اكتشاف 59 تابوتاً من عصر الأسرة الـ 26 الفرعونية

يعود تاريخها إلى 2600 سنة

وزير الآثار المصري في منطقة سقارة بالجيزة أمس خلال إعلان الكشف الأثري  (الشرق الأوسط)
جانب من الآثار المصرية المكتشفة في منطقة سقارة
تمثال من الآثار المكتشفة
وزير الآثار المصري في منطقة سقارة بالجيزة أمس خلال إعلان الكشف الأثري (الشرق الأوسط) جانب من الآثار المصرية المكتشفة في منطقة سقارة تمثال من الآثار المكتشفة
TT

اكتشاف 59 تابوتاً من عصر الأسرة الـ 26 الفرعونية

وزير الآثار المصري في منطقة سقارة بالجيزة أمس خلال إعلان الكشف الأثري  (الشرق الأوسط)
جانب من الآثار المصرية المكتشفة في منطقة سقارة
تمثال من الآثار المكتشفة
وزير الآثار المصري في منطقة سقارة بالجيزة أمس خلال إعلان الكشف الأثري (الشرق الأوسط) جانب من الآثار المصرية المكتشفة في منطقة سقارة تمثال من الآثار المكتشفة

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية اكتشاف 59 تابوتاً أثرياً، ترجع لعصر الأسرة 26 الفرعونية التي عاشت قبل حوالي 2600 سنة، بمنطقة آثار سقارة بالجيزة، مؤكدةً أن «هذه التوابيت لم تفتح من قبل، وهناك المزيد منها لم يكشف عنه بعد».
وقال الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، في مؤتمر صحافي، أمس، حضره عدد من سفراء الدول الأجنبية العاملة بمصر، وبعض الفنانين والشخصيات العامة، إن «البعثة الأثرية المصرية عثرت قبل ثلاثة أسابيع على بئر دفن بها 13 تابوتاً، وباستكمال الحفائر عثرت على بئر أخرى بها 14 تابوتاً، ثم بئر ثالثة، ليصل عدد التوابيت المكتشفة إلى 59 تابوتاً أثرياً لم تفتح من قبل، تعود إلى العصر المتأخر، وعصر الأسرة السادسة والعشرين»، مشيراً إلى أن «هذا الكشف بداية لاكتشافات أخرى بهذه المنطقة الواعدة، حيث عثرت البعثة الأثرية المصرية يوم الأربعاء الماضي على فتحة أخرى بها مجموعة من التوابيت المتراصة فوق بعضها البعض، لم يتم حصرها حتى الآن».
وقال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الأسرة 26 حكمت في الفترة من 664 إلى 526 قبل الميلاد في العصر المسمى بعصر النهضة (وحم مسوت)، أي عيد الميلاد، وكانت بمثابة ابتسامة مبتسرة قبل نهاية الأسرة الفرعونية بأربع أسرات، ومن أشهر حكامها بسماتيك وأحمس الثاني، وأمازيس، وسمي هذا العصر بالعصر الصاوي، نسبة للمنطقة التي جاء منها حكام هذه الأسرة صا الحجر، في سمنود بالغربية»، مشيراً إلى أن «هذه الأسرة أحيت التقاليد الخاصة بالعصور الذهبية، وقلدت الفنون والآداب وصبغتها بالصبغة المحلية».
وبدأت وزارة السياحة والآثار الإعلان عن الكشف الأثري منذ نحو ثلاثة أسابيع، مستخدمة الفيديو كنوع من التشويق للكشف الذي وصفه المسؤولون بالوزارة بأنه الأضخم منذ اكتشاف خبيئة العساسيف بالأقصر العام الماضي، التي ضمت 32 تابوتاً أثرياً من الأسرة 22.
بدوره شرح الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في كلمته خلال المؤتمر الصحافي، تاريخ بدء العمل في المنطقة، الذي بدأ في أبريل (نيسان) عام 2018، حيث تم رفع نحو تسعة أمتار من الرديم، على حد قوله، وقال: «كنا نتوقع أن نجد مومياوات لقطط، وبالفعل وجدنا جبانة حيوانات تضم مومياوات للمعبودة باستت، وباستكمال الحفائر عثرنا على مومياء لأسد صغير، وأخرى لحيوان النمس، ومومياء نادرة لجرعان، وتلت ذلك مجموعة من الاكتشافات منها مقبرة واح تي، وكم هائل من المقابر».
وأضاف وزيري أن «الموسم الرابع من الحفائر بدأ في الأول من أغسطس (آب) الماضي، وبعد رفع ثمانية أمتار من الرديم عثرنا على بئر الدفن الأولى وعمقها نحو 11 متراً، لتتوالى الاكتشافات في المنطقة».
وقال عبد البصير إنه «بالنسبة للدفن، فإن الأسرة 26 استخدمت المقابر البئرية، حيث يتم حفر بئر في الصخر، على أعماق قد تصل إلى 30 متراً، وتوضع فيها التوابيت»، مشيراً إلى أن «هذا العصر شاعت فيه المقابر الجماعية، واستخدمت التوابيت كبديل للمقابر، حيث كانت تنقش عليها الرسوم والمناظر الجنائزية، ليصبح التابوت مقبرة بحد ذاته».
وترجع تسمية منطقة سقارة إلى إله الجبانة «سوكر»، وهي إحدى المناطق الموجودة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونيسكو منذ عام 1979، ومن أشهر آثارها هرم زوسر المدرج أول بناء حجري في التاريخ.
وقال العناني إن «هذا أول كشف يتم الإعلان عنه منذ انتشار وباء (كوفيد - 19)»، مشيداً بالحضور من السفراء وأسرهم، الذي «يدل على تضامنهم مع مصر، ودعمهم للسياحة المصرية»، وفتح العناني تابوتين أثريين أمام الحضور، وقال إن «المومياء بحالة جيدة من الحفظ، وكأنها حنطت بالأمس»، مشيراً إلى أنه «سيتم نقل جميع التوابيت المكتشفة إلى المتحف المصري الكبير».
وتضمن الكشف عشرات من التماثيل والتمائم، بينهم تمثال من البرونز للمعبود نفرتوم، المصنوع من البرونز المطعم بالأحجار الكريمة، مثل العقيق الأحمر والتركواز واللازورد، ويصل ارتفاعه إلى 35 سم، وكتب على قاعدته اسم صاحب التمثال، وهو الكاهن بادي آمون.
وقال عبد البصير إن «المعبود نفرتوم هو جزء من ثالوث الآلهة في منف، الذي يضم الأب بتاح إله الفن والصناعة، والأم سخمت ربة القوة والشفاء، والابن نفرتوم ويعني الجمال الأكمل».
وقال وزيري إن «التوابيت تخص كهنة وكبار رجال الدولة من عصر الأسرة 26، والحفائر مستمرة بالمنطقة للكشف عن مزيد من التوابيت، وتحديد هوية أصحاب التوابيت».
من جانبه، قال الدكتور زاهي حواس، وزير الآثار الأسبق، في تصريحات صحافية على هامش الكشف، إن «هذا الكشف سيبهر العالم، خصوصاً وأن التوابيت المكتشفة في حالة جيدة جداً من الحفظ، وكأنها صنعت بالأمس»، مشيراً إلى أن «هذه الاكتشافات ظهرت في منطقة تدعى أبواب القطط التي يوجد بها أشهر المقابر، وهي مقبرة السفير الذي وقع معاهدة رمسيس الثاني مع الحيثيين، ومقبرة مايا، مرضعة الملك توت عنخ آمون، ومقبرة رئيس وزراء الفرعون أمنحوتب الثالث».


مقالات ذات صلة

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

العالم العربي رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

رئيس الوزراء المصري يستعرض إجراءات تخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير

عقد الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء المصري اجتماعاً، الأحد، لاستعراض إجراءات الطرح العالمي لتخطيط المنطقة المحيطة بالأهرامات والمتحف المصري الكبير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق إناء شرب على شكل رأس بيس من واحة الفيوم في مصر يعود إلى العصر البطلمي - الروماني (القرن الرابع قبل الميلاد - القرن الثالث الميلادي)... (جامعة جنوب فلوريدا)

كوكتيلات مخدرة وطقوس سحرية: كشف أسرار أكواب المصريين القدماء

كشف الباحثون عن استخدام أكواب خاصة لتقديم مزيج من العقاقير المخدرة، والسوائل الجسدية، والكحول.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق كلب ضال أمام هرم خوفو في منطقة أهرامات الجيزة (أ.ف.ب)

بفضل «أبولو»... «كلاب الأهرامات» تجذب السياح وتنشِّط المبيعات

مقطع مصور غير اعتيادي لكلب يتسلق الهرم يجذب الزوار والسائحين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق طريقة بناء الأهرامات تُمثل لغزاً كبيراً (الشرق الأوسط)

فيديو مولد بالذكاء الاصطناعي يُجدد الجدل بشأن طريقة بناء الأهرامات المصرية

جدّد مقطع فيديو قصير مُولد بالذكاء الاصطناعي، يشرح طريقة بناء الأهرامات، الجدلَ بشأن نظريات تشييد هذه الآثار الضخمة.

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».