توافق عراقي على «لجنة مشتركة» توقف استهداف البعثات الأجنبية

الكاظمي أيد مبادرة الصدر بعد تلويح أميركا بإغلاق سفارتها

الكاظمي وبومبيو في لقاء لهما في أغسطس الماضي (تويتر)
الكاظمي وبومبيو في لقاء لهما في أغسطس الماضي (تويتر)
TT

توافق عراقي على «لجنة مشتركة» توقف استهداف البعثات الأجنبية

الكاظمي وبومبيو في لقاء لهما في أغسطس الماضي (تويتر)
الكاظمي وبومبيو في لقاء لهما في أغسطس الماضي (تويتر)

بعد يومين من شنه هجوما حادا على العديد من الفصائل الشيعية المتهمة بقصف السفارات الأجنبية في بغداد، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر أمس (الجمعة) إلى تشكيل لجنة مشتركة (أمنية - عسكرية - برلمانية) للتحقيق في الخروقات الأمنية التي تتعرض لها البعثات الأجنبية في العراق.
وفيما تتزامن دعوة الصدر مع إعلان مصدر في رئاسة الجمهورية أمس (الجمعة) أن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أبلغ الرئيس العراقي برهم صالح بأن الولايات المتحدة الأميركية تروم غلق سفارتها في العراق ما لم يتم إيقاف القصف المستمر على محيطها من قبل جهات وفصائل مسلحة توصف بأنها موالية لإيران.
وقال الصدر في بيان: «نظرا لخطورة الأوضاع الأمنية التي تحدق بحاضر البلد ومستقبله وفي خضم الخروقات الأمنية التي تهدد هيبة الدولة العراقية وتشكل خطرا مباشرا على حياة ومصير شعبنا العزيز، نجد من المصلحة الملحة تشكيل لجنة ذات طابع أمني وعسكري وبرلماني». وأضاف أن «اللجنة تأخذ على عاتقها التحقيق في الخروقات الأمنية التي تتعرض لها البعثات الدبلوماسية والمقرات الرسمية للدولة بما يضر بسمعة العراق في المحافل الدولية». واشترط الصدر على أن «تعلن اللجنة نتائج التحقيق للرأي العام وضمن سقف زمني محدد لكي يتم أخذ الإجراءات القانونية والتنفيذية اللازمة حيال ذلك». ولفت الصدر إلى أنه «مع عدم تحقق ذلك فستكون الحكومة مقصرة في عملها لاستعادة هيبة الدولة وفرض الأمن».
من جهته، سارع رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى تأييد دعوة الصدر إلى تشكيل لجنة عليا بالخروقات الأمنية التي طالت طوال الشهور الماضية البعثات الدبلوماسية الأجنبية لا سيما الأميركية والبريطانية والمعسكرات التي يتواجد فيها الجنود والمستشارون الأميركيون. وقال الكاظمي في تغريدة له على موقع «تويتر» إنه يدعم «المقترحات التي قدمها السيد مقتدى الصدر بتشكيل لجنة أمنية وعسكرية وبرلمانية للتحقيق في الخروقات التي تستهدف أمن العراق وهيبته وسمعته والتزاماته الدولية». وأضاف الكاظمي: «نؤكد أن يد القانون فوق يد الخارجين عليه مهما ظن البعض عكس ذلك وأن تحالف الفساد والسلاح المنفلت لإمكان له في العراق».
وفي هذا السياق يقول الدكتور حسين علاوي، أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين ورئيس «مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية» لـ«الشرق الأوسط» إن «هنالك رأيا لتشكيل هدنة قد يبنى عليها استقرار طويل نتيجة اتفاق القوى السياسية العراقية؛ خصوصاً من القيادات العليا مباشرة على دعم هيبة الدولة والاستقرار واحترام التزامات الحكومة أمام المجتمع الدولي». وحول ما إذا كانت الشروط الأميركية التي هددت بموجبها بغلق سفارتها في العراق التي تعد السفارة الأكبر في العالم له علاقة بالحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن الذي انطلق خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي يقول الدكتور علاوي إن «الحوار الاستراتيجي في مرحلته الأولى والثانية أعطى دعما إلى الحكومة العراقية في تعريف المشكلة العراقية ولذلك الخطاب السياسي للحكومة استطاع تحقيق إجماع داخلي لتعريف مشكلة العراق ومشاركة القوى السياسية التي استجابت إلى خطاب الحكومة العراقية وهذا ما دفعها إلى استنكار وشجب بصوت عالٍ من كل القوى السياسية» مبينا أن «هذا الموقف هو الذي ترتب عليه سحب ظروف المناخ والبيئة المحفزة لاستمرار ظاهرة رمي المقذوفات على المواقع السيادية التي تحتضن بعثات دبلوماسية والبعثات العسكرية الصديقة للعراق ضمن التحالف الدولي وحلف الناتو». وبين علاوي أن «الجميع أعاد الوضع إلى مرحلة الاستقرار من حيث الخطاب لكن من حيث الحقيقة نحتاج إلى حوار وطني لتعريف المشكلة وأطرافها ووضع الحلول الوطنية المشتركة للمضي بالبلاد نحو الاستقرار والتنمية والانتخابات».
وكانت القوى الشيعية الرئيسية فضلا عن العديد من الفصائل المسلحة أعلنت إما رفضها لاستمرار إطلاق الصواريخ على البعثات الأجنبية في البلاد أو براءتها ممن يقومون بإطلاق هذه الصواريخ. وفيما كان إطلاق صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء حيث مقر السفارة الأميركية مستمرا بشكل شبه يومي طوال الشهور الماضية فإنه توقف لليوم الرابع على التوالي تماما. وفيما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن إطلاق تلك الصواريخ إلا أن أصابع الاتهام كانت توجه إلى فصائل موالية لإيران في العراق ترفض الوجود الأميركي في العراق في وقت تعلن فيه الحكومة العراقية رفضها أن يكون العراق ساحة لتصفية الحسابات بين طهران وواشنطن.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.