«ما قبل السكري»... حالة «صامتة» ضارة بصحتك

ضرورة الرصد المبكر لها لتفادي حدوث المرض

«ما قبل السكري»... حالة «صامتة» ضارة بصحتك
TT

«ما قبل السكري»... حالة «صامتة» ضارة بصحتك

«ما قبل السكري»... حالة «صامتة» ضارة بصحتك


يمكن لرصد حالة «مقدمات مرض السكري» (ما قبل السكري) مبكراً المعاونة في تجنب الإصابة بالمرض ذاته، وعدد من المشكلات الصحية الأخرى على المدى الطويل.
- « ما قبل السكري»
تعيش الكثير من السيدات مع مخاطرة صحية غير مرئية ـ و«ما قبل السكري» prediabetes، حالة ترتفع في إطارها معدلات السكر في الدم، لكن ليس إلى مستوى مرتفع بما يكفي لتصنيفها بوصفها مرض السكري.
في هذا الصدد، قال د. أسامة حمدي، البروفسور المساعد بكلية الطب التابعة لجامعة هارفارد ومدير البرنامج الإكلينيكي للبدانة داخل «مركز جوسلين لمرض السكري»: «رغم أن داء السكري يصيب واحداً من بين كل ثلاثة بالغين، فإن تسعة من كل 10. مصابون بهذا الداء».
وفي الوقت الذي لا تسبب مقدمات السكري أعراضا، فإنها قد تعصف بحالتك الصحية في صمت. وأوضح د. حمدي أن الأشخاص الذين يعانون من مقدمات السكري يواجهون نفس المستوى من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل الأشخاص المصابين بداء السكري من النوع الثاني.
وخلص تحليل نشرته دورية «المجلة الطبية البريطانية» في 18 يوليو (تموز) إلى أن مقدمات السكري تزيد مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة 15 في المائة، وكذلك مخاطر الوفاة بأي سبب آخر بنسبة 13 في المائة عن المتوسط، وذلك خلال فترة متابعة للحالات بلغت في المتوسط قرابة 10 سنوات. وكانت مخاطر الوفاة المبكرة أعلى عن ذلك في الأفراد الذين يعانون مقدمات السكري والذين يعانون من تراكم ترسبات ضارة بالفعل في شرايينهم. وواجه هؤلاء الأشخاص مخاطر أعلى بنسبة 36 في المائة للوفاة خلال فترة متابعة بلغت ثلاث سنوات فقط. علاوة على ذلك، ربما تتسبب المستويات المرتفعة من سكر الدم التي تحدث في مقدمات السكري في الإضرار بالأوعية الدموية خلف العين (حالة تعرف باسم اعتلال الشبكية)، والتي يمكن أن تتسبب في فقدان البصر.
- ارتفاع مخاطر السكري
وفي حال عدم علاج حالة «ما قبل السكري»، فإنها غالباً ما تتطور إلى داء السكري الكامل، أي الحالة التي لا تستطيع فيها خلايا الجسم امتصاص الغلوكوز (السكر) من الدم على النحو المناسب. ويمكن أن يؤدي الارتفاع الناتج عن ذلك في مستويات السكر في الدم إلى المزيد من المشاكل الصحية. وبالإضافة إلى النوبات القلبية والسكتات الدماغية وفقدان القدرة على الإبصار، فإن مرضى السكري أيضاً أكثر عرضة لمشاكل الكلى والالتهابات.
في هذا السياق، شرح د. حمدي أن: «ما يتراوح بين 15 في المائة و30 في المائة ممن يعايشون حالة «ما قبل السكري» يصابون بداء السكري في غضون خمس سنوات».
- رصد الحالة لدى النساء
إذن، كيف يمكن للمرء التعرف على ما إذا كان يواجه مخاطر الإصابة بمقدمات السكري وأنه يتعين عليه إجراء فحوصات؟ هنا، أكد د. حمدي أن أي شخص يعاني أو يمر بواحد من العوامل التالية ينبغي له إجراء اختبارات صحية:
- زيادة في الوزن تصنف باعتبارها وزنا زائدا أو بدانة.
- تاريخ أسري يتعلق بالإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بين أقارب الدرجة الأولى، مثل أحد الوالدين، أو شقيق.
- تاريخ طويل من عدم انتظام الدورة الشهرية، أحياناً ما يرتبط بحالة تعرف باسم متلازمة تكيس المبايض.
- ظهور علامات على مقاومة الأنسولين على جلدك، بما في ذلك البقع الداكنة في منطقة الإبط أو التجاعيد في رقبتك (التي تشير إلى حالة تسمى الشواك الأسود acanthosis nigricans) أو مجموعات عديدة من الزوائد الجلدية.
- الإصابة بسكري الحمل أثناء الحمل.
- ولادة طفل يتجاوز وزنه 9 أرطال (4 كلغم تقريبا).
من ناحية أخرى، عادة ما يتخذ اختبار مقدمات السكري صورتين. بخصوص النساء في مرحلة ما بعد انقطاع الطمث، والمعرضات بشكل خاص لخطر الإصابة بمقدمات السكري ومرض السكري، فإنه ينبغي لهن استشارة طبيبهن لقياس مستويات الهيموغلوبين «إيه 1 سي». ويقيس هذا الاختبار معدلات السكر في الجزيئات داخل خلايا الدم، ويمكن أن يوفر للطبيب فكرة عن مستويات السكر في الدم خلال الأشهر الثلاثة السابقة.
في هذا الصدد، أشار د. حمدي إلى أنه: «إذا بلغت قياسات «إيه 1 سي» ما بين 5.7 في المائة و6.4 في المائة، فإن هذا يشير للإصابة بمقدمات السكري».
ومن بين المؤشرات الأخرى لمقدمات السكري وجود مستوى من السكر في الدم في حالة الصيام ما بين 100 إلى 125 مليغراما لكل ديسيلتر أو قراءة 140 إلى 199 مليغراما/ ديسيلتر بعد ساعتين من تناول مشروب يحوي 75 غراماً من الغلوكوز (عملية يطلق عليه اختبار تحمل الغلوكوز).
- تفادي مرض السكري
إذا كان الشخص مصاباً بمقدمات السكري، فإن الإصابة بمرض السكري ليست نتيجة حتمية، وإنما يبقى بإمكانه وقاية نفسه منه. وتتمثل الطريقة المثلى لإنجاز ذلك في اتباع أسلوب حياة صحي على نحو أكبر.
وأشار د. حمدي إلى أن البرنامج الوطني للوقاية من مرض السكري أظهر أن الأشخاص الذين كانوا يعانون من مقدمات السكري والذين تبنوا تغييرات مكثفة في نمط الحياة قللوا من احتمالية الإصابة بمرض السكري خلال السنوات الثلاث التالية بنسبة 58 في المائة. وأعرب عن اعتقاده بأن النهج الأكثر فعالية هو صياغة برنامج لإدارة الوزن يجمع بين استشارات التغذية، و150 دقيقة على الأقل من التمارين الرياضية أسبوعياً، ومجموعة متنوعة من التعديلات السلوكية المعرفية، مثل تعلم استراتيجيات الحد من التوتر واعتماد عادات غذائية صحية يمكنك تحملها على المدى الطويل.
في الواقع، لست بحاجة إلى إنقاص الكثير من الوزن لإحداث فرق في مواجهة خطر الإصابة بمرض السكري، ذلك أن البالغين المعرضين لخطر الإصابة بالسكري على نحو بالغ والذين فقدوا 5 في المائة إلى 7 في المائة فقط من وزن الجسم الأولي - أي ما يقرب من 8 إلى 11 رطلاً (3.6 - 5 كلغم) للمرأة التي تزن 160 رطلاً (72.5 كلغم) - قللوا من خطر الإصابة بمرض السكري بنسبة 58 في المائة.
- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة » خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

صحتك تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

تقنيات جديدة لعلاج التهاب الأنف المزمن

كشفت دراسة حديثة أن استهداف العصب الذي غالباً ما يكون مبهماً يؤدي إلى تحسين معدل نجاح العلاج بالتبريد والعلاج بالترددات الراديوية لالتهاب الأنف المزمن.

صحتك هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

هل يمكن الوقاية من النوع الأول للسكري؟

من المعروف أن مرض السكري من النوع الأول يُعد أشهر مرض مزمن في فترة الطفولة. لكن يمكن حدوثه في أي فترة عمرية.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

5 أعضاء مستهدفة بالضرر لدى مرضى ارتفاع ضغط الدم

إحدى الحقائق التي يجدر ألّا تغيب بأي حال من الأحوال عن مرضى ارتفاع ضغط الدم، هي أن المشكلة الرئيسية طويلة الأمد لارتفاع ضغط الدم

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك جهاز قياس مستوى السكر بالقرب من أنواع الغذاء الصحي (غيتي)

المخاطر الخفية لـ«ما قبل السكري»

يعاني نحو 98 مليون أميركي -أكثر من واحد من كل ثلاثة- من حالة «ما قبل السكري» (مقدمات السكري - prediabetes)

ماثيو سولان (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الدكتور هاني جوخدار وكيل وزارة الصحة لـ«الصحة العامة» في السعودية (الشرق الأوسط)

السعودية تدفع لتنفيذ منهجية موحدة لـ«مقاومة مضادات الميكروبات» في العالم

كشف المؤتمر الوزاري العالمي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات تحت شعار «من الإعلان إلى التنفيذ»، عن تأثير مقاومة «الوباء الصامت» على الاقتصاد.

إبراهيم القرشي (جدة)

تدني الرغبة الجنسية لدى الرجل: 9 نقاط حول التعامل الطبي معه

تدني الرغبة الجنسية لدى الرجل: 9 نقاط حول التعامل الطبي معه
TT

تدني الرغبة الجنسية لدى الرجل: 9 نقاط حول التعامل الطبي معه

تدني الرغبة الجنسية لدى الرجل: 9 نقاط حول التعامل الطبي معه

تمثل «إرشادات الصحة الجنسية والإنجابية» (EAU Sexual and Reproductive Health Guidelines)، الصادرة عن «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية»، تقديماً متطوراً لنظرة عامة وشاملة للجوانب الطبية المتعلقة بالصحة الجنسية والإنجابية لدى الرجال البالغين، وفق أفضل الأدلة العلمية الحديثة المتوفرة للخبراء الطبيين.

تدني الرغبة الجنسية

وفي آلية تصميمها ووضعها من قبل مجموعة دولية متعددة التخصصات من أطباء المسالك البولية وأطباء الغدد الصماء وأطباء النفس الأوروبيين، فإن هذه الإرشادات تمثل بالفعل توجهاً طبياً نحو الاهتمام بهذه المشكلة الصحية العميقة التأثير على الرجل وشريكة حياته، بشكل علمي مُقنن وفق الأدلة العلمية.

ورغم أهمية الأمر، وشيوع هذه المشكلات الصحية، وبالرغم أيضاً من احتمال استغراب البعض، لكن الحقيقة هي أن أول إصدار لها من «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية» كان حديثاً نسبياً، وذلك في عام 2020، ثم خضعت المبادئ التوجيهية للصحة الجنسية والإنجابية لعام 2024 لمراجعة وإعادة هيكلة رئيسية ومتطورة للنص الكامل، بالإضافة إلى مراجعة جميع التوصيات.

ومن أهم الجوانب التي شملتها الإرشادات الطبية الحديثة هذه جانب تدني «الرغبة» الجنسية لدى الرجال. وإليك النقاط التالية حول هذا الأمر:

1. تفيد الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية بأن معدل انتشار انخفاض الرغبة الجنسية بين الرجال على مستوى العالم هو 3 - 28 في المائة. وثمة أسباب عدة في تفاوت رصد نسبة الانتشار في المجتمعات المختلفة، ولكن السبب الرئيسي يظل الطبيعة الحرجة للإفصاح، واعتماد كثير من الدراسات على مدى مراجعة الشخص المصاب للعيادات المتخصصة لمعالجة هذه المشكلة لديه. وأضافت: «ورغم علاقتها بالعمر، فقد تم الإبلاغ أيضاً عن انخفاض الرغبة الجنسية بين الشباب (18 - 29 عاماً)، بنسبة انتشار 6 - 19 في المائة».

خلل الاضطراب الجنسي

و«خلل الاضطراب الجنسي» بالعموم هو مصطلح يشمل أي مشكلة تؤثر على أي من مراحل التفاعل والاستجابة الجنسية، التي تمنع أحد الشريكين أو كليهما من تحقيق الرضا الجنسي.

وتشمل المراحل المختلفة للدورة الجنسية: الإثارة، واستقرار الأداء، والنشوة، والفراغ. وهناك عدة أنواع من هذا الخلل الجنسي. وتتضمن بعض أمثلة الخلل الجنسي عند الذكور كلاً من:

- اضطرابات الرغبة الجنسية.

- اضطرابات الإثارة (ضعف الانتصاب).

- اضطرابات النشوة (القذف المبكّر أو المتأخر).

- اضطرابات الألم الجنسي (قُساح الانتصاب لفترة طويلة).

- العقم لدى الرجل وقصور الغدد التناسلية.

تدني الرغبة الجنسية

2. عند حديث المبادئ التوجيهية للصحة الجنسية والإنجابية لعام 2024 عن حالة «انخفاض الرغبة الجنسية»، رجعت إلى القول بأن تعريف «الرغبة الجنسية» (Sexual Desire) أصلاً، وبشكل صحيح، يشكل دائماً تحدياً للأطباء وللمرضى، لأن الرغبة الجنسية أساساً هي ذات طبيعة معقدة ويمكن تصورها بطرق مختلفة عديدة. وفي الواقع، يختلف الرجال فيما يمثل لهم قدراً كافياً ومقنعاً ومريحاً للرغبة الجنسية، وبالتالي للأداء الجنسي المُرضي. وعند تعريف حالة «انخفاض الرغبة الجنسية غير النشطة»، ووفقاً للتصنيف الدولي للأمراض (الطبعة العاشرة) «ICD - 10»، يجب أن يكون الافتقار إلى الرغبة الجنسية أو فقدانها هو «المشكلة الرئيسية» و«الأساسية» لدى الشخص، وليست المشكلات الجنسية الأخرى المصاحبة لها.

وللتوضيح، فإن وجود ضعف الانتصاب كحالة مرضية مختلفة قد يُؤدي في بعض الأحيان إلى ضعف الرغبة الجنسية في نهاية الأمر لدى بعض الرجال لأسباب عدة. ولذا تضيف «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية»، في تعريفها، اضطراب الرغبة الجنسية الخافضة للنشاط عند الذكور (Hypoactive Sexual Desire Disorde) أنه كعلامة إكلينيكية: «الغياب أو النقص المستمر أو المتكرر لورود الأفكار الجنسية أو التخيلات الجنسية أو المثيرة، ونقص الرغبة في النشاط الجنسي». أي أن ضعف الرغبة الجنسية عند الذكور (HSDD) يشمل بشكل رئيسي 3 عناصر. وهي عنصر الاستمرار أو التكرار، وعنصر النقص والغياب للأفكار أو التخيلات الجنسية أو المثيرة، وعنصر نقص الرغبة في ممارسة النشاط الجنسي. وتضيف «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية» موضحة أيضاً أنه قد ينطبق نقص الرغبة لدى الشخص بشكل عام، أو فقط تجاه الشريك الحالي. وقد يكون الاضطراب موجوداً دائماً مع الشريك الحالي، أو قد يتطور بعد فترة من الأداء الجنسي الطبيعي معه.

3. يجدر التفريق بين اضطرابات انخفاض «الرغبة» (Desire) الجنسية واضطرابات انخفاض «الإثارة» (Arousal) الجنسية. واضطرابات انخفاض «الإثارة» الجنسية كانت في السابق تُسمي بـ«العجز الجنسي» في حالة الرجال، (وتُسمى حالياً بـ«ضعف الانتصاب»). ولدى النساء كانت تُسمى البرود الجنسي. ولكن هذه المصطلحات لا تُستخدم حالياً بشكل عام.

ويشير «ضعف الانتصاب» إلى أن الذكور لا يستطيعون الحفاظ على الانتصاب إلا جزئياً، أو قد يكونون غير قادرين على الحصول عليه على الإطلاق، أي عدم القدرة على الحفاظ على الانتصاب لممارسة العملية الجنسية في المتوسط الزمني المعتدل. وقد يجد الذكور المصابون أيضاً أنهم لا يحصلون على أي متعة أو إثارة من النشاط الجنسي. وقد يؤثر على نحو 50 في المائة من الذكور في أميركا بعد سن الأربعين.

وتتضمن أسباب ضعف الانتصاب ما يلي:

- أمراض الأوعية الدموية (في القلب وغيره).

- الاضطرابات العصبية.

- العوامل النفسية مثل الإجهاد والصراعات بين الزوجين والاكتئاب والقلق من قدرة الأداء الجنسي.

- الأمراض المزمنة مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم.

- إدمان الكحول والتدخين والسمنة ونمط الحياة الكسول عن أداء المجهود البدني النشط.

مكونات بيولوجية ونفسية

4. لتوضيح كيفية التعامل مع «اضطرابات انخفاض الرغبة الجنسية» يجدر فهم الفسيولوجيا المرضية وعوامل الخطر لنشوء هذه الحالة. وهناك بالفعل 3 مكونات، أولها مكون بيولوجي عضوي، وثانيها مكون نفسي، وثالثها مكون ذو صلة بجوانب اجتماعية وبالشريكة. ولكن عادةً ما نجد هذه المكونات الثلاثة متشابكة، وقد يصعب الفصل بينها في مدى التأثير.

وفي مكون الجوانب النفسية، قد تلعب الأفكار السلبية أثناء الجماع (أي المخاوف بشأن قدرة الانتصاب، والافتقار إلى الأفكار الجنسية) دوراً مهماً. وعلى سبيل المثال، كما تفيد «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية»، فإن الشعور بالخجل أثناء الجماع، بسبب الأفكار الجنسية السلبية (على سبيل المثال، القلق بشأن تحقيق الانتصاب)، يميز الرجال المصابين بـ«اضطرابات انخفاض الرغبة الجنسية»، على عكس النساء المصابات بالحالة نفسها. وتضيف أنه: «رغم أن اضطرابات انخفاض الرغبة الجنسية أقل شيوعاً لدى الرجال منه لدى النساء، فإنها هي الشكوى الأكثر شيوعاً في علاج الأزواج». لذلك، يجب معالجة دور عوامل العلاقة. تجدر الإشارة إلى أن الأساليب الحالية تركز على التعامل العلاجي مع التناقضات في الرغبة الجنسية بين الزوجين. وهذا التركيز على التناقضات بدلاً من الشريك الذي يُظهر رغبة منخفضة لا يقلل من الشعور بالحرج فحسب، بل يوفر أيضاً فرصاً جديدة لعلاج المشكلة ضمن نطاق العلاقة مع شريكة الحياة.

5. من الناحية البيولوجية العضوية، يبدو أن هرمون التستوستيرون ضروري لتكوين الرغبة الجنسية لدى الرجل. وللتوضيح، يمكن أن تؤدي المستويات المنخفضة من هرمون التستوستيرون الذكري إلى انخفاض الرغبة الجنسية. وكذلك اضطرابات هرمون الغدة الدرقية وانخفاض هرمون الأوكسيتوسين (هرمون المحبة والمودة)، حيث يحافظ هرمون التستوستيرون على توافر الدافع الجنسي، بالإضافة إلى إنتاج الحيوانات المنوية، وتطور نمو وحفظ حجم وقوة العضلات والعظام، ونمو الشعر الذكوري.

وتشمل العوامل المسببة لذلك زيادة العمر والاكتئاب والقلق واستخدام بعض الأدوية. وتعد الصراعات النفسية والاجتماعية في العلاقات، والأمراض الجسدية مثل مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم، من العوامل المساهمة الأخرى. ومع ذلك، تجدر ملاحظة أن لدى الرجال الأكبر سناً لا ترتبط الرغبة الجنسية بشكل مباشر بمستوى هرمون التستوستيرون، كما هي الحال لدى الرجال الأصغر سناً. ولذا قد يكون لدى الرجال الأكبر سناً مستويات منخفضة من هرمون الذكورة دون تأثير سلبي واضح على الرغبة لديهم.

الأسباب والتشخيص

6. عندما وضعت «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية» قائمة الأسباب الشائعة لانخفاض الرغبة الجنسية عند الرجال، فإنها شملت مجموعة متعددة من الأسباب. منها 9 أسباب ذات صلة بجوانب نفسية وسلوكية، وهي الغضب والقلق، الاكتئاب، والعلاج بمضادات الاكتئاب، والصراع في العلاقات، ومتلازمة ضغوط ما بعد الصدمة، واستخدام مستحضرات بناء عضلات كمال الأجسام، واضطرابات الأكل، والتبعات النفسية لوجود ضعف الانتصاب كمشكلة أولية. ومنها 6 حالات مرضية وظروف لا علاقة لها بالجهاز التناسلي بشكل مباشر، مثل السكتة الدماغية، الصرع، الفشل الكلوي، مرض الشريان التاجي، وفشل القلب، والشيخوخة. والمتبقي من الأسباب 3 لها علاقة مباشرة بالجهاز التناسلي شمل نقص هرمون الذكورة، زيادة هرمون برولاكتين (هرمون الحليب)، التهاب البروستاتا.

7. الفائدة العملية في التعامل مع هذه المشكلة الصحية هي خطوات العمل التشخيصي والعلاجي التي يقوم بها الطبيب. وأولها إجراء استبيان مدى مستوى الرغبة الجنسية لدى الشخص. وذلك بتقييم المكونات المختلفة التي تؤثر على تطور الرغبة الجنسية والتعبير عنها. وللتوضيح، يتكون هذا الاستبيان الذي يتم إجراؤه ذاتياً من 14 سؤالاً تزن قوة وتكرار وأهمية الرغبة الثنائية لدى الفرد في النشاط الجنسي، أي الاهتمام أو الرغبة في الانخراط في نشاط جنسي والرغبة في المشاركة والتقارب مع المرأة. وفي جانب الفحص البدني والفحوصات، تفيد الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية قائلة: «على غرار أشكال أخرى من الخلل الوظيفي الجنسي، يجب الحصول على تاريخ طبي وجنسي شامل للرجال الذين يشكون من انخفاض الرغبة الجنسية، حيث يجب تقييم الأعراض الاكتئابية للمرضى، ويجب التحقق من مدى وجود مشكلات في العلاقة مع شريك الحياة (على سبيل المثال، الصراع والاختلافات اليومية مع الشريك الجنسي). وكذلك في وجود أعراض مصاحبة تشير إلى مشكلات في إحدى الغدد الصماء، حيث يمكن تقييم مستويات هرمون التستوستيرون وهرمون البرولاكتين وهرمون الغدة الدرقية.

«خلل الاضطراب الجنسي» يشمل مشكلات التفاعل والاستجابة الجنسية وتحقيق الرضا الجنسي

علاج نفسي ودوائي

8. بناء على كل ما تقدم، يتم وضع خطة المعالجة، أي وفقاً للسبب الأساسي. والخطة تتكون من جانبين رئيسيين. الأول هو التدخل العلاجي النفسي، والآخر هو العلاج الدوائي.

ولكن وفق ما تشير إليه إرشادات المبادئ التوجيهية الصادرة عن «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية»؛ فإن الحقيقة هي أن «البيانات المتعلقة بفاعلية التدخلات النفسية (التي يُمكن الاعتماد عليها في تكوين نصيحة طبية) لعلاج انخفاض الرغبة الجنسية نادرة». أي البيانات المبنية على براهين علمية ثابته من نتائج دراسات إكلينيكية. ولذا تضيف «الجمعية الأوروبية لجراحة المسالك البولية» قائلة: «وعليه، يجب تفسير التوصيات بحذر. قد تكون التدخلات النفسية التي تركز على الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية مفيدة عند الرجال. وقد تكون علاجات اليقظة الذهنية مرشحة قوية أيضاً. ونظراً لأن كلا الزوجين قد يعاني من تغيرات مرتبطة بالعمر في وقت واحد وبشكل مترابط، فقد يكون من المفيد معالجة الاحتياجات الصحية الجنسية للزوجين ككل، بدلاً من علاج المريض الفردي.

والواقع أن علماء النفس يركزون بشكل أكبر على مفهوم التناقض في الرغبة الجنسية. وغالباً ما يوجد التناقض في الرغبة الجنسية لدى الأزواج، ويعكس جزءاً طبيعياً من الحياة وديناميكيات الشركاء، ويأخذ في الاعتبار الاختلافات الطبيعية في الرغبة الجنسية التي تحدث طوال فترة العمر. ويستهدف خيار التدخل هذا الأزواج الذين يعانون من التناقض في الرغبة الجنسية بدلاً من استهداف فرد واحد باعتباره الشخص الذي يعاني من انخفاض الرغبة الجنسية».

9. في جانب المعالجة الدوائية، يمكن علاج انخفاض الرغبة الجنسية الناجم عن انخفاض مستويات هرمون التستوستيرون، بتلقي تركيبات دوائية مختلفة من هرمون التستوستيرون. وقد أظهرت الدراسات وجود تأثير إيجابي لعلاج هرمون التستوستيرون على الدافع الجنسي ووجود الأفكار الجنسية. ويجب أن يكون هدف العلاج هو الوصول إلى النطاق الفسيولوجي الطبيعي لمعدلات هرمون التستوستيرون في الجسم. كما يمكن أن يؤدي ارتفاع مستوى هرمون البرولاكتين أيضاً إلى الإصابة بانخفاض الرغبة الجنسية. وأحد أهم العوامل المسببة ذات الصلة هو وجود أورام الغدة النخامية (الموجودة في قاع الدماغ داخل الجمجمة) المفرزة للبرولاكتين. ويمكن تشخيص هذه الأورام بسهولة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي للغدة النخامية، ويمكن علاجها بالعقاقير المنبهة للدوبامين.

كما يجب علاج اضطرابات الغدد الصماء الأخرى المصاحبة، مثل قصور الغدة الدرقية وفرط نشاط الغدة الدرقية والسكري، وفقاً لذلك. ويمكن أيضاً استخدام العلاج الدوائي لعلاج الاكتئاب الشديد. ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن مضادات الاكتئاب قد تؤثر سلباً على الأداء الجنسي. لذلك، يجب اختيار مركبات مضادة للاكتئاب ذات تأثير أقل على الوظيفة الجنسية. كما يمكن أن يزيد العلاج التدخلي النفسي من فاعلية العلاج الدوائي النفسي، خصوصاً بالنسبة للمرضى الذين يعانون من انخفاض الرغبة الجنسية بسبب الاكتئاب.