تنافس بين قيادات الحوثيين على نهب المساعدات

طفل من المهمشين بين القمامة في صنعاء (أ.ف.ب)
طفل من المهمشين بين القمامة في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

تنافس بين قيادات الحوثيين على نهب المساعدات

طفل من المهمشين بين القمامة في صنعاء (أ.ف.ب)
طفل من المهمشين بين القمامة في صنعاء (أ.ف.ب)

خرج إلى العلن الصراع بين قيادات الصف الأول في ميليشيات الحوثي على نهب المساعدات الإغاثية، مع دخول أبرز جهتين تعتمد عليهما الميليشيات في ممارسة الفساد والتستر عليه في مواجهة حول عمل المنظمات الإغاثية، وأوجه صرف المساعدات.
ورفض ما يسمى «المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية» الذي يقتطع أموالاً طائلة من المساعدات، طلباً من «الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة» لمراجعة أعمال المنظمات العاملة في المجال الإغاثي والاطلاع على بياناتها.
وكان الاستيلاء على أموال المساعدات والمنظمات العاملة في المجال الإغاثي محط انتقادات علنية من قبل الأمم المتحدة التي وصفت نهب المساعدات باللصوصية. ويشكل هذا الخلاف إضافة جديدة إلى سجل الميليشيات المليء بالفساد وتحويل المساعدات الإغاثية للأعمال الحربية، فيما ملايين اليمنيين يعانون من المجاعة.
وبعد اتهامات بالفساد والتغطية عليه بين أجنحة ميليشيات الحوثي، خصوصاً عبد المحسن الطاووس، رئيس مجلس «الشؤون الإنسانية»، وهو جهاز أمني شكلته الميليشيا للتحكم بالمساعدات، وجهاز «الرقابة والمحاسبة» الذي يتهم رئيسه باستغلال موقعه لتصفية حساباته مع مسؤولين آخرين في نظام الحوثي.
وظهر الطاووس متحدياً سلطة جهاز الرقابة ورافضاً طلباً منه بالاطلاع على بيانات عمله وعمل المنظمات الإغاثية. ويستند الطاووس إلى سلطة أحمد حامد الذي عينته الميليشيات الحوثية مديراً لمكتب «الرئاسة»، ويقود الجناح المتخصص بالاستيلاء على الشركات المملوكة لتجار معارضين وتلك المملوكة للدولة، ويشرف على مجلس التحكم بالعمل الإغاثي.
ووفق خطاب موجه من رئيس «الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة» علي العماد، اطلعت عليه «الشرق الأوسط»، فإن الرجل يشكو من أن مجلس «الشؤون الإنسانية» رفض تمكين ممثلي جهاز الرقابة من مراجعة أعمال المنظمات الإغاثية.
وجاء في رد مجلس الطاووس على الطلب: «نحن أحرص منكم على التدقيق في أعمال المنظمات، وتعاملكم هذا لا يمت بصلة للعمل المؤسسي في شيء، ناهيك عن أنه لا توجد في قانون الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة أي صلاحيات على عمل المنظمات».
ورد العماد، الذي مثل ميليشيات الحوثي في اللجنة التي كانت تدير الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح في ساحة التغيير، قبل أن يعين عقب الانقلاب على رأس جهاز الرقابة، بخطاب آخر اعتبر هذا الرفض «مخالفة قانونية لسلطة الجهاز المعني بمراقبة أداء الأجهزة الحكومية كافة».
غير أن تجاهل الطاووس لهذه الرسالة أثبت مدى النفوذ الذي يمتلكه في المواجهة مع «الرقابة». وهذه الواقعة جزء من سلسة خلافات متصاعدة بين أجنحة الميليشيات على احتكار السلطة والاستيلاء على الأموال، تعكس المدى الذي وصل إليه التنافس بين قيادات الحوثيين في مسعاها للسيطرة على المساعدات الإغاثية ونهبها.
وعمدت الميليشيات إلى وقف أنشطة المنظمات غير الحكومية التي كانت قائمة قبل الانقلاب، وإيجاد منظمات بديلة احتكرت توزيع المساعدات، وهو ما سهّل عليها الاستيلاء على كميات كبيرة منها، وتوجيه هذه المساعدات لمقاتليها، بدلاً من وصولها إلى مستحقيها.
كانت العراقيل التي تضعها الميليشيات أمام عمل المنظمات الإغاثية الدولية موضع انتقادات مستمرة من قبل الأمم المتحدة، فقد جددت المنظمة الدولية في آخر اجتماع لمجلس الأمن، مطالبتها الحوثيين، بالسماح بالوصول الآمن والسريع للمساعدات الإنسانية والإغاثية. وكررت تأكيد قلقها من تأثير تلك القيود على وصول المساعدات، مشددة على ضرورة سماح الميليشيات بإيصال المساعدات الإنسانية إلى مستحقيها بسرعة.
ووفق أحدث تقارير مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، فإن 7.4 مليون شخص من سكان البلاد يعانون من سوء التغذية، بما فيهم 2 مليون طفل دون سن الخامسة، و1.1 مليون امرأة حامل ومرضع بحاجة عاجلة إلى العلاج للبقاء على قيد الحياة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.