وحيد حامد: تحايلت على «الرقابة» في أفلامي

الكاتب المصري قال إنه جدد من نفسه بالتعاون مع المخرجين الشباب

وحيد حامد في ندوة «القاهرة السينمائي»
وحيد حامد في ندوة «القاهرة السينمائي»
TT

وحيد حامد: تحايلت على «الرقابة» في أفلامي

وحيد حامد في ندوة «القاهرة السينمائي»
وحيد حامد في ندوة «القاهرة السينمائي»

ما بين دموع الحضور ليلة افتتاح الدورة الـ42 لمهرجان القاهرة السينمائي، التي ظهر فيها الكاتب الكبير وحيد حامد مستنداً إلى عكازه، وهو يقول لهم، وكأنه يوصيهم «تذكروا أفلامي التي ربما تكون قد أسعدتكم»، وما بين حال الحب التي لمسها في احتفاء نجوم الفن والجمهور خلال ندوة تكريمه بالمهرجان فارق كبير جداً، بعدما تحولت ندوة تكريم حامد إلى مظاهرة حب أحاطته، وهو يستمع لإحساس الفخر والعرفان بالجميل من نجوم أفلامه، ومن شباب لم يلتق بهم من قبل؛ ما جعله يقول في سعادة «لقد منحتموني اليوم عمراً جديداً يدفعني للاستمرار حتى النهاية».
وأصدر مهرجان القاهرة السينمائي كتاباً قيّماً عن مسيرة وحيد حامد الفنية التي امتدت نصف قرن بعنوان "الفلاح الفصيح" للناقد والكاتب المصري طارق الشناوي، الذي أدار دفة الحوار مع حامد ، وسط حضور جماهيري لافت يعكس تقدير الوسط الفني للمؤلف المصري البارز.
وقال وحيد حامد في ندوة تكريمه بالمهرجان مساء أول من أمس، إن مشواره زيّنه نجوم وأساتذة كبار، أبرزهم عادل إمام، وأحمد زكي، ونور الشريف، ومحمود عبد العزيز، وليلى علوي، ويسرا، وإلهام شاهين، الذين ربطت بينه وبينهم عشرة ومودة وصاروا كأهله، وأقسم حامد خلال ندوته أنه لم يتبن قضية إلا وهو مقتنع بها، وتحدث عن علاقته بابنه الوحيد المخرج مروان حامد قائلاً «علاقتي بمروان علاقة الأب أولاً، والمخرج ثانياً، لكنّني أخاف منه، وأستشيره في أعمالي ولا يمكنني الاقتراب من أعماله»، وأشار إلى أن مروان رد جميل الأديب الراحل يوسف إدريس فقدم قصة «أكان يمكن أن تضئ النور يا لي لي» في مشروع تخرجه، وكان إدريس الذي كان وحيد حامد مفتوناً بكتاباته، قد نصحه بالاتجاه للكتابة الدرامية بدلاً من الرواية والقصة، وهو ما يؤكده حامد بأنه «صاحب فضل عليه».
والتقى وحيد حامد مع ابنه عبر فيلم «عمارة يعقوبيان» عام 2006، الذي أثار جدلاً كبيراً لجرأته، وواجه بسببه هجوماً وصل إلى حد قيام 112 نائباً في البرلمان المصري بتقديم طلب بحذف مشاهد منه بزعم الإساءة إلى سمعة مصر، وعُرض الفيلم على لجنة من داخل البرلمان التي طالبت بعدم حذف أي مشاهد منه؛ ما اعتبره حامد انتصاراً لحرية الإبداع، مؤكداً أن الفيلم أثار صدمة قوية للمشاهد؛ وأنه قصد ذلك لإيمانه بأن السينما الحقيقية هي التي تعري المجتمع؛ لذلك تبقى سينما محفوفة بالمخاطر دائماً.
وعُرف حامد بتميز جمله الحوارية، وبجرأة طرح قضايا أفلامه، وكشف عن ذلك مؤكداً «الكتابة بالنسبة لي شيء مقدس، ومنذ أن كنت شاباً وأنا آخذ من الناس وأعطيهم، وأعمل على تطوير جملة الحوار، فلم أتدنَ لجمل سوقية، ولم أفتعل الإضحاك في أعمالي الكوميدية، وكل المخرجين الذين عملت معهم استفدت وتعلمت منهم، وكانوا أصحاب بصمة في عملي، وكلما شعرت بتقدم العمر، وخشيت على نفسي من الجمود، كنت أعمل مع مخرجين شباب لأجدد فكري، وحتى في التلفزيون يرجع الفضل فيما قدمته لمخرجين مهمين، مثل إسماعيل عبد الحافظ، ومحمد ياسين في مسلسل (الجماعة)».
وتعرضت أفلام وحيد حامد، لأزمات رقابية عدة، وكان يخرج منها «منتصراً»، حسب وصفه، وكشف حامد عن أنه كان يتحايل على الرقابة بكتابته في السيناريو (مشهد لا أهمية له في الفيلم)، ويدرك أن الرقابة ستتوقف عنده طويلاً، فينشغلوا به، بينما تمر المشاهد الأصعب، وأكد أنه كان يعرف قوانين الرقابة جيداً، وكان يتصدى لأى تغيير في حواره، ويرفض حذف مشاهد يرى أنها أساسية حتى لو كانت صادمة، وكانت أغلب أفلامه تمرّ عبر لجنة التظلمات بعدما يرفضها الرقباء خوفاً من جرأتها، وطالب وحيد حامد «الرقابة» بالتخفيف من قيودها حتى يتنفس المبدعون.
وقدم حامد خلال مشواره الفني الذي بدأه في سبعينات القرن الماضي عدداً كبيراً من المسلسلات (30 مسلسلاً إذاعياً وتلفزيونياً)، غير أن ولاءه الأكبر ظل للسينما التي قدم بها 40 فيلماً أثار معظمها جدلاً كبيراً، وكما يقول «أقف دائماً في صف التجديد والإبداع، وأرى أن من حق كل كاتب أن يطوّر في عمله، فكتابة السيناريو تتطلب خيالاً خصباً يلتقط المشكلة من الواقع، وينقلها وفق رؤية كاتبها على الشاشة، ولا بد أن يشعر الكاتب بالواقع، وحين أكتب تكون كل الشخصيات داخلي، ولا أستطيع الكتابة إلا في مكان عام، وعادة أتقمص شخصيات أبطالي وأحدثها حتى يظن من حولي أنني مجنون».
وتعامل حامد مع الأدب في أفلام عدة، من أبرزها «الراقصة والسياسي» لإحسان عبد القدوس، ويوجه نصيحته للكتاب الجدد قائلاً «أنصح من يتعامل مع الرواية أن يقرأها أولاً ويستوعبها جيداً ثم يكتب السيناريو وفق رؤيته الخاصة، ومن حقه تغيير بعض عناصر الرواية، ومثلما قال أستاذنا نجيب محفوظ «الرواية موجودة بالمكتبة، لكنّ الفيلم السينمائي ملك صاحبه، وإن ظلت روح الكاتب لا تتغير».
وتصدّى وحيد حامد (76 سنة) الذي مُنح «جائزة الهرم الذهبي التقديرية» بمهرجان القاهرة السينمائي أخيراً، في كتاباته لقضايا مهمة شغلت المجتمع كقضايا الإرهاب والتطرف الديني، والروتين الحكومي، التي طرحها في أعمال عدة على غرار «الإرهاب والكباب»، «طيور الظلام»، «دم الغزال»، وغيرها.
ووصف حامد زمنه بأن «الكبير كان يراعي فيه الصغير، ويأخذ بيده»، قائلاً «احترمت كل يد طيبة مُدت لي، ولم أخذل أي يد طلبت مني شيئاً»، مؤكداً أنه تعلّم التواضع من الكبار أمثال نجيب محفوظ وعبد الرحمن الشرقاوي، وأشار إلى أن جيله كانت لديه مشكلاته وأزماته، والجيل الحالي له أيضاً مشكلاته، لا سيما في عصر التكنولوجيا التي فرضت أشياء جديدة، وخلفت حالة من الاستهتار، «زمان كنّا نجد ورقة على الأرض نقرأها، الآن طغت (ثقافة فيسبوك السطحية) التي ستدمر الشباب، والثقافة الرفيعة تتحقق من خلال القراءة والعلوم، وإذا كنا سنستخف بالأمور وننغمس في الثقافة الرديئة فسوف نخسر كثيراً».
وخلال تكريم وحيد حامد، قالت الفنانة يسرا، صاحبة النصيب الأكبر في أعماله «أعتبر نفسي محظوظة بما قدمته مع وحيد حامد؛ فهو كاتب لديه وجهة نظر عميقة في القضايا التي يطرحها عبر أفلامه»، في حين وصفت ليلى علوى أعمالها معه بأنها الأقرب إلى قلبها، مؤكدة أنه من الكتاب الذين يجيدون التعبير عن المشاعر كافة بعبقرية، بجانب تميزه في لغته البصرية، وقالت إلهام شاهين، التي عملت معه في أفلام «البريء، والهلفوت، وسوق المتعة»، إنها تفخر بالعمل معه.


مقالات ذات صلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

يوميات الشرق «صيفي» فيلم سعودي مرشح لجائزة مسابقة مهرجان البحر الأحمر السينمائي للأفلام الطويلة

الفساد والابتزاز في «صيفي»... تحديات تقديم القضايا الحساسة على الشاشة

تعود أحداث فيلم «صيفي» الذي عُرض ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الرابعة، إلى فترة أواخر التسعينات.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق المخرج محمد سامي في جلسة حوارية خلال خامس أيام «البحر الأحمر» (غيتي)

محمد سامي: السينما تحتاج إلى إبهار بصري يُنافس التلفزيون

تعلَّم محمد سامي من الأخطاء وعمل بوعي على تطوير جميع عناصر الإنتاج، من الصورة إلى الكتابة، ما أسهم في تقديم تجربة درامية تلفزيونية قريبة من الشكل السينمائي.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من فيلم «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

لماذا لا تصمد «أفلام المهرجانات» المصرية في دور العرض؟

رغم تباين ردود الفعل النقدية حول عدد من الأفلام التي تشارك في المهرجانات السينمائية، التي تُعلي الجانب الفني على التجاري، فإن غالبيتها لا تصمد في دور العرض.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الفنانة الأردنية ركين سعد (الشرق الأوسط)

الفنانة الأردنية ركين سعد: السينما السعودية تكشف عن مواهب واعدة

أكدت الفنانة الأردنية ركين سعد أن سيناريو فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو»، الذي عُرض بمهرجان البحر الأحمر السينمائي، استحوذ عليها بمجرد قراءته.

انتصار دردير (جدة )
يوميات الشرق إيني إيدو ترى أنّ السينما توحّد الشعوب (البحر الأحمر)

نجمة «نوليوود» إيني إيدو لـ«الشرق الأوسط»: السينما توحّدنا وفخورة بالانفتاح السعودي

إيني إيدو التي تستعدّ حالياً لتصوير فيلمها الجديد مع طاقم نيجيري بالكامل، تبدو متفائلة حيال مستقبل السينما في بلادها، وهي صناعة تكاد تبلغ الأعوام الـ40.

إيمان الخطاف (جدة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».