«العدالة والتنمية» المغربي يعدّ رفع القاسم الانتخابي «مخالفاً للدستور»

TT

«العدالة والتنمية» المغربي يعدّ رفع القاسم الانتخابي «مخالفاً للدستور»

جدّد حزب العدالة والتنمية المغربي، ذو المرجعية الإسلامية، متزعم الائتلاف الحكومي، رفضه مطلب احتساب القاسم الانتخابي على أساس عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية خلال الاستحقاقات التشريعية المقررة العام المقبل، وعدّه مخالفاً «للمقتضيات الدستورية، والمنطق الانتخابي السليم. كما يخالف ما هو معمول به في التجارب الديمقراطية المقارنة».
كما أعلن الحزب أيضاً رفضه المطلق الزيادة في عدد أعضاء مجلس النواب «لما يمثله ذلك من رسالة سلبية، تعاكس رهان تعزيز الثقة في المؤسسات المنتخبة ومؤسسات الوساطة».
وقالت الأمانة العامة للحزب، في بيان أصدرته أمس، عقب اجتماع أعضائها، إن مراجعة القوانين الانتخابية يجب أن تكون «مناسبة لتعزيز الاختيار الديمقراطي، وصيانة المكتسبات المحققة في هذا المجال، خصوصاً ما يتعلق بنظام اللائحة الذي يعزز التصويت على أساس البرامج السياسية، ويقلص من حدة الفساد الانتخابي، واعتماد قاسم انتخابي يعزز المشاركة والمحاسبة السياسية من خلال ممارسة حق وواجب التصويت». كما شددت الأمانة العامة على أن «تعديل القوانين الانتخابية ينبغي أن يقدم رسائل واضحة وغير ملتبسة، تتجه لتعزيز مصداقية المؤسسات، بدل العكس، وتعزيز مشاركة النساء والشباب ومغاربة العالم».
وتطالب برفع القاسم الانتخابي أحزاب في الغالبية، وهي «التجمع الوطني للأحرار»، و«الاتحاد الاشتراكي»، و«الحركة الشعبية»، و«الاتحاد الدستوري»، فضلاً عن حزبين كبيرين في المعارضة هما «الاستقلال» و«الأصالة والمعاصرة». ويرى «العدالة والتنمية» أن الهدف من تحرك هذه الأحزاب مجتمعة في اتجاه توسيع القاسم الانتخابي هو حرمانه من قاعدته الانتخابية، وتصدر الانتخابات المقبلة، والفوز بولاية ثالثة على رأس الحكومة.
في السياق ذاته، انتقد إدريس الأزمي الإدريسي، القيادي في الحزب والوزير السابق، مطالب عدد من الأحزاب في الغالبية والمعارضة، التي تنادي برفع القاسم الانتخابي خلال التشريعيات المقبلة، وقال إن هذا المطلب «برز فجأة للوجود، ولم تقترحه الأحزاب السياسية في مذكراتها المنشورة، التي قدمتها لوزارة الداخلية»، وعدّها «فكرة جديدة وفريدة وغريبة، ولا يعرف لها أثر في باقي الأنظمة الانتخابية الديمقراطية، التي تعتمد التمثيل النسبي وقاعدة أكبر بقية»، موضحاً أن «هذه الفكرة تقترح توزيع المقاعد المتنافس عليها، بناء على قاسم انتخابي (عدد الأصوات المطلوبة لكل مقعد)، وليس بقسمة الأصوات الصحيحة المعبر عنها على عدد المقاعد المتنافس حولها، كما كان معمولاً به حتى الآن، وكما هو الشأن في باقي الأنظمة الانتخابية، لكن على أساس قسمة عدد المسجلين باللوائح الانتخابية، سواء صوتوا أم لم يصوتوا، على عدد المقاعد المتنافس حولها». وأضاف الإدريسي أن الهدف من ذلك هو «تضخيم وتكبير القاسم الانتخابي لبلوغ نتيجة واحدة هي تقسيم المقاعد، بمنطق مقعد لكل حزب من الأحزاب الأولى على حساب صوت المواطن، والإرادة الشعبية، والاختيار الديمقراطي والمرتكزات الدستورية».
من جهته، أعلن حزب «التقدم والاشتراكية» المعارض عن حرصه على الدفع باتجاه إيجاد «توافقات عريضة»، حول مختلف النصوص القانونية، بالنظر «لحاجة بلادنا إلى مقاربات سياسية إيجابية، يُساهم فيها الجميع»، داعياً إلى «الرفع من المشاركة وتوطيد الثقة، والارتقاء بمنسوب المصداقية وتقوية المؤسسات والبناء الديمقراطي»، علماً بأن هناك خلافات أخرى ما زالت مطروحة في سياق مشاورات الأحزاب لتنظيم الانتخابات المحلية والجهوية والبرلمانية العام المقبل، من قبيل تخفيض العتبة الانتخابية، أو إلغائها، وتمثيلية الشباب والكفاءات في مجلس النواب.
في سياق متصل، دعت «الحركة التصحيحية» في حزب «التجمع الوطني للأحرار»، المشارك في الحكومة، إلى عقد مؤتمر استثنائي لانتخاب قيادة جديدة للحزب «قادرة على رفع سقف التحدي في استحقاقات 2021». واستعرضت الحركة في مذكرة وجهتها إلى أعضاء المجلس الوطني للحزب، الذي سينعقد في 3 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، مجموعة من «الاختلالات» و«التراجعات»، التي قالت إن الحزب بات يشهدها منذ تولي رئاسته عزيز أخنوش، رجل الأعمال المقرب من السلطة، والذي يشغل حالياً منصب وزير الفلاحة والصيد البحري.
واتهمت الحركة أخنوش بتحويل الحزب إلى مقاولة، وقالت إنه «بعد أن تجاوزنا مجموعة من التوصيفات كحزب للأعيان، ثم كحزب إداري، وحاولنا إعطاء حزب (التجمع الوطني للأحرار) هويته الحقيقية، وإخراجه من منطق هذه التوصيفات، نسقط اليوم في أكثر من هذا، ونحول الحزب إلى محطة بنزين، بحيث لم نعد نعلم أين يقف الحزب وأين تبتدأ المقاولة».
كما انتقدت «الحركة» التدبير السيئ لعدد من المبادرات التي يقوم بها الحزب، ومنها مبادرة «100 يوم 100 مدينة»، وقالت عنها إنها «تحولت إلى ولائم يجتمع فيها الحشود المؤجرون لحضور كلمة الرئيس».



ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
TT

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)
من المنتظر أن تتغير السياسات الأميركية تجاه اليمن في ولاية ترمب المقبلة (أ.ف.ب)

يترقَّب اليمنيون عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما ستؤول إليه السياسات الأميركية في ولايته المقبلة تجاه اليمن، وكيفية التعاطي مع أزمته وحربه المستمرتَّين منذ عقد من الزمن، ضمن تغيرات تلك السياسات نحو قضايا وأزمات الشرق الأوسط، بأمل حدوث تطورات تؤدي إلى تلافي أخطاء الإدارات السابقة.

وواجهت إدارة جو بايدن الحالية انتقادات كبيرة داخل وخارج الولايات المتحدة الأميركية؛ بسبب تعاطيها غير الحاسم مع الملف اليمني، خصوصاً بعد إقدام الجماعة الحوثية على تحويل البحر الأحمر والممرات المائية المحيطة باليمن إلى ساحة صراع، مُعرِّضةً طرقَ الملاحةِ، والتجارةَ الدوليَّتين للخطر، ومتسببةً بخسائر كبيرة للاقتصاد العالمي، ويتوقع أن تكون سياسة ترمب مغايرة.

وأعلن بايدن في مشروعه الانتخابي، ولاحقاً بعد توليه الرئاسة، أن إنهاء الحرب في اليمن إحدى أهم أولويات السياسات الأميركية في عهده، وعيّن مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، هو السياسي تيموثي ليندركينغ، إلا أن العام الأول من ولايته شهد تصعيداً عسكرياً كبيراً من قبل الجماعة الحوثية التي حاولت الاستيلاء على مدينة مأرب، أهم معاقل الحكومة الشرعية شمال البلاد.

الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ومن المنتظر أن تأتي إدارة ترمب الجديدة بتحولٍ كبيرٍ في السياسة الأميركية تجاه الشرق الأوسط، كما يرى بشير عبد الفتاح، الباحث في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، وهذا التحول سيحدث بناء على واقع فرضته إسرائيل خلال الأشهر الأخيرة، بعد توجيهها ضربات موجعة لأذرع إيران، بمشاركة من الولايات المتحدة نفسها، وشملت تلك الضربات مواقع الحوثيين في اليمن.

ويتوقع عبد الفتاح في حديث مع «الشرق الأوسط» أن يسعى ترمب إلى وقف العمليات العسكرية في المنطقة، لكن ليس بشروط إيران وأذرعها، بل بشروط إسرائيل، ليتم تخيير هذه الأذرع بين وقف إطلاق النار والتزامها بقواعد جديدة للتهدئة تضعها الولايات المتحدة وإسرائيل، أو أن يتم إطلاق يد الجيش الإسرائيلي للإجهاز عليها عسكرياً.

وأعلنت الجماعة الحوثية أن نتائج الانتخابات الأميركية لن تؤثر في موقفها، واتهم زعيمها عبد الملك الحوثي، ترمب بالحرص على دعم إسرائيل والتباهي بأنه فعل لها ما لم يفعله الرؤساء الأميركيون من قبله، وبإعطائها مزيداً من الأراضي العربية.

تشديد الحصار الاقتصادي

لن تكون إيران مستعدة للتضحية بأذرعها العسكرية في المنطقة إلا في حال توفر بدائل لها وفقاً لعبد الفتاح، وهو أيضاً رئيس تحرير «مجلة الديمقراطية»، وأن تتمثل هذه البدائل في إبرام صفقات مع الولايات المتحدة تُمكِّنها من التخلص من العقوبات، أو أن تتمكَّن من تطوير قدراتها النووية.

الهجمات الحوثية في البحر الأحمر عطَّلت مباحثات السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والغرب (أ.ف.ب)

ويشير إلى أن وضع الجماعة الحوثية يختلف قليلاً عن باقي الأذرع العسكرية لإيران، وذلك لبعدها الجغرافي عن إسرائيل من جهة، ولسيطرتها على مؤسسات الدولة اليمنية، وهو ما يصعب من استهدافها المباشر وتوجيه ضربات كافية لإنهاكها من قبل إسرائيل، إلا أن السياسات الأميركية نحوها لن تختلف عن بقية الفصائل.

وتذهب الأوساط السياسية الأميركية إلى أن إدارة ترمب ستتخذ موقفاً أكثر حزماً ضد الجماعة الحوثية من سلفه بايدن، ضمن سياسة الضغط على إيران لأقصى حد، مع احتمالية استهداف قادة حوثيين من المستويات العليا.

غير أن ترمب سيركز على تشديد الحصار الاقتصادي على الجماعة الحوثية وفقاً للباحث الاقتصادي عادل السامعي، وهو الحصار الذي فرضه ترمب نفسه في ولايته السابقة، عندما وجهت إدارته بوقف مصادر التمويل التي تصل إلى مناطق سيطرة الجماعة، وحرمانها من الكثير من الإيرادات الموجهة عبر الأعمال الإنسانية.

ترجيحات أميركية ويمنية بتقليص ترمب الهجمات ضد الحوثيين والاكتفاء باغتيال قادتهم (رويترز)

ويمكن لترمب تعزيز الإجراءات الخاصة بتضييق الخناق اقتصادياً ومالياً على الجماعة الحوثية، كما يوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط»، وما يشمل ذلك من مضاعفة العقوبات التي تبنتها إدارة بايدن؛ بسبب الهجمات العدائية الحوثية في البحر الأحمر، وبينما كانت إدارة الأخير تتحجج بالأوضاع الإنسانية الصعبة في مناطق سيطرة الحوثيين لتبرير محدودية عقوباتها؛ فإن إدارة ترمب لن تبالي بذلك.

ونظراً لكون ترمب غير مستعد لخوض حروب على حساب دخل المواطن الأميركي، وفق رؤيته الدائمة؛ ويتخذ من الإجراءات الاقتصادية والعقوبات سلاحاً أكثر فاعلية في تحقيق أهدافه الاستراتيجية، فمن المنتظر أن تتضاعف هذه النوعية من العقوبات، ما سيدفع إلى تعقيد الواقع السياسي، وربما العسكري أيضاً، إذ سيؤدي ذلك إلى رفض الجماعة الحوثية تقديم أي تنازلات، إلا أنه، في المقابل سيضعفها عسكرياً.

تراجع فرص السلام

على نهج سلفه بايدن، يدّعي ترمب أنه سينهي الحروب، وإن كانت أدواته تختلف كثيراً عن أدوات الرئيس الحالي الذي فشل في تنفيذ وعوده، غير أن ما سيواجه عهده الجديد ينذر بتعقيدات كثيرة، وفي اليمن قد تكون هذه التعقيدات أكثر مما يتوقع هو أو غيره.

مخاوف يمنية من تأثير المواجهة بين ترمب والحوثيين على الأوضاع الإنسانية في البلاد (رويترز)

ويميل ترمب إلى المبالغة، وربما الادعاء، في رفع مستوى التهديدات التي تحيط ببلده ومصالحها، ومن بين تلك التهديدات، الممارسات الحوثية في البحر الأحمر. وعلى الرغم من عدم نزوعه إلى خوض الحروب والتصعيد العسكري؛ فإنه قد يركز أهداف ضربات الجيش الأميركي على القيادات الحوثية العليا فقط.

ويبدو أن الإدارة الأميركية المقبلة بقيادة ترمب، وبالاستناد إلى تجربتها في فترة حكمه السابقة، ستتبع سياسة أكثر صرامة تجاه التهديدات التي تمثلها جماعة الحوثي المسلحة في البحر الأحمر، طبقاً لرأي الكاتب والباحث السياسي محمد عبد المغني، فقياساً على مبدأ «أميركا أولاً» الذي يتبناه دائماً؛ يمكن القول إن إدارته ستعمل على تعزيز التصدي للتهديدات الاقتصادية المباشرة على المصالح الأميركية.

ومن المحتمل، برأي عبد المغني الذي أدلى به لـ«الشرق الأوسط»، أن يؤدي هذا إلى إعادة تصنيف الحوثيين «جماعةً إرهابيةً أجنبيةً»، وهو ما يخالف تصنيف إدارة بايدن لهم «جماعةً إرهابيةً عالميةً»، ليصبح التفاوض مع هذه الجماعة المسلحة أمراً غير وارد، وقد ينتج عنه تقليص دور المبعوث الأميركي إلى اليمن، أو ربما إلغاء هذه المهمة.

مقاتلون جدد جندتهم الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الأخيرة تحت مزاعم نصرة غزة (إعلام حوثي)

وأبدى سياسيون وباحثون يمنيون، استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، مخاوف شديدة من أن تؤدي سياسات ترمب المتوقعة نحو اليمن إلى مزيد من انفلات المواجهة بين الجماعة الحوثية من جهة، وإسرائيل والغرب من جهة أخرى، وما سيتبع ذلك من مفاقمة الأوضاع الإنسانية المعقدة، وإلحاق أضرار كبيرة بالبنية التحتية المنهكة؛ بسبب الانقلاب الحوثي والحرب.

وبعد إعلان فوز ترمب برئاسة الولايات المتحدة، توعدت الجماعة الحوثية باستمرارها في استهداف السفن التجارية في البحر الأحمر، بحجة ارتباطها بإسرائيل، كما أكدت مواصلة عملياتها باتجاه إسرائيل، ولوَّحت بأنها ستهاجم أي سفينة تشتبه أنها تستخدم التمويه لإخفاء ملكيتها الإسرائيلية، حسب زعمها.