انقلابيو اليمن يكبّلون العمل الإغاثي بتشديد القيود على المنظمات

اتهامات للجماعة باحتجاز 325 حاوية مساعدات وإتلاف مئات الأطنان

يمني يمسك يد أخيه الصغير في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يمسك يد أخيه الصغير في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يكبّلون العمل الإغاثي بتشديد القيود على المنظمات

يمني يمسك يد أخيه الصغير في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)
يمني يمسك يد أخيه الصغير في أحد مستشفيات صنعاء (إ.ب.أ)

أفادت مصادر يمنية عاملة في المجال الإغاثي بأن الميليشيات الحوثية أقدمت خلال الأيام القليلة الماضية على إتلاف مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية التي استحوذت عليها في مستودعات سرية ومنعت توزيعها حتى أصابها التلف، وذلك بالتزامن مع اتهامات للجماعة باحتجاز 325 حاوية مساعدات في ميناء الحديدة الخاضع لها.
المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط» أوضحت أن مسؤولي الجماعة في صنعاء وحجة وذمار وريمة وتعز أقدموا على إتلاف مئات من الأطنان من المساعدات بعد أن انتهت فترة صلاحيتها، حيث كانت هذه الكميات موجودة في مستودعات تشرف عليها الميليشيات لكنها حالت دون استفادة الفقراء منها.
وفيما تتواصل انتهاكات الجماعة فيما يخص الوصول الإنساني، قال عاملون في مجال الإغاثة إن الميليشيات احتجزت هذا الأسبوع أكثر من 326 حاوية (أدوية للأمراض المزمنة، ومواد غذائية متنوعة) بميناء الحديدة، كانت مقدمة لليمنيين من برنامج الغذاء العالمي.
وزعمت الجماعة أن الاحتجاز للمواد الإغاثية جاء لكونها غير صالحة للاستخدام الآدمي وأنها بصدد مخاطبة البرنامج بإعادة شحنها إلى بلد المنشأ، في وقت لم يصدر أي رد أو تعقيب من برنامج الأغذية الأممي حيال تلك المزاعم.
وكان البرنامج وفي أكثر من مناسبة سابقة قد اتهم الميليشيات بحرمان الفقراء والمحتاجين بمناطق سيطرتها من الحصول على المساعدات الإغاثية المقدمة لهم، وتسخيرها فقط لصالح متنفذين وقادة وموالين ومشرفين من اتباعها.
وفي وقت سابق قال المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، ديفيد بيزلي إن «العد التنازلي لكارثة المجاعة بدأ الآن»، موضحا أنه «لا يفصل بين اليمنيين ومستوى جديد تماما من البؤس سوى أشهر».
وأشار بيزلي إلى خطورة انخفاض قيمة العملة المحلية ما جعل المخصصات أكثر تكلفة، محذرا من الاستمرار بالتلاعب بمواد الإغاثة. بدوره، علق المشرف على مجلس حكم الانقلابيين محمد علي الحوثي وهو ابن عم زعيم الجماعة، على تصريحات ديفيد بيزلي، متهما إياه بتسييس العمل الإنساني.
وبالعودة إلى الاستهداف الحوثي المتكرر للمنظمات الأممية والدولية التي تقدم مساعدات مختلفة للجوعى والمحتاجين اليمنيين، فقد أفادت مصادر مطلعة في صنعاء بأن الانقلابيين حددوا مؤخرا للمنظمات الدولية والجهات العاملة في المجال الإنساني بصنعاء شركات معينة لتأجير السيارات لنقل فرقها وأفرادها داخل وخارج العاصمة والمدن الأخرى.
وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن القيادي الحوثي المدعو أحمد حامد المعين من قبل الجماعة مديرا لمكتب رئاسة الانقلاب، أبلغ المنظمات والجهات العاملة في المجال الإنساني بالتعامل مع شركات سيارات محددة، كما رتب مع وحدات المخابرات الحوثية لزرع أجهزة تنصت داخل تلك السيارات التي نهبتها الجماعة من مقار بعثات دولية ومن مناهضين لها.
وتهدف الجماعة من وراء تلك الأجهزة إلى التجسس على المنظمات الدولية ومسؤوليها وفرقها الميدانية، إضافة إلى ربط شركات تأجير السيارات بوحدات الأمن الحوثية رغم أنها يفترض أن تكون شركات خاصة تعمل في مناخ مستقل عن القيود والتجسس.
وفي وقت سابق كانت الحكومة اليمنية جددت التحذير من استمرار الميليشيات الحوثية الموالية لإيران في إعاقة الوصول الإنساني في مناطق سيطرتها واتهمت الجماعة بفرض قيود على تنقلات مسؤولي الإغاثة ومراقبة تحركاتهم.
وجاء التحذير اليمني في تصريحات رسمية لوزير الإدارة المحلية في حكومة تصريف الأعمال والذي يشغل أيضا منصب رئيس اللجنة العليا للإغاثة عبد الرقيب فتح، مشيرا فيها إلى تعسف الجماعة الانقلابية واستمرارها في مضاعفة معاناة السكان.
وقال فتح إن «استمرار ميليشيات الحوثي الانقلابية بمضايقة المنظمات والوكالات الأممية والدولية العاملة في المجال الإغاثي، يقوض العملية الإغاثية، ويتسبب في تضرر شريحة كبيرة من سكان المحافظات غير المحررة والمعتمدة بشكل كبير على المساعدات الإنسانية».
وكشف الوزير اليمني عن قيام الميليشيات الحوثية أخيرا «بإنشاء شركات سيارات لنقل البعثات الأممية وموظفي الوكالات الإغاثية وفرق العمل التابعة لها، في مسعى لمراقبة حركة الفرق الإغاثية وتأخير حركتها في تنفيذ المشاريع الإغاثية والإنسانية، وربطها بشكل مباشر بمصالح ميليشيات الحوثي غير الإنسانية».
وشدد الوزير فتح في تصريحاته «على ضرورة قيام المنظمات الأممية بكشف كافة المضايقات والعوائق التي تقوم بها ميليشيات الحوثي بحق المنظمات والتدخلات غير المشروعة بحق العملية الإنسانية، مؤكدا أن هذه الأعمال غير مقبولة وغير مبررة. كما جدد التأكيد على التزام الحكومة بتسهيل عمل كافة المانحين والمنظمات الأممية والدولية لتنفيذ مشاريعها الإنسانية في اليمن».
وتأتي تصريحات الوزير اليمني في ظل تصاعد النداءات الأممية من تعاظم خطر تفشي المجاعة في البلاد لجهة نقص التمويل من جهة، وبسبب العراقيل الحوثية المستمرة في مناطق سيطرة الجماعة.

ويقول الكثير من السكان الجوعى في صنعاء وفي غيرها من مناطق سيطرة الجماعة الانقلابية إنهم لا يتلقون أي مساعدات إنسانية من قبل المنظمات الدولية، ويتهمون الجماعة الموالية لإيران بنهب المساعدات وتخصيصها لأتباعها وإرسالها إلى جبهات القتال لتغذية مسلحيها.
ولا تنكر الحكومة الشرعية بدورها نقص المساعدات في مناطق سيطرتها، لكنها تقول إنها توفر كافة أشكال الدعم وتقديم التسهيلات للمنظمات الدولية بخلاف ما هو عليه الحال في مناطق سيطرة الانقلابيين.
ودعت الشرعية أكثر من مرة إلى إعادة النظر في كيفية توزيع المساعدات، واعتماد آلية «لامركزية الإغاثة الإنسانية» إلى جانب دعوتها للمنظمات الدولية والإنسانية لنقل مقراتها من صنعاء، حيث يهيمن الانقلابيون على العاصمة المؤقتة عدن.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.