استقالة صهر إردوغان تلجم انهيار الليرة التركية

جاءت بعد أزمة حادة مع الرئيس ومستشاريه وظهرت نتائجها فوراً

أشارت مصادر إلى أن مستشاري الرئيس التركي نصحوه بضرورة إبعاد صهره عن منصب وزير الخزانة والمالية (أ.ب)
أشارت مصادر إلى أن مستشاري الرئيس التركي نصحوه بضرورة إبعاد صهره عن منصب وزير الخزانة والمالية (أ.ب)
TT

استقالة صهر إردوغان تلجم انهيار الليرة التركية

أشارت مصادر إلى أن مستشاري الرئيس التركي نصحوه بضرورة إبعاد صهره عن منصب وزير الخزانة والمالية (أ.ب)
أشارت مصادر إلى أن مستشاري الرئيس التركي نصحوه بضرورة إبعاد صهره عن منصب وزير الخزانة والمالية (أ.ب)

أنعشت الاستقالة المفاجئة لوزير الخزانة والمالية برات ألبيراق صهر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الليرة التركية في تعاملات أمس (الاثنين) وهي الخطوة التي جاءت بعد 24 ساعة من إقالة رئيس البنك المركزي مراد أويصال، وتعيين وزير المالية السابق ناجي أغبال بدلاً عنه.
وفي مستهل تعاملات الأمس، وهي بداية الأسبوع أيضاً، تعافت الليرة التركية واستردت نحو 1.2 في المائة من قيمتها. وافتتحت التعاملات عند 8.1840 ليرة مقابل الدولار، بعد أن أغلقت الجمعة في نهاية تعاملات الأسبوع الماضي عند 8.5253 ليرة للدولار، وذلك تفاعلاً مع إعلان ألبيراق استقالته مساء أول من أمس الأحد. وتواصل الانتعاش في تعاملات منتصف اليوم؛ حيث ارتفعت الليرة إلى 8.0446 ليرة مقابل الدولار؛ في حين استردت الليرة نحو 3.7 في المائة من قيمتها أمام اليورو؛ ليرتفع سعرها إلى 9.5599 ليرة لليورو مقابل 10.1234 ليرة لليورو في تعاملات الجمعة، ختام الأسبوع الماضي.
وكانت الليرة التركية قد شهدت سقوطاً مدوياً في التعاملات المبكرة الجمعة، وهبطت إلى مستوى 8.5854 ليرة للدولار، وخسرت أكثر من 30 في المائة من قيمتها منذ بداية العام.
وعززت أول تصريحات أدلى بها رئيس البنك المركزي التركي الجديد ناجي أغبال من الانفراجة التي أحدثتها استقالة ألبيراق التي تحولت إلى مطلب أول للمعارضة وللشارع التركي، بعد أن انهارت الليرة التركية وهبطت إلى أدنى مستوياتها.
وأعلن ألبيراق استقالته عبر حسابه على «إنستغرام»، مساء الأحد، مرجعاً السبب إلى ظروفه الصحية ورغبته في قضاء مزيد من الوقت مع أسرته.
وقال ألبيراق (42 عاماً)، في بيان الاستقالة: «قررت عدم مواصلة مهامي كوزير بعد 5 سنوات في المنصب (3 سنوات وزيراً للطاقة والموارد الطبيعية وسنتان وزيراً للخزانة والمالية) لأسباب صحية. سأقضي وقتي مع أمي وأبي وزوجتي وأطفالي الذين أهملتهم لسنوات عديدة بسبب الضرورة».
وتجاهلت وسائل الإعلام القريبة من الحكومة خبر الاستقالة، بسبب خشية ارتكاب خطأ في ظل تمسك الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل بصهره، وتأكيده مراراً أنه لن يترك منصبه بسبب ضغوط المعارضة؛ بل وذهابه إلى أن من يطالبون باستقالة ألبيراق هم «حاسدون» يتمنون لو كانوا مكانه.
وشنت المعارضة التركية هجوماً واسعاً على ألبيراق، بسبب عدم قدرته على إدارة اقتصاد البلاد، وقراراته التي تسببت في انهيار الليرة وصعود التضخم، واستنفاد احتياطي البنك المركزي من أجل كبح انهيار العملة. وطالبت المعارضة إردوغان بأن يختار بين صهره ومصلحة الشعب التركي. وبدا في الفترة الأخيرة تأثر شعبية حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وإردوغان بسبب الأداء الاقتصادي العاجز.
وجاءت استقالة ألبيراق في أعقاب قرار إردوغان المفاجئ، فجر السبت، بإقالة محافظ البنك المركزي مراد أويصال، وتعيين وزير المالية السابق ناجي أغبال (52 عاماً) في هذا المنصب.
وكشفت مصادر، أمس، عن خلاف حاد وقع بين إردوغان وصهره ألبيراق بعد خطوة تعيين أغبال رئيساً للبنك المركزي دون التشاور معه؛ حيث اتخذ القرار من خلال مشاورات بين إردوغان ولجنته الاستشارية في رئاسة الجمهورية، وأن بولنت أرينتش نائب رئيس الوزراء، رئيس البرلمان الأسبق، انتقد قرارات ألبيراق ونصح إردوغان بإبعاده عن منصبه.
ولفتت المصادر التي تحدثت لموقع «أودا تي في» شريطة عدم الكشف عنها، عن أن ألبيراق شعر بالغضب بعد أن كلف إردوغان سلفه ناجي أغبال بإجراء تقييم للوضع الاقتصادي وأسباب تدهور الليرة التركية واستمرار صعود التضخم، وأنه حاول لقاء أغبال أكثر من مرة بمقر الرئاسة؛ لكنه تهرب من لقائه إلى أن نجح أخيراً في مقابلته، وهاجمه بحدة خلال اللقاء معرباً عن غضبه من إجراء تقييمات للوضع الاقتصادي وتقديمها للرئيس دون علمه.
وعارض أغبال السياسات التي تبناها وزير الخزانة والمالية المستقيل برات ألبيراق على مدار العامين الماضيين. وقالت المصادر إن التقييمات انتهت إلى ضرورة إبعاد ألبيراق من منصب وزير الخزانة والمالية، وإن إردوغان لم يطلب منه الاستقالة مباشرة؛ بل تحدث إلى شقيقه الأكبر سرهات ألبيراق ليبلغه.
في غضون ذلك، أصدر رئيس البنك المركزي التركي الجديد، ناجي أغبال، أول تصريحات له أمس، أكد فيها عزمه على مواصلة استخدام جميع أدوات السياسة النقدية، تماشياً مع الهدف الرئيسي لاستقرار الأسعار. وقال: «سيتم تعزيز الاتصال في السياسة النقدية، في إطار مبادئ الشفافية والمساءلة والقدرة على التنبؤ»، مضيفاً أنه تتم مراجعة الوضع الحالي ومتابعة التطورات عن كثب، حتى تاريخ اجتماع لجنة السياسة النقدية في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري، وسيتم اتخاذ القرارات الضرورية في ضوء البيانات والتقييمات التي سيتم تشكيلها.
ورأى خبراء أن تعيين أغبال رئيساً للبنك المركزي، لن يكون كافياً وحده لتعافي الليرة التركية واسترداد قيمتها، وأنه إذا لم يتجه أغبال لزيادة سعر الفائدة، فإن هناك عديداً من العوامل التي ستؤدي لمزيد من الانهيار في قيمة الليرة، كبقاء التضخم ضمن رقم من خانتين، وعجز الحساب الجاري، وتآكل احتياطي النقد الأجنبي والمستوى المنخفض من الثقة السياسية.



تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.