عائدات النفط الليبي تفجّر خلافات «المؤسسة الوطنية» و«المركزي»

حقل الشرارة الذي يعد من أكبر حقول النفط في ليبيا
حقل الشرارة الذي يعد من أكبر حقول النفط في ليبيا
TT

عائدات النفط الليبي تفجّر خلافات «المؤسسة الوطنية» و«المركزي»

حقل الشرارة الذي يعد من أكبر حقول النفط في ليبيا
حقل الشرارة الذي يعد من أكبر حقول النفط في ليبيا

فتحت أموال النفط الليبي جبهة جديدة من الخلافات العلنية بين المؤسسة الوطنية للنفط، برئاسة مصطفى صنع الله، والمصرف المركزي بقيادة الصدّيق الكبير، وذلك بعد أيام قليلة من جدال حاد بين الأخير وفائز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق».
ويعد هذا الخلاف بين أكبر مؤسستين في العاصمة نقطة فاصلة لتعلقه بأموال النفط، التي تخص جميع الليبيين، الذي ظلت عملية إنتاجه وتصديره معطلة طيلة تسعة أشهر.
وشككت المؤسسة الوطنية للنفط في بيانات أصدرها المصرف المركزي نهاية الأسبوع، ووصفتها بـ«المغالطات والتضليل»، وقالت مساء أول من أمس إنه «بالرغم من أن كل البيانات الشهرية السابقة للمصرف المركزي أكدت صحة ومطابقة الأرقام الصادرة عن المؤسسة، فإنه تراجع في بيانه الأخير، وتحدث عن عدم دقة هذه البيانات لسنوات عديدة، الأمر الذي يفند الادعاء الكيدي للمركزي».
وفيما سجلت استنكارها الشديد، أشارت «المؤسسة» إلى أن الإيرادات النفطية الفعلية ما بين مطلع يناير (كانون الثاني) الماضي وحتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والمودعة لدى المصرف المركزي، بلغت 3.7 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل 5.2 مليار دينار ليبي وفق سعر الصرف الرسمي، وليس كما ورد في بيان المصرف المركزي.
كما طمأنت المؤسسة الوطنية للنفط الشعب الليبي «بدقة منظومات الدفع والتحصيل»، وقالت إنها ستتوقف عن تحويل إيرادات النفط في حساب المصرف المركزي «حتى تكون لديه شفافية واضحة أمام الشعب الليبي عن آلية صرف الإيرادات النفطية خلال السنوات السابقة، وعن الجهات التي استفادت منها بالعملة الأجنبية، والتي تجاوزت في مجموعها 186 مليار دولار أميركي خلال الأعوام التسعة الماضية».
ولمزيد من طمأنة الليبيين، قالت المؤسسة إن «احتجاز الإيرادات في حساباتها لدى المصرف الليبي الخارجي مسألة مؤقتة، إلى حين الوصول إلى تسوية سياسية شاملة، التي من أهم مخرجاتها الاستخدام العادل للإيرادات بين كل مدن وقرى ليبيا».
وأرجع مسؤول سياسي بحكومة «الوفاق» ما سماه «تضارب المصرف المركزي» إلى القرار، الذي اتخذه السراج نهاية الأسبوع الماضي، القاضي بتشكيل جمعية عمومية تتولى تسمية مجلس إدارة «المصرف الليبي الخارجي»، الأمر الذي عدّه الكبير «مخالفة للقوانين واللوائح النافذة».
وظهر إلى العلن صراع مكتوم بين السراج والكبير، عندما قرر مجلس وزراء حكومة «الوفاق» ممارسة صلاحياته واختصاصاته كاملة حيال «المصرف الليبي الخارجي». وقال مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي برئاسة السراج، منتصف الأسبوع الماضي، إنه تقرر، وفقاً للاختصاصات المسندة له، تشكيل جمعية عمومية تتولى تسمية مجلس إدارة «المصرف الخارجي»، وفقاً للنظام الأساسي الخاص بالمصرف ولقانون تأسيسه. غير أن الكبير رأى في الأمر «تجاوزاً للسلطات». وقال إن جميع القوانين النافذة ألغت أحكام القانون الذي يستند إليه مجلس الوزراء، المتعلق باختصاصه بتعيين مجلس إدارة للمصرف الخارجي. لكن حكومة «الوفاق» لم تلتفت لحديث الكبير، فنشأ هذا الخلاف مع المؤسسة الوطنية للنفط، التي قالت أمس إنها «تبنت الشفافية والإفصاح الكامل عن الإيرادات لكل الشعب الليبي على موقعها الإلكتروني منذ يناير 2018، ودعت كل المؤسسات المالية الليبية، تحديداً المصرف المركزي، أن يحذو حذوها للتأكد من الاستعمال القانوني والرشيد لعائدات النفط». وذهبت المؤسسة الوطنية للنفط إلى أنها «لا تشخصن القضايا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».