واشنطن تبدأ مشاورات مع الأمم المتحدة لرفع العقوبات عن الخرطوم

TT

واشنطن تبدأ مشاورات مع الأمم المتحدة لرفع العقوبات عن الخرطوم

أعلنت الولايات المتحدة بدء مشاورات مع الأمم المتحدة حول رفع العقوبات الدولية عن السودان، وذلك نتيجة النزاع القديم في إقليم دارفور. وجاءت تحركات واشنطن بعد أن رفعت السودان عن قائمة الدول الداعمة للإرهاب.
وقال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، في بيان صحافي أمس، إن الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع الحكومة السودانية الانتقالية، والشركاء الدوليين لتحديد الظروف، التي يمكن أن تؤدي إلى رفع العقوبات المتعلقة بنزاع دارفور في أقرب فرصة، موضحاً أنه تم بالفعل البدء في هذه المشاورات في الأمم المتحدة، «مع وضع هذا الهدف في الاعتبار».
وكان مجلس الأمن الدولي قد فرض في عام 2005 حظراً على الأسلحة، وحظراً للسفر، وتجميد الأرصدة بحق أي شخص يشتبه في عرقلته جهود السلام في دارفور، كما أدانت الحكومة الأميركية حينها، برئاسة جورج دبليو بوش، «إبادة» بحق السكان السود في دارفور.
وأشار بومبيو في البيان الصحافي إلى أنه رغم إصدار البيت الأبيض إشعاراً باستمرار حالة الطوارئ الوطنية فيما يتعلق بالسودان، المعلن عنها في الأمر التنفيذي 13067 لعام 1997، فإنه لا ينعكس سلباً على العلاقات الثنائية المحسنة مع السودان، أو على أداء الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية، وليس له أي تأثير على القرار أو الإجراءات لإلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب، مشيداً بالتقدم الكبير الذي حققته الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية في العمل نحو الحرية والسلام، والعدالة للشعب السوداني.
وأضاف بومبيو: «كما نرحب بقرار السودان الشجاع بالانضمام إلى اتفاقيات إبراهيم، وتطبيع العلاقات مع إسرائيل سعياً لتحقيق السلام والأمن والازدهار. ونحن ندرك التحسينات الهامة التي حققتها الحكومة الانتقالية في النهوض بحقوق الإنسان، ونثني على جهودها لإحلال السلام في دارفور ومناطق الصراع الأخرى في السودان، ونأمل أن يسهل هذا التوقيع التاريخي الشعور بالعدالة والحل للضحايا وعائلاتهم، بينما يساعد في الدخول في فصل جديد في العلاقة بين الولايات المتحدة والسودان».
واعتبر بومبيو أن قرار الرئيس ترمب الأخير بالمضي قدماً في إلغاء تصنيف السودان كدولة راعية للإرهاب، يعكس الجهود المتواصلة التي تبذلها الحكومة الانتقالية، والتي يقودها المدنيون، للتأكد من عدم وجود دعم للأعمال الإرهابية الدولية، مؤكداً أن الولايات المتحدة مستمرة في بناء شراكة استراتيجية مع السودان، وتعزيز دعم الشعب السوداني.
وكانت الولايات المتحدة والسودان قد أبرما الأسبوع الماضي اتفاقية ثنائية لحل المطالبات الناشئة عن تفجيرات سفارتي شرق أفريقيا عام 1998 في تنزانيا وكينيا، وهي الاتفاقية التي تنص أيضاً على تحويل تعويضات ضحايا هجوم عام 2000 على المدمرة الأميركية «كول»، ومقتل موظف الوكالة الأميركية للتنمية الدولية جون جرانفيل عام 2008.
ويأتي هذا الاتفاق تتويجاً لأكثر من عام من المفاوضات بين البلدين. كما ينص الاتفاق على تقديم الخرطوم مبلغ 335 مليون دولار كتعويضات لضحايا الإرهاب، التي سيتم الإفراج عنها للولايات المتحدة بعد إلغاء تصنيف الدولة الراعية للإرهاب في السودان، وسن تشريعات من شأنها أن تعيد الحصانات إلى تلك الدول التي ليست كذلك.
ويأتي هذا التطور كدليل جديد على تحسن العلاقات بين واشنطن والخرطوم، التي كانت منبوذة من المجتمع الدولي، وتسعى لتحسين صورتها منذ سقوط نظام عمر البشير في 2019.



الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يفرضون مقرراً دراسياً يُضفي القداسة على زعيمهم

شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)
شقيق زعيم الجماعة الحوثية يشرف على طباعة الكتب الدراسية (إعلام حوثي)

ازدادت مساحة التدخلات الحوثية في صياغة المناهج الدراسية وحشوها بالمضامين الطائفية التي تُمجِّد قادة الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي، مع حذف مقررات ودروس وإضافة نصوص وتعاليم خاصة بالجماعة. في حين كشف تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن عن مشاركة عناصر من «حزب الله» في مراجعة المناهج وإدارة المخيمات الصيفية.

في هذا السياق، كشف ناشطون يمنيون على مواقع التواصل الاجتماعي عن أعمال تحريف جديدة للمناهج، وإدراج المضامين الطائفية الخاصة بالجماعة ومشروعها، واستهداف رموز وطنية وشعبية بالإلغاء والحذف، ووضع عشرات النصوص التي تمتدح قادة الجماعة ومؤسسيها مكان نصوص أدبية وشعرية لعدد من كبار أدباء وشعراء اليمن.

إلى ذلك، ذكرت مصادر تربوية في العاصمة المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية أقرّت خلال الأسابيع الأخيرة إضافة مادة جديد للطلاب تحت مسمى «الإرشاد التربوي»، وإدراجها ضمن مقررات التربية الإسلامية للمراحل الدراسية من الصف الرابع من التعليم الأساسي حتى الثانوية العامة، مع إرغام الطلاب على حضور حصصها يوم الاثنين من كل أسبوع.

التعديلات والإضافات الحوثية للمناهج الدراسية تعمل على تقديس شخصية مؤسس الجماعة (إكس)

وتتضمن مادة «الإرشاد التربوي» -وفق المصادر- دروساً طائفية مستمدة من مشروع الجماعة الحوثية، وكتابات مؤسسها حسين الحوثي التي تعرف بـ«الملازم»، إلى جانب خطابات زعيمها الحالي عبد الملك الحوثي.

وبيّنت المصادر أن دروس هذه المادة تعمل على تكريس صورة ذهنية خرافية لمؤسس الجماعة حسين الحوثي وزعيمها الحالي شقيقه عبد الملك، والترويج لحكايات تُضفي عليهما هالة من «القداسة»، وجرى اختيار عدد من الناشطين الحوثيين الدينيين لتقديمها للطلاب.

تدخلات «حزب الله»

واتهم تقرير فريق الخبراء الأمميين الخاص باليمن، الصادر أخيراً، الجماعة الحوثية باعتماد تدابير لتقويض الحق في التعليم، تضمنت تغيير المناهج الدراسية، وفرض الفصل بين الجنسين، وتجميد رواتب المعلمين، وفرض ضرائب على إدارة التعليم لتمويل الأغراض العسكرية، مثل صناعة وتجهيز الطائرات المسيّرة، إلى جانب تدمير المدارس أو إلحاق الضرر بها أو احتلالها، واحتجاز المعلمين وخبراء التعليم تعسفياً.

تحفيز حوثي للطلاب على دعم المجهود الحربي (إكس)

وما كشفه التقرير أن مستشارين من «حزب الله» ساعدوا الجماعة في مراجعة المناهج الدراسية في المدارس الحكومية، وإدارة المخيمات الصيفية التي استخدمتها للترويج للكراهية والعنف والتمييز، بشكل يُهدد مستقبل المجتمع اليمني، ويُعرض السلام والأمن الدوليين للخطر.

وسبق لمركز بحثي يمني اتهام التغييرات الحوثية للمناهج ونظام التعليم بشكل عام، بالسعي لإعداد جيل جديد يُربَّى للقتال في حرب طائفية على أساس تصور الجماعة للتفوق الديني، وتصنيف مناهضي نفوذها على أنهم معارضون دينيون وليسوا معارضين سياسيين، وإنتاج هوية إقصائية بطبيعتها، ما يُعزز التشرذم الحالي لعقود تالية.

وطبقاً لدراسة أعدها المركز اليمني للسياسات، أجرى الحوثيون تغييرات كبيرة على المناهج الدراسية في مناطق سيطرتهم، شملت إلغاء دروس تحتفي بـ«ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت بحكم الإمامة وأطلقت الحقبة الجمهورية في اليمن عام 1962، كما فرضت ترديداً لـ«الصرخة الخمينية» خلال التجمعات المدرسية الصباحية، وتغيير أسماء المدارس أو تحويلها إلى سجون ومنشآت لتدريب الأطفال المجندين.

مواجهة حكومية

في مواجهة ما تتعرض له المناهج التعليمية في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية من تحريف، تسعى الحكومة اليمنية إلى تبني سياسات لحماية الأجيال وتحصينهم.

اتهامات للحوثيين بإعداد الأطفال ذهنياً للقتال من خلال تحريف المناهج (أ.ف.ب)

ومنذ أيام، أكد مسؤول تربوي يمني عزم الحكومة على مواجهة ما وصفه بـ«الخرافات السلالية الإمامية العنصرية» التي تزرعها الجماعة الحوثية في المناهج، وتعزيز الهوية الوطنية، وتشذيب وتنقية المقررات الدراسية، وتزويدها بما يخدم الفكر المستنير، ويواكب تطلعات الأجيال المقبلة.

وفي خطابه أمام ملتقى تربوي نظمه مكتب التربية والتعليم في محافظة مأرب (شرق صنعاء) بالتعاون مع منظمة تنموية محلية، قال نائب وزير التربية والتعليم اليمني، علي العباب: «إن ميليشيات الحوثي، تعمل منذ احتلالها مؤسسات الدولة على التدمير الممنهج للقطاع التربوي لتجهيل الأجيال، وسلخهم عن هويتهم الوطنية، واستبدال الهوية الطائفية الفارسية بدلاً منها».

ووفقاً لوكالة «سبأ» الحكومية، حثّ العباب قيادات القطاع التربوي، على «مجابهة الفكر العنصري للمشروع الحوثي بالفكر المستنير، وغرس مبادئ وقيم الجمهورية، وتعزيز الوعي الوطني، وتأكيد أهداف ثورتي سبتمبر وأكتوبر (تشرين الأول) المجيدتين».

قادة حوثيون في مطابع الكتاب المدرسي في صنعاء (إعلام حوثي)

ومنذ أيام توفي الخبير التربوي اليمني محمد خماش، أثناء احتجازه في سجن جهاز الأمن والمخابرات التابع للجماعة الحوثية، بعد أكثر من 4 أشهر من اختطافه على خلفية عمله وزملاء آخرين له في برنامج ممول من «يونيسيف» لتحديث المناهج التعليمية.

ولحق خماش بزميليه صبري عبد الله الحكيمي وهشام الحكيمي اللذين توفيا في أوقات سابقة، في حين لا يزال بعض زملائهم محتجزين في سجون الجماعة التي تتهمهم بالتعاون مع الغرب لتدمير التعليم.

وكانت الجماعة الحوثية قد أجبرت قبل أكثر من شهرين عدداً من الموظفين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في سجونها على تسجيل اعترافات، بالتعاون مع الغرب، لاستهداف التعليم وإفراغه من محتواه.