صوفيا لورين تطلّ عبر «نتفليكس» في «الحياة المقبلة»

صوفيا لورين في منزلها... الصورة التقطها ابنها إدواردو بونتي مخرج فيلمها الجديد
صوفيا لورين في منزلها... الصورة التقطها ابنها إدواردو بونتي مخرج فيلمها الجديد
TT

صوفيا لورين تطلّ عبر «نتفليكس» في «الحياة المقبلة»

صوفيا لورين في منزلها... الصورة التقطها ابنها إدواردو بونتي مخرج فيلمها الجديد
صوفيا لورين في منزلها... الصورة التقطها ابنها إدواردو بونتي مخرج فيلمها الجديد

كانت النجمة العالمية الشهيرة، التي تبلغ من العمر 86 سنة، تتطلع إلى صلة شخصية تربطها بالنص الجديد. ومن ثم جاء ابنها المخرج وشبكة «نتفليكس» الترفيهية بفيلم درامي جديد لها، يحمل عنوان «ذي لايف أهيد - الحياة المقبلة».
فماذا حدث لصوفيا لورين؟
يطرح ذلك السؤال فيلم «ذي لايف أهيد - الحياة المقبلة»، الذي تعرضه شبكة «نتفليكس» على الشاشات يوم الجمعة المقبل، من بطولة النجمة الإيطالية العالمية، التي كانت محط أنظار العالم ووسائل الإعلام الدولية في يوم من الأيام. وفي واقع الأمر، يعدّ هذا أوّل أدوارها الفنية منذ آخر فيلم تلفزيوني ظهرت فيه قبل 10 سنوات، يجمع قيم الشغف بالعمل الدرامي وسواه من العواطف الأخرى الراسخة في حياتها، لا سيما أسرتها. وكانت صوفيا لورين قد منحت أسرتها كامل أولويتها على حساب مسيرتها الفنية الطويلة. ولكن مع الفيلم الدرامي الجديد، فإنّها تحاول تحقيق المصالحة بين العاطفتين داخلها. ويعد إدواردو بونتي أصغر أبنائها والمخرج، ويشارك أيضاً في كتابة السيناريو للعمل الدرامي الجديد.
يأتي الفيلم الجديد متوجاً للتّعاون الثالث بين الأم وولدها، وهي تؤدّي فيه دور إحدى السيدات الإيطاليات الناجيات من المحرقة النازية إبان الحرب العالمية الثانية، وتحمل اسم مدام روزا، التي تتبنى وتتولى مسؤولية يتيم من السنغال اسمه مومو (يلعب دوره الطفل إبراهيم غوي).
كانت تيمة الفيلم التي تدور حول التسامح هي التي جذبت صوفيا لورين مرة أخرى إلى التمثيل، ولكن كانت هناك حاجة خاصة إلى نص يربطها بالعمل الفني جعلها تمعن النظر في اختيار مشاريع الأعمال الفنية التي تُعرض عليها، على حد قولها بلغة إنجليزية ركيكة. وعندما واصلت لورين - الحائزة على جائزة الأوسكار من قبل - في التأثير على ثقافة البوب المعاصرة بأغنية لها بعنوان «Zoo Be Zoo Be Zoo»، التي جاء ذكرها في أحد البرامج الحوارية الذي لم تشهده لورين، قالت إنّها لا تشعر بالرغبة الجامحة في متابعة كل ما يُقال عنها هنا أو هناك. وفي مقابلة أجريت بالهاتف من منزلها في جنيف، تحدثت النجمة الإيطالية الكبيرة عن الشيخوخة بكل سلاسة وطمأنينة، وأنها تتلقى التوجيهات من ابنها المخرج، كما تحدثت عن بعض أدوارها المفضلة. وفيما يلي مقتطفات محررة من المقابلة معها:
> بدأنا نشهد تراجعاً في أدوارك السينمائية منذ عام 1980، أي بعد مرور 7 سنوات على ولادة ابنك إدواردو، وبعد مرور 12 سنة على ولادة شقيقه كارلو. فلأي شيء كان البطء في أعمالك الفنية؟
- سألت نفسي في ذلك الوقت: «ما الذي تريدينه من الحياة يا صوفيا؟»، وقلت: أريد أسرة جميلة، وكان ما أردت، وكنت أريد طفلين، وقد حصلت عليهما. ولذلك، قلت لنفسي مرة أخرى، من الآن فصاعداً، ربما أقلّل بعض الشيء من أعمالي الفنية. ولكنّني لم أقلل منها فحسب، وإنّما توقفت عن العمل تماماً بكل بساطة. ليس لأنّني لا أحب العمل، بل لأنّني كنت أريد معرفة المزيد عن الحياة الأسرية، ولأنني كنت تقريباً أعيش في الاستوديو قبلها. لقد فاجأت نفسي فعلاً بقولي: «من الأفضل لك يا صوفيا أن تتوقفي تماماً عن العمل الآن وتواصلين العمل في وقت لاحق». من ثمّ توقفت فعلاً عن أداء الأدوار السينمائية لفترة طويلة من الزمن، ولكنّني كنت في غاية السعادة لأنّني كنت أراقب طفليّ يكبران، ويتزوجان، وينجبان الأطفال. (لقد فارق زوجها كارلو بونتي الحياة عن عمر ناهز 50 سنة في عام 2007).
> ما نوع النصوص الفنية التي تصل إليك في الآونة الراهنة؟
- يصل إلي العديد من النصوص في الوقت الحالي، ولكن لم أشعر بأيّ منها مثلما شعرت بسيناريو فيلم «الحياة المقبلة». وهذا هو سبب الابتعاد عن العمل في السينما طوال السنوات العشر الماضية. فلقد كنت أريد العثور على دور يمنحني الإلهام والتّحدي الحقيقيين. ولقد وجدتهما في شخصية مدام روزا، وليس بسبب مشاعرها المختلفة فحسب، والمتضاربة أحياناً، وإنّما لأنّها تمثل رسالة التسامح، والمحبة، والاندماج التي يعرب عنها الفيلم.
> أحياناً ما تصفين نفسك بالباحثة عن الكمال، وبما أنّ فيلم «الحياة المقبلة» هو العمل الثالث مع ولدك المخرج إدواردو؛ فهل من السهل أن تأخذي التوجيهات أثناء العمل من ولدك الصغير؟
- إنني باحثة حقاً عن الكمال، وإدواردو كذلك. إنّه يمنحني الأمان أثناء العمل. وهو لا يستسلم أبداً حتى أقدم له أفضل ما عندي تماماً. ولا يقبل بأي شيء أقل من ذلك على الإطلاق، ويعرف تماماً الأزرار التي ينبغي الضغط عليها للخروج بشيء حقيقي من داخلي. وعندما أجده يقول «هذا هو»، بعد تصوير مشهد معين، أعلم أنّ أدائي كان بالضبط ما كان ينتظره مني. إنّه شعور رائع بالنسبة للممثلة، لأنّني أكون حينها متأكدة تماماً ممّا أفعله أمام الكاميرا.
> ما الذي تعلمته من المخرجين الكبار أمثال فيتوريو دي سيكا؟
- علمني المخرج دي سيكا أن ألتزم الصدق التام مع نفسي، وأن أتتبع خطى غرائزي، وليس الاتجاهات العامة من حولي. وهذا ممّا يسهل قوله عن فعله تماماً، ولكنّه من الأهمية بمكان. لقد كنت أبلغ 17 سنة، عندما التقيت مع المخرج دي سيكا للمرة الأولى. عندما قابلته، كان أكبر مخرج في العالم وقتذاك. ولقد طلب رؤيتي بنفسه، وقال: «أوه، أنت من نابولي، لي شيء خاص بك»، وكانت بداية مسيرتي السينمائية معه.
> ما مدى أهمية العمل مع المخرجين الذين تربطك بهم علاقات شخصية، سواء في الحياة الواقعية أو من خلال مشاهدة أفلامهم؟
- حسناً، لم يكن ذلك ممكناً عندما بدأت بالعمل السينمائي في الولايات المتحدة. فالعمل مع الممثلين الأميركيين الكبار كان بمثابة مدرسة رائعة لأتعلّم منها بنفسي، ولكنّها كانت تجربة أجنبية بالنسبة لي تماماً. لقد عملت مع كاري غرانت، وفرانك سيناترا، وكان عمري 22 سنة فقط. وفي ذلك الوقت، رأيت الفرص التي سنحت من خلال العمل باللغة الإنجليزية، حتى وإن كانت إنجليزية ركيكة، لأنها لم تكن لغتي الأم كما تعلمون. ولكن صوت الحديث، والموسيقى المصاحبة كانت غالية على قلبي كثيراً، ولقد تعلمت الإنجليزية على الفور لأجل ذلك. وقضيت وقتاً رائعاً للغاية عندما مثلت في الأفلام الأميركية للمرة الأولى، ومن بينها أفلام: «ديزاير أندر ذا إيلمس»، و«هاوس بوت» - معذرة لأنّني لا أستطيع تذكر جميع الأفلام.
> والآن؟
- لا بد للدور السينمائي أن يكون شخصياً قدر الإمكان، لأنّ الممثل يبذل قصارى جهده عندما يشعر بأن الدور يجري في دمائك.
> هل تتابعين الأفلام أو البرامج التلفزيونية المعاصرة؟
- أشاهد الأخبار، ولكنني أحب كثيراً مشاهدة مسلسل «ذي كراون».
> تصفين في مذكراتك «الأمس واليوم وغداً» مسيرتك الفنية بأنّها عبارة عن «موسم رائع من السينما الإيطالية التي تشرفت أيما شرف بالعمل فيها وتجربتها بصورة مباشرة»... هل تهتمين بالأفلام والممثلين الإيطاليين المعاصرين بنفس القدر من الشغف القديم؟
- لا أشاهد كثيراً من الأفلام أو المسلسلات حالياً، ولكن يجب أن أقول إنّه تستهويني مشاهدة أعمال ماتيو غاروني وباولو سورينتينو، وكلاهما ترجع أصوله إلى موطني في نابولي!
> هل تعتبرين نفسك من الشخصيات المتدينة أم الروحانية؟
- أنا كذلك بكل تأكيد، ولكنّني قلما أزور الكنيسة، ولكن أؤمن بالله فعلاً، وأواصل الصلاة داخل المنزل.
> هل تعد الشيخوخة من بواعث القلق بالنسبة إليك؟
- إن تقبلت عملية الشيخوخة كما هي، وواصلت حياتك في الزمن الحاضر، فسوف تتقدم في العمر بكل سلاسة وأمان.
> قلتِ من قبل إنك من المعجبات بالفنان دانيال داي لويس، الذي رافقك البطولة في فيلم «ناين»... أما وقد تقاعد عن العمل الفني الآن، من الممثل أو الممثلة المفضل لديكِ في الزمن الحاضر؟
- لا أزال أحب دانيال كثيراً، بصرف النظر تماماً إذا كان يواصل العمل أم لا. إنّه فنان عظيم ومثير للإعجاب على الدوام. كما أحب أيضاً الممثلة ميريل ستريب كثيراً، إنها عظيمة.
> ما النصيحة التي تودين تقديمها لممثلة شابة في مقتبل حياتها الفنية؟
- ليس هناك ما يمكن قوله. إذا قرّرت أن تكوني ممثلة، لأنّه أمر تحبينه كثيراً، فلا بدّ عندئذ أن تفعلي ما يمليه عليك عقلك، وأن تضعي نفسك في الموقف الذي لا تفكرين في أي شيء آخر في حياتك، سوى أن تكوني ممثلة. وعندها، ستقررين ما إذا كنت تريدين الزواج من عدمه. الحياة لا يمكن أن تدور حول محور واحد أبداً، بل إنّها عبارة عن كثير من الأشياء في الوقت نفسه، وفي بعض الأحيان تكون الحياة هي كل الأشياء في آن واحد.
> هل تحبين مشاهدة أفلامك؟
- أميل دوماً إلى انتقاد ذاتي والحكم عليها بمنتهى القسوة، ولذلك فمن الأفضل ألّا أعاود مشاهدتها على الفور. وفي بعض الأحيان أفعل ذلك من باب الفضول ليس أكثر، إذا كان أحد أفلامي معروضاً على التلفاز، أو ربما أحب المشاهدة رفقة أطفالي وأحفادي، ربما لأنّهم لم يتمكنوا من مشاهدة أفلامي منذ فترة طويلة من الزمن. وفي أحيان أخرى، تمرّ سنوات كثيرة لدرجة أنّ معاودة مشاهدة أفلامي تكون بمثابة إعادة اكتشاف شخصية مختلفة تماماً عن صوفيا التي أعرفها. إنّها تجربة رائعة للغاية، وأحبها كثيراً.
> هل هناك من أعمال فنية تشعرين حيالها بفخر خاص؟
-دوري في فيلم «امرأتان»، يعني لي الكثير. وكذلك الدور الذي قمت به في فيلم «سبيشيال داي». وكل ذلك يتوقف على قصة الفيلم، وعلى أعمال المخرجين الكبار من أمثال دي سيكا. لقد أحببت العمل معه كثيراً، وأيضاً تلك الأفلام التي مثلت فيها مع المخرج الإيطالي الكبير مارسيللو ماستروياني.
> هل ترغبين حقاً في الاستمرار بالتمثيل؟
- إن كنت أحب التمثيل فما الداعي للتوقف عن العمل!
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

يوميات الشرق «الملحد» تعرَّض لعدد من الدعاوى القضائية التي طالبت بمنع عرضه (الشركة المنتجة)

«الملحد» للعرض في السينمات المصرية بعد معركة مع الدعاوى القضائية

بعد معركة مع الدعاوى القضائية، أعلنت الشركة المنتجة لفيلم «الملحد» طرحه في دور العرض السينمائي بمصر يوم 31 ديسمبر الحالي.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق المخرجة المصرية سارة جوهر (الشرق الأوسط)

المخرجة سارة جوهر: «عيد ميلاد سعيد» ينافس بقوة على «الأوسكار»

تؤكد المخرجة المصرية سارة جوهر أن قوة فيلمها تكمن في قدرته على التأثير في المشاهد، وهو ما التقطته «فارايتي» بضمّها لها إلى قائمتها المرموقة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق صوَّر المخرج الفيلم في ظروف صعبة (الشركة المنتجة)

«الشاطئ الأخير»... فيلم بلجيكي يرصد مأساة واقعية من قلب أفريقيا

رغم التحديات الأمنية واللوجيستية وعزلة القرية في غامبيا، فإن المخرج البلجيكي يشعر بالرضا عن التجربة التي خلّدت اسم «باتيه سابالي».

أحمد عدلي (الدوحة)
يوميات الشرق بوستر الوثائقي السعودي «سبع قمم» (الشرق الأوسط)

من «المنطقة المميتة» إلى شاشات جدة... حين تتحوَّل القمم إلى مرآة للإنسان

قدَّم وثائقي «سبع قمم» سيرة رجل فَقَد ملامح المدير التنفيذي عند «المنطقة المميتة» في "إيفرست"، ليبقى أمام عدسة الكاميرا إنساناً يسأل نفسه: لماذا أواصل؟

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق النجم الأميركي ليوناردو دي كابريو (رويترز)

ليوناردو دي كابريو يحذر الممثلين الشباب من خطأ واحد يضر بمسيرتهم

أصدر النجم ليوناردو دي كابريو تحذيراً للممثلين الشباب، موضحاً سبب رفضه عروضاً ضخمة في بداية مسيرته الفنية الحافلة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».