اللغة فحسب، بل ينبغي أن تشمل السياق الإقليمي: اللوائح، وعادات الأعمال، والمصطلحات الاصطلاحية، وأطر المخاطر.

صمم بهدف التبديل والتقييم النشطين. لا تفترض أن نموذجك العالمي سيعمل محلياً. انشر اختبارات تجريبية، وقيّم النموذج بناءً على معايير محلية، واختبر قبول المستخدمين، وأدرج الحوكمة المحلية في عملية الطرح.

المنظور الأخلاقي والاستراتيجية الأوسع

عندما تُفضّل نماذج الذكاء الاصطناعي المعايير الإنجليزية والناطقة بالإنجليزية، فإننا نُخاطر بتعزيز الهيمنة الثقافية.

كمسؤولين تنفيذيين، من المغري التفكير «سنترجم لاحقاً». لكن الترجمة وحدها لا تُعالج تضخم القيمة الرمزية، وعدم التوافق الدلالي، وعدم الأهمية الثقافية. يكمن التحدي الحقيقي في جعل الذكاء الاصطناعي مُتجذراً محلياً وقابلاً للتوسع عالمياً.

إذا كنت تُراهن على الذكاء الاصطناعي التوليدي لدعم توسعك في أسواق جديدة، فلا تُعامل اللغة كحاشية هامشية. فاللغة بنية تحتية، والطلاقة الثقافية ميزة تنافسية. أما التكاليف الرمزية وتفاوتات الأداء فليست تقنية فحسب، بل إنها استراتيجية.

في عالم الذكاء الاصطناعي، كانت اللغة الإنجليزية هي الطريق الأقل مقاومة. ولكن ما هي حدود نموك التالية؟ قد يتطلب الأمر لغةً وثقافةً وهياكل تكلفة تُمثل عوامل تمييز أكثر منها عقبات.

اختر نموذجك ولغاتك واستراتيجية طرحك، لا بناءً على عدد المعاملات، بل على مدى فهمه لسوقك. إن لم تفعل، فلن تتخلف في الأداء فحسب، بل ستتخلف أيضاً في المصداقية والأهمية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».


الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
TT

الذكاء الاصطناعي... نجم المؤتمر السنوي لطب الأسنان في نيويورك

آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي
آلاف المشاركين وشركات تعرض أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي

في مدينةٍ لا تهدأ، وتحديداً في مركز «جاڤِتس» على ضفاف نهر هدسون، اختتمت أمس أعمال اجتماعات نيويورك السنوية لطبّ الأسنان، التي استمرت 5 أيام، أحد أكبر التجمعات العالمية للمهنة، بمشاركة نحو 50 ألف طبيب وخبير من أكثر من 150 دولة.

لم يكن الحدث مجرد مؤتمر، بل منصّة حيّة لمستقبل طبّ الأسنان؛ فبين أروقته تتقدّم التكنولوجيا بخطى ثابتة: من الروبوتات الجراحية إلى أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على قراءة الأشعة في ثوانٍ، وصولاً إلى تجارب التجديد الحيوي التي قد تغيّر شكل العلاج خلال سنوات قليلة.

الذكاء الاصطناعي نجم المؤتمر بلا منافس

كان الذكاء الاصطناعي العنوان الأبرز لهذا العام، إذ جاء المؤتمر في لحظةٍ تتسارع فيها التحوّلات العلمية بسرعة تفوق قدرة المناهج التقليدية على مواكبتها. وقد برزت تقنيات محورية: أنظمة تحليل الأشعة الفورية، والمساعد السريري الذكي، والتخطيط الرقمي للابتسامة. وعلى امتداد القاعات، كان واضحاً أن هذه التقنيات لم تعد تجارب مختبرية، بل هي حلول جاهزة تغيّر طريقة ممارسة المهنة أمام أعيننا.

الروبوتات تدخل غرفة العمليات

شكّلت الجراحة الروبوتية محوراً لافتاً هذا العام، بعد أن عرضت شركات متخصصة أنظمة دقيقة تعتمد على بيانات الأشعة ثلاثية الأبعاد وتتكيف لحظياً مع حاجة الإجراء. وقد أظهرت العروض قدرة هذه الروبوتات على تنفيذ خطوات معقدة بثباتٍ يفوق اليد البشرية، مع تقليل هامش الخطأ ورفع مستوى الأمان الجراحي.

التجديد الحيوي... من الخيال إلى التجربة

عرضت جامعات نيويورك وكورنيل أبحاثاً حول بروتينات مثل «BMP-2»، وهو بروتين ينشّط نمو العظم، و«FGF-2» عامل يساعد الخلايا على الانقسام والتئام الأنسجة خصوصاً الألياف، إلى جانب تقنيات الخلايا الجذعية لإحياء الهياكل الدقيقة للسن.

في حديث مباشر مع «الشرق الأوسط»

وأثناء جولة «الشرق الأوسط» في معرض اجتماع نيويورك لطبّ الأسنان، التقت الدكتورة لورنا فلامر–كالديرا، الرئيس المنتخب لاجتماع نيويورك الكبرى لطب الأسنان، التي أكدت أنّ طبّ الأسنان يشهد «أكبر تحوّل منذ ثلاثة عقود»، مشيرة إلى أنّ المملكة العربية السعودية أصبحت جزءاً فاعلاً في هذا التحوّل العالمي.

وأضافت الدكتورة لورنا، خلال حديثها مع الصحيفة في أروقة المؤتمر، أنّ اجتماع نيويورك «يتطلّع إلى بناء شراكات متقدمة مع جهات في السعودية، أسوة بالتعاون القائم مع الإمارات ومؤسسة (إندكس) وجهات دولية أخرى»، موضحة أنّ هناك «فرصاً واسعة للتعاون البحثي والتعليمي في مجالات الزراعة الرقمية والذكاء الاصطناعي والعلاجات المتقدمة»، وأن هذا التوجّه ينسجم بطبيعة الحال مع طموحات «رؤية السعودية 2030».

العرب في قلب الحدث

شارك وفود من السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين ومصر والعراق في جلسات متقدمة حول الذكاء الاصطناعي والزراعة الرقمية، وكان حضور الوفود لافتاً في النقاشات العلمية، ما عكس الدور المتنامي للمنطقة في تشكيل مستقبل طبّ الأسنان عالمياً.

نيويورك... حيث يبدأ الغد

منذ بدايات اجتماع نيويورك قبل أكثر من قرن، بقيت المدينة مرآةً لتحوّلات المهنة ومختبراً مفتوحاً للمستقبل. وعلى امتداد 5 أيام من الجلسات والمحاضرات والورش العلمية، رسّخ اجتماع نيويورك السنوي مكانته كأكبر تجمع عالمي لطبّ الأسنان، وكمنصّة تُختبر فيها التقنيات التي ستعيد رسم ملامح المهنة في السنوات المقبلة. كما يقول ويليام جيمس، مؤسس الفلسفة البراغماتية الأميركية، إنّ أميركا ليست مكاناً، بل تجربة في صناعة المستقبل... وفي نيويورك تحديداً، يبدو مستقبل طبّ الأسنان قد بدأ بالفعل.


دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
TT

دراسة لـ«ناسا» تظهر التأثير السلبي للأقمار الاصطناعية على عمل التلسكوبات الفضائية

تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)
تلسكوب «هابل» الفضائي (أرشيفية - رويترز)

أدت الزيادة الكبيرة في أعداد الأقمار الاصطناعية المتمركزة في مدار منخفض حول الأرض إلى تطورات في مجال الاتصالات، منها توفير خدمات النطاق العريض في المناطق الريفية والنائية في أنحاء العالم.

لكنها تسببت أيضا في زيادة حادة في التلوث الضوئي في الفضاء، ما يشكل تهديدا لعمل المراصد الفلكية المدارية. وتشير دراسة جديدة أجرتها إدارة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) وتركز على أربعة تلسكوبات فضائية، منها تلسكوبان يعملان حاليا وآخران يجري العمل عليهما، إلى أن نسبة كبيرة من الصور التي سيجري التقاطها بواسطة هذه المراصد على مدى العقد المقبل قد تتأثر بالضوء المنبعث أو المنعكس من الأقمار الاصطناعية التي تشترك معها في المدار المنخفض.

وخلص الباحثون إلى أن نحو 40 بالمئة من الصور التي يلتقطها تلسكوب «هابل» الفضائي ونحو 96 بالمئة من تلك التي يلتقطها مرصد «سفير إكس»، يمكن أن تتأثر بضوء الأقمار الاصطناعية. وقال الباحثون إن «هابل» سيكون أقل تأثرا بسبب مجال رؤيته الضيق.

والتلسكوبات المدارية عنصر أساسي في استكشاف الفضاء، نظرا لما تمتلكه من قدرة على رصد نطاق أوسع من الطيف الكهرومغناطيسي مقارنة بالتلسكوبات الأرضية، كما أن غياب التداخل مع العوامل الجوية يمكنها من التقاط صور أكثر وضوحا للكون، مما يتيح التصوير المباشر للمجرات البعيدة أو الكواكب خارج نظامنا الشمسي.

وقال أليخاندرو بورلاف، وهو عالم فلك من مركز أميس للأبحاث التابع لوكالة ناسا في كاليفورنيا وقائد الدراسة التي نشرت في مجلة نيتشر «في حين أن معظم تلوث الضوء حتى الآن صادر من المدن والمركبات، فإن زيادة مجموعات الأقمار الاصطناعية للاتصالات بدأ يؤثر بوتيرة أسرع على المراصد الفلكية في جميع أنحاء العالم».

وأضاف «في الوقت الذي ترصد فيه التلسكوبات الكون في مسعى لاستكشاف المجرات والكواكب والكويكبات البعيدة، تعترض الأقمار الاصطناعية في كثير من الأحيان مجال الرؤية أمام عدساتها، تاركة آثارا ضوئية ساطعة تمحو الإشارة الخافتة التي نستقبلها من الكون. كانت هذه مشكلة شائعة في التلسكوبات الأرضية. ولكن، كان يعتقد، قبل الآن، أن التلسكوبات الفضائية، الأكثر كلفة والمتمركزة في مواقع مراقبة مميزة في الفضاء، خالية تقريبا من التلوث الضوئي الناتج عن أنشطة الإنسان».

وفي 2019، كان هناك نحو ألفي قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض. ويبلغ العدد الآن نحو 15 ألف قمر. وقال بورلاف إن المقترحات المقدمة من قطاع الفضاء تتوقع تمركز نحو 650 ألف قمر اصطناعي في مدار أرضي منخفض خلال العقد المقبل.