اكتشاف احتياطيات ضخمة من الغاز في حوض شرق البحر المتوسط، أثار طموحات كثير من الدول وفتح شهيتها لتوسيع نفوذها في المنطقة. هذا الملف لا يتعلق فقط بأمور محلية وزيادة الاعتماد على الذات، بل بخفض فاتورة الاستيراد وتعزيز «الأوراق التفاوضية» ما وراء الإقليم.
ووفق هذه الخلفية، أصبحت تطورات قضية الغاز الطبيعي في شرق المتوسط من المسائل ذات الأولوية القصوى بالنسبة إلى القوى العظمى. كما أنها تعتبر أحد مفاتيح تفسير الكثير من التطورات والتحالفات والصراعات السياسية والعسكرية الدائرة في «ساحات» عدة في الشرق الأوسط. وأن تنوع المصالح وتشابكها وتداخلها ومحاولة خلق مسارات وكيانات وتحالفات عدة، أمور يمكنها أن تساهم في احتدام الصراع، بل إنه وصل في بعض الأحيان إلى حافة الصدام العسكري.
وتشكل موارد الغاز شرق المتوسط مزيجا ثريا من المصالح الأمنية، والتجارية، والدبلوماسية لدى كل دولة من تلك الدول، وعبر تباينات مختلفة. وإذ بدا للوهلة الأولى أن الصراع على الغاز مرتبط بتنافس بين شركات كبرى ودول تقف وراءها، فإن احتدام التنافس كشف مدى ارتباط هذا الملف بمسائل أخرى طرحت في السنوات الأخيرة وزاد البحث عن أجوبة عنها في الوقت الراهن. إذ أن السيطرة على الغاز، تمس العلاقة بين أوروبا وروسيا ومدى اعتماد الأولى على غاز الثانية. كما أنه يخص العلاقة داخل الاتحاد الأوروبي نفسه، بسبب اتخاذ الدول مواقف مختلفة من تركيا بين المقاربة التفاوضية من ألمانيا والصدامية من فرنسا.
عليه، فإن هذا الملف، يخص أيضاً مستقبل «حلف شمال الأطلسي» (ناتو)، باعتبار أن دولتين عضوين، تركيا واليونان، كانتا على وشك المواجهة على أمواج البحر المتوسط، في وقت يزداد «التعاون» بين تركيا و«العدو التاريخي» للحلف في ليبيا وسوريا... والمياه الدافئة. يأتي كل هذا وسط تصاعد الكلام عن «انسحاب» أميركي من المنطقة أو «انشغال» مرتقب بأمور داخلية.
- الغاز ساحة لصراع إقليمي
- مصر تسعى لتصبح مركزاً إقليمياً للغاز
- طموحات لبنانية وفلسطينية وعراقيل إسرائيلية