وزير الذكاء الصناعي الإماراتي: مشروع المدرسة الرقمية نموذج للابتكار

عمر العلماء قال لـ«الشرق الأوسط» إن المبادرة تتطلع لتقديم تجربة جديدة

عمر العلماء وزير الدولة للذكاء الصّناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد (الشرق الأوسط)
عمر العلماء وزير الدولة للذكاء الصّناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد (الشرق الأوسط)
TT

وزير الذكاء الصناعي الإماراتي: مشروع المدرسة الرقمية نموذج للابتكار

عمر العلماء وزير الدولة للذكاء الصّناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد (الشرق الأوسط)
عمر العلماء وزير الدولة للذكاء الصّناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد (الشرق الأوسط)

قال عمر العلماء وزير الدولة للذكاء الصناعي والاقتصاد الرقمي وتطبيقات العمل عن بعد في الإمارات، إن بلاده تسعى لأن يكون مشروع المدرسة الرقمية نموذجاً جديداً للابتكار والتغير في مفهوم المدراس، الذي لم يتغير منذ 150 عاماً، مشيراً إلى أن المشروع يأمل في تقديم نفس مستوى التعليم التقليدي رقمياً.
وقال العلماء إن إطلاق المدرسة الرقمية تكملة لمسيرة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، خلال السنوات العشرين الماضية، في تطوير منظومة التعليم، وأيضاً تطوير منظومة العمل الحكومي بشكل مستمر.
ولفت الوزير الإماراتي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن مشروع المدرسة الرقمية يتطلع لتوفير تجربة تعليمية جديدة، موضحاً أن الإمارات تؤمن بإشراك الجميع في المبادرة باعتبارها مهمة في المنطقة والعالم، وقال «لا بد أن يحضر الخبراء من الوطن العربي والعالم لأخذ مرئياتهم وأفكارهم، ونسعى لأن يكون الموضوع في تطور مستمر».
كان الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قد أطلق المدرسة الرقمية في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، التي توفر التعليم عن بُعد بطريقة ذكية ومرنة للطلاب من شتى الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية والمستويات التعليمية، ومن أي بلد في العالم.
وتستهدف المدرسة الرقمية، بالدرجة الأولى، الفئات المجتمعية الأكثر هشاشة والأقل حظاً واللاجئين في المجتمعات العربية والعالم، وتتطلع للوصول إلى مليون طالب في أول خمس سنوات، وستقدم منهاجاً تعليمياً يستند إلى تقنيات الابتكار الحديثة والذكاء الصناعي، بما يعزز من قدرات الطلاب على التعلم الذاتي، واكتساب المعارف والمهارات في مختلف المجالات.
- 20 ألف طالب
أكد العلماء أنه سيجري اختيار 20 ألف طالب من أربع دول أو أربعة مخيمات مختلفة في المرحلة التجريبية على فئات مختلفة، وستجري معرفة تجاوبهم، وطريقة حصولهم على المحتوى وفهمهم له وتطبيقه على أرض الواقع. وقال إن «الباحثين اعتادوا على متابعة الطلاب في الدول المتقدمة، ولكن للمرة الأولى سيتابعون طلاباً قادمين من مخيمات اللاجئين، الذين لا يملكون اتصالاً بشبكة الإنترنت، أو يفتقدون للإمكانات»، وأضاف: «لا بد من متابعة المبادرة من منظور الطلاب، ومنظور المنصة، وهل أصبحت قادرة على تقديم التعليم لهم بشكل كافٍ، وإن كان ممكناً تطبيقها في جميع المخيمات».
- تأثير المدرسة الرقمية
وشدد العلماء، قائلاً: «يجب أن نعرف ما هي المناهج أو المحتويات التي ستُعطى عن بعد، لأن متابعة شاشة هاتف أو حاسب لمدة طويلة قد لا تكون صحية، وسيُدرس مدى تأثير ذلك على الطلاب، ولا بد من متابعة المخرجات بشكل مستمر للتأكد من أن هذه المدرسة أصبحت بمثابة قدوة للمدارس الأخرى حتى تلك في الدول المتقدمة». موضحاً: «تحدثنا مع العديد من الخبراء في الجامعات العالمية منها (ستانفورد)، و(إم آي تي)، و(هارفرد)، و(جامعة سيدني)، وبعض الجامعات المتقدمة في مجال التعليم، وسنعمل أيضاً مع مؤسسة (كوجنيا) العريقة التي تصدق المناهج الرقمية والمناهج المتقدمة في الولايات المتحدة».
- التحالف الرقمي
وعن دور التحالف الرقمي في المدرسة الرقمية، قال العلماء إن «التحالف يطمح في أخذ الأفكار ودمج الابتكار بالمنظومة التعليمية والمدرسة الرقمية. فقد تكون هناك تحديات لا حلول لها، وسيساعدنا الخبراء الموجودون في مختلف دول العالم في حلها». وأضاف: «نطمح ونؤمن بنسبة 100 في المائة أنه من خلال هذه المنصة سنغير مستقبل ليس فقط الوطن العربي، وإنما العالم، وسيكون الجميع شركاء، فأي شخص في أي دولة لديه فكرة في تغير محتوى أو منهجية، أو أيضاً أي متطوع يرغب العمل معنا، سنستقبله، لأن المشروع للجميع في كل أنحاء العالم».
- التحديات
وعن التحديات، قال الوزير الإماراتي، «هناك تحديات عامة، وهي توصيل التقنية إلى الشريحة المستهدفة، واستخدام الطلاب الأمثل للأجهزة التي ستوفرها المبادرة بشكل مثالي، مما يؤثر على أهداف المبادرة». وشدد على أن جائحة «كورونا» حرمت في بدايتها نحو 1.6 مليار طالب من التعليم في 190 دولة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».