الحوثيون يغلقون 110 منشآت طبية في صنعاء لابتزاز مالكيها مالياً

وسط تهاوي قطاع الخدمات الصحية بسبب سوء الإدارة ونهب المساعدات

بائع يمني يدفع عربته في أحد أحياء صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
بائع يمني يدفع عربته في أحد أحياء صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يغلقون 110 منشآت طبية في صنعاء لابتزاز مالكيها مالياً

بائع يمني يدفع عربته في أحد أحياء صنعاء القديمة (إ.ب.أ)
بائع يمني يدفع عربته في أحد أحياء صنعاء القديمة (إ.ب.أ)

عادت الميليشيات الحوثية من جديد لاستهداف ما تبقى من القطاع الطبي بمناطق سيطرتها، حيث اتخذت مطلع الأسبوع الجاري في العاصمة صنعاء حزمة جديدة من القرارات وصفت بـ«الابتزازية والتعسفية».
وكشف عاملون في القطاع الصحي في صنعاء أن الجماعة وعبر وزارة الصحة الخاضعة لسيطرتها اتخذت قبل أيام عددا من القرارات الجديدة قضت بإغلاق نحو 110 منشآت طبية خاصة في صنعاء، منها 86 منشأة بشكل كلي، و24 بشكل جزئي، وسحب تراخيص العشرات من المراكز الصحية لابتزاز مالكيها ماليا.
ونقلت المصادر الطبية عن القيادي الحوثي المدعو طه المتوكل المعين من قبل الجماعة وزيرا للصحة بحكومة الانقلابيين غير المعترف بها قوله إن «تلك القرارات تأتي في سياق عملية تقييم جديدة وواسعة لأكثر من 656 منشأة طبية في العاصمة صنعاء».
وأعلن القيادي الحوثي وهو أحد معممي الجماعة ومن أكثرهم تعصبا لأفكارها - بحسب مصادر إعلام الميليشيات - أن عملية التقييم المزعومة للمؤسسات والمراكز الطبية لا تزال مستمرة وستتوسع بقادم الأيام لتطال مؤسسات ومنشآت أخرى واقعة في محافظات ومدن تحت سيطرة الجماعة.
وبينما بررت الجماعة أسباب اتخاذها لتلك القرارات بحق القطاع الطبي بمناطق سيطرتها بأنها تعود إلى عدم التزامها بالتعليمات والضوابط والإجراءات التي حددتها في وقت سابق، أشارت مصادر طبية في صنعاء إلى أن القرارات الحوثية الأخيرة وتلك التي ستتخذ في الأيام القادمة تندرج جميعها في سياق سياسة التطفيش الممنهجة وحملات الابتزاز والنهب والتدمير المنظم بحق منتسبي هذا القطاع.
وأكدت المصادر الطبية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، رفض قيادة الجماعة إعادة فتح 110منشآت طبية كانت وجهت بإغلاقها، مشترطة إعادة الفتح مقابل دفع مبالغ مالية تحت اسم «غرامات تأديبية».
وفي السياق نفسه أشار أطباء وعاملون صحيون في صنعاء إلى أن حملة الاستهداف الحوثية الجديدة تأتي في وقت لا يزال فيه القطاع الصحي بمناطق سيطرتها يعاني من عمليات تدمير وعبث وابتزاز منظم.
ويقول عاملون صحيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إنه «سبق للجماعة وتحت ذريعة مخالفة الأسعار وعدم الالتزام بقواعدها المتخذة لمجابهة جائحة (كوفيد - 19) المستجد، الذي تفشى بشكل مخيف بمناطق سيطرتها، أن شنت حملات استهداف واسعة أسفرت عن إغلاق ما لا يقل عن 8 مستشفيات ومراكز صحية، و170 صيدلية و25 شركة دوائية و8 مخازن للأدوية في العاصمة صنعاء بحجة عدم التزامها بضوابط الجماعة».
وكانت الجماعة، أقرت أيضا بوقت سابق من العام الجاري إغلاق أكثر من 12 مستشفى ومركزا صحيا بنفس الذريعة المتمثلة بمخالفتها للتعليمات والضوابط الحوثية قبل أن تعيد فتحها بعد دفع مبالغ مالية تتجاوز 5 ملايين ريال على كل وحدة صحية تم إغلاقها (الدولار نحو 600 ريال).
وتأتي تلك السلسلة من الاستهدافات الحوثية المتكررة ضد القطاع الطبي في وقت حذرت فيه منظمة أوكسفام الدولية في أحدث بيان لها من تعرض اليمن لخطر موجة ثانية من تفشي فيروس «كورونا».
وأفاد مكتب المنظمة في اليمن، بأن «استجابة أوكسفام لجائحة (كورونا)، تتضمن دعم نظام الرعاية الصحية في اليمن، لمساعدته على مواجهة مخاطر الفيروس المميتة». ولفت إلى أن «اليمن معرض لخطر موجة ثانية من تفشي فيروس (كورونا)».
وفي غضون ذلك، كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن منتصف الأسبوع الماضي، أن شركاء الصحة وثقوا 163 هجوما على المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى في جميع أنحاء اليمن منذ بداية الحرب التي أشعلت فتيلها الميليشيات الحوثية.
وأوضح المكتب في بيان أن «نصف المرافق الصحية في جميع أنحاء البلاد تعمل حاليا، وغالبية تلك التي تعمل تواجه نقصا في الأدوية والإمدادات والمعدات والموظفين».
وأوضح البيان أن هجوم ميليشيات الحوثي على مستشفى الأمل لعلاج السرطان بتعز، في 24 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أدى إلى إصابة عاملين صحيين وإلحاق أضرار بالمرفق، والمرضى، معظمهم من الأطفال، تُركوا في حالة من الذعر.
وعلى نفس المنوال قالت ليز غراندي، منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن إن «أي هجوم على أي مركز صحي غير مقبول». وأضافت أن «الهجوم على مستشفى السرطان، حيث يتلقى الأطفال المرضى بشدة العلاج المنقذ للحياة، أمر بغيض».
وتابعت: «كان النظام الصحي مثقلا بالفعل قبل تفشي جائحة (كورونا)، ولم نعد قادرين على تقديم نفس المستوى من الدعم الذي حصلنا عليه في الماضي؛ لأننا لا نملك التمويل الذي نحتاجه».
وأكدت أن «9 ملايين يمني سيفقدون إمكانية الحصول على الخدمات الصحية الأساسية، بحلول نهاية العام، إذا لم نحصل على المزيد من الدعم». وقالت: «إذا اضطررنا إلى تقليص أو إيقاف برامجنا الصحية، فسيكون التأثير فوريا ولا يمكن تصوره، وربما لا رجوع فيه».
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فإن اليمن «لا يزال يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث ما يقرب من 80 في المائة من السكان - أكثر من 24 مليون شخص - يحتاجون إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية».
وأفاد المكتب الأممي، بأنه بحلول منتصف أكتوبر الماضي، تم تلقي 1.43 مليار دولار أميركي فقط، من 3.2 مليار دولار مطلوبة في عام 2020.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.