أصداء واسعة لزيارة السيسي الأولى لتركيا

الاستقبال الحافل وكسر إردوغان البروتوكول وتحية «شكراً عسكر» تلفت الانتباه

إردوغان استقبل السيسي بحفاوة خلال زيارته أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)
إردوغان استقبل السيسي بحفاوة خلال زيارته أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)
TT

أصداء واسعة لزيارة السيسي الأولى لتركيا

إردوغان استقبل السيسي بحفاوة خلال زيارته أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)
إردوغان استقبل السيسي بحفاوة خلال زيارته أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

تتواصل أصداء الزيارة الأولى للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، لأنقرة، في وسائل الإعلام وعبر منصات التواصل الاجتماعي في تركيا، لما أحاط بها من مظاهر استقبال غير مسبوقة ومشاهد جذبت الانتباه.

وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي ركزت بشكل كبير على الاستقبال الحافل من جانب الرئيس رجب طيب إردوغان، للرئيس السيسي وكسر قواعد البروتوكول مرتين في يوم واحد باستقباله عند باب الطائرة في مطار «إسنبوغا» في أنقرة وتوديعه بالطريقة ذاتها.

وأحدث الموكب الكبير الذي كان في استقبال السيسي ووداعه بالمطار، حيث اصطحبه إردوغان في سيارته الرئاسية ذهاباً وإياباً في أثناء الوصول والمغادرة، صدى واسعاً واجتذب عشرات الآلاف من التعليقات على منصات التواصل الاجتماعي التي تؤكد أن عودة العلاقات بين مصر وتركيا «حدث تاريخي» وعودة إلى الطريق الصحيح.

إردوغان كسر البروتوكول باستقبال السيسي وتوديعه بمطار «إسنبوغا» في أنقرة (الرئاسة التركية)

تحية الجنود واستذكار أتاتورك

كما لفتت تحية السيسي، الذي كان أيضاً أول رئيس مصري يزور تركيا منذ 12 عاماً، لحرس الشرف في قصر «بيشتبه» الرئاسي في أنقرة، خلال مراسم الاستقبال الرسمي لدى وصوله إليه، الانتباه بشدة، حيث توجه إليهم قائلاً: «شكراً عسكر»، لأن المألوف في التحية أن يقول الضيف: «مرحباً عسكر»، وقالت وسائل الإعلام إن السيسي آثر تحية الجنود باللغة العربية، وأن كلمة «شكراً» مفهومة أيضاً لدى الأتراك، لكن استخدامها في تحية الجنود كان أمراً جديداً ولافتاً.

وركز بعض الكتاب على استذكار السيسي لمؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، في بيانه عبر حساباته في منصات التواصل الاجتماعي، عند حديثه عن العلاقات التاريخية العميقة بين مصر وتركيا، مما عدَّها البعض رسالة إجلال لأتاتورك الذي أقام الجمهورية العلمانية في تركيا.

تحية السيسي لحرس الشرف بالقصر الرئاسي التركي لفتت الانتباه (الرئاسة التركية)

وعلق الكاتب في صحيفة «حرييت» القريبة من الحكومة التركية، عبد القادر سيلفي، بأن العلاقات بين مصر وتركيا شهدت دائماً صعوداً وهبوطاً، لكنَّ حقبة جديدة، ليس فقط في العلاقات بين البلدين ولكن بالنسبة للمنطقة كلها، بدأت مع زيارة إردوغان للقاهرة وزيارة السيسي لأنقرة.

وقال سيلفي، في مقال الخميس، إن «المنطقة يعاد تصميمها وينبغي لتركيا ومصر أن تجلسا جنباً إلى جنب على الطاولة نفسها، يبدأ عصر جديد ليس فقط للعلاقات التركية - المصرية، بل لمنطقتنا أيضاً».

شرق المتوسط وليبيا

من جانبه، قال الكاتب في صحيفة «غازيته دوار»، فهيم طاش تكين، إن التطبيع مع مصر مهم بالنسبة لتركيا من أجل تعطيل معادلة الطاقة التي تطورت لصالح اليونان وقبرص، مما أدى إلى تدمير اتفاق الصلاحيات البحرية بين أنقرة وطرابلس، ويعتقد أن مصر لا تمانع في مساعدة تركيا، ومن المرجح أن يكون هناك اتفاق بينهما لا يثير الجدل.

ولفت إلى أنه في ليبيا، حيث يتواجه البلدان، فإن الوضع الحالي معقَّد للغاية بالنسبة لكل من تركيا ومصر، ومن الطبيعي أن يركز الطرفان على حماية مصالحهما «دون رفع الأيدي»، وأن الاتفاقيات الاستراتيجية التي وقَّعتها تركيا مع الحكومات الانتقالية في طرابلس ليس لها مستقبل إلا بعد إنهاء الانقسام في ليبيا وإقامة إدارة مشتركة.

وأضاف أنه بينما تستمر مصر في الإبقاء على تحفظاتها بشأن حسابات تركيا على الطاولة، فإنها تعتقد أن ليبيا الموحدة لن تكون قادرة على تجاهل مصر في المستقبل، ففي نهاية المطاف، هي جارة حدودية كبيرة، وكشف السيسي في مؤتمره الصحافي مع إردوغان، عن أن حساسيات القاهرة لم تتغير، وهي تتمثل في «إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وضمان الأمن، وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة من البلاد، وهي قضايا مهمة لمستقبل ليبيا».

إردوغان مستقبلاً السيسي بالقصر الرئاسي في أنقرة (الرئاسة التركية)

ورأى أن السياسة التي اتَّبعتها أنقرة في ليبيا سهَّلت الأمور للمجموعات التي خربت العملية الانتخابية، متسائلاً: «هل هناك حاجة لتعريفات إضافية للقوات الأجنبية المطلوب انسحابها؟»، وأجاب: «يبدو أن السيسي نجح في استخدام الكلمات بشكل جيد».

وجرت زيارة السيسي لتركيا، التي جاءت بدعوة من إردوغان رداً على زيارته للقاهرة في 14 فبراير (شباط) الماضي والتي أُعلن عنها في وسائل الإعلام التركية أكثر من مرة في مواعيد مختلفة قبل أن تتم الأربعاء، في أجواء ودية وإيجابية، وشهدت انعقاد أول اجتماعات المجلس الاستراتيجي رفيع المستوى للتعاون بين البلدين.

ووقَّع السيسي وإردوغان في ختام الاجتماع على البيان المشترك، وجرت الإشارة فيه إلى أن عام 2025 يوافق الذكرى المئوية لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تركيا ومصر، وإرادة البلدين رفع الشراكة والتعاون بينهما في جميع المجالات إلى المستوى الاستراتيجي.

وأكد البيان، الذي نشرته كل من رئاسة دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، والرئاسة المصرية، في وقت متزامن في ختام زيارة السيسي، «أهمية استكشاف سبل جديدة للتعاون بين البلدين على أساس مبدأ المصلحة المتبادلة والتضامن، وأنهما يهدفان إلى تعزيز السلام والازدهار والاستقرار في محيطهما وخارجه، ويكرران التزامهما مبادئ وقواعد القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

إردوغان والسيسي خلال المؤتمر الصحافي في أنقرة الأربعاء (الرئاسة التركية)

ووقع البلدان خلال اجتماع المجلس الاستراتيجي 17 مذكرة تفاهم.

وعبَّر البيان المشترك عن الارتياح لتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات المالية والبيئة والتخطيط العمراني والصحة والطاقة والأعمال والزراعة والطيران المدني وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتعليم العالي والعمل والتوظيف والتعاون وتعزيز القدرات، والسكك الحديدية وسياسة المنافسة والتعاون بين الأكاديميات الدبلوماسية.

ولفت إلى أنهما قررا زيادة الجهود المشتركة من أجل تنويع وتعميق التعاون والتنسيق متعدد الأبعاد بين الطرفين من خلال تحديث الإطار القانوني الثنائي القائم في المجالات كافة بما يتوافق مع الاحتياجات، وأن «مجموعة التخطيط المشتركة» برئاسة وزيري خارجية البلدين ستبدأ العمل على مواصلة تحسين العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، على أن يجري إقرارها في الاجتماع القادم لمجلس التعاون الاستراتيجي رفيع المستوى بين البلدين.

السيسي وإردوغان شهدا توقيع مذكرات تفاهم للتعاون بين مصر وتركيا (الرئاسة التركية)

وأعرب البلدان عن رغبتيهما في زيادة حجم التجارة البينية إلى 15 مليار دولار سنوياً من خلال مواصلة تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية واستغلال الإمكانات القائمة، واتفقا على مواصلة تحسين البيئة الاستثمارية في بلديهما لرجال الأعمال، وقبلا اتخاذ الإجراءات اللازمة لإزالة المشكلات لدى الجانبين وتشجيع الاستثمارات الجديدة.

وعبَّر البلدان عن تطلعهما لمزيد من تعزيز التشاور حول المسائل الإقليمية بالإضافة إلى تطوير بناء القدرات في القارة الأفريقية، وموافقتهما على الاستمرار في التعاون الوثيق بالمنظمات الدولية والإقليمية، بما في ذلك الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، فضلاً عن تشجيع مزيد من الحوار والتعاون بين تركيا وجامعة الدول العربية، وعزمهما على تعزيز التعاون في إطار مجموعة الدول الإسلامية الثماني للتعاون الاقتصادي.


مقالات ذات صلة

السيسي: مصر ستظل تبذل كل ما في وسعها لدعم القضية الفلسطينية

المشرق العربي فلسطينيون يحتجّون مطالبين بإنهاء الحرب مرددين شعارات مناهضة لـ«حماس» في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (رويترز) play-circle

السيسي: مصر ستظل تبذل كل ما في وسعها لدعم القضية الفلسطينية

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم (الأربعاء)، أن بلاده ستظل تبذل كل ما في وسعها لدعم القضية الفلسطينية العادلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا فتاة فلسطينية تجلس بين أنقاض منزل عائلة قريقع بعد غارات إسرائيلية فجراً على حي الشجاعية شرق مدينة غزة (أ.ف.ب) play-circle

السيسي وأمير الكويت يحذّران من استمرار الاعتداءات الإسرائيلية على غزة

حذّر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، اليوم (الثلاثاء)، من استمرار «الاعتداءات الإسرائيلية على قطاع غزة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (رويترز)

السيسي: قناة السويس تخسر 800 مليون دولار شهرياً «بسبب الوضع في المنطقة»

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، إن الخسائر في إيرادات قناة السويس بلغت 800 مليون دولار شهرياً بسبب الوضع في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال القمة العربية الطارئة في 4 مارس الحالي (الرئاسة المصرية)

مصر تشدِّد على رفض تهجير الفلسطينيين «تحت أي مسمى»

جدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء، رفض بلاده مقترح تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مؤكداً «عدم القبول بتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه تحت أي مسمى».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يستقبل الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع خلال القمة العربية الطارئة بالعاصمة الإدارية الجديدة في مصر 4 مارس 2025 (أ.ب)

الشرع يؤكد للسيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية

أكد الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حرصه على بدء صفحة جديدة من العلاقات مع الدول العربية وخاصة مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

رغم الإخفاقات... حكومة نتنياهو تعلن النصر الكامل على خصوم الداخل

متظاهرون يطالبون أمام مبنى الكنيست في القدس يوم الأربعاء بوقف الحرب في غزة واستعادة الرهائن (أ.ف.ب)
متظاهرون يطالبون أمام مبنى الكنيست في القدس يوم الأربعاء بوقف الحرب في غزة واستعادة الرهائن (أ.ف.ب)
TT

رغم الإخفاقات... حكومة نتنياهو تعلن النصر الكامل على خصوم الداخل

متظاهرون يطالبون أمام مبنى الكنيست في القدس يوم الأربعاء بوقف الحرب في غزة واستعادة الرهائن (أ.ف.ب)
متظاهرون يطالبون أمام مبنى الكنيست في القدس يوم الأربعاء بوقف الحرب في غزة واستعادة الرهائن (أ.ف.ب)

رغم أن أبرز الخبراء والنشطاء السياسيين من اليمين واليسار وصفوها بأنها أسوأ حكومة في تاريخ إسرائيل، وعلى الرغم من فشلها في القضاء التام على «حماس»، كما تعهدت مراراً، وخروج عشرات الألوف من المتظاهرين احتجاجاً على سياساتها، تباهى رئيس كتلة الائتلاف في البرلمان، أوفير كاتس، بتحقيق «النصر الكامل» على الخصوم السياسيين.

وقال كاتس، وسط احتفاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وقادة حزب «الليكود» الآخرين، بتمرير قانون الموازنة العامة، إن الحكومة ستمضي، وبوتيرة عالية، في خطتها «لإصلاح القضاء»، التي يراها خصومه «خطة انقلاب على منظومة الحكم وعلى الجهاز القضائي»، وأكد أن الخطة لن تتأثر بالاحتجاجات الدائرة في الشوارع.

كانت هناك نقاط فارقة عضدت موقف الحكومة الإسرائيلية، وتمثلت في إقرار الكنيست الموازنة العامة بأغلبية 66 عضواً مقابل اعتراض 52، وفي قرار المحكمة العليا السماح لنتنياهو بإجراء مقابلات مع مرشحين لرئاسة جهاز المخابرات العامة (الشاباك) لاختيار بديل لرونين بار الذي أقاله نتنياهو، إضافة إلى البدء بإقرار قانون يتيح لرئيس الوزراء أن يزيد من نفوذ الحكومة وتأثيرها على اختيار القضاة.

ويعني تمرير الموازنة العامة أن الحكومة الحالية ستبقى في الحكم سنة إضافية كاملة حتى قدوم موعد إقرار موازنة في السنة المقبلة، وأن خطة المعارضة لإسقاطها هذا العام ابتعدت كثيراً عن الواقع.

أما إقالة رئيس «الشاباك» وتمرير قانون تعيين القضاة فيشيران إلى أن الحكومة تشعر ببالغ الثقة في قدرتها على تغيير منظومة الحكم، وإلى استخفافها بمظاهرات الاحتجاج، وأنها لم تعد تحسب حساباً للمعارضة السياسية والحزبية.

الحكومة والمعارضة

ومن المفترض في حالة مثل هذه، حيث يؤيد الحكومة ائتلاف من 68 نائباً، أن تتخذ قرارات جريئة على الصعيدين السياسي والاستراتيجي، والأهم التوصل لصفقة تبادل مع «حماس» وتطبيق المرحلتين الثانية والثالثة من اتفاق الهدنة، واللتين تبحثان في اليوم التالي بعد انتهاء الحرب في غزة والقضية الفلسطينية برمتها.

لكن حلفاء لنتنياهو في الحكومة، خصوصاً ممثلي التيار المتطرف بقيادة وزيري المالية بتسلئيل سموتريتش والأمن الداخلي إيتمار بن غفير اللذين يرفضان أي صفقة تبادل ويسعيان جاهدين لتصفية القضية الفلسطينية، مصممون على استمرار الحرب، بل وتوسيعها، وإحداث تغيير جوهري على أرض الواقع في الضفة الغربية بحيث يتعذر أو يستحيل إقامة دولة فلسطينية.

غير أن هذا يعني بالطبع أن تُدفن قضية المحتجزين في غزة، وتعريض حياتهم للخطر، كما يعني أيضاً أن «يضطر» الجيش، كما يقول، إلى الاجتياح البري لكي يفتش عن الرهائن في القطاع.

متظاهرون يرفعون صور رهائن إسرائيليين خلال احتجاج أمام مبنى الكنيست في القدس يوم الأربعاء (أ.ف.ب)

وتكاد تكون هذه هي القضية الوحيدة التي يتوحد حولها الشارع الإسرائيلي الذي تؤكد غالبيته أن الحكومة ترفض الاتفاق على صفقة تبادل لمجرد حماية ائتلافها.

أما موقف المعارضة السياسية في هذا الأمر فمختلط وملتبس، فهي تؤكد من ناحية أن موضوع المحتجزين الإسرائيليين على رأس اهتمامها، ومن ناحية أخرى يردد عدد من رؤسائها مواقف نتنياهو المصر على مواصلة الضغط العسكري والحرب حتى تدمير «حماس».

ويقول مراقبون إن مشكلة المعارضة في إسرائيل أنها لا تطرح نفسها بديلاً مقنعاً للحكم، ولا تُفلح في طرح موقف موحد ولا في الاتفاق على زعيم واحد لها في مواجهة نتنياهو. وهذا يُطمئن الائتلاف الحاكم بأنه في أمان، وأنه حقق فعلاً الانتصار الكامل على معارضيه، وأن حكومة نتنياهو تحظى بقدر وافر من الاستقرار في الداخل.