تخليد ميسي لذكرى مارادونا بقميص «أولد بويز» كان مثالياً

لم يختر شعار برشلونة أو منتخب الأرجنتين لتأبين الأسطورة بل النادي الذي اجتمعا سوياً على حبه

TT

تخليد ميسي لذكرى مارادونا بقميص «أولد بويز» كان مثالياً

في مباراة برشلونة أمام نظيره أوساسونا في الجولة الحادية عشرة من الدوري الإسباني الممتاز هذا الموسم، التي كانت المباراة رقم 917 في مسيرة النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، كانت المدرجات خاوية على عروشها إلا من صورة ضخمة للأسطورة الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا، الذي رحل عن عالمنا قبل أسبوع. وفي الملعب، تجمع لاعبو برشلونة وأوساسونا حول دائرة المنتصف وسط الزهور، في الوقت الذي كان ينظر فيه ميسي إلى قدميه، وهو يعلم أن هناك شيئاً ما يتعين عليه القيام به لتخليد ذكرى مارادونا.
وقبل نهاية المباراة بـ18 دقيقة أحرز البرغوث الأرجنتيني الهدف الذي منحه الفرصة لتقديم عرض خاص به. لقد كان برشلونة متقدماً بثلاثة أهداف بالفعل، ولم يكن الهدف الذي أحرزه ميسي هو أفضل هدف في اللقاء - بالمقارنة بالهدف الرائع الذي سجله النجم الفرنسي أنطوان غريزمان من تسديدة كادت أن تمزق الشباك - وبالتأكيد لم يكن هو الهدف الأجمل من بين الأهداف الـ712 التي أحرزها ميسي عبر مسيرته الكروية الحافلة. لكن بدا الأمر وكأن هذه اللحظة هي الأكثر أهمية في مسيرة ميسي على الإطلاق، لأنها هي اللحظة التي عاد فيها النجم الأرجنتيني إلى حيث بدأ كل شيء.
وعندما تجاوزت الكرة خط المرمى وركض إليه زملاؤه في الفريق - عثمان ديمبيلي، ثم أوسكار مينغوزا، ثم البقية - احتضنهم ميسي وابتسم قليلاً، لكنه كان يريد أن يكون بمفرده: هو ودييغو أرماندو مارادونا فقط. وعندما أصبح بمفرده في نهاية الأمر، احتفل ميسي بطريقة بسيطة ومتواضعة جعلت الاحتفال أكثر صدقاً من أي احتفال آخر، حيث خلع ميسي شارة القيادة والشارة السوداء التي كان يرتديها بجانبها حداداً على رحيل مارادونا، ثم خلع قميص برشلونة الخاص به، ليكشف عن قميص نصفه أحمر والنصف الثاني أسود، ومكتوب عليه من الأمام «ياماها» ومن الخلف «زانيلا»، وعلى ظهره من الأعلى الرقم 10.
وبعد ذلك، رفع ميسي وجهه إلى المساء ورفع ذراعيه، ثم التقط قميص برشلونة وعاد إلى منتصف الملعب، حيث كان ينتظره حكم المباراة، أنطونيو ماتيو لاهوز، بالبطاقة الصفراء. وقال لاهوز في تقريره الرسمي للمباراة: «ليونيل ميسي حصل على بطاقة صفراء لخلعه قميصه بعد تسجيله هدفاً للكشف عن قميص آخر: قميص نادي نيولز أولد بويز من موسم 1993 - 1994 وعلى ظهره الرقم 10».
لقد كان بإمكان ميسي أن يختار أي شيء آخر: رسالة، أو صورة، أو قميص برشلونة، أو علم الأرجنتين. لكنه بدلاً من ذلك، اختار شيئاً يربطه بمارادونا، وهو الشيء الذي يجمعهما سوياً أكثر من أي شيء آخر، وهو الشيء الذي ربما يكون قد أدى في بعض الأحيان إلى تفريقهما عن بعضهما البعض.
لم يفز ميسي بكأس العالم، ولم يصل لمكانة مارادونا الأسطورية في نفوس الجماهير الأرجنتينية. وفي المقابل، لم يفز مارادونا بما فاز به ميسي مع برشلونة، ولم يصل إلى مكانته في إقليم كتالونيا، حيث لم يفز سوى بكأس ملك إسبانيا، والدوري الإسباني، وترك بعض الذكريات التي يشوبها الندم، والجدل حول قدرته على تقديم المزيد لو لم يُصب بكسر في الساق ويعاني من التهاب الكبد خلال وجوده في ملعب «كامب نو». لقد سجل مارادونا مع برشلونة 38 هدفاً خلال موسمين، كما تلقى تحية من جمهور الغريم التقليدي ريال مدريد عندما نشر سحره الكروي داخل الملعب وتلاعب بخوان خوسيه وأحرز هدفا استثنائياً! لكن مسيرته مع العملاق الكتالوني انتهت بمعركة داخل الملعب وهزيمة قاسية وشعور بعدم إمكانية استمراره مع الفريق.
وعلى مستوى ما، ربما كان تكريم ميسي لمارادونا وهو يرتدي قميص برشلونة - القميص الذي تفوق به ميسي على مارادونا كثيراً - سيترك الأثر المأمول. وحتى تكريم ميسي لمارادونا وهو يرتدي قميص منتخب الأرجنتين ربما لم يكن يفي بالغرض المطلوب أيضاً. لكن الحقيقة هي أنه لم يكن هناك أي شخص يتوقع أن يُكرم ميسي مواطنه مارادونا وهو يرتدي قميص نيولز أولد بويز، لكن الحقيقة أيضاً أن هذا الاختيار كان موفقاً للغاية من قبل ميسي وحقق هدفه تماماً. وبالنسبة لميسي، كان الأمر بالتأكيد شخصياً ونقياً تماماً، حيث كان يسعى لتخليد ذكرى الأسطورة مارادونا بعيداً عن أي احتفال مبالغ فيه. لقد احتفل ميسي بطريقة تعيده إلى طفولته عندما كان ينظر إلى مارادونا كمثل أعلى يسعى للسير على خطاه. وداخل غرفة الملابس بملعب «كامب نو»، لم يكن هناك سوى صورة واحدة فقط على خزانة ميسي، وهي لوحة أعطاها له شخص ما لابنه نائماً وهو يرتدي ملابس النوم (بيجاما) باللونين الأحمر والأسود، ويحلم - كما كان يحلم والده - باللعب بقميص نيولز أولد بويز. وقد لعب مارادونا أيضاً مع هذا النادي، وإن كان لسبع مباريات فقط!.
ولم يكن ميسي قد وُلد بعد عندما كان مارادونا يلعب بقميص برشلونة، أو عندما قاد مارادونا منتخب بلاده للفوز بكأس العالم. لكنه كان موجوداً في اليوم الذي لعب فيه مارادونا مع نادي نيولز أولد بويز. لقد كان ميسي في السادسة من عمره فقط ولا يمكنه تذكر ذلك اليوم، لكنه كان في ملعب المباراة مع والده، خورخي، عندما ظهر مارادونا لأول مرة مع نيولز أولد بويز في أكتوبر (تشرين الأول) 1993، وسجل هدف الفوز في مباراة ودية ضد نادي «إيميليك» الإكوادوري. وكان هذا هو الهدف الوحيد الذي سجله مارادونا مع نيولز أولد بويز، لكنه كان كافياً لأن يعمق هذه العلاقة بين ميسي ومارادونا، بالشكل الذي عبر عنه ميسي في مباراة أوساسونا.
في الحقيقة، لم يتم التعبير عن هذه العلاقة فحسب، لكن تمت إعادة اكتشافها أيضاً وإزالة الغبار عنها لتحمل معنى جديداً من خلال هذا التكريم، وتم الكشف عن الكثير من التفاصيل الجديدة، كما أصبحت أوجه التشابه ونقاط الارتباط والاتصال بين النجمين الكبيرين أكثر وضوحاً. وبهذا الشكل، أصبح تخليد ميسي لذكرى مارادونا أكثر قوة وأكثر كمالاً وأعمق رمزية. وكشف دانييل أركوتشي في صحيفة «إل غرافيكو» أن القميص الذي خلد به ميسي ذكرى مارادونا لم يكن هو القميص الأصلي الذي يرتديه النادي في تلك الحقبة بالفعل، لكنه كان أيضاً القميص الذي كان يرتديه مارادونا بنفسه وهو يلعب لهذا النادي. إنه ليس ذلك القميص الذي حصل عليه مارادونا للمرة الأولى - الذي تسلمه من فيدل كاسترو ويوجد الآن في متحف في هافانا - لكنه قميص حقيقي كان يرتديه مارادونا وحصل عليه ميسي من قاض وجامع قمصان يُدعى سيرجيو فرنانديز قبل عامين. لقد دفع فرنانديز مبلغا ماليا كبيرا من أجل الحصول على هذا القميص، لكن هل يمكن أن نتخيل الآن المقابل المادي لهذا القميص بعدما ارتداه كل من ميسي ومارادونا؟ وإذا لم يسجل مارادونا أي هدف بهذا القميص، فإن ميسي قد سجل هدفاً وهو يرتديه!
وإذا كان ميسي قد شاهد هدف مارادونا بقميص نيولز أولد بويز عدة مرات منذ ذلك الحين، فربما لم يشاهده عشاق كرة القدم على الإطلاق قبل تخليد ميسي لذكرى مارادونا بهذه الطريقة أمام أوساسونا، ليشاهد الجميع هذا الهدف في كل مكان بعد ذلك مباشرة. لقد أحرز مارادونا هذا الهدف بطريقة رائعة كعادته، حيث انطلق بالكرة من اليمين إلى اليسار أمام منطقة الجزاء، متجنباً المنافسين، ثم سدد الكرة بشكل مفاجئ في الاتجاه الذي جاء منه في أعلى المرمى. والغريب أن الهدف الذي أحرزه ميسي في مرمى أوساسونا، والذي خلد بعده ذكرى مارادونا، يشبه تماماً ذلك الهدف الذي أحرزه مارادونا بقميص نيولز أولد بويز، حيث انطلق ميسي من اليمين إلى اليسار أمام منطقة الجزاء وتجنب لاعبي الفريق المنافس قبل أن يسدد كرة قوية في الاتجاه الذي جاء منه لتسكن شباك حارس مرمى أوساسونا، في نسخة كربونية من هدف مارادونا بقميص نيولز أولد بويز.
يبدو الأمر وكأن القدر قد أراد أن يحرز ميسي هدفا كربونيا من هدف مارادونا وهو يخلد ذكراه. ويجب ألا ننسى أن ميسي قد نجح من قبل في تسجيل هدف طبق الأصل من الهدف الأسطوري الذي سجله مارادونا في مرمى المنتخب الإنجليزي في نهائيات كأس العالم 1986 بالمكسيك، كما أحرز أيضاً هدفا كربونيا من الهدف الذي أحرزه مارادونا بيده في شباك الإنجليز والمعروف باسم «هدف يد الرب». وبالتالي، إذا كان التقليد هو أفضل طريقة للثناء والمدح، فلا يوجد أحد يمكنه تكريم مارادونا أكثر من ميسي!
لكن كان هناك عيب واحد فقط، وهو أنه تم قلب الصورة في الهدفين اللذين أحرزهما ميسي لكي يبدو الهدفان أكثر تشابها، إذ إنه في الحقيقة كان الهدفان اللذان أحرزهما مارادونا في المرمى المعاكس من الملعب. لكن لا يهم ذلك، فحتى إذا لم تكن هذه الأهداف نسخة كربونية، فإنها على الأقل «صورة معكوسة»، لأهداف مارادونا الجميلة، وإن كان من المستحيل أن يصل أحد لمكانة دييغو كإله لكرة القدم! أو هكذا كان يعتقد الجميع قبل أن يأتي ميسي! لقد سمعنا كثيرا من قبل أن هناك لاعبا جديدا يمتلك مهارات وقدرات استثنائية وبات يلقب بـ«مارادونا الجديد»، لكن الحقيقة أنه لم يقترب أي لاعب من مكانة مارادونا بقدر ما فعل ميسي، إن لم يكن قد تجاوز مكانته بالفعل في نظر الكثيرين!
وبعد المباراة، نشر ميسي صورة لنفسه رافعاً ذراعيه إلى جانب مارادونا بالقميص نفسه وبالوضعية نفسها. إن ميسي يرتدي القميص نفسه الذي كان يرتديه مارادونا ويمتعنا بالفنيات والمهارات الاستثنائية نفسها ويفعل الإشارات نفسها، لكن عندما خلع قميص برشلونة ليظهر قميص نيولز أولد بويز الذي كان يرتديه مارادونا التقطت الكاميرات صورة لتلك اللحظة من الخلف، وكأن بطلاً خارقاً قد عاد من جديد، لكن الحقيقة أن مارادونا وميسي بطلان خارقان أمتعا عشاق الساحرة المستديرة في كل بقاع الأرض بمهاراتهما وإمكانياتهما الاستثنائية.


مقالات ذات صلة

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

رياضة سعودية السعودية سجلت نفسها وجهة عالمية للأحداث الرياضية (الشرق الأوسط)

السعودية على بوصلة الأحداث الرياضية... «ماضياً وحاضراً ومستقبلاً»

خلال الأعوام العشرة المقبلة، ستكون السعودية على موعد مع استضافة كأس آسيا 2027، ومن ثم استضافة كأس العالم 2034، واستضافة دورة الألعاب الآسيوية «آسياد 2034».

فهد العيسى (الرياض)
رياضة عالمية الألماني هانز فليك مدرب برشلونة (إ.ب.أ)

فليك: تركيز برشلونة ينصب على ليغانيس

قال هانز فليك، مدرب برشلونة، السبت، إن فريقه يوجه كل تركيزه إلى مباراة ليغانيس المقررة الأحد.

«الشرق الأوسط» (برشلونة)
رياضة عالمية دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد (إ.ب.أ)

سيميوني: لو نورمان سيحصل على فرصة المشاركة مع أتلتيكو

قال دييغو سيميوني، مدرب أتلتيكو مدريد، السبت، إن روبن لو نورمان سيحصل على فرصة اللعب لفترات أطول.

«الشرق الأوسط» (مدريد)
رياضة عالمية الإسباني لويس إنريكي مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي (أ.ف.ب)

إنريكي: أقدّم أفضل موسم في مسيرتي

أصر الإسباني لويس إنريكي، مدرب باريس سان جيرمان الفرنسي، السبت، على أنّ الأرقام تؤكد أنّه يخوض «الموسم الأفضل» في مسيرته.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية باولو فونسيكا مدرب ميلان يواصل مهاجمة لاعبيه (أ.ف.ب)

فونسيكا: على لاعبي ميلان الارتقاء لمستوى النادي العريق

قال باولو فونسيكا، مدرب ميلان، اليوم (السبت)، إن لاعبي الفريق بحاجة إلى تحسين نهجهم وموقفهم والارتقاء إلى مستوى التاريخ العريق للنادي.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».