المطاعم المصرية تكتسب عادات جديدة وتتأقلم مع الجائحة

أدوات البلاستيك سيدة الموائد في زمن {كورونا}

اجراءات احترازية لتقديم الطعام بطريقة آمنة - تشدد المطاعم على النظافة لطمأنة الزبائن
اجراءات احترازية لتقديم الطعام بطريقة آمنة - تشدد المطاعم على النظافة لطمأنة الزبائن
TT

المطاعم المصرية تكتسب عادات جديدة وتتأقلم مع الجائحة

اجراءات احترازية لتقديم الطعام بطريقة آمنة - تشدد المطاعم على النظافة لطمأنة الزبائن
اجراءات احترازية لتقديم الطعام بطريقة آمنة - تشدد المطاعم على النظافة لطمأنة الزبائن

أثمرت محاولات تحقيق التوازن والجمع بين الالتزام بالإجراءات الوقائية في المطاعم والمقاهي المصرية والرغبة في الاستمتاع بأصناف الطعام والمشروبات المختلفة مجموعة كبيرة من العادات الجديدة بعضها قررته المطاعم، فيما لجأ كثير من الزبائن إلى إجراءات خاصة بهم تحولت مع الوقت إلى عادات انتشرت بين رواد آخرين، مما دشن سلوكيات غذائية يتوقع كثيرون استمرار بعضها عقب انتهاء الجائحة.
ومن أبرز الزائرين الجدد للمائدة البلاستيك الذي بات سيداً مسيطراً بـ«الشوك والملاعق والسكاكين» المعدة للاستخدام لمرة واحدة فقط، وأدى الانتشار الواسع لاستخدام تلك الأدوات حتى في المطاعم الشعبية إلى تغيير كبير في ثقافة استخدامها، إذ إن معظم المصريين غالبا لا يستخدمون من هذه الأدوات بشكل دائم سوى الملاعق، التي تستخدم في تناول بعض الأصناف القليلة منها الأرز والمكرونة، وهي سلوكيات غذائية سائدة بين معظم الفئات منذ سنوات باستثناء بعض الطبقات التي تستخدم الملاعق والشوك والسكاكين مع أصناف الطعام كافة.
غير أن الخوف من العدوى والإجراءات الوقائية دفع معظم زبائن المطاعم إلى استخدام أدوات المائدة «ملاعق وشوك وسكاكين» في تناول جميع أصناف الطعام لتجنب لمسه بالأيدي بشكل مباشر، حتى إن الخبز البلدي الذي كان يتم تناوله باليد وغمسه في أطباق الطعام، أصبح الزبائن يستخدمون السكينة لتقطعيه والشوكة لوضعه في الفم، وانطبق الأمر نفسه على العديد من أصناف الطعام التقليدية التي اشتهرت منذ سنوات بضرورة تناولها باليد، مثل أنواع الخضار المختلفة كالبامية والبسلة والحمام المحشي وقطع الفراخ واللحوم، أصبحت كلها يتم تناولها باستخدام أدوات المائدة دون استخدام اليد بشكل مباشر.
ويتوقع كثيرون أن تستمر بعض العادات الجديدة حتى بعد انتهاء الجائحة نتيجة التعود عليها وإدراك زبائن المطاعم أهمية، لكونها طرقا صحية أكثر في تناول الطعام، ويقول هاني العبادي، مدير التسويق بمطعم الحاتي لـ«الشرق الأوسط» إن «اتجاه الناس إلى استخدام أدوات المائدة من ملاعق وشوك وسكاكين خوفا من العدوى من بين العادات الجديدة التي قد تستمر بعد انتهاء الجائحة».
ويشرح العبادي أن «ثقافة استخدام هذه الأدوات كانت قاصرة على طبقة الأغنياء، بينما غالبية المصريين يفضلون تناول الطعام باليد مباشرة، لكن الآن أصبح الجميع يستخدم هذه الأدوات ويتجنب استخدام اليد مباشرة، حتى أصناف الأطباق التي يعرف عنها أنها يجب أن يتم تناولها باليد مباشرة أصبح الزبائن يتناولونها بأدوات المائدة».
وبينما تقدم المطاعم الشعبية لزبائنها أدوات مائدة مغلفة داخل غلاف بلاستيكي شفاف يحتوي على ملعقة وشوكة وسكين ومنديل ورقي، تقدم المطاعم الكبيرة والفنادق الخدمة نفسها لكن بتفاصيل مختلفة تتناسب مع إمكانياتها المادية وطبيعة زبائنها، إذ تقدم أدوات المائدة داخل غلاف بلاستيكي أو ورقي محكم الغلق يحتوي على عبوة ورقية صغيرة بداخله بها ملح الطعام وبعض التوابل مثل الفلفل الأسود ومنديل ورقي وعبوة بها مطهر كحولي «جيل» كلها مغلفة مع الملاعق والشوك والسكاكين البلاستيكية حتى لا يضطر الزبائن إلى استخدام عبوات الملح وغيرها مما يقوم رواد آخرون بلمسها.
وإلى جانب انتشار استخدام الأكواب البلاستيكية، تحرص المطاعم الكبيرة على توفير أكبر قدر من الأمان لزبائنها، إذ قام بعضها بتغيير خلاطات المياه التقليدية بأخرى «سينسور» تعمل بطريقة الاستشعار دون أن يقوم الزبون بلمس أي جزء، ويتوقف تدفق المياه عقب الانتهاء من غسل يديه وإبعادها عن الصنبور، كما انتشر بالمطاعم نفسها رقائق الصابون، وهي شرائح صغيرة مغلفة داخل عبوة بلاستيكية تكفي لغسل اليد مرة واحدة.
المقاهي بدورها باتت تعتمد على الأكواب البلاستيكية التي تستعمل مرة واحدة في تقديم مشروباتها، وكذلك الملاعق البلاستيكية، كما انتشر تقديم زجاجات المياه المعدنية المعبأة ووصل إلى المقاهي الشعبية التي لم تكن تقدم سوى المياه العادية من الصنبور في أكواب زجاجية، كما تقوم بعض المقاهي الكبيرة بتقديم عبوات سكر مغلف في عبوات ورقية مغلقة، ويفضل معظم الزبائن المشروبات الساخنة مثل الشاي والزنجبيل والقرفة والسحلب وغيرها.
العصائر الجاهزة والمعلبة كان لها نصيب من الازدهار كذلك خلال فترة الجائحة باعتبارها آمنة أكثر من العصائر التي يتم صنعها بالمقهى.
اللافت أنه ومع هذه الإجراءات، فإن بعض الزبائن يحضرون أكوابا بلاستيكية خاصة بهم يضعونها في حقائبهم، ومنهم حمادة علي، وهو شاب ثلاثيني يعمل في إحدى الشركات الحكومية صباحا، ويضطر للجلوس بالمقهى نحو ساعتين يوميا انتظارا لموعد ذهابه إلى عمله الإضافي، مما يضطره إلى حمل عدد من الأكواب البلاستيكية داخل حقيبته.
يقول علي لـ«الشرق الأوسط»: «أحمل في حقيبتي أكوابا بلاستيكية بجانب مواد التعقيم المختلفة، حيث أقوم بإفراغ مشروب الشاي من الكوب الذي تقدمه المقهى في الكوب الخاص بي لأضمن أنه لم يلمسه أحد غيري، ولدي شقيق يحمل كوبا زجاجيا خاصا به كلما ذهب إلى المقهى بجوار منزلنا».


مقالات ذات صلة

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

يوميات الشرق رهاب الموز قد يسبب أعراضاً خطيرة مثل القلق والغثيان (رويترز)

وزيرة سويدية تعاني «رهاب الموز»... وموظفوها يفحصون خلو الغرف من الفاكهة

كشفت تقارير أن رهاب وزيرة سويدية من الموز دفع المسؤولين إلى الإصرار على أن تكون الغرف خالية من الفاكهة قبل أي اجتماع أو زيارة.

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
صحتك رجل يشتري الطعام في إحدى الأسواق الشعبية في بانكوك (إ.ب.أ)

دراسة: 3 خلايا عصبية فقط قد تدفعك إلى تناول الطعام

اكتشف باحثون أميركيون دائرة دماغية بسيطة بشكل مذهل تتكوّن من ثلاثة أنواع فقط من الخلايا العصبية تتحكم في حركات المضغ لدى الفئران.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق خبراء ينصحون بتجنب الوجبات المالحة والدهنية في مبنى المطار (رويترز)

حتى في الدرجة الأولى... لماذا يجب عليك الامتناع عن تناول الطعام على متن الطائرات؟

كشف مدرب لياقة بدنية مؤخراً أنه لا يتناول الطعام مطلقاً على متن الطائرات، حتى إذا جلس في قسم الدرجة الأولى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق قطع من الجبن عُثر عليها ملفوفة حول رقبة امرأة (معهد الآثار الثقافية في شينغيانغ)

الأقدم في العالم... باحثون يكتشفون جبناً يعود إلى 3600 عام في مقبرة صينية

اكتشف العلماء أخيراً أقدم قطعة جبن في العالم، وُجدت ملقاة حول رقبة مومياء.

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق التفوُّق هو الأثر أيضاً (أ.ف.ب)

الشيف دانييل هوم... أرقى الأطباق قد تكون حليفة في حماية كوكبنا

دانييل هوم أكثر من مجرّد كونه واحداً من أكثر الطهاة الموهوبين في العالم، فهو أيضاً من المدافعين المتحمّسين عن التغذية المستدامة، وراهن بمسيرته على معتقداته.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».